|
نحو صفقة بين حماس والكيان.. ما الذي تغير؟!
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 08:05
المحور:
القضية الفلسطينية
لا يمكن للمراقب إلا أن يلمس بوضوح أن حماس بعد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بدأت توجه رسائل لكل الأطراف، من أنها مستعدة لإجراء صفقة مع الكيان الصهيوني، لوقف الحرب على غزة بعد أكثر من عام من حرب الإبادة، بعد أن أجهض اتفاق حزب الله والكيان ما كانت قد راهنت عليه طوال عام كامل وفق رسالة السنوار رئيس حماس السابق لزعيم الحوثيين من أن تضافر جهود حماس مع الحوثيين و"المقاومة الباسلة في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق" من شأنه أن " يكسر هذا العدو وسيلحق به الهزيمة". رهانات حماس لكن يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان قد وضع حدا، لما كانت حماس تراهن عليه، بتوسيع الحرب ودخول أطراف إقليمية وفتح جبهات مع الكيان، ولذلك لم يكن حجم الضحايا من أهل غزة، عاملا مقررا في مواقف حماس من إنهاء الحرب، بل إن يحيى السنوار اعتبر أهل غزة مجرد وسيلة "أضاحي" لأن "استشهادهم سيبث(كما قال) الحياة في عروق هذه الأمة، وسيوصلها إلى ارتفاع مجدها وشرفها"، وهو ما لم يحصل حتى الآن، رغم فداحة وبشاعة ما جرى ويجري في غزة، مما جعل رؤية حماس التي بنت عليها استراتيجيتها مجرد حالة ذهنية خاصة بها فقط، ليس لها وجود في الواقع. فيما ذهب خالد مشعل رئيس حماس في الخارج، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في الدوحة، إلى اعتبار أن ما تعرض له أهل غزة هو: "ثمن" يجب أن يدفعه الفلسطينيون من أجل الحرية". دون أن يخبرنا مشعل عن أي حرية هذه التي تتحدث عنها حماس، بعد كل هذا الخراب. بل ويكشف مشعل السبب الأساس وراء عدم تحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية، عندما يقول إن الحركة ستلعب دورًا مهيمنًا في غزة بعد الحرب، والهيمنة نقيض التوافق والوحدة، لأنها تعني: سيطرة مجموعة على أخرى، التي غالباً ما تدعمها معايير وأفكار شرعية. وكثيرًا ما يستخدم مصطلح الهيمنة اليوم كاختصار لوصف المركز المهيمن نسبيًا لمجموعة معينة من الأفكار وما يرتبط بها من ميل إلى أن يصبح أمرًا شائعًا وبديهيًا، مما يَحول دون نشر الأفكار البديلة أو حتى التعبير عنها. ويستخدم مصطلح المهيمن لتحديد الفاعل أو الجماعة أو الطبقة أو الدولة التي تمارس قوة الهيمنة أو المسؤولة عن نشر أفكار الهيمنة. صدمة حزب الله وربما تمنح لغة حماس الجديدة المراقب مكنة الربط بين صدمة اتفاق حزب الله مع الكيان، وحالة استفاقة حركة حماس من وهم رهاناتها، مما جعلها تبحث الآن عن مجرد حفظ وجودها في الحد الأدنى، بعد كل الذي تعرض له حزب الله الذي تقف وراءه إيران ليس من موقع التحالف ولكن من موقع ديني روحي ومع دلك عقد اتفاق مع الكيان لحفظ وجوده التنظيمي وحضوره السياسي، وحاضنته الشعبية، فيما سيواجه الفلسطينيون المخططات الصهيونية التي تستهدف غزة احتلالا واستيطانا، فيما كان كل من حماس والسلطة، يغني على ليلاه. لكن يبدو أن حماس على الأقل راهنا، أدركت أن هناك متغيرات ليست في صالحها، وطنيا وإقليميا ودوليا، وأنها لم تعد تواجه الكيان الصهيوني المنتشي بما يعتبره انتصاره في لبنان، وإنما سيستقوى أيضا بالرئيس الأمريكي الجديد القديم الأكثر مجاهرة بعدائه لكل حقوق الشعب الفلسطيني، وأنها باتت تواجه بظاهرة غضب ونفاد صبر أهل غزة المنكوبين، وربما تكشف فتوى الدكتور سلمان الداية، عميد سابق لكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية التابعة لحماس في غزة. ووزير سابق في حكومة حماس، من أن "الحركة هي سبب دمار وخراب غزة، بعد أن استفزت دولة الاحتلال بما نفذته، والذي تسبب في إخراج أبشع وسائل إسرائيل التي استخدمتها كنوع من رد الفعل لإبادة الشعب الفلسطيني. كما انتقد انتهاك المبادئ الإسلامية التي تحكم الجهاد، وأضاف قائلاً: “إذا لم تتوفر أركان الجهاد أو أسبابه أو شروطه فلا بد من تجنبه حتى لا نُهلك أرواح الناس، وهذا أمر يسهل على الساسة في بلادنا تخمينه.” ويعتبر الداية من أبرز العلماء الذين يمثلون السلطة الدينية في القطاع، ورأيه الشرعي له ثقل كبير بين السكان. وهذه الفتوى ستكون لها تداعياتها، كونها ستحرك جراح وآلام مئات الآلاف من أهل غزة، ممن تضرروا من الحرب. النزول عن الشجرة ويمكن للمراقب قراءة هذا المتغير بأبعاده الإقليمية والدولية؛ وحالة الغليان في القطاع، ونزول حماس عن الشجرة، ومحاولة الوصول لتوافق فلسطيني ـــــــ فلسطيني لحفظ نفسها وبقائها في المشهد، وهو ما بدا مرونة من قبلها، حيث شهدت اللقاءات بين فتح وحماس وفق ما كشف قيادي فلسطيني لقناة الميادين أنّ "اللقاءات بين حماس، وفتح بشأن إدارة شؤون قطاع غزة، شهدت تطوراتٍ إيجابية مهمة". وأن "هناك دعماً من دول عربية عدّة من أجل إنشاء لجنة تدير قطاع غزة". واتفق على أن تكون اللجنة مهنية ومستقلة، ولن تشمل أفراداً من الحركتين". وأنّ "الحكومة الفلسطينية في رام الله ستشرف على أعمال اللجنة"، التي "ستضم خبراء في العمل الحكومي والإداري من شخصيات داخل قطاع غزة". فيما قال بدر عبد العاطي، وزير الحارجية المصري في مؤتمر صحفي، إن "وفدين من حماس وفتح في القاهرة، يتشاوران للتوصل إلى فهم مشترك في إدارة الأمور الحياتية لغزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية"، مؤكدًا أن "مصر لديها تصور واضح بشأن النقاش بين فتح وحماس لترتيبات اليوم التالي للحرب". وتتضمن المقاربات المصرية، إعادة معبر رفح إلى العمل بشكل سريع، وفقاً لآلية تضمن إشراف سلطة رام الله عليه، ومتابعة أوروبية لتشغيله، فيما تمنح إسرائيل «الحق» في الاعتراض على أسماء العابرين إلى الجانب المصري، مع ضمانات مصرية بتحقيق «التزام» فلسطيني بعدم السماح لـ«حماس» بالسيطرة على المعبر أو قطاع غزة خلال الفترة المقبلة. كذلك، يضمن المقترح، خلال فترة التهدئة، تكثيف وتيرة إدخال المساعدات إلى داخل القطاع، بما يشمل المساعدات الطبية، وتسهيل عمل المنظمات الإغاثية التي ستعمل على توفير ظروف إنسانية للفلسطينيين، وإدخال أدوية إلى الأسرى الإسرائيليين المرضى. وبموجب المقترح نفسه، تحتفظ إسرائيل بنقاط تمركزها العسكرية الحالية، سواء في شمال أو جنوب القطاع، مع عدم تنفيذ أي عمليات عسكرية وتجنب الاشتباك، بما يسمح بإعادة تمركز القوات لتكون موجودة في نقاط محددة فقط. نحو إبرام صفقة وعن إبرام صفقة بين الكيان الصهيوني وحماس ، كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، يوم الاثنين، أن "هناك أفكارا ورؤى مطروحة بشأن إطلاق سراح الرهائن والأسرى بغزة، ووقف إطلاق النار واليوم التالي من انتهاء العدوان الإسرائيلي". كما أفاد موقع "واينت" العبري نقلا عن مسؤولين أمنيين قولهم للحكومة الإسرائيلية إن "الظروف مثالية للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة"ـ وكشف الموقع أن كبار أعضاء الجيش الإسرائيلي يقولون للحكومة إن العوامل بما في ذلك نهاية الحرب مع "حزب الله" والمعارضة الداخلية في غزة وإدارة ترامب القادمة هي كلها دوافع لحماس للموافقة على اتفاق". وتعتمد وجهة نظرهم على تكوين عدد من العوامل التي تغير معا الواقع على الأرض وهي "نهاية القتال في لبنان، وفصل الجبهات ونشر معظم الجيش في غزة، والوضع في سوريا، والضغط الداخلي داخل القطاع، والضغط العام على الحكومة الإسرائيلية، وأخيرا، إدارة ترامب القادمة" وقال المسؤولون إن "كل هذه العوامل كانت بالإضافة إلى جهود مصر سوف تدفع الصفقة إلى الأمام". هل تنجح الصفقة؟ تشير المعطيات الملموسة أن إدراك حماس للمتغيرات التي حدثت وتعرض لها حزب الله بكل ما يملك من قوة ودعم وحاضنة شعبية ولاءها روحي متجاوز للموضوع السياسي والاقتصادي والمعاشي، وما طال الحركة من تجريف على مدى عام، وبقاءها وحدها في ميدان الصراع، مع كل ما ينويه الكيان لاستهداف غزة والضفة استيطانا وضما، جعل حماس تعيد حساباتها مجددا، وبدل البحث عن السيطرة والهيمنة على القطاع كما قال مشعل، يصبح الاحتماء بالوحدة الوطنية والشرعية الفلسطينية هو السبيل لحفظ ما تبقى من حماس. لكن على ضوء كل ذلك، ووفق منطق الأشياء يطرح سؤال؛ إذن: لم دفع الشعب الفلسطيني كل هذا الثمن؟ ومن أجل مادا؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. مقاربات
-
قرارات الجنائية الدولية .. تبني دولي ونشاز أمريكي
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. بين التفاؤل والتشاؤم
-
في غياب الموقف الفلسطيني الموحد.. القطاع بقبضة الشركات الأمن
...
-
القمة العربية والإسلامية.. الأسئلة المشاكسة
-
الوحدة الكفاحية.. لمواجهة -فخ- ترامب نتنياهو
-
ترامب.. السمسار الرئيس عام 2017.. هو الرئيس السمسار 2025
-
مشاكسات.. عُسر.. النزاهة!.. تعاطف.. !
-
حماس ما بعد السنوار .. الخيارات الصعبة
-
ما رفضه السنوار.. لن يقبله خلفه
-
مشاكسات.. مفارقة..! ليست حربا دينية..
-
شمال القطاع.. حرب إبادة بذريعة المنطقة العازلة..!
-
مشاكسات.. ماناجوا أقرب.. ! -إكسر رجله..-
-
مشاكسات. . -ناتو- يهودي.. عربي! ...عمان لن تسمح.!
-
العملية البرية.. أبعد من تفكيك بنية الحزب
-
غزو جنوب لبنان .. واوهام نتنياهو
-
كان رجلا استثنائيا.. خلف الحزب القائد
-
مقاربة في رسالة حماس المفخخة إلى غوتيريش
-
المقاربات المتناقضة بين فتح وحماس
-
في هدف الطوفان لدى السنوار ومشعل
المزيد.....
-
-تعرضوا لقسوة لا تتصور-.. شاهد بايدن يتحدث عن تاريخ العبودية
...
-
قرب حدود سوريا.. فيديو يظهر تدريبات قوات عراقية يثير تكهنات
...
-
عالمة روسية: الرغبة في الحفاظ على النظام والاستقرار ساهمت في
...
-
المغرب.. تفاعل كبير مع واقعة الاعتداء على سائق تاكسي كان يق
...
-
استسلام جنود أوكرانيين من اللواء الرئاسي عند وصول الجيش الرو
...
-
مقتل طبيب فلسطيني واحتراق أكثر من 15 خيمة بقصف إسرائيلي على
...
-
كوريا الجنوبية.. البرلمان يستعد للتصويت على عزل رئيس البلاد
...
-
مراسلتنا: الجيش السوري يفشل هجوم التنظيمات المسلحة على مدينة
...
-
محكمة أمريكية ترفض الدعوى المرفوعة ضد هانتر بايدن بعد العفو
...
-
زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية يحذر من استفزاز محتمل ضد الج
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|