أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادم عربي - في الثورة السورية !















المزيد.....

في الثورة السورية !


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 18:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم : د . ادم عربي
العداء الشعبي العربي لإسرائيل هو شعور متجذّر في الوجدان العربي، يشكّل دافعا مستترا وراء كثير من الحركات الديمقراطية والشعبية التي شهدتها الدول العربية ، هذا العداء، المبرّر من الناحية الواقعية والمفيد لشعوبنا كافة، يشكّل أيضا أساسا للرفض الشعبي تجاه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، بسبب دعمهم المستمر لإسرائيل.

ورغم أهمية الحفاظ على هذا العداء كعنصر موحّد ومصدر قوة، فإنّه قد يتحوّل في بعض الأحيان إلى سيف ذي حدين. بعض مظاهر العداء لإسرائيل قد تعيق وضوح الرؤية وتجعلنا نوجّه معارضتنا بشكل خاطئ حتى نحو حقوقنا الديمقراطية.

هذا الأمر تجلّى في مواقف بعض القوى والأحزاب المعارضة من النظام الحاكم في سوريا. فقد رأيناها تدعم ثورتي تونس ومصر ضد الأنظمة الاستبدادية هناك، بينما تقف موقفا مناقضا تجاه الثورة الشعبية في سوريا، بحجة أنّ النظام السوري "معادٍ لإسرائيل" ويدعم "المقاومة العربية" في فلسطين ولبنان.

هكذا، يصبح معيار دعم الثورة مرتبطا بموقف النظام من إسرائيل، وليس بمبادئ الديمقراطية أو مطالب الشعوب. الثورة في مصر كانت "مشروعة" لأنَّها ضد نظامٍ يتوافق مع السياسات الإسرائيلية والأمريكية، أما في سوريا، فهي "محرّمة" لأنَّها تواجه نظاما يصنَّف كجزء من محور المقاومة.
بعض الحزبيين "القوميين" الذين يرفعون شعار العداء لإسرائيل وحليفها الدولي الرئيسي، قد يتفقون مع الرأي القائل بأنَّ النظام الحاكم في سوريا يجسد نقيض الديمقراطية بجميع أشكالها. ومع ذلك، يرون أنَّ هناك "ضرورة" تتعلق بالعداء لإسرائيل تبرر التغاضي عن هذا "النقيض"، معتبرين أنَّ مواجهة العدو الخارجي تتيح تجاوز مسألة غياب الديمقراطية.

أما البعض الآخر، فيمنح النظام السوري حسن الظن من منظور ديمقراطي، مدّعين أنَّه ليس بطبيعته معاديا للديمقراطية، وأنه قادر على تحقيق إصلاحات سياسية وديمقراطية للشعب السوري. لكنهم يبررون غياب هذه الإصلاحات بضرورات الصراع القومي مع إسرائيل، التي يرون أنَّها تعيق أي تقدم داخلي.

الثورة الشعبية في سوريا أدخلت البلاد في حالة من الاضطراب، ما أتاح الفرصة لقوى إقليمية ودولية، وحتى داخلية، ذات مصالح وأهداف معادية لسوريا وثورة شعبها، لاستغلال هذا الوضع لصالحها. لكن السؤال الأساسي هو: هل وجود هذه التدخلات يبرر الوقوف ضد ثورة الشعب السوري على النظام الدكتاتوري؟ أو الوقوف إلى جانب النظام ضد إرادة شعبه؟.
علينا أنْ نفرّق بين الأمور بوضوح، وأنْ نبني مواقفنا بناءً على هذا التمييز، وإلا فإننا نقع في سوء الفهم. لقد أظهر خطاب ومنطق ومواقف بعض "القوميين العرب" أنهم لم يستخلصوا الدروس الجوهرية من صراعنا الطويل مع إسرائيل. أبرز هذه الدروس أنَّ "العداء الدكتاتوري" لإسرائيل، الذي تعلنه الأنظمة الاستبدادية العربية، هو عداء زائف، غير فعّال، وغير قادر على خدمة شعوبنا في نضالها القومي ضد هذا العدو.

لا يمكن لأحد أنْ يدّعي صدق عدائه لإسرائيل إذا لم يقف، في ذات الوقت، ضد الأنظمة الدكتاتورية العربية، ومع الحقوق الديمقراطية لكل شعب عربي. لا يوجد "التزام قومي" أو "التزام ديني إسلامي" يمكن أنْ يبرر التصالح مع هذه الأنظمة، أو الوقوف ضد الثورات الشعبية الديمقراطية التي تسعى لإسقاطها.

حتى في ظل وجود أطراف إقليمية ودولية تسعى لاستغلال حالة الاضطراب التي تثيرها هذه الثورات، لا يمكن أنْ يكون هذا ذريعة للوقوف مع الأنظمة القمعية ضد إرادة الشعوب. فما تثيره الثورات من اضطراب يجب أنْ يُفهم كجزء من مسيرة التغيير، وليس مبررا للجمود في مواجهة الاستبداد.
نظرية "المياه العكرة والمصطادين فيها" تُستخدم لتبرير المصالحة مع الأنظمة الدكتاتورية العربية، لكنها تتعارض تماما مع حقيقة واضحة وبسيطة: الشعب السوري لديه من الأسباب ما يكفي لمعاداة دولته الأمنية الاستبدادية، التي ترفع شعار "العداء لإسرائيل"، مما يجعل الحاجة إلى ثورة حقيقية وفاعلة ضد هذا النظام أمرا مُلحا ، بل قد تتطلب هذه الثورة أنْ تكون بداية لتحوّلات عميقة ومستدامة.

في سياق معقّد كالوضع السوري، تقتضي السياسة الثورية الفعّالة الالتزام بمبدأ "السير منفردا، والضرب مجتمعا". بمعنى أن لا ضير في أن تُوجَّه الضربات إلى النظام السوري من جهات متعددة ذات مصالح متباينة، بشرط أنْ تحافظ الثورة السورية على استقلاليتها التامة، متميّزة دائما برايتها وأهدافها عن الآخرين.

فالأطراف الخارجية لها أجنداتها الخاصة، التي قد لا تتوافق مع تطلعات الشعب السوري أو تخدم ثورته. بعض ما تحتويه هذه الأجندات قد يُعيق تحقيق أهداف الثورة أو يُشكّل خطرا عليها. ولهذا، ينبغي إدراك أنَّ "عدو عدوي" ليس بالضرورة صديقا أو حليفا.

تهب على سوريا رياح متعددة، دولية وإقليمية وعربية، وكل واحدة منها تسعى لتوجيه الصراع هناك بما يتماشى مع مصالحها وأهدافها. لكن على سفينة الثورة السورية أنْ تعرف كيف تستفيد من هذه الرياح لدفع مسارها نحو تحقيق أهدافها، مع تجنب المخاطر التي قد تحملها ، فلا يمكن لثورات الربيع العربي أنْ تحقق معانيها وأهدافها العميقة إلا إذا نجحت في الجمع بين شرعيتين أساسيتين: "الشرعية الديمقراطية" المتمثلة في مناهضة النظام الدكتاتوري والسعي لإقامة دولة مدنية، و"الشرعية القومية" المتمثلة في مواجهة إسرائيل ومناهضة الإمبريالية العالمية.

أما أنصار النظام السوري من العرب، لو امتلكوا بصيرة ثاقبة، لكانوا قد أدركوا حقيقة هذا النظام القومية المجردة من الأوهام. فالواقع يثبت أنَّ "التزامه القومي" لا يتعدى كونه موقفا انتهازيا يتبناه إذا رأى أنَّ نتائجه ستساعد في تعزيز قبضة الدولة الأمنية الدكتاتورية في سوريا وإطالة عمرها. بالنسبة لهذا النظام، الحفاظ على بقائه يمثل الأولوية المطلقة، حتى لو كان ذلك على حساب الشعب السوري نفسه. سياسته القومية، سواء في تقدمها أو تراجعها، لا تهدف إلا لخدمة هذا الهدف الوحيد: البقاء.

لمنْ التبست عليهم معاني "الربيع العربي"، أقول إنَّ أي ثورة عربية لن تكتمل أو تحقق أهدافها إذا اختل التوازن بين "الحق الديمقراطي" و"الحق القومي". فالإفراط في الانتصار لأحدهما على حساب الآخر يجعل الثورة ناقصة، مشوهة، ومهددة بالفشل ، فشعوبنا الثائرة بحاجة إلى رموز الفكر الديمقراطي كفولتير، ومونتسكيو، وجون لوك، وهوبز، وروسو، لكن دون أنْ تغفل الحاجة إلى شخصية قيادية مثل بيسمارك تجمع بين الفكر والعمل السياسي الموحد.

وفي هذا السياق، هناك ثلاثة أخطاء جوهرية ينبغي على شعوبنا، وخاصة الشعب السوري في ربيعه الثوري، أنْ تتجنبها بأي ثمن، لأن النظام الدكتاتوري يعتمد على استدراج الحراك الشعبي إلى هذه الفخاخ ليبرر بطشه وقمعه وإرهابه وإنْ فات الأوان .

أولاً: مواجهة العنف بالعنف، فمقارعة السلاح بالسلاح تحول الصراع السياسي والاجتماعي من أجل الحرية والديمقراطية إلى دوامة دموية.
ثانيًا: استخدام الدين لتفسير الصراع، مما يؤدي إلى تشويهه وتحويله إلى نزاعات طائفية أو عصبيات ضيقة لا تخدم أهداف الثورة.
ثالثًا: الاستنجاد بالقوى الدولية والإقليمية، التي غالبا ما تكون مصالحها مناقضة للمعاني الحقيقية للربيع العربي، مما يهدد استقلالية الحراك ويضعف أهدافه الوطنية.

إنَّ الوعي بهذه المحاذير ضروري لضمان أنْ تظل الثورة وفية لمبادئها وأهدافها الحقيقية ، لكن ما آلت إليه لثورة على العكس تماما.


وها نحنُ نَقطِفُ السُّلوكَ الخاطِئَ للثَّورةِ السُّوريَّةِ، فبَعدَ احتِلالِ حَلَبَ يَبدو المَشهدُ أَكثَرَ وُضوحا، فهي تُؤَسِّسُ لفِدرالِيَّاتٍ وكانَ لا بُدَّ مِن تَوسيعِ إقْليمِ الشَّمالِ باحتِلالِ حَلَبَ، فمِن غَيرِ المَعقولِ أنْ تَستَوليَ المُعارَضةُ على هذا الكَمِّ الهائِلِ مِنَ الأَرضِ فجَأةً ودونَ مُقاوَمَةٍ لولا تَواطُؤٌ تُركيٌّ روسيٌّ، إنَّها تُشْبِهُ عَمَليَّةَ احتِلالِ المَوصِلِ في العِراقِ على يَدِ داعشَ في ساعاتٍ، خُلاصَةُ القَولِ أنَّ سُوريا في طَريقِها إلى التَّقسيمِ وكأنَّ الثَّورةَ السُّوريَّةَ وُجِدَتْ لتَقسيمِ سُوريا والنَّيلِ مِن وَحدَتِها.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات الذات!
- تعارض النتائج مع التوقعات!
- الفسادُ الطبيُّ!
- العبثُ!
- الطائفية في فكر مهدي عامل!
- مشاكل تربوية وأخلاقية!
- سلاسل الشمس!
- هرَمُ نظامنا التعليمي!
- أنا أُفَكِّر لأنِّي موجود!
- أسباب فوز ترامب في انتخابات 2024!
- عالمٌ من شظايا!
- انفجارُ الصمت!
- ببساطة...تباطؤ الزمن!
- الأزمة في تعريف الحقيقة!
- في الشعر!
- الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون
- لصوص الزمن!
- أُحجية وحُجج القضاء والقَدر!
- بَوْحُ الزهرات!
- الفقر ووعي الفقر !


المزيد.....




- مصر.. رئيس غرفة الدواء لـ CNN: الشركات حصلت على جزء من مستحق ...
- ناشطة أوكرانية: الوضع في الجبهة أسوأ من أي وقت مضى
- حادثة هزت الشارع الموريتاني في سابقة غير مألوفة أغتصاب جماعي ...
- سكان الضاحية الجنوبية في بيروت يعيدون بناء منازلهم بعد الهجم ...
- سكان كيبوتس -عين هاشولشا- يعيدون بناء المنازل التي تم تدمير ...
- شولتس يرفض التكهنات بشأن وجود قوات ألمانية في أوكرانيا
- من حرّض ترمب للتهديد بـ-جحيم- في الشرق الأوسط؟.. إعلام عبري ...
- بيتر نافارو يعود للبيت الأبيض
- المرشح الرئاسي الأوفر حظا في رومانيا يتعهد بوقف المساعدات ال ...
- فوائد مدهشة لشرب القهوة يوميا!


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادم عربي - في الثورة السورية !