كوسلا ابشن
الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 20:47
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الإستعمار لا يسقط بالتقادم و لا بالمسخ الهوياتي
في المؤتمر 3 للاممية الشيوعية 1921, قال لينين :" من الواضح تماما ان حركة التحرر الوطني لغالبية شعوب العالم لها دورا ثوريا أكبر بكثير في الحسم القادم في الثورة العالمية الموجهة ضد الرأسمالية والامبريالية, وربما ستلعب دور ثوري كبير, كما نتوقع. فجماهير الشغيلة والفلاحين في الدول الاستعمارية, على الرغم من تأخرها, ستلعب دور ثوري مهم جدا في المراحل اللاحقة للثورة العالمية", (المؤلفات 32, ص.505).
الدفاع عن نضال حركة مناهضة الاستعمار, ليس بنشاط عرقي و لا طائفي كما تتوهم عناصر التمركس العروبي في بلاد الأمازيغ تحت الإحتلال الإستطاني. فمناهضة النظام الكولونيالي هو نضال مشروع لتحرير الأرض و الشعب و تقرير مصير الأمازيغ. و كما أكد فلاديمير إيلتش أوليانوف لينين, بأن النضال التحرر القومي, سيلعب دورا في الإطاحة بالنظام الرأسمالي الإمبريالي. فالنضال من أجل تقرير مصير الشعب الأمازيغي, لا ينفصل عن النضال الطبقي الذي تخوضه الشغيلة و الفلاحين و سائر الكادحين ضد الإستغلال و القهر الطبقي.
في ظل إشتداد الإستبداد الكولونيالي و الإستغلال الفاحش للشغيلة و تفاقم الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية و تأثيرها على القوت اليومي للكادحين, أصبحت التناقضات بين النظام الاستعماري والشعب المضطهد أكثر حدة, تحتم على القوى المناضلة تعبئة النضال ضد الإضطهاد الإستعماري القومي و الطبقي, و قيادة النضال بدون هوادة من أجل الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية للشعب الكادح و النضال من أجل الاستقلال و تقرير المصير.
من خلال الطابع الجماهيري للنضال ضد آلية الاستغلال الإقتصادي و الإجتماعي وضد القمع السياسي, على القوى المناضلة الحقيقية توجيه نشاطها و نضالها ضد الإستعمار الإستطاني, كأخطر إستعمار عرفته بلاد الأمازيغ ( تمازغا), بإعتبار سياسته لا تختصر على الإنتهاكات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و اللغوية, بل خطورته تكمن في إستراتيجية إماتة الذات الأمازيغية سواء بالآبادة الجماعية البيولوجية أو المسخ الهوياتي, عبر خلخلة البنية النفسية للشعب و التأثير عليه بقوة الإستلاب الثقافي, خاصة بالعامل الإيماني الديني. الإستعمار الإستطاني العروبي لا يختصر على الإضطهاد القومي و الطبقي, بل يعمل على صناعة هوية قومية عروبية, غير طبيعية في بلاد الأمازيغ, ما نتج عنه من أزمة الهوية, دفعت بالنظام الإستطاني في العقد الأخير على إنتاج ما سمي بالهويات المتعددة في أرض رويت بعرق الأمازيغي منذ آلاف السنين.
في المرحلة الحرجة من تاريخ بلاد الأمازيغ, و في ظل تفاقم أزمات النظام, أرغم النظام الكولونيالي على تغيير تكتيكه في التعامل مع القضية المحلية الأمازيغية, دفعته الى التنازلات الورقية " دسترة الهوية و اللغة الأمازيغيتين". هذه التحولات التكتيكية إستوجب خصائص جديدة للنضال التحرري ملائمة للمرحلة لفضح التكتيك الجديد الهادف أساسا ليس لتمتين الهوية الأصلية الطبيعية للأرض الأمازيغية, و إنما يعمل على تكريس المسخ الهوياتي, و بهذا يدفع بزواياه اليسراوية و الإسلامية الى تكثيف نشاطها لإستمالة الوصوليين داخل الحركة الأمازيغية لإماتة الهوية القومية الأمازيغية, من خلال ما سمي بالهويات المتعددة, تكون فيه الأمازيغية هوية هامشية ضمن النسيج الهوياتي المتعدد, و التأكيد على الأطروحة الإستعمارية الوهمية للنظام و حليفه في العروبة, جماعة التمركس-القومي العروبي, القائلة بالإمتداد العربي (جغرافية الحجاز و النجد) لشعب تمازغا, و كأن شمال إفريقيا كانت أرض جرداء قاحلة و صحراوية (مثل السعودية التاريخية) خالية من البشر, فإستقر فيها الشعب العربي القادم من الربع الخالي, و أصبحت تمازغا في ملكيتهم. هذه أطروحة إستعمارية و وهمية, مبنية على الإختلاقات و الخرافات اللامنطقية, و لا تستند على أسس علمية, الأسس التي إعتمد عليها أبو التاريخ في حديثه عن الامازيغ, يقول هيرودوت :" فقرة 197: هؤلاء هم الليبيون الذين تمكنا من معرفة أسمائهم, أغلبهم لا يبالي ولا يهتم بملك الميديين. ففي هذه الأرض بقي لي أن أقول, وحسب معرفتنا, انها مؤهولة بأربعة شعوب لا أكثر: شعبان أصيلان وشعبان أجنبيان, الأصيلان هم الليبيون والاثيوبيون, يستوطن أحدهما شمال ليبيا والآخر جنوبها". مقتطف من "أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الامازيغ)" ترجمة وتعليق و شرح د. مصطفى اعشي.
إن الفعل الرجعي للجماعة اليسراوية المعادي لتحرر الشعب الأمازيغي, هو محاولة إعادة الصور النمطية الدعائية حول خطر المؤامرة الإمبريالية و الصهيونية ضد الإسلام و العروبة. إقحام العنصر الديني و العرقي المرتبط به, أسلوب مؤثر نفسي في عملية أدلجة الأمازيغ. إيديولوجية الإستعمار الإستطاني بطبيعتها المتشددة للقومية العروبية القهرية تلعب دور رجعي في عملية الصراع التحرري, الطبقي و القومي.
الماركسية-اللينينية هي مرجعية نظرية لتحرير المضطهدين من الإضطهاد الإجتماعي و القومي. و أعداء تحرير الأمازيغ من الإستعمار الإستطاني, و الساكتين عن الجرائم العرقية, لا يمكن أن يكونوا إلا شوفينيون بقناع ثوري, متشدقون بالعبارات الثورية, في خدمة المشروع الكولونيالي.
في الظروف القائمة حاليا, فالوقت ليس من مصلحة الشعب الأمازيغي بإنتظار الإنتحار الذاتي أو الذوبان في الكيان الإستعماري, و خاصة أن الأوضاع الدولية ملائمة للمطالبة بتقرير مصير الشعب الأمازيغي, الحاضر هو زمن التحرر من بقايا الأنظمة الإستعمارية. إن النضال الحقيقي حاليا ليس التغني بالجزئيات الورقية, بل يكمن في تعبئة الجماهير للعمل المشترك من أجل المصالح الحقيقية للشعب المقهور, في مقدمتها النضال الثوري من أجل تقرير المصير و بناء الدولة المستقلة, بعيدا عن النعرات العرقية للهوية الإستعمارية و إيديولوجية الإسلام العروبي الرجعي المتخلف المعادي للتحرر و التقدم.
لقد عالج لينين قضية تقرير مصير الأمم, و لاحظ أن الإمبريالية في توحيدها للعالم لا تستطيع إزالة قضية تقرير المصير, ولا يمكنها إجبار الطبقة العاملة على رفض الدفاع عن حق الأمم في تقرير المصير.
لقد دافع لينين عن القضية القومية للأمة المقهورة, في أعماله ما بين 1903 و 1916, وفي مؤلفه
(О праве наций на самоопределение, 1914)
يقول لينين :" يجب أن تدافع الطبقة العاملة, أولا وقبل كل شيء, عن حق تقرير المصير لكل أمة".
و في فهم عدم التناقض بين تقرير مصير العمال وتقرير مصير الأمم ويقول لينين:" إن أطروحة برنامجنا صحيحة تماما. يجب أن تحصل كل دولة على حق تقرير المصير, وهذا يساهم في تقرير المصير للعمال. في فنلندا, تسير عملية فصل البروليتاريا عن البرجوازية بشكل واضح وقوي وعميق. سيذهب كل شيء إلى هناك, على الأقل ليس بالطريقة التي لدينا. إذا قلنا أننا لا نعترف بالأمة الفنلندية, ولكن فقط الجماهير العاملة, فسيكون هذا أمرا تافها".
في أعماله أكد لينين عن دعمه لتقرير مصير الشعوب, وواجه بعزم اتجاه اليساري الصبياني في الماركسية ( روزا نموذجا), الاتجاه الذي رفض فكرة تقرير المصير في مرحلة الامبريالية.
الماركسية -اللينينية لا تعارض النضال التحرري للشعوب من أجل نيل إستقلالها عن الأنظمة الكولونيالية بإدعاء أولوية الصراع الطبقي عن النضال التحرري من أجل تقرير مصير الشعوب, فهذا إتجاه تحريفي للماركسية العروبية, التي تهدف الى شرعنة النظام الكولونيالي العروبي في بلاد الأمازيغ.
في مرحلة مناهضة الاستعمار تشارك جميع الطبقات والفئات الاجتماعية في النضال القومي التحرري ضد الاستعمار, بغض النظر عن الموقع الاجتماعي لهذه الفئة او تلك , ففي هذه المرحلة تضع حركة التحرر القومي في استراتيجيتها قضية تحرير الارض والشعب من السيطرة الكولونيالية في الدرجة الاولى.
قضية تقرير مصير الشعوب تناولتها قرارات عديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة, و أكدت الجمعية العامة في حصر الحق في تقرير المصير في حالة رئيسية و هي :"حالة الشعوب الخاضعة للاستعمار, و كان لها سيادة على الأرض قبل الإستعمار, و بموجب هذا المعطى, يكون لها حق المطالبة بالتحرر من الإستعمار الأجنبي و تقرير مصيرها بنفسها". و هذه حالة الشعب الأمازيغي في بلاد تمازغا, الذي كان له سيادة على أرضه قبل إخضاعه للإستعمار.
بموجب القانون الدولي يحق للشعب الأمازيغي, تقرير مصيره بنفسه و بناء دولته المستقلة ذات سيادة, و أن يكون حرا فوق أرضه مثل جميع الشعوب الحرة.
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟