|
الدولة العميقة: السلطة الخفية التي تحدد مسار الحكومات
حمدي سيد محمد محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 13:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أعماق الدولة، وراء الظاهر المعلن من القرارات السياسية والتوجهات الحكومية، تكمن شبكة غير مرئية، قوية، تتشابك فيها المصالح والنفوذ بعيدًا عن أعين الجمهور. إنها الدولة العميقة، الكائن الغامض الذي يعمل خلف الكواليس، بعيدًا عن المساءلة والمحاسبة، لكنه يمتلك القدرة على التأثير في مسار الأحداث وصنع القرارات على أعلى المستويات. ظاهرة الدولة العميقة ليست وليدة الصدفة أو نتيجة لتراكمات سياسية عابرة؛ بل هي نتاج تفاعل معقد بين قوى مختلفة، منها المؤسسات الأمنية والعسكرية، والنخب الاقتصادية، ووسائل الإعلام، وحتى الشبكات السرية التي تسيطر على مجريات السياسة من دون أن تكون جزءًا منها بشكل رسمي.
تسهم هذه الشبكة السرية في بسط هيمنتها على مفاصل الدولة، حيث تصبح قراراتها أكبر تأثيرًا من تلك التي تصدر عن الحكومات المنتخبة أو المؤسسات الشرعية. الدولة العميقة لا تعترف بالجغرافيا السياسية أو الأطر القانونية التي تحدد نطاق السلطة الرسمية؛ إذ تمتد أطرافها إلى مناطق غير مرئية من الحكم والاقتصاد والثقافة. هذه القوى، التي تنطوي على قدر كبير من القوة والسلطة، غالبًا ما تعمل لتحقيق مصالحها الخاصة بعيدًا عن مصلحة المجتمع والشعب. قد يكون هذا التدخل في النظام السياسي شفافًا في بعض الحالات، بينما يكون غامضًا ومراوغًا في حالات أخرى، لكنه في النهاية يشكل تهديدًا حقيقيًا للمسار الديمقراطي ويعزز من سيطرة الأقلية على الأغلبية.
ومع تصاعد قوة هذه الشبكات التي تدير الأمور خلف الأبواب المغلقة، يصبح الحديث عن الدولة العميقة أكثر من مجرد مسألة تحليل سياسي أو اجتماعي؛ إنها قضية تتعلق بالحرية والمستقبل. فالدولة العميقة ليست فقط قوة خارجية تهدد شرعية الأنظمة السياسية، بل هي أيضًا تجسد الأزمة التي تواجهها المجتمعات في محاولتها لتحقيق التقدم والعدالة. في هذه الحالة، تصبح الدولة العميقة بمثابة عقبة أمام الإصلاح، ونظام بديل يسعى للحفاظ على الوضع الراهن على حساب أي محاولة لتغيير أو تطوير.
إن فهمنا لهذا المفهوم يتطلب تجاوز الخطابات السطحية والنظر في البُعد العميق لهذه الظاهرة التي تمتد تأثيراتها عبر الزمان والمكان. فما هي الدولة العميقة؟ وما دورها في التأثير على السياسة والمجتمع؟ وكيف يمكن التعاطي معها في ظل عالم يتسارع فيه التغيير ويتزايد فيه التحدي أمام الاستقلالية السياسية والاجتماعية؟ هذه هي الأسئلة الجوهرية التي تفتح لنا الباب لفهم عميق لهذه الظاهرة التي تظل أحد أبرز محاور النقاش في العالم المعاصر، وتستدعي منا الوقوف طويلًا أمامها لفحص أسبابها ونتائجها.
مفهوم "الدولة العميقة"
مفهوم "الدولة العميقة" هو مصطلح يعبر عن شبكة من القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعمل بشكل غير مرئي ولكن مؤثر داخل الدولة. يمكن لهذه القوى أن تكون مستقلة عن الحكومات المنتخبة، وتتداخل في جوانب متعددة من السلطة، من بينها الأجهزة الأمنية والعسكرية، والأجهزة القضائية، والشركات الكبرى، ووسائل الإعلام، وحتى النخب الثقافية والاقتصادية. نشأ هذا المفهوم في سياقات سياسية معينة، ولكنه اتخذ أشكالًا متنوعة باختلاف الدول والتاريخ.
1. تعريف الدولة العميقة
الدولة العميقة تشير إلى مجموعة من المؤسسات والقوى التي تعمل على الحفاظ على مصالحها الخاصة وعلى استمرارية نفوذها بعيدًا عن الأنظار العامة، في كثير من الأحيان من خلال تفاعل غير علني مع المؤسسات الرسمية. هذه القوى قد لا تكون جزءًا من الهيكل الحكومي الرسمي، لكنها تلعب دورًا محوريًا في توجيه السياسات واتخاذ القرارات، بما في ذلك في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
2. أصول المفهوم
يعود أصل مصطلح "الدولة العميقة" إلى العديد من السياقات السياسية، وكان أول استخدام له في تركيا، حيث ارتبط بشكل وثيق بالجيش والمخابرات، الذين كانوا يتحكمون في السلطة السياسية من وراء الكواليس، خاصة في الفترات التي كان فيها الجيش يتمتع بنفوذ كبير. في البداية، كانت "الدولة العميقة" تشير إلى تحكم النخب العسكرية والأمنية في مسار السياسة، مع تواطؤ بعض العناصر من النخب الاقتصادية والإعلامية.
3. خصائص الدولة العميقة
أ. الاستقلال عن الحكومات المنتخبة غالبًا ما تكون الدولة العميقة غير خاضعة للرقابة الشعبية أو البرلمانية. فهي قد تعمل ضمن إطار من السرية والضبابية، ما يجعلها أقل عرضة للمحاسبة.
ب. القدرة على التأثير في صنع القرار تتمثل إحدى السمات الرئيسية للدولة العميقة في قدرتها على التأثير أو حتى توجيه السياسة العامة، خاصة في القضايا الحساسة مثل الأمن القومي، السياسة الخارجية، الاقتصاد، والمعلومات.
ج. الارتباط بالقطاع الأمني والعسكري غالبًا ما تكون هذه الشبكات محورية في الهيمنة على مؤسسات الأمن والمخابرات، التي تملك القدرة على التحكم في المعلومات والقرارات الأمنية المهمة.
د. التنسيق بين النخب السياسية والاقتصادية غالبًا ما تشكل النخب الاقتصادية جزءًا من الدولة العميقة، وتدير مصالح تجارية ضخمة تضمن لها استمرارية النفوذ والتأثير.
4. أبعاد وتأثيرات الدولة العميقة
أ. في السياسة الدولة العميقة قد تساهم في إضعاف أو تقويض الديمقراطية، حيث تؤثر على الانتخابات وصنع السياسات من خلال الضغط على القادة السياسيين المنتخبين أو من خلال إعاقة الإصلاحات التي قد تهدد مصالحها. في بعض الحالات، يمكن أن تكون هذه القوى أكثر قوة من الحكومات المنتخبة نفسها.
ب. في الاقتصاد غالبًا ما تتعاون الدولة العميقة مع النخب الاقتصادية الكبرى، مثل الشركات العملاقة أو الأثرياء، التي تستفيد من النفوذ السياسي والاقتصادي الذي توفره. هذا التعاون قد يؤدي إلى فساد مستشري وتفاوت اقتصادي أكبر.
ج. في الأمن والقانون الدولة العميقة تميل إلى استخدام الأجهزة الأمنية والعسكرية لضمان استمرارية السلطة والنفوذ. في بعض الأحيان، قد تستخدم هذه الأجهزة للتأثير على سياسات الدولة بشكل سري أو لتثبيت النظام القائم.
د. في الإعلام وسائل الإعلام قد تكون أداة قوية في يد الدولة العميقة لتشكيل الرأي العام وتوجيهه بما يتماشى مع مصالحها، حيث يتم استخدام الإعلام للتلاعب بالمعلومات أو إخفاء الحقائق.
5. أمثلة من الواقع
أ. تركيا في تركيا، كان الجيش يُعتبر القوة المحركة الرئيسية وراء "الدولة العميقة". لقد لعب الجيش دورًا محوريًا في تحديد مسار السياسات التركية، حتى في الفترات التي كانت فيها الحكومات منتخبة ديمقراطيًا. هذه القوة غير المعلنة تداخلت مع أجهزة الأمن والقضاء لتوجيه الأحداث السياسية، بما في ذلك الانقلابات العسكرية التي حدثت في البلاد.
ب. مصر في مصر، كان جهاز المخابرات والجيش هما الركيزة الأساسية للدولة العميقة. مع مرور الوقت، تطور النفوذ العسكري ليشمل معظم جوانب الحياة السياسية والاقتصادية، ما جعل من الصعب إحداث إصلاحات جذرية أو محاسبة هذه القوى بسبب قوتها وتأثيرها الكبير.
ج. الولايات المتحدة في الولايات المتحدة، يُعتبر مصطلح "الدولة العميقة" أكثر تعبيرًا عن شبكة من المصالح الاقتصادية والسياسية التي تمثلها مؤسسات كبيرة مثل الشركات متعددة الجنسيات والبنك المركزي، إضافة إلى عناصر من الجيش ووكالات الأمن القومي. يتهم البعض هذه الشبكة بالتأثير في السياسة الأميركية بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، حتى عندما تكون الحكومات المنتخبة تسعى لتحقيق أهداف مختلفة.
6. تحديات ومخاطر الدولة العميقة
أ. تهديد الديمقراطية من أكبر التحديات التي تطرأ نتيجة وجود الدولة العميقة هو تهديدها للعملية الديمقراطية. إذ يمكن أن يؤدي تداخل هذه القوى مع السياسات العامة إلى تقويض قدرة الحكومات المنتخبة على اتخاذ قرارات مستقلة، ما يؤثر على حقوق المواطنين وحرياتهم.
ب. الفساد المستشري وجود الدولة العميقة يساهم في تفشي الفساد على نطاق واسع، حيث تستفيد هذه الشبكات من القوانين واللوائح لضمان مصالحها الخاصة على حساب الصالح العام. في كثير من الأحيان، تُستخدم الأموال العامة لتحقيق مصالح شخصية للمسؤولين وأصحاب النفوذ.
ج. تهديد الاستقرار السياسي الدولة العميقة قد تعمل ضد استقرار الحكومات المنتخبة إذا كانت تشعر أن مصالحها مهددة. قد تسعى لتقويض أي تحولات سياسية أو اجتماعية قد تؤثر على نفوذها.
وهكذا، نرى أن الدولة العميقة هي ظاهرة معقدة تمثل تهديدًا كبيرًا للنظم الديمقراطية وتعرقل المسار الطبيعي للتطور السياسي والاقتصادي في العديد من الدول. تكمن خطورة هذه الشبكات في قوتها التي تفوق في بعض الأحيان سلطة الحكومات الرسمية، وقدرتها على التأثير في مسار الأحداث بعيدًا عن أعين الجمهور. لذا، فإن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب شفافية، وحوكمة رشيدة، ورقابة مستمرة على جميع الأجهزة والمؤسسات التي تساهم في تشكيل السياسة الوطنية.
الآثار المترتبة على وجود الدولة العميقة على النظام السياسي والمجتمع المدني
أولاً: آثار وجود الدولة العميقة على النظام السياسي
إضعاف الديمقراطية الدولة العميقة غالباً ما تكون قوى غير منتخبة تؤثر في القرارات السياسية من وراء الكواليس، مما يضعف قدرة الحكومات المنتخبة على ممارسة صلاحياتها الحقيقية. هذا يؤدي إلى تقويض الديمقراطية، حيث تصبح السياسة في يد قوى غير مرئية لا تخضع للمحاسبة من قبل المواطنين أو المؤسسات الديمقراطية.
التهديد للاستقرار السياسي في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الدولة العميقة إلى تهديد الاستقرار السياسي من خلال التدخل في عمليات الانتخابات أو التأثير على قرارات الحكومة المنتخبة. هذه القوى يمكن أن تعمل ضد الحكومات التي لا تتوافق مع مصالحها، ما يساهم في حدوث أزمات سياسية أو حتى انقلابات، كما حدث في بعض الدول مثل تركيا.
تجميد الإصلاحات السياسية وجود الدولة العميقة يعني أن قوى مؤثرة تعمل بشكل سري أو مستتر ضد الإصلاحات السياسية التي قد تضر بمصالحها. قد تتداخل هذه القوى مع المؤسسات التشريعية والقضائية لتعطيل أي محاولات للإصلاح الديمقراطي، مما يؤدي إلى استمرار الوضع الراهن حتى إذا كان لا يتماشى مع احتياجات الشعب.
التسلط على مؤسسات الدولة تمثل الدولة العميقة شبكة من المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تهيمن على السلطة السياسية. وبذلك، تتحول بعض المؤسسات الحكومية إلى أدوات لخدمة مصالح فئات معينة من النخب القوية. هذه الهيمنة تؤدي إلى عدم توازن في توزيع السلطة داخل الدولة، حيث تصبح بعض القطاعات السياسية، مثل الجيش أو الأجهزة الأمنية، أكثر تأثيرًا من الحكومة المنتخبة.
إضعاف سيادة القانون تساهم الدولة العميقة في تقويض سيادة القانون، حيث قد تمارس تأثيرًا على القضاء أو تعمل على تغييره لصالح مصالحها الخاصة. هذا يساهم في تبني قوانين وقرارات غير عادلة، ويؤدي إلى ضعف النظام القضائي، مما يجعل من الصعب محاسبة الفاسدين أو تنفيذ القانون بشكل نزيه.
ثانياً: آثار وجود الدولة العميقة على المجتمع المدني
قمع الحريات المدنية غالبًا ما تستخدم الدولة العميقة القوة الأمنية لقمع الحركات الاجتماعية المعارضة أو أي مطالبات بالإصلاح. قد تُستغل الأجهزة الأمنية والرقابية لفرض القيود على حرية التعبير، والتنظيم السياسي، والتجمعات العامة. هذا يحد من قدرة المجتمع المدني على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية.
إعاقة حرية الإعلام غالبًا ما تتعاون الدولة العميقة مع وسائل الإعلام لتوجيه الرأي العام بما يتماشى مع مصالحها. يمكن أن تتدخل في نشر الأخبار أو حجب المعلومات الحيوية من أجل تحريف الواقع أو إخفاء الحقائق، مما يضعف دور الإعلام كأداة للرقابة والمحاسبة.
تفشي الفساد في المجتمع تأثير الدولة العميقة على المجتمع يؤدي إلى انتشار الفساد على نطاق واسع. عندما تكون قوى غير منتخبة هي التي تتحكم في مفاصل الدولة، يمكن أن تسيطر على الموارد العامة وتستخدمها لمصالح شخصية. هذا الفساد ينعكس على حياة المواطنين العاديين، ويؤدي إلى تدهور الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والنقل.
زيادة التفاوت الاجتماعي بما أن الدولة العميقة تتكون من نخبة اقتصادية وسياسية تتعاون من أجل الحفاظ على مصالحها، فإن هذا يؤدي إلى زيادة التفاوت بين الطبقات الاجتماعية. النخب تستفيد من النظام القائم، بينما يعاني المواطنون العاديون من تدني مستوى المعيشة وغياب الفرص العادلة. هذا يعمق الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين المواطنين.
التأثير على الجمعيات والمنظمات المدنية قد تجد المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية نفسها في مواجهة مع الدولة العميقة عندما تسعى إلى ممارسة دور رقابي أو تقديم حلول بديلة للمشكلات الاجتماعية والسياسية. الدولة العميقة قد تفرض قيودًا على أنشطة هذه المنظمات من خلال قوانين أو رقابة صارمة، مما يحد من قدرتها على العمل بحرية.
تآكل الثقة في المؤسسات وجود الدولة العميقة يقود إلى تآكل الثقة في المؤسسات السياسية والقضائية، إذ يشعر المواطنون بأنهم محاطون بمنظومة تحكمها مصالح ضيقة تهيمن على الدولة. هذا يفقدهم الثقة في قدرة الحكومة على تمثيلهم أو حل مشكلاتهم، ما يساهم في خلق حالة من اللامبالاة أو حتى السخط الاجتماعي.
وفي المجمل، فإن وجود الدولة العميقة في أي دولة له تأثيرات سلبية عميقة على كل من النظام السياسي والمجتمع المدني. على المستوى السياسي، يؤدي إلى تقويض الديمقراطية، وتعطيل الإصلاحات، وإضعاف سيادة القانون. أما على مستوى المجتمع المدني، فيساهم في قمع الحريات، وزيادة الفساد، وتعميق التفاوت الاجتماعي، مما يؤدي إلى تراجع مستوى الحياة العامة وفقدان الثقة في المؤسسات. في ظل هذه التأثيرات، يصبح من الصعب بناء مجتمع سياسي واجتماعي صحي يعتمد على الشفافية والمحاسبة.
في نهاية المطاف، تظل الدولة العميقة ظاهرة غامضة، ولكنها حاسمة في تشكيل مصير الدول والشعوب. إنها القوة التي تعمل في الظلال، حيث يختلط النفوذ بالسرية، والمصلحة الخاصة بالمصلحة العامة، لتخلق شبكة معقدة تهدد استقرار الحكومات الديمقراطية وتقلص مساحة حرية المجتمعات. ورغم أن هذا النفوذ قد يكون غير مرئي في الكثير من الأحيان، إلا أن تأثيره العميق يظهر في تآكل الثقة العامة في مؤسسات الدولة، وفي ضعف القدرة على الإصلاح، وفي التفاوت الاجتماعي الذي يولده.
الدولة العميقة ليست مجرد قوى سياسية أو اقتصادية تتحكم في مقاليد السلطة، بل هي تجسد الخوف من التغيير وتحصين الوضع القائم لصالح قلة على حساب الأغلبية. إن استمرار هذه الشبكة في السيطرة على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية يعني أن فرص العدالة والمساواة ستظل بعيدة المنال، وأن جهود الإصلاح ستظل محاصرة في دائرة مفرغة. وعلى الرغم من التحديات التي تطرحها الدولة العميقة، فإن الإدراك بوجودها والعمل على تفكيك هذه الشبكات هو بداية الطريق نحو بناء أنظمة أكثر شفافية وعدالة.
إن مواجهة الدولة العميقة تتطلب أكثر من مجرد إصلاحات سطحية؛ بل هي دعوة شجاعة لإعادة تأسيس النظام السياسي على أسس من الشفافية، والمساءلة، والمشاركة الحقيقية لجميع فئات المجتمع. فالمجتمعات التي تسمح للدولة العميقة بالتمدد والهيمنة على مفاصلها، تتحمل مسؤولية استمرارية هذه الظاهرة وتأثيراتها المدمرة. لذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في أن نستعيد القدرة على توجيه مصيرنا بأنفسنا، بعيدًا عن القوى الخفية التي تقف وراء الأبواب المغلقة.
وفي ختام هذه الرحلة الفكرية، تبقى الحقيقة المؤلمة أن الدولة العميقة لا تقتصر على تهديد الديمقراطية فحسب، بل تفسد المبادئ التي تقوم عليها المجتمعات الحرة. وبهذا، فإن التخلص من هيمنتها ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية لبناء دول قادرة على النهوض بالعدالة الاجتماعية، وتحقيق تطلعات الأجيال القادمة. إننا أمام اختبار حقيقي للوعي الشعبي، والإرادة السياسية، والمثابرة على تجاوز الظلال التي ألقى بها الفساد والاحتكار.
#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحياة والقوة في فكر أمبرتو إيكو: قراءة في التفاعل بين الأخل
...
-
إشكالية العقل والإيمان: الغزالي في مواجهة تاريخية مع ابن سين
...
-
الإرادة الإلهية والحرية الإنسانية: تأملات في جدلية القضاء وا
...
-
إرادة الحياة: بين الزهد والتحدي في فلسفة شوبنهاور ونيتشه
-
أزمة المعنى في الفلسفة الحديثة: جدل العدمية والبحث عن الغاية
-
علم الله الأزلي وخلق القرآن: قراءة فلسفية في عقيدة المعتزلة
-
العدالة التربوية في العالم العربي: تحديات الواقع وآفاق التغي
...
-
الأمم المتخيلة: تفكيك جذور القومية وإعادة تشكيل الهوية في عص
...
-
الشريعة والقانون: النظرية الإسلامية في ظل التحولات المعاصرة
-
الاستئثار بالسلطة وتهميش العدالة: قراءة في أزمة الدولة القُط
...
-
إشكالية الحكم والسلطة في فكر المعتزلة: قراءة عقلانية
-
الإبادة المعرفية: معركة الذاكرة والهوية في العالم العربي
-
من الحق الإلهي إلى العقد الاجتماعي نظريات الحكم في العصور ال
...
-
عالم ما بعد الهيمنة: صعود القوى الجديدة وانحسار النفوذ الأمر
...
-
إشكالية رؤية الله في الآخرة: بين الإيمان والعقل والفلسفة
-
الطاعة السياسية في ضوء النصوص الشرعية: بين العدالة الإلهية و
...
-
إعادة بناء الهوية الوطنية: مقاربات شاملة لمعالجة أزمة الانتم
...
-
العلمانية العسكرية: قراءة نقدية في مشروع التحديث القسري في ا
...
-
الحداثة وما بعد الحداثة: تفكيك العقل وإعادة بناء المعنى
-
التحولات في العلاقات المصرية الإسرائلية: من السلام إلى التعا
...
المزيد.....
-
مصر.. رئيس غرفة الدواء لـ CNN: الشركات حصلت على جزء من مستحق
...
-
ناشطة أوكرانية: الوضع في الجبهة أسوأ من أي وقت مضى
-
حادثة هزت الشارع الموريتاني في سابقة غير مألوفة أغتصاب جماعي
...
-
سكان الضاحية الجنوبية في بيروت يعيدون بناء منازلهم بعد الهجم
...
-
سكان كيبوتس -عين هاشولشا- يعيدون بناء المنازل التي تم تدمير
...
-
شولتس يرفض التكهنات بشأن وجود قوات ألمانية في أوكرانيا
-
من حرّض ترمب للتهديد بـ-جحيم- في الشرق الأوسط؟.. إعلام عبري
...
-
بيتر نافارو يعود للبيت الأبيض
-
المرشح الرئاسي الأوفر حظا في رومانيا يتعهد بوقف المساعدات ال
...
-
فوائد مدهشة لشرب القهوة يوميا!
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|