|
في البطريركية (الابوية) السياسية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8178 - 2024 / 12 / 1 - 22:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" بينما احرر ب Word دراسة سياسية ، البوليس المجرم بدأ يعرقل الدراسة بان رد نصفها بلون اخضر .. كما حاول تغيير الصورة لتعطيل الدراسة " تحليل للبطريركية السياسية : نقصد بالبطريركية Patriarcat النظام الاجتماعي القائم على سلطة الاب والجد الذكر الذي يهيمن على ممتلكات العائلة الموسعة ( الحسن الثاني ) " زوجة او زوجات ، أولاد ، أحفاد .. ويتحكم بالزوجات والمطلقات ، وكل الأنشطة الأخرى " . نظام كهذا مرتبط بالعائلة التقليدية كنظام أساسي (قاعدي) للمجتمع برمته . وهذه النواة العائلية ، هي مركز النشاط الاقتصادي والاجتماعي وغيره ، فيما تتمركز السلطة في الاب او الجد الذكر ، الذي يفرض هيبته واحترامه على الجميع ، ومن دون استثناء (الحسن الثاني وابن أخيه هشام العلوي ) .. وهذه الخلية الاجتماعية التنظيمية الأساسية تشكل القاعدة في كل مجتمع ، لدرجة ان المؤسسات الأخرى ، هي إعادة نسخ للعلاقات الأساسية القائمة داخل العائلة . الاب هو مركز القرار ، وهو المُشرّع ، وهو السيد الحاكم المطاع ، ولا راد لأمره .. ولا من يستطيع حتى ان يرفع عينيه امامه ، او ينبس ببنت شفة .. وتبين العلوم الإنسانية ، ان النظام السياسي هو اقرب التنظيمات الى البنية العائلية . فكان المجتمع كله عبارة عن اسرة ، وكان الحاكم هو اب الجميع ، وسلطة الحاكم مستمدة الى حد كبير من سلطة الاب ، بالإضافة الى انها تناظرها وتحاكيها . ومثلما يتعلق افراد العائلة بالأب ، ويتقمصون شخصيته ، ويتماهون معه ، نجد نظير ذلك في السياسة ، حيث يعيش (المواطنون) الرعايا عند المخزن ، علاقة مماثلة مع الرئيس ، قوامها التوحد والتقمص والتماهي . هذا الجذر السيكولوجي للسلطة ، هو اللاشعور السياسي الذي يحكم علاقة المواطن الابن بالرئيس الاب ، ويشكل اللحمة السيكولوجية لكل سلطة . تشمل هذه العلاقة ، مؤسسة سياسية أخرى هي الحزب السياسي ، يعيش فيها افراد الحزب ، علاقة وجدانية إيجابية او سلبية مع الرئيس الزعيم ، حيث تختلط في لا وعيهم ، او في متخيلهم اللاّواعي ، صورة الرئيس بصورة الاب . لا بد اذن من إيلاء هذا البعد السيكولوجي أهميته الخاصة عند تحليل علاقة المواطن او العضو الحزبي بالرئيس او الزعيم ، وينغم بهذه العلاقة مظهر اخر ميتافيزيقي ، هذه المرة عندما يتعلق الامر بنهاية او استقالة ، اذ يحضر الموت (الطبيعي والسياسي) بكل دلالته الميتافيزيقية . عندما يعلن الزعيم انه سينسحب من الحياة السياسية ، فان الجموع تعيش هذا الخبر بنظرة حدادية (حداد) ، لأنها لا تعني في النهاية " موت الاب " او "نهاية الاب " ، ومن خلالها تنشر مشاعر سوداء حول نهاية الحياة والرعاية الابوية ، والحنان الابوي . تتعلق الجموع بأهداب الزعيم عندما يعلن عزمه على الاستقالة ، ويعتبرون ذلك فاجعة لا تعادلها الا نهاية العالم ، او قيام القيامة . واذا كان من مقتضيات الديمقراطية التجديد في البنيان والأفكار ، وتداول السلط داخل الحزب نفسه ، فان الحزب يجد نفسه ممزقا بين متطلبات الديمقراطية وهي متطلبات عقلانية ، وبين البنية السيكولوجية للعلاقات المزدوجة القائمة بين الرئيس والأعضاء . وهذه الاحروجة (حرج) لا يمكن ان يحلها الا الموت ، لأنه ينزل على الجميع كقدر لا مرد له . وهكذا يبدو ان الموت هو الكائن الديمقراطي الوحيد في منطقتنا العربية ، و ذلك بمعننين ، أولهما انه اعدل الأشياء قسمة بين الناس ، وثانيهما انه هو الحل الديمقراطي الوحيد لإمكان تجدد (الديمقراطية) الحزبية . 1 ) تغلب المشروعية التاريخية على المشروعية العقلانية ، و الزمن على العقل ، والماضي على الحاضر . المشروعية التاريخية تستند الى اسطورة سياسية تشكل العمود الفقري لإيديولوجية الحزب : المقاومة ضد الاستعمار ، وراثة السر السياسي والايديولوجي والتنظيمي للحزب من الجيل السابق وعلى وجه الخصوص من الرئيس السابق ، مما يجعله رمزا للاستمرارية . فالماضي والتاريخ (السلف) حاضر هنا بقوة على حساب الحاضر المتجدد . انه انعكاس بدرجة او بأخرى لحكم الماضي ، وسلطة الاسلاف والاجداد ، وسيطرت الأموات على الاحياء . 2 ) هيمنة النظام البطريركي في المجال السياسي . فهذا النظام يعيد انتاج نفسه عبر العائلة وقيمها وتراتباتها وسلطاتها . وعبر التنظيمات السياسية هي أيضا بترا تباتها وسلطاتها وقيمها .. فالحزب عائلة كبيرة ورئيسه هو البطريرك السياسي للحزب ، ومناضلوه هم أبنائه البررة ، له عليهم حق الطاعة والامتثال والولاء والاصغاء والاحتذاء . 3 ) هيمنة الشخصية النموذج ، والمثال الكاريزما ، الشيخ الملهم الذي تستمد البركات ، وتلتقط من اقوال الحكمة ، ومن توجيهاته النعمة ، لامثيل له ، ولا راد لرأيه ، و لا مجادل لقوله ، له السلطة وله الحمد والشكر ، والامتنان ببقائه على راس الحزب . أليست هذه الحالة السيكولوجية تعبيرا عن ان المناضل لم يفطم ثقافيا ، ولم تنضج لنفسه شخصية مستقلة ذات حس نقدي ؟ اليس ذلك تعبيرا عن ضمور الحس النقدي ، وفضيلة الاستقلال الشخصي ، وعنوانا على انخفاض درجة العقلانية السياسية على الرغم من الشعارات واللافتات .؟ . وبالنظر الى قوة الوشائج النفسية السلطوية العميقة التي تشد كل عضو الى رئيس الزعيم ، فانه من العسير على المناضل ان يكسر هذه الاغلال السيكولوجية ، ويتمرد على السلطة الحزبية ، ممارسا عملية القتل السياسي للبطريرك . واذا ما وُفّق الى امتلاك هذه القدرة فيكون عليه ان يعي قانون التكرار التاريخي المتمثل في الطابع القدري لاستبدال بطريرك ببطريرك ، و مع ذلك يظل من مظاهر الحداثة السياسية ، الانتقال من سلطة الشخص الى سلطة المؤسسة ، ومن الإلهامات الفردية ، الى القرار العقلاني الجماعي ، الى نحو ثقافة سياسية ديمقراطية ... يعدو معها القتل السياسي للبطريرك امرا مشروعا ان لم يكن واجبا .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملك محمد السادس حسم في الوضع القانوني للصحراء الغربية ، وا
...
-
جمهورية الريف الوطنية والديمقراطية
-
أصل الحكم في الإسلام
-
خمس منطلقات في المسألة الديمقراطية والانتخابات .
-
حرب الصحراء الغربية بين النظامين المخزني المزاجي والنظام الج
...
-
حركة التحرر العربية : أزمة عارضة أم بنيوية ؟
-
حتمية انتصار الخط الوطني الثوري التقدمي . والمستقبل للشعب ال
...
-
من دون الجيش لن يتحقق التغيير الوطني الثوري التقدمي
-
ما هي دلالات الموقف الفرنسي الأخير من نزاع الصحراء الغربية –
...
-
اسبانية – فرنسا ونزاع الصحراء الغربية
-
الآن توضح الموقف الاسباني والفرنسي من نزاع الصحراء الغربية .
-
القيادة الثورية عند نزول الشعب الى الشارع
-
الشارع
-
كيف يمكن تغيير النظام .
-
مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا
...
-
فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن
...
-
مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة
...
-
اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
-
اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا
...
-
هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
المزيد.....
-
هل مفهوم -صفر نفايات- أمر قابل للتحقيق في مشهد الطعام حقًا؟
...
-
بوتين يوافق على ميزانية دفاعية قياسية لروسيا.. كم تبلغ؟
-
ستراسبورغ تتألق في موسم عيد الميلاد وتحتضن الزوار في أقدم أس
...
-
غارات جوية للجيش السوري على إدلب تخلف 25 قتيلًا وروسيا تقيل
...
-
صفقات الأسلحة تزدهر في جميع أنحاء العالم - خاصة في روسيا
-
مادة ربما تغير حياة البشر.. ما هو -مسحوق الكربون-؟
-
ماسك يعلق على قرار الرئيس الأمريكي العفو عن نجله هانتر
-
-واينت-: الظروف مثالية للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة
-
كرات نانوية للحماية من الإشعاع!
-
عواقب نمط الحياة الخامل على الصحة
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|