أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - ثقافة التدليس ومعاداة المعرفة.















المزيد.....

ثقافة التدليس ومعاداة المعرفة.


اسكندر أمبروز

الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 08:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد فترة طويلة من جفاف منبع المقالات والمنشورات التي كنت اطرحها سابقاً , جئتكم اليوم ومن جديد وبعد ظروف شخصيّة معقّدة بما سيلي من فكرة خطرت في بالي مؤخّراً...وهي فكرة متعلّقة بالنموذج المتّبع لدى غالبيّة شعوبنا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أو الدول التي نال منها طاعون الاسلام ما نال ووصل بها الحال لما نراه بأم العين ونسمعه ونشهده يوميّاً , وما أقصده بهذا النموذج وتحديداً النموذج المتّبع في التعامل مع المعرفة.

فنحن نعلم اليوم من خلال الاختلاط بالشعوب الاخرى الغربية والاسيوية التي صنعت الحضارة الانسانية والتطوّر الهائل الذي شهده العالم خصيصاً في القرنين الماضيين , أن هذه الشعوب قد انتجت الوسيلة العلمية المتمثلة بالبحث والتجربة والتقييم والمقارنة للحكم على الفرضيات والادعائات والأفكار للوصول في النهاية الى الحقيقة الملموسة التي يمكن قياسها والوصول اليها مهما اختلف عرق او شكل او لون او فكر الشخص الباحث , فالشروط المتّبعة في النظرية العلمية للوصول للحقيقة هي ما أوصل البشر للقمر وهي ما أدّت لنهوض الاخر , وتجاهلها ونسفها هي ما تسبب في سقوطنا كما سأوضّح الآن...

فمن خلال هذه المنظومة العلميّة , استطاع العالم ان يصل الى ما وصل اليه , وما سيصل اليه في المستقبل سيكون حتماً مبنيّ على هذه المنظومة أو على منظومة رديفة لها أفضل منها إن وجدت اصلاً , ولكن ما علاقة هذا بموضوع هذا المنشور ؟ العلاقة مرتبطة بالهدف الرئيسي لهذه المنظومة العلميّة , والتي في رأيي وتقييمي تتشكّل من خلال صورة من صور الثقافة أو هي عرض من أعراض الثقافة للشعوب التي أنتجتها , وهي لا تعني انها بالضرورة ثقافة الغرب أو الشرق أو ثقافة شعب أو قارّة معيّنة , وإنما تقبّل تلك الثقافة لشرط المنظومة العلمية الأساسي لنجاحها , ألا وهو احترام المعرفة والوصول اليها لمجرّد الوصول اليها فقط لا غير!

فاحترام المعرفة ومحاولة الوصول اليها في شتّى المجالات ووضعها كهدف رئيسي بحد ذاتها بعيداً على اي شيء اخر , مرتبط تماماً بثقافة أي شعب وقدرة ثقافته على احترام هذا المبدأ والمطلب العلمي المتواضع الذي تتطلّبه المنظومة العلميّة للإتيان بثمارها , سوائاً على مستوى العلوم الطبيعية أو على مستوى العلوم المعرفية الأخرى بشتّى أنواعها وأشكالها. وفي رأيي هذه الفكرة أو فكرة تقبّل شرط المنظومة العلميّة للوصول للمعرفة المتمثل بتحييد العواطف وتقديم المعرفة على أي شيء في سبيل تطوّر وتحسين حياة وقدرات الجنس البشري , هي فكرة أشبه بالطفرة الجينية في علم الجينات ! ولكنها طفرة مجتمعيّة ثقافيّة تبيّن مدى تغلغل نظرية الانتخاب الطبيعي في كل شيء حتى في مجال علم الاجتماع والثقافات البشرية , فالثقافة التي تحترم المعرفة ستكون حتماً ثقافة تريد الوصول اليها , وما ان اكتشفت المنظومة العلمية للوصول الى المعرفة حتّى بادرت بالتمسّك بها وتطويرها والوصول الى أمور كنّى نراها في افلام star wars او غيرها من اعمال الخيال العلمي !

وهنا نصل الى لب الموضوع , الا وهو عدم وصول الشعوب العربية الى تلك الطفرة المجتمعيّة ! أو بالأحرى عدم تقبّلهم لتلك الطفرة المتمثلة باحترام المعرفة والسعي من اجل الوصول اليها بعيداً عن العواطف أو أي اجندات اخرى , وبمجرّد ما ان نضع كلمة "اجندات" و"الشعوب الاسلامية" في جملة واحدى حتى نرى الرابط العجيب المتمثّل بالطاعون البول بعيري الاسلامي يظهر جليّاً بكل قذارته واهترائه ! فلا عقل مع النقل , ولا تفكير مع التكفير , ولا حكم إلّا بنص. وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم بسبب هذه العقلية الدينية والنصوص الدينية التي ابعدت وكبّلت شعوبنا مانعةً اياها من الاقتراب من النظرية العلمية ومنظومتها للصول الى الحقيقة والمعرفة , فعلى سبيل المثال نرى ماقاله ابن تيمية عن الخوارزمي احد اهم علماء عصره والذي لديه من الفضل في تجميع الرياضيات الهنديّة والابتكار في المعادلات ما لا يقل عن فضل كبار علماء هذا المجال أنه (أي الخوارزمي) "وإن كان علمه صحيحا إلا أنّ العلوم الشرعيّة مستغنية عنه وعن غيره" وطبعاً هذه المقولة تلخّص لنا ما يمكننا كتابته وتوضيحه في جملة واحدة ! فلا أعلم في شؤون النص الديني وما يتطلّبه من المؤمنين به أكثر من ابن تيميّة , وحتى ولو افترضنا ان مؤمناً بهذا الدين يعترض على هذا المبدأ , ألا وهو تحييد العقل والطريقة العلمية للوصول الى المعرفة والحقيقة , فإنه لن يتمكّن من الغاء عشرات الاحاديث والآيات التي توصي بتحكيم النص وهو الذي تدخّل في كل شيء الى ان وصل لمستوى طريقة تنظيف البشر لمؤخرتهم بعد قضاء الحاجة !

فعلى ضوء هذه الثقافة او الأكبال والسلاسل الفكريّة الداعشية التي تكبح جماح عقل كلّ مسلم , نجد التقهقر والتخلّف في كل المجالات المعرفية التي يشهدها العالم البول بعيري , فمثلاً وحتى لا أخوض بعلوم لا افقه فيها , اليكم هذا المثال مما رأيته وعلمته من خلال مطالعتي المتواضعة لمئات كتب التاريخ ومقارنة المعرفة التاريخية بالوعي والعقل البول بعيري , نجد أن فكرة تشويه الحقائق التاريخية والتدليس المتعلّق بها لا يعدو عن كونه روتيناً بسيطاً يقوم به من يقوم على اعداد وانتاج البرامج التلفزيونية أو المسلسلات التاريخية أو الكتب المدرسيّة أو قنوات اليوتيوب اليوم...الخ. فمثلاً ولتوضيح الصورة التي اودّ ايصالها , نجد أنه ما من مؤمن في هذه الدول الّا ويمجّد في صلاح الدين , حيث أننا نجده دائماً متمثّل بصورة القائد الفارس الخلوق الذي تعامل مع المسيحيين في القدس بكل احترام وأدب , وهي الصورة التي قاموا بالترويج لها حتّى في بعض صور الإعلام الغربي الذي يريد بيع منتجاته الفنّية للعرب ايضاً مثل فيلم kingdom of heaven الذي نقل ذات الصورة عن صلاح الدين للمسلمين حتّى يستفيد من نشر هكذا كذب لدى شعوب ابتكرت تلك الكذبة وذهبت لدور العرض لرؤية الفيلم وهو يجسّد كذبتهم التي اخترعوها , والتي لا تضحك على احد في الغرب الذي يعي تماماً أن صلاح الدين كان مجرماً ولم يتعامل باحترام مع المسيحيين في القدس , حيث انه فرض عليهم فدية عوضاً عن قتلهم لفائدة ماديّة , ومن لم يستطع الدفع قام باستعباده وبيعه في اسواق النخاسة وهم ما شكّلوا 15000 شخص بين طفل وامرأة وشيخ ورجل ! وهو ما تمّ نقله في كتب التراث الاسلاميّ نفسه ككتاب النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية لبهاء الدين بن شدّاد وهو مرافق وصديق صلاح الدين الشخصي وهو من كتب سيرة ذلك الرجل.

وحتى لا أُطيل في هذا المقال حيث أنني يمكنني ذكر مئات لا بل آلاف الامثلة المشابهة , نرى ان الغرب تعامل مع التاريخ أو مجال المعرفة التاريخي كأي مجال اخر , بحث وتمحيص وتدقيق ومن ثم الوصو للاستنتاج والمحصّلة المعرفيّة , نعم صلاح الدين كان مجرم حرب بعرفنا اليوم , وهذه حقيقة , نعم كان سفّاحاً قاتلاً للأسرى كما فعل مع فرسان المعبد والإسبتارية في دمشق , ونعم كان قاتلاً للمدنيين كما فعل مع قبائل أسوان وعائلة الفاطميين , كل هذا وما خفي كان اعظم , ولكن ماهو الغاية من كل هذه المعلمومات المثبتة من التاريخ ؟ لا شيء سوى الوصول للمعرفة والحقيقة ! وهذا هو ما يجب أن يقدّس ويوضع نصب أعين أي شعب يريد التقدّم , فشعوبنا نسفت كل تلك الحقائق عن صلاح الدين , واخترعت لا بل دلّست "صلاح دين" جديد مصطنع لديه كل الصفات المعاكسة تماماً لصلاح الدين التاريخي الحقيقي , لا لشيء سوى لخدمة وتحقيق الأجندة الدينية , ولتذهب الحقيقة والمعرفة الى الجحيم...

وطبعاً يمكننا رؤية أمثلة كثيرة مشابها , كلها مجرّد تكرار لذات الوباء والوبال المنحط ! وكيف لا وفي لا وعي هذه الشعوب اجندة دينية وسرطان يريد تحقيق اجنداته بشتّى الطرق ؟ سوائاً من خلال تلميع صورة الدين من خلال نسف المعرفة التاريخية وعدم احترامها والتعامل معها كما يجب أو حتى بغية التعلّم منها ومن اسباب وقوعها , نجد أن الشعوب العربية مستعدّة تماماً لتقبّل اي هراء وسخف وكذب حتى وإن تعارض مع كتبهم الدينية هم والتي يرفضون قرائتها اصلاً , والتدليس والدجل واللف والدوران والكذب حتى على انفسهم واسماع انفسهم بغرفة الصدى الواحد ما يريدون سماعه من اجل الغاية الكبرى لهذه الشعوب , ألا وهو خدمة الاجندة الدينية وتلميع صورة الدين العفن الذي بات يحتضر ! نعم هذا هو سبب تخلّفنا يا سادة !! رمي الحقيقة والمعرفة كهدف بحد ذاتها من الشبّاك ووضع هدف مختلف متخلّف ألا وهو خدمة الاجندة البول بعيرية , ولتذهب الحقيقة والمعرفة الى الجحيم , وعلى ما يبدو أن شعوبنا ذاهبة الى تلك الوجهة ايضاً !



#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصيبة السعي وراء الدوبامين عند البشر , كأس العالم كمثال.
- مشاكل الفلسفة اللا إنجابيّة , وتقديم لفلسفة أفضل.
- نظريات المؤامرة حول فرنسا وأفريقيا الغربيّة.
- هل كانت هناك ايجابيات لظاهرة الاستعباد ؟ طبعاً لا !
- الحجاب ومنع الاختلاط بين الجنسين هو أحد أهم أسباب تخلّفنا... ...
- لماذا يفرحون عندما ترتدي المرأة الحجاب ؟
- وباء الإيدز والله الشرير.
- لماذا يحقدون على أشكال الحياة ؟
- مذبحة الشركس 1864 , مجزرة التطهير العرقي المنسيّة.
- مجاعة الله الستالينيّة.
- شيوخ التخريف , راتب النابلسي كمثال.
- ما هي الماسونية ؟ بعيداً عن سخافة نظريات المؤامرة.
- إسلام العوامّ , ومصائب الأقوام.
- الإسلام و تجربة سجن ستانفورد.
- علاقة الدين بالعنف الأسري.
- نحن بحاجة الى ثورة نسوية...والآن !!!
- تخلف مبدأ العين بالعين.
- أهم سبب لاستمرار الخرافات الدينيّة.
- تساوي فساد الأديان.
- الأديان وزرع انعدام الثقة بالنفس لدى البشر.


المزيد.....




- علماء الشام يوجهون نداء للمؤسسات الدينية العربية والإسلامية ...
- عراقجي: عودة نشاط المجموعات التكفيرية في شمال سورية لهي امر ...
- مستوطنون محتلون يقتحمون المسجد الأقصى
- إجراءات أمنية مشددة في باريس لضمان سلامة افتتاح كاتدرائية نو ...
- بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى التعجيل بانتخاب رئيس
- بزشكيان يؤكد في اتصال مع السوداني على تعاون الدول الاسلامية ...
- ألمانيا.. الاتحاد المسيحي المعارض يرفض استقبال لاجئين من سور ...
- -لا صورة استخباراتية واضحة-.. مستوطنون يهود يكشفون تحديات خط ...
- بن غفير يصدر قرارا بمصادرة -سماعات المساجد-
- بزشكيان حول الوضع بسوريا: يتوجب على الدول الإسلامية التدخل


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسكندر أمبروز - ثقافة التدليس ومعاداة المعرفة.