طوفان الأقصى 425 – الاستيلاء على حلب يهدد بفتح جبهة ثانية في سوريا

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

أندريه ريزتشيكوف
كاتب صحفي ومراسل
صحيفة فزغلياد الالكترونية

30 نوفمبر 2024

اعترف الجيش السوري بفقدان السيطرة على مدينة حلب، التي هاجمها الإرهابيون. ويستعد الجيش لشن هجوم مضاد. وتساعد الطائرات الروسية في صد الهجوم. ويشير الخبراء إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن سقوط حلب بالكامل؛ فالمسلحون أنفسهم لم يتوقعوا مثل هذا النجاح ولم يكونوا مستعدين للسيطرة على المدينة.

أكدت قيادة الجيش السوري يوم السبت معلومات عن تغلغل الإرهابيين في العديد من مناطق حلب، بقيادة التنظيم الإسلامي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا). وهاجم المسلحون بأعداد كبيرة ومن اتجاهات مختلفة. ونتيجة لذلك، فقدت السيطرة على الجزء الذي طردت منه القوات الحكومية المتمردين قبل ثماني سنوات بدعم من روسيا وإيران.

وبحسب قناة الميادين، سيطر الإرهابيون ليل السبت على أكثر من 40% من الأحياء الغربية من حلب. ومنذ السبت، وردت أنباء عن تواجدهم في وسط المدينة. بالإضافة إلى ذلك، استولى المتمردون على مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب، والتي أصبحت أيضًا تحت سيطرتهم. وكما ذكرت وكالة ريا نوفوستي، نقلاً عن بيان للجيش، فإن المسلحين لم يتمكنوا بعد من اكتساب موطئ قدم في المدينة بسبب حقيقة أن القوات المسلحة تواصل توجيه الضربات في إنتظار وصول التعزيزات.

قُتل العشرات من العسكريين أثناء صد الهجمات في حلب وإدلب. وتستعد القوات الحكومية لهجوم مضاد. وقد تمكنوا من إعادة الانتشار وإنقاذ أرواح العديد من المدنيين والعسكريين.
بموازاة ذلك، اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في محادثة هاتفية مع نظيره السوري، الولايات المتحدة وإسرائيل بالتورط في الهجوم المسلح.

ما حدث في وقت سابق من هذا الأسبوع هو أن فصائل هيئة تحرير الشام إنتهكت إتفاق خفض التصعيد وشنت هجمات في محافظتي حلب وإدلب. ظلت المنطقة هادئة نسبيًا لمدة أربع سنوات بفضل الاتفاقات بين روسيا وتركيا، حيث تم تجميد خط المواجهة إلى حد كبير منذ عام 2020.
أما الآن فقد استؤنف القتال بالقرب من الحدود التركية حيث زحف المسلحون من مناطق شمال غرب سوريا التي كانوا يسيطرون عليها. تزامن التصعيد مع الأحداث في لبنان، حيث دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران حيز التنفيذ يوم الأربعاء.

قال الكابتن أوليغ إغناسيوك، نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا، في إفادة صحفية، إن الطائرات الروسية تساعد في صد هجمات الإرهابيين، بعد أن قتلت بالفعل مئات المسلحين. كما يتم تنفيذ ضربات على مراكز قيادة المسلحين والمستودعات ومواقع المدفعية في ضواحي حلب. ووفقًا لوسائل إعلام غربية، وعدت روسيا بتزويد دمشق بمساعدات عسكرية إضافية، والتي ستبدأ في الوصول خلال 72 ساعة القادمة.

وقد وصف الكرملين الهجوم على حلب بأنه اعتداء على سيادة سوريا. وكما صرح السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف، فإن موسكو تؤيد "قيام السلطات السورية بإرساء النظام بسرعة في المنطقة واستعادة النظام الدستوري".

هل كانت الأحداث مفاجئة؟

يؤكد الخبراء أن الأحداث في حلب لم تكن غير متوقعة: ففي السنوات الأخيرة، لم ينفذ الجيش إصلاحات مناسبة، في حين نظم المسلحون تدريبات عسكرية منتظمة وتلقوا الدعم، بما في ذلك من أوكرانيا.

ويشير المستشرق كيريل سيمينوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية ، إلى أن "الحكومة السورية تظهر عجزًا تامًا عن تنفيذ الإصلاحات وإيجاد الحلول اللازمة. وهذا ينطبق على جميع المجالات، بما في ذلك الجيش. ومنذ عام 2020، لم يتم فعل أي شيء لتحسين أوضاع القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية، فهي في حالة شبه تدهور".

ويرتبط تصعيد الأيام الأخيرة أيضًا بالضربات الإسرائيلية المركزة على أهداف في لبنان وسوريا – حيث استهدفت إسرائيل القوات الأكثر جاهزية للقتال الموالية لإيران، والتي اضطرت إلى إعادة الانتشار، بما في ذلك من حلب.

وأضاف الخبير: "هذا أضعف بشكل أكبر مجموعة القوات السورية في حلب، التي تتكون بشكل أساسي من تشكيلات موالية لإيران. وكانت الوحدات التي بقيت في المدينة عاجزة عمليًا؛ ففرت من مواقعها عند أول ضغط".

يعتقد سيمينوف أنه من السابق لأوانه الحديث عن سقوط حلب بالكامل. قبل بدء الحرب في عام 2010، كانت هذه المدينة هي الأكبر في البلاد. "إذا تمكنت حكومة البلاد من نقل جزء من القوات الجاهزة للقتال إلى حلب، فستظل بعض المناطق تحت سيطرتها، لكن الجزء الرئيسي من المدينة انتقل بالفعل إلى معارضي الرئيس السوري بشار الأسد.

وأوضح المصدر أن "السؤال الوحيد هو إلى أي مدى كانوا يتوقعون مثل هذا الاختراق وما إذا كانوا سيتمكنون من فرض سيطرتهم على حلب، فبالنسبة لهم هذا الوضع غير متوقع إلى حد كبير، وإدارة مثل هذه المدينة الكبيرة ليست بهذه السهولة".

أنشأت الجماعات الإرهابية، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، التي تشارك في الاستيلاء على حلب، جيشًا نظاميًا في إدلب. وهو يخوض حربًا باستخدام أساليب حديثة، ويستخدم بنشاط الطائرات بدون طيار وتكتيكات الهجوم بمجموعات متنقلة صغيرة. وأكد الخبير أن "ما مجموعه حوالي 30 لواء من القوات الجاهزة للقتال بهيكل قيادي موحد، لم يجروا تدريبات عسكرية فحسب، بل أنشأوا أيضًا أكاديمية عسكرية"، مضيفًا أن عملية تجديد صفوف القتال تغيرت أيضًا، والآن أصبحت الأبواب مفتوحة أمام كل من يريد القتال، وليس فقط السلفيين الإيديولوجيين.

"وفقًا للصورة التي نراها الآن من حلب، يرتدي الإرهابيون زيًا عسكريًا أوكرانيًا تقريبًا.
إن تصرفات المسلحين منظمة للغاية، مما يشير إلى أن المدربين العسكريين الأوكرانيين عملوا معهم"، - كما يلاحظ ستانيسلاف تاراسوف، الخبير في قضايا الشرق الأوسط.

وذكر المتحدث أنه في الصيف الماضي، نشرت صحيفة واشنطن بوست، فضلاً عن وسائل إعلام أمريكية وتركية أخرى، تقارير عن مفاوضات في إدلب بين الاستخبارات الأوكرانية وممثلي هيئة تحرير الشام. وكان هدف المفاوضات توريد طائرات بدون طيار من قبل الأوكرانيين وتدريب المسلحين.

كما تحدث الخبير الإيراني روح الله مدبر عن تأثير إمدادات الأسلحة الأوكرانية على الوضع في حلب. وبحسب قوله، "قام مدربون من الجيش الأوكراني بتدريب الإرهابيين على استخدام الطائرات بدون طيار الحديثة والأسلحة المحظورة"، مما يشير إلى تنسيق تصرفات أوكرانيا مع حلف الناتو والولايات المتحدة.
وأشار المحلل إلى أن دعم أوكرانيا للإرهابيين الذين يعارضون إيران بنشاط يثبت أن هذه الجماعات تعمل ضد المصالح الإيرانية جنبًا إلى جنب مع حلف الناتو وإسرائيل.

وبحسب تاراسوف، فإن أحد العوامل الرئيسية في تفاقم الوضع في سوريا كان ضعف حزب الله بعد الحرب مع إسرائيل. وقد أدى هذا إلى خلق فراغ قرر الجهاديون ملأه. "وعلاوة على ذلك، فإن القوات الروسية في سوريا محدودة العدد – لا توجد وحدات قتالية، فقط الطيران بشكل أساسي بالإضافة إلى ذلك،

يعتقد تاراسوف أن الجهاديين على يقين من أن روسيا مشغولة بالأحداث في أوكرانيا، وبالتالي فإن احتمال إنشاء ما يسمى بالجبهة الثانية في سوريا له الحق في الوجود".

وفقا له، كان الهجوم على حلب عملية واسعة النطاق ومخطط لها بعناية. "هذه ليست ظاهرة عفوية. في الآونة الأخيرة، قدم الأسد تنازلات مختلفة لتركيا، التي تجنب رئيسها أردوغان، تحت ذرائع مختلفة، لقاءً مباشرا.

كما أن لإسرائيل مصلحتها الخاصة، التي ترغب في تحويل سوريا إلى لبنان ثانٍ - لعسكرة الصراع من أجل تحقيق تفتيت البلاد"، كما يقول الخبير.

وأشار تاراسوف إلى أن روسيا تقصف بالفعل الجماعات الجهادية، لكن "لا أستبعد انخراط إيران، التي تتمتع بمكانة قوية في سوريا".
ويعتقد المتحدث أن "هذه ستكون بالفعل علامات على تصعيد أوسع نطاقًا، بما في ذلك من حيث الطبيعة الجيوسياسية ".

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات