منذر علي
الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 20:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
اللعبة واضحة والأفعال فاضحة، حيث استغلت الدول العربية الرجعية الخليجية، وخصوصًا السُّعُودية والإمارات والبحرين، الأوضاع المضطربة في اليمن عام 2011، واستثمرت غفلة القُوَى السياسية اليمنية المعارضة لسلطة الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، وتدخلت في الشؤون اليمنية تحت ذريعة "مساعدة الأشقاء". وسرعان ما قامت تلك الدول بتشكيل مليشيات تابعة لها، تتبع ولي الأمر الموالي للصهيونية والإمبريالية، مما أدى إلى تمزيق اليمن ونشر الفوضى، الجوع، والمرض، والموت في ربوعه.
على نفس المنوال، استغلت تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية غفلة المعارضة السورية والأوضاع المضطربة في سوريَا، حيث تدخلت بحجة حماية الشعب السوري وصيانة "حقوق الإنسان". ثم كونت مليشيات دينية متطرفة وانفصالية موالية لها، مما أدى إلى تمزيق الدولة السورية واحتلال أجزاء واسعة من أراضيها.
و هذه القُوَى السياسية ذاتها تستغل التطورات الجديدة في المنطقة، عقب الحرب في دولة لبنان، والحصار المفروض على إيران، وانغماس روسيا في الأزمة الأوكرانية، لتشن هجماتها الواسعة الأخيرة على سوريَا، بهدف تقويض الدولة السورية بشكل كامل وتغيير خريطة الشرق الأوسط.
لا شك أنَّ الديمقراطية تمثل صيغة عقلانية ومرغوبة للحكم الرشيد، ولكن يمكن التلاعب بها وفقًا للمصالح، حتى في الدول ذات التاريخ الديمقراطي العريق. فالديمقراطية لا تتحقق بمجرد الخروج إلى الشارع وممارسة الاحتجاج غير المدروس، الذي غالبًا ما يكون بتوجيه قُوَى داخلية نافذة أو قُوَى خارجية طامعة، كما حدث في أوكرانيا عام 2014 وما ترتب على تلك الأحداث من تداعيات لاحقة. كما يمكن ملاحظة ذلك من طريق ما يجري منذ أشهر في جورجيا، أو ما حدث يوم أمسِ في كوريا الجنوبية من إغلاق للبرلمان وإعلان الأحكام العرفية، ثم التراجع عن القرار، وما قد ينجم عن التطورات الجديدة من أحداث في كل من جورجيا وكوريا الجنوبية.
إنَّ الدرس الذي يجب أن يتعلمه العرب، ولا سيما المعارضون للسلطات السياسية في بلدانهم، هو ضرورة ممارسة احتجاجاتهم المشروعة ضد الظلم وغياب الحريات، وانعدام العدالة وتدهور الحياة المعيشية، كما هو الحال في سوريَا ولبنان والأردن ومصر واليمن وغيرها من الدول. ولكن عليهم أن يدركوا أهمية عدم الاعتماد على القُوَى الخارجية التوسعية التي تستغلهم وتستهدف احتلال أوطانهم. باختصار: يجب على العرب ألَّا ينخدعوا بالدعوات الخادعة إلى أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان لتحقيق أهداف ماكرة تتناقض مع الحرية والديموقراطية والعدالة، فاللعبة الإمبريالية والصهيونية والرجعية أضحت واضحة والأفعال فاضحة، فهل سيتعلم العرب من تجارِب التاريخ ومما يجري في اليمن وسوريا في الوقت الراهن؟
#منذر_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟