أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رولا حسينات - المرأة العربية في الموروث الثقافي















المزيد.....


المرأة العربية في الموروث الثقافي


رولا حسينات
(Rula Hessinat)


الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 15:47
المحور: قضايا ثقافية
    


المرأة في الموروث الثقافي

يقول كوسدروف: "يتحدد نظام كل ثقافة تبعًا للتصور الذي تكونه لنفسها عن الله والإنسان وللعالم وللعلاقة التي تقيمها بين هذه المستويات الثلاثة من نظام الواقع."
إن النظام المعرفي وبنية المخزون المعرفي بجملة من المفاهيم والإجراءات والتي تعطي للمغرفة في فترة تاريخية ما بنيتها اللاشعورية.
هذا يقودنا إلى ما تمَّ تناقله من العصر الجاهلي على سبيل المثال حتى اليوم لم يكن ليتغير، بل زيد عليه على وجه التأكيد من خليط التأثر بالحضارات والأديان والأيدولوجيات الفكرية الموجودة.
لعل الخلط بين الزمن الثقافي والمخزون المعرفي اللاشعوري والتكوين العاطفي. بالمجمل هو تأريخ للاختلاف في الرأي وليس بناء الرأي وهو في الوقع تقليد دون تغيير باكتساب المخزون المعرفي المتناقل والتسليم به على علاته.
إلا أنَّ حقيقة تشويه الموروث الثقافي فرض بيئة غير ناضجة ولا حاضنة لمنح الحقوق بالأصل.
فالبيئة العربيَّة قد حرمتْ المرأة من أبسط حقوقها؛ كحقها في التعلُّم، وإبداء الرأي، واختيار الزوج المناسب، والذي ترتَّب عليه مشكلاتٌ اجتماعية وتربوية؛ فأضحت المرأة كائنًا سلبيًّا بكرامة ممتهنة وبشخصية مقيدة مسوقة لغيره، تعيش في حالة اغتراب لا تستطيع معها أن تقدِّم الأفكار ولا الحلول التي من شأنها أن ترفع من ذاتيتها؛
"أعني من السلطة المرجعية الأولى التي اعتمدوها، سلطة اللغة/ الثقافة العربية في الجاهلية، هذه المبادئ الثلاثة (التجويز، المقاربة والانفصال أخذوها بدون وعي بل استضمروها بصورة لا واعية من خلال ممارستهم في الموروث الثقافي العربي قبل عصر التدوين، واروا على أساسها يشيدون الرؤية البيانية "العالمة" التي جعلوها الرؤية المؤطرة لنوع معين من الفهم للعقيدة الإسلامية ونصوصها ."
"ذلك لأن كل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه وفي أن يبلغ أفضل كمالاته، إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها وحده بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه وكل واحد من كل واحد بهذه الحال، فلذلك لا يمكن أن يكون الإنسان ينال الكمال...إلا باجتماعات كثيرة متعاونين والخير الأفضل والكمال الأقصى إنما ينال أولاً بالمدنية؛ والمدنية التي يقصد بها بالاجتماع فيها التعاون على الأشياء التي تنال فيها السعادة في الحقيقة هي المدينة الفاضلة."
كيف يمكن أن نخلق مدينة فاضلة كما وصفها الفارابي في وسط مفكك غير متعاضد تحكمه علاقة غرائيبية قائمة على السيادية والتسلطية والمصلحة مع الوصاية على الآخرين دون منحهم حقوقهم. على الرغم من ترابطية الكون بجزيئاته وكليته بعلاقة
تعاضدية ترابطية تحتمل المتضادات بتوليفة تحكمها قوانين ليصار إلى الاستمرارية والبقاء.
والمرأة العربية لم تراوح مكانها بعد، تحكمها الآلاف من القيود الفكرية والعلاقات المتضادة والمتضاربة خلقت وضعًا مزريًا وحالة من التردي لا تحسد عليها.
في ظل تفكك النظم واختلاط المفاهيم وأزمة العقل العربي الإسلامي، فقد استطاع الإمام الغزالي أن يمارس عملية التفكيك وإعادة توزيع القطاعات المعرفية في الثقافة العربية بوعي وصورة ممنهجة.
فعلم المعاملة جعله الإمام الغزالي علمً يشرح كيفية اداء العبادات أداء روحيًا بحيث يصبح الفقه فقهيين: فقه العبادة الجسمانية وفقه المعاملة الاجتماعية وفقه العبادة الروحية والمعاملة القلبية.
أمام هذا الوضع المُزْرِي والحالة المتردية التي تعيشها المرأة العربية، أقدمت المؤسسات الغربيَّة الناشطة في حقل المرأة لتُقدِّم ما بوُسْعِها من رؤًى وتصورات نظرية وواقعية تُسعِفُ المرأة، ومنحِها الحريةَ الكاملة في التمتُّع بذاتيتها، فأصبحت
المرأة لها الحقُّ في الحياة والتعلم، وإبداء الرأي والمشاركة في كافة الأنشطة التي تقدِّمها المؤسسات العربية في هذه الدولة أو تلك.
أمام هذا الواقعِ الجديد للمرأة العربية، لم يَعُدْ بمقدور المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع نفسه والمتدينين والعاقلين وأصحاب الفكر والحكمة أن تقف مكتوفةَ الأيدي حِيالَ الإصلاحات الاجتماعية المطلوبة، والتي تسهم فيه المرأة بفاعليَّة في بناء مجتمعها وبيئتها، بعيدًا عن أي مؤثرات تعكِّر صَفْوَها، أو تحيل تحول دون بناء ذاتيتها؛ فالمرأة بحاجة إلى من يحترمُها ويُقدِّرُها في كافة المواقف
والظروف وليس ذلك في الأطر السياسية وحسب بل بالأطر الاجتماعية، لا أن تكون تمثالاً يُقدِّسه المارة وقتما يشاؤون !

أثر خصوصيَّة تعليم المرأة في نُبوغها ونجاحها وإبداعها المعرفيِّ

لم تعرف البشرية دينًا ولا حضارة عنيت بالمرأة كعناية الإسلام وتعاليمه بها، فالمرأة لها في شريعة الإسلام الاعتبار الأسمى والمقام الأعلى، تتمتع بشخصية محترمة ذات حقوق مقررة، وواجبات معتبرة، وتكريم المرأة في الإسلام تم وفق مبادئ عامة، وصور جامعة.
فالمرأة هي نصف المجتمع وهي التي تربي النصف الآخر والحق أنّ هذه المرأة عانت معاناة كثيرة.
يعد التعليم من أحد الأساسيات للنهوض في المجتمع وتحسين مستوى ثقافته فإن عملية التعلم تلازم الكائن الحي ما دام على قيد الحياة اما عن علاقة التعليم بالتعلم فكلاهما يمد الاخر بالأفكار.
التعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية لتحقيق التقدم الاقتصادي ولتقويم سلوكه في مختلف ميادين الحياة العلمية والاجتماعية وهو من حق كل فرد ذكر كان
أو أنثى فالتعليم ومحو الأمية حق أقرته كل الدول دون النظر إلى الجنس أو العمر أو مكان الإقامة، وذلك تماشيًا مع مبدأ تكافؤ الفرص بين الذكور والإناث.
فالتعليم والتربية أساس بناء الفرد ومحو الأمية في المجتمع، وهو المحرك الأساسي في تطور الحضارات ومحور قياس تطور ونماء المجتمعات، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته أن "الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة مزيد كمال في التعليم"، وأضاف
بأن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما ينتحلون به من المذاهب والفضائل تارة علمًا وتعليًما وإلقاء وتارة محاكاة وتلقينًا مباشرة.
يقول محمد قطب:" لقد بدأت الكتابة الأنثوية في الآونة الأخيرة عقد التسعينيات اتجاهًا جريئًا يتعرض لمفردات ذات طابع ديني واجتماعي وأسري، ولاح التجاوز واضحًا لما هو ثابت من القيم، وبات الهاجس الجنسي شاغلاً مساحة عميقة في
الذهن والنص معًا، واعتبرت الكاتبة المبدعة، التمرد على ما هو مستقر في المواصفات ذات الطابع الخلقي لونًا من الحداثة المفارقة للقيم، ومن ثم الإغراق في
المشاهد الحسية يصبح هدفًا خالصًا مما يقترب بالنص من مرحلة الإثارة ذات الطابع الشبقي وهو ما يفقد النص الادبي جماله ."
الحقيقة هي أنَّ الأدب الذكوري قد سبق الأدب الأنثوي بذلك قبل عهود وربما عصور، ولم يقل أحد شيئًا أكان مسلمًا بأحقيته في الخوض في المحظور أم فيما هو شائن؟
فهو من الأدب المسكوت عنه والذي روج لكثير من الكتاب والذين اشتهروا في الحقيقة لمثل هذا الأدب الرخيص عالميًا، فما الذي أدى إلى ذلك؟
والحقيقة التاريخية تثبت لنا رواج مثل هذا الأدب على مدى عصور.
"على أنَّ ذلك كله إنما يكشف عن طبيعة خاصة هي طبيعة المرأة إذ تلعب الذاتية أدوارًا مهمة في تكوينها البيولوجي والإنساني أكثر من الرجل تتبدى في مضامين خاصة تطبعها بطابعها وتبين عن ملامحها في كتابتها."
إلا أنَّ الاستعمار بعد أن كان هو السبب في فرض الجهل على المرأة، أخذ ينشر تُهمَة التخلُّف علميًّا بالنسبة للمرأة يرجع إلى أسباب دينية إسلامية..
يمكن التعليم المرأة الدخول إلى سوق العمل الحديث، وإلى المشاركة السياسية، وإلى تجديد أدوارها ونشاطاتها، وإلى الاهتمام والوعي بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. وتتخلص المرأة المتعلمة من تبعية الرجل والقدرة على تحقيق ذاتها. كما يرفع التعليم مستوى وعي المرأة ومكانتها الاجتماعية ويعزز دورها في دفع عجلة التنمية ورقي المجتمعات ويساعدها في حماية ذاتها والقيام بأعمال كانت حكرًا على الرجال.
وأولويّات التعلّم وأشكال وأنماط وأساليب تعليم المرأة وكيفية تحسين وضع المرأة.
الكثير من التحديات والمعوقات التي تواجه تعليم المرأة منها: العادات والتقاليد والفقر وضعف الوعي المجتمعي وقلة الفرص التعليمية في المدارس خاصة في المناطق الريفية وغياب بعض المعاهد والجامعات والزواج المبكر للمرأة والخوف عليها من الاختلاط وغيرها.
حفظ الأخلاق والعفاف، هو ما يجب أن يحكم توجه التعليم والعمل في المجتمعات كما يجب أن يحكم توجه الإعلام، والثقافة، والترفيه ونحوها، فمنع الاختلاط في التعليم وكذلك في العمل من أهم الوسائل للمحافظة على عفة المجتمع وأخلاقه.
حيث ينبغي على الدول والمجتمعات فسح المجال لمشاركة واسعة رشيدة للمرأة المؤهّلة، وذلك للمساهمة في الشأن العامّ، والمشاركة في رسم الخطط التنمويّة لعموم المجتمع. وتحقيقًا لهذا، فإنّ للمرأة المسلمة المؤهّلة الحقّ الكامل في المشاركة الفاعلة في جميع الأنشطة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والفكريّة والثقافيّة.
ولا بدّ من دراسة قضايا المرأة في العالم الإسلاميّ ضمن إطار المشكلة الحضارية التي تتحدى الفكر الإسلامي المعاصر، وذلك بغية صياغة استراتيجية عمل متكاملة لآفاق مشاركة المرأة الفاعلة في مجالات الحياة المختلفة .
وهو الذي لا يخالف ضرورة إسهام المرأة بشكل فاعل في تحمل مسئوليتها الاجتماعية، وفي ممارسة دورها الحقيقي اجتماعياً- حسن تربيتها لأولادها، وحسن رعايتها لأسرتها، وقرارها في بيتها إلا لحاجة وإشاعتها العفة في المجتمع.
يقول ابن حزم الأندلسي:" ليس من الفضائل والرذائل ولا بين المعاصي والطاعات إلا نفار النفس وأنسها، فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات، ونفرت نفسه من الرذائل والمعاصي والشقي من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي ونفرت من الفضائل والطاعات وطالب الشر متشبه بالشياطين، وطالب اللذات متشبه بالبهائم ."

أثر الثقافة العربية السائدة في تراجع دور المرأة العربية

الموروث الثقافي والحصيلة الدينية المختلطة كان لها الدور الكبير في تفعيل فكرة أن المرأة مجرد كائن لا نفع منه وهو أقرب إلى الشر منه إلى الأخير بل هو الحد الأدنى من المواصفات التي تستحق أن تكون بشرية.
قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)سورة الأعراف.
لم يتمعن أحد بالنص القرآني الذي قرن الخطيئة بآدم وحواء واكتفى العقل العربي بإسقاطاته مستعينًا بالموروث الثقافي؛ فكانت النظرة المسيئة للمرأة باعتبارها الخطيئة أبعد من ذلك بكثير فهي أرث لحضارات تأثرت بها الثقافة الإسلامية أولاً والثقافة العربية ثانيًا ووقعت ضحيتها المرأة.
الاتهامات المختلقة كانت تصبُّ في مصلحة المجتمع الذي يتسيده الرجل من أجل إضعاف من تحت إمرته وكن النساء الحلقة الأضعف في ثقافة سي السيد،
والسادية...غير أن علينا التفرقة بين الثقافة العربية ككل التي أكنت للمرأة الاحترام ووثقت انجازاتهن عبر العصور (الإمام النووي والسيوطي)، وبين الثقافة العربية،
التي رسَّختها مفاهيم شعبية كانت الأكثر تأثيرًا لتماسها المباشر مع الواقع وهو الأكثر أهمية بطبيعة الحال.
وما أثبته الموروث الشعبي كرس صورة نمطية مسيئة للمرأة يصعب الخلاص منها.
فقد رسخت في الذاكرة الشعبية صورة سلبية للمرأة، تربط بينها وبين الخيانة والمكر والمراوغة والخداع. كما أن مفهوم "الطبيعة الأنثوية" مطبوع في أذهان الناس، فالمرأة "جاهلة"، و"عاطفية"، و"ضعيفة"، وهي لا تستطيع التحكم في أفعالها، كما أنها رقيقة، وحساسة، وحنون، وكل هذه الصفات مرتبطة بالتركيب الجسدي للنساء،
وبأنها ملحق للرجل، كونها ضلعًا قاصرًا كابنة، أو زوجة، أو أم.
والاستناد في ذلك لاعتبارها ناقصة عقل أو دين والتباهي بأمور لم يهتم الكثيرون بتبيانها ومازالت لدى الكثيرين أمرًا مسلمًا فيه كما هو متناقل بينهم.
وهو الذي يفرض حقيقة عدم قدرتها لعدم أهليتها لأن تفعل أيَّ شيء فما بالك لو أنها تولت مناصب سياسية مثلاً؟!
وإن كان التعلق بالشريعة في زواج الرجل مثلاً لأربع محكوم بقواعد وأحكام، ولم تترك الأمور على علاتها كما الشهوة والمتاع.
بالمختصر ما تمَّ تناقله من أحاديث وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام فيما كان يتعلق بالمرأة هو الأضعف ونص تواتره مجروح وبعضه لا صحة له.
وقد يكون ما تم دسه من المستشرقين أو الشيعة كزواج المسيار أو المتعة أو النكاح من الدبر أو غيرها من الأمور المختلف عليها والمشرعة من قِبل أسيادهم وفق تجيير نصوص شرعية غير أنها مخالفة لما هو منصوص عليه أو غيرها بهدف أو لآخر، لعل أهمه إبقاء الفتنة مشتعلة والقضايا الأساسية غير محسومة لإحداث
الخلل المجتمعي، والسعي للهث وراء الشهوة من قبل الكثيرين يبرر أن يكونوا في النهار ضد وفي الليل مع.
إن كانت القضية الجدلية بأن المرأة بنصف عقل ونصف دين فهي مسألة محكومة لأسباب ترجع لقدرتها العقلية على أن تجمع بين بيتها ومسؤولياتها وبين أن تقبل شهادتها بما يجري خارج هذا الإطار وهو في الواقع خارج عن قدرتها. فجعلت شهادتها في الأمور النسائية الخاصة التي تطلع عليها كالحمل والرضاع. أما نقص دينها في الحيض والنفاس.
وإن كان خروج آدم من الجنة لم يكن بسبب حواء وتلك التفاحة فقد كانت الوسوسة لكليهما ولم تكن من احدهما او وفق طلب لاحدهما القضايا الجدلية هي مفصولة.
المشهد لا يحتمل التهدئة بقدر ما يحتمل المساومة، وفي الأساطير القديمة، ترد المرأة والحية والشيطان وجوهاً للبطل نفسه، كما تتركز الأسطورة التي أوردها الطبري أن إبليس بعد أن عرض نفسه على دواب الأرض، في أن تحمله لدخول الجنة، بعد أن منع من دخولها؛ لم تحمله سوى الحية، بعد أن وعدها بالحماية من بني آدم، فحملته إليه، فكلم إبليس حواء، فكانت الخطيئة الأولى، وعقابها المعروف، هو الطرد من الفردوس، وإدماء حواء الشهري، المتمثل بالحيض، وذلك العداء الأبدي بين الرجل والمرأة والشيطان والحية. أما بالنسبة لخلق حواء من ضلع الرجل، فهي
أسطورة مستقرّة ومنتشرة بكثرة، على طول الشرق الأوسط، تؤكد سيادة الرجل، وتنقص من مساواة المرأة به، وتوحد بين المرأة والحية والشيطان والجنية. وحين نعود إلى القرآن الكريم، لنبحث عن أثر هذه الأسطورة؛ لا نجد أثراً لها؛ إذ إن الله تعالى يؤكد أن مصدر الخلق واحد، وأنه خلق الرجل والأنثى من نفس واحدة: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء" .سورة النساء آية1.
وهنا تبرز أهمية نشر هذه الثقافة وترسيخها، حتى تقف في مواجهة الثقافة السائدة، التي نال منها العلم الحديث، حين أكد أن التركيب الفسيولوجي للمرأة لم يعد تبريراً مقنعاً لتقسيم العمل المنزلي أو الخارجي (عمل الرجل) على أسس جنسية .
إن الأصل في اختلاف الطبيعة الأنثوية وكونها أكثر هدوءًا ورقة غير أنه لا يمكن بالضرورة اعتبارها ثوابت غير قابلة للتغير، بل الكثير منها هي في الواقع صفات مكتسبة وليست ثابتة. ما يفرض اختلافًا كل تسكن النفس للنفس ويتم البناء والاعمار في البنيوية الأسرية.
من الضروري أن تجري غربلة الموروث والمحصلة الدينية، ضمن نظرة نقدية للتراث، تضع الإيجابي منه في الصدارة، وتعيد امتلاكه، على أساس معرفيّ علمي معاصر .
بعض هذه القيود تأسست على المعتقدات الدينية، ولكن العديد من هذه القيود ترجع إلى الثقافة كما تنبع من التقاليد أكثر من كونها قائمة على المعتقدات الدينية وتمثل هذه القيود عقبة نحو حقوق وحريات المرأة، وتنعكس بالتالي على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعدالة الجنائية والاقتصاد والتعليم، حيث يمكن القول أن المرأة عربية مظلومة بكل المعايير والمقاييس.
عندما رفض الإسلام عادة وأد البنات كعادة جاهلية ترجع أصولها إلى الموروث الثقافي عند بعض العرب؛ حيث كانوا يدفنون الإناث أحياء بعد مولدهن مباشرة،

"وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلاْنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ" سورة النحل 58:59 .
فحوربت تلك القيود الثقافية والموروثات الجاهلية بالتوجيه الرباني بأول تشريع بحق الحياة وحق الوجود.
عن أم المؤمنين عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن كنّ له سترًا من النار"
يصف ويليام مونتغمري أستاذ الدراسات الإسلامية التحول في وضع المرأة بعد الإسلام قائلًا: " صحيح أن الإسلام لا يزال، في نواح عدة، دين ذكوري، لكني
أعتقد أنني قد وجدت أدلة في بعض المصادر حديثة العهد بالرسالة؛ والتي توضح أن وضع المرأة قد تحسن كثيرًا في ظل الإسلام. ويظهر ذلك في بعض الأجزاء من
شبه الجزيرة العربية ولا سيما في مكة، حيث كان نظام الانتساب للأم أو ما يعرف بالطوتمية موجود عند بعض القبائل، ولكن في ظل الإسلام تحول إلى نظام الأب الواحد"
"وتعتبر المؤرخة السعودية هاتون الفاسي أن حقوق المرأة العربية تضرب بجذورها في عمق التاريخ، و تستعين بذلك بأدلة من الحضارة النبطية القديمة الموجودة في
الجزيرة العربية، فقد وجدت أن المرأة العربية، في ظل هذه الحضارة كانت تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة، وأشارت الفاسي إلى أن المرأة فقدت الكثير من
حقوقها في ظل القانون اليوناني والروماني قبل دخول الإسلام، وقد تم الإبقاء على هذه المعوقات اليونانية الرومانية في ظل الإسلام.
وتقول آن ماري شيمل: " بالمقارنة مع وضع المرأة قبل الإسلام، فإن التشريع الإسلامي يعني تقدمًا هائلًا؛ حيث أصبح للمرأة الحق وفقًا للنصوص الإسلامية أن تدير ثرواتها التي حصلت عليها عن طريق الإرث أو التي كسبتها من عملها الخاص".
ويقول ويليام مونتغمري: " بأنه إذا ما نظرنا للتاريخ وقت بداية الإسلام فسنجد بأن النبي محمد؛ كان الشخصية التي شهدت لصالح حقوق المرأة وساعدها على تحسين أوضاعها بشكل كبير".
ويفسر ويليام مونتغمري ذلك " بأنه في الوقت الذي ظهر فيه الإسلام، فإن ظروف المرأة كانت في وضع مروع؛ فلم يكن لها الحق في التملك، وإنما هي جزء من ممتلكات الرجل؛ إذا مات ورثها أبناؤه من بعده" بالرغم من ذلك المناخ السائد عند
دخول الإسلام إلا أن النبي محمد أعطى للمرأة حقوق الملكية، والتعليم، والحق في الطلاق وأعطى لها بعض الضمانات الرئيسية، والتي تتأسس على منحها حقوقًا
وامتيازات في مجال الحياة الأسرية، حيث الزواج والتعليم والمكانة الاقتصادية، إلى جانب الحقوق التي تساعد على تحسين وضعها في المجتمع."
كانت رجسًا من عمل الشيطان وقد كانت الشيطان بعينه لدى الكثير من الحضارات.

النظرة التحولية في صناعة المرأة

الحقيقة التي نحن بأمس الحاجة إليها ألا وهي النظرة التحولية...

فالأصل بالنظرة التحولية الانتقال من النظرة السابقة بكلّ سلبياتها ومساوئها وإفرازاتها إلى النظرة التي تحقق التكافؤ والعدالة والتسامح والإحسان والتوافقية بين افراد المجتمع، والمرأة نصفه وليست مجرد جزء فيه فهي ليست نصف إنسان بقدر ما هي إنسان له طبيعته الجسدية والفسيولوجية والنفسية.
"العقلانية والديمقراطية، وفي إطارهما يمكن للمرأة أن تجد حقوقها وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد وغيرها من القضايا الشائكة"
في الواقع أن الفلاحة مازالت حتى اليوم أشد اختلاطًا بالرجال وليست القرية رجعية كما يشاع، وليست متخلفة كذلك فالأساس في المدنية الإنتاجية والتحضر وهو ما يتحقق بالتشاركية والتوازنية مع الطبيعة، وكان نتاج التفاعل حفظ
الحضارات والثقافات؛ فنقشت مواعيد الهطل ومواعيد الحصاد والخصب والزرع من قبل ومواعيد التجارة البحرية والبرية وأوقات الخسوف والكسوف على الجدران، ومازالت ماثلة حتى اليوم كالحضارة الفرعونية والنبطية على سبيل المثال.
فالمرأة القروية فعليًا كانت مزارعة ومسوقة للمنتج الزراعي والمرأة ممارسة للحصاد...
ومشاركة لعمل الجلة وتطين البيوت...
وشريكة في التعليلة والدبكة والحناء والأغنية الشعبية.
دون أن يكون هناك فساد أخلاقي.
وهذا ما كان بعيدًا كل البعد عن المرأة في المدينة ويجب الاعتراف بأن المدينة في الكثير من دولنا العربية لا تعد مدنًا بل قرية واسعة وأكثر اكتظاظًا بساكنيها، المدينة لم تكن مدينة لا بتوفير الخدمات وليس بالإنتاج غير المدن الصناعية فلم تكن
الحضارة الا بنشأة الزراعة، ومن ثم الصناعة، فالأساس التقعيدي بوجود الزراعة، والاستفادة من الطبيعة والموروث الثقافي في خلق التوازن .
المتفق عليه في فلسفة الوقوف عند خصوصية عمل المرأة وماهية العلاقة العكسية أو الطردية المرتبطة مع ساعات العمل والأوضاع الأوضاع البيولوجية الخاصة بالمرأة كالحملـ والإرضاع، ناهيك عن الظروف النفسية، والجسدية والتي تلازم البيروقراطية وفق النظرية النفعية: والتي تقوم على أن القيمة الأخلاقية للسلوك
الإنساني تتحدد بمقدار مساهمته في النفع، ويتوجب عليه أن يحقق أعظم منفعة لأكبر عدد من الأفراد (أفراد المجموعة)، والعبودية في تسليع الإنسانية المتزامنة مع تعظيم الربحية وتقليل للتكلفة الإنتاجية ومن ضمنها قلة الأجور مع المطالبات المتزايدة برفع الانتاجية دون تقديم ضمان صحي أو حتى ضمان على الحياة أو دون تعويض أو رفع مستوى الأجور، حيثُّ يعتبر غياب المنظومة الأخلاقية أو الميثاق الأخلاقي
(العقيدة، الوعي، الضمير والوازع الداخلي) في المنظومة التطبيقية للمنظمات والمؤسسات، ومنظمات الأعمال حول العالم، وتغيب مفهوم تغليب المصلحة العامة وضروريتها في التقدم المؤسسي، والتي برزت بشكل كبير من خلال العديد من الأزمات العالمية.
بعد أن كانت المطالبات بإلغاء القيود التشريعية حول عمل المرأة وعلى إثره ظهرت المرأة الغربية بصورة أكثر قوة وشراسة، ووضوحًا كالمرأة الكاتبة والمؤلفة والعاملة
بالصحافة، والفن والكثير من الوظائف الإدارية وكذلك المحاميات للواتي رافعن عن موكليهن في المحاكم في نهاية القرن الثامن عشر ، وقبله كان الوقوف إلى الكثير من المطالبات بتعليم المرأة تعليمًا متقدمًا، وقد تزامن مع هذا النمو والانتقال الجذري في القضية التعليمية متزامنًا مع ظهور نوعية جديدة من المشاكل الاجتماعية كارتفاع سن
الزواج على سبيل المثال. وعليه، زادت نسبة العنوسة وتغيرت النظرة المجتمعية للزواج، ولكن في نفس الوقت رافقه التقدم الذهني والفكري للكثير من النساء، وهذا يصب في عمق الفائدة التي تعود على المجتمع وتقدمه؛ إذ يفسح المجال لطاقات جديدة وأفكار جديدة وملهبة وملهمة.
مع تفكيك للعقد الاجتماعي إلى حد ما، وليس على إطلاقه بإضعاف القيود الاجتماعية، والتي ستنعكس على النظرة الدينية، وسيثير فكرة الاستقلال المالي والاجتماعي وزيادة المطالبات بالحقوق القانونية التي تحفظ كرامة المرأة.
في هكذا زمن علينا إعادة النظر في وضع المرأة بدءًا من الثقافة والمجتمع وانتهاء بالاقتصاد والعمل، وهو الذي يوجب النظرة التحولية بأنَّ المرأة عنصر متكامل متداخل مترابط لا يمكن نقضه أو تجاوزه أو إنهاؤه أو التغاضي عن حقوقه وواجباته، والذي يعني انسيابية بناء المجتمعات، وليس بتجاوز القضية من أساسها
وإن كانت هناك فلسفة تضادية؛ فهي بالضرورة تعني وجود توافقية بين المتضادات لخلق فكرة متكاملة من هذه المنظومة.
في الواقع إن قضية المرأة الأديبة لا يمكن الوقوف عليها من وجهة شائكية التعريف وإشكالية المنهج إلا من خلال طرح يتصف بالعقلانية وفق المنهجية الاستدلالية الاستقرائية بالاستناد إلى الناتج الفكري المعالج لمجموعة القضايا المطروحة بالخطاب النسوي والتي تستقي من المشاكل المجتمعية وبخاصة الأسرية وخصوصيتها.
والمعالجات المبكرة لقضايا النشأ ومدى تأثر المرأة العربية بواقعها وما يفرضه من جهة وما تؤثر فيه المرأة من جهة أخرى.
ال



#رولا_حسينات (هاشتاغ)       Rula_Hessinat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة انفصام
- السيد علم الدين 5
- المقطع الثاني من رواية الزلزال للمبدع ريبر هبون
- حكاية من حكايات جحا 3
- السيد علم الدين 4
- رواية الزلزال المقطع الأول
- حكاية من حكايات جحا 2
- حكايا من حكايات جحا 2
- السيد علم الدين 3
- المصباح
- والله يازول الحال تعبان
- السيد علم الدين 2
- الفرار المحتوم
- المألوف المجتمعي
- السيد علم الدين
- المألوف المجتمعي بين التغيير والتحول
- فأر أسود
- الشبيه
- Children of Gaza are dolls, and perhaps its inhabitants are ...
- It is not as any other stories


المزيد.....




- توغل إسرائيلي شمال خان يونس، ومقتل العشرات في غارات جوية
- تعليق الدراسة بسبب انقطاع الكهرباء في كوبا
- القاهرة.. منتدى لخريجي الجامعات الروسية
- وفد أوكراني يلتقي مستشار ترامب المستقبلي
- وسائل إعلام فرنسية: ميشيل بارنييه سيقدم استقالة حكومته الخمي ...
- الولايات المتحدة تهدد بفرض عقوبات على جورجيا بسبب قمع الاحتج ...
- فيتنام.. مقتل 12 جنديا في انفجار خلال تدريب عسكري
- بعد زلزال دمياط.. رئيس البحوث الفلكية في مصر يوجه رسالة حاسم ...
- شولتس يؤكد مجددا عدم السماح لكييف بمهاجمة عمق روسيا بصواريخ ...
- تحذير.. أحد مكونات العطور قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة!


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رولا حسينات - المرأة العربية في الموروث الثقافي