أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال















المزيد.....

العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 538 - 2003 / 7 / 9 - 04:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

*الجيش الأميركي جاء إلى العراق ليبقى، فهو ليس جيشاً من المرتزقة، لكي ينهي الدكتاتورية ويمضي، فاتحاً الطريق لتأسيس نظام ديمقراطي يعبّر عن الشعب العراقي، إنه جيش يعبّر عن الدولة الأميركية، وبالتالي عن المصالح التي تمثلها، أي عن مصالح الشركات الاحتكارية وثيقة الصلة بأفراد الإدارة الاميركية الحالية.
لقد قدم الجيش الاميركي سنة 90/91 تحت شعار «تحرير الكويت» لكنه استقر، واعلن مسؤولون في الإدارة الأميركية (آخرهم بل كلنتون) أنه قدم «ليبقى». وهو اليوم يوسّع وجوده، ليفرض مصالح محدّدة تسمى في الخطاب الاميركي «المصالح القومية الاميركية». ولهذا زاد التحكم بنفط الخليج (وظهر ذلك واضحاً في دور دول الخليج في منظمة أوبك)، وزاد شراء دول الخليج  السلاح الأميركي، وتحكمت الشركات الاميركية بـ«إعادة إعمار الكويت», وبدأت الإدارة الأميركية الضغط على تلك الدول من أجل خصخصة قطاع النفط، واحتكار السوق.
فهذا الجيش ليس جيش مرتزقة، ولا يلعب هذا الدور، فلقد أنشىء لكي يحقق «المصالح القومية الأميركية»، عبر إيجاد «المناخ الأمني الدولي» المناسب لنشاط الشركات الاحتكارية الاميركية، ولتحقيق «احتكارها» الأسواق والمواد الأولية. وإذا كان وجود القوّة السوفياتية يشلّ من دوره التوسعي الاحتلالي لحسم التنافس والسيطرة على الأسواق (رغم دوره في بعض المناطق مثل منطقة الهند الصينية، وبعض دول أميركا اللاتينية، ورغم الدور الزائد للمخابرات آنئذ). لكن انهيار الاتحاد السوفياتي فتح الأفق لدور جديد يفرضه الوضع الاقتصادي للشركات الاحتكارية الاميركية التي ترهقها حالة الركود الاقتصادي الذي يعيشه الاقتصاد  الاميركي منذ سبعينات القرن الماضي. و يقوم هذا الدور على تحقيق التحكم بالمواد الأولية واحتكار الأسواق، لأنهما المخرج من حالة الركود الاقتصادي، و هو الوضع الذي يوقف منافسة الرأسماليات الأخرى، التي باتت مرهقة. والاحتلال، أو فرض السيطرة عبر القوة، هو الشكل المناسب لكل ذلك.
ولهذا بدأ الجيش الاميركي توسيع وجوده الخارجي منذ سنة 1990، وأصبح هذا الهدف على رأس كل برامج البنتاغون منذئذ، كما أصبحت الحرب جزءاً محورياً في السياسة الخارجية الاميركية، منذ حرب الخليج الأولى ضد العراق، ثم الحرب ضد يوغوسلافيا، لتتحول منذ 11 أيلول سنة 2001 إلى حرب طويلة مستمرة وتطال دولاً عديدة، بدأت باحتلال أفغانستان، وهي الآن تحقَّق احتلال العراق، لتمتد إلى دول أخرى من كوريا الشمالية إلى إيران، وسوريا...الخ، وإلى كل منطقة تحتوي النفط، أو تشكل موقعاً استراتيجياً، أو تضمن احتكار الرأسمال أو السلع الاميركيين .مما يعني السيطرة على دول الجنوب كما على الدول الاشتراكية السابقة، وحصر نشاط الرأسماليات الأخرى عبرها، وفي الحدود التي تناسب مصالح الشركات الاحتكارية الاميركية.
وهذا ما بات يسمى «نظام الامبراطورية»، حيث يصبح التفوقّ العسكري المطلق لاميركا مدخلاً لتهميش الآخرين، عبر فرض الاحتلال والسيطرة، وبالتالي احتكار الأسواق.
إذن لم يأت الجيش الاميركي إلى العراق لإنهاء الدكتاتورية وفتح الأفق لقيام نظام ديمقراطي يعبّر عن شعب العراق، بل أتت لمصالح تخصّها، وهو ما يفرض أن تصيغ وضع العراق بما يجعله ضمن امبراطوريتها. وكانت الخطوة الأولى تتمثل في تدمير الدولة وتعيين حاكم إميركي لإدارة العراق، مع استمرار بقاء الجيش الاميركي (وكما يقال لأشهر وربما لسنوات). وسنلحظ هنا بأن الدولة (إدارات الدولة) قد دمرِّت، وانتهى الجيش والشرطة، ودُمِّر جزء أساسي من البنية التحتية مما يفتح باب الفوضى، ويفرض تحكّم الدولة الاميركية بإعادة البناء ،وبالتالي صياغة الدولة بما يخدم أهدافها. وأعتقد أنها هدفت إلى إحداث كل هذا التدمير لكي يكون ممكناً صياغتها من جديد .
وستكون «المرحلة الانتقالية»، المدارة من قبل بريمر، هي مرحلة صياغة الوضع، حيث:
سيبقى أولاً، الجيش الاميركي، ويؤسس قواعد له في مناطق عديدة من العراق، خصوصاً بالقرب من آبار النفط، وحول بغداد.
وستؤسس ثانياً، نخبة عراقية مرتبطة بالدولة الأميركية، سوف تتكون من الاميركيين من أصل عراقي (أي الذين يحملون الجنسية الاميركية)، وبعض أفراد «المعارضة» المرتبطة بالمخابرات الاميركية، وبعض عملاء الداخل، هذه النخبة هي التي ستحكم العراق لاحقاً، في زمن ربما تلعب الظروف الداخلية والدولية دوراً في تقريبه.
وستربط العراق ثالثاً، بمنظومة اتفاقات وعلاقات، تؤطرها في حدود الامبراطورية، وستكون خصخصة النفط أهم هذه المسائل، إضافة إلى العقود التي سوف توقع مع الشركات الاميركية (والمحدّدة في خمس) لـ«إعادة إعمار العراق»، وأيضاً ضمان احتكار السوق عبر اتفاقات محددة و ملزمة. وفي المستوى السياسي سوف تكون الخطوة الأخطر هي أقامة علاقات مع الدولة الصهيونية (وربما إقامة حلف معها).
وستبقي رابعاً، التكوين الداخلي للعراق هشاً، عبر دعم تناقضات كانت إلى زوال، وكان النظام السابق قد سمح ببروزها، حيث ستسعى «الإدارة الانتقالية» لتكريس عودة زعماء القبائل، وتصعيد منطق الطوائف، واستثارة النزاعات الأقوامية، بين العرب والأكراد، والتركمان، لكي يصاغ «العراق الجديد»، إنطلاقاً من انه موزاييك قبائل وطوائف وإثنيات لتصبح الفدرالية هي فيدرالية هؤلاء، مما يبقي الدولة العراقية هشة، وقابلة للانفراط. وبالتالي قابلة للانحكام للجيش الاميركي المقيم فيها، وعاجزة عن التراجع عن كل ما يتحقق في «المرحلة الانتقالية»، وكذلك عن تحقيق أي تطور اقتصادي أو سياسي.
دولة هشة ونظام دمية، هذا ما يتشكل به العراق تحت الاحتلال، وهو أخطر ما يمكن أن يتحقق.
إننا إذن نواجه قوة إحتلال، وإذا كنا غضضنا النظر عما حدث سنة 90/91، وتكريس الوجود العسكري الاميركي في دول الخليج العربي، فإن احتلال العراق يشير إلى أن هذا الوجود هو احتلال كذلك. وهذا يفرض العودة إلى منطق التحرّر واستنهاض المقاومة، خصوصاً وأن الزحف الاميركي لن يتوقف عند حدود العراق، وأن الوجود الصهيوني سوف يتعزز ويقوى، وربما يتوسع. إن المواجهة الجادة في العراق تفرض أن يلجأ الشعب إلى تأسيس هيئاته التمثيلية المستقلة، وأن تنتقل النقطة المركزية من الديمقراطية (التي كانت الهدف في مواجهة الدكتاتورية) إلى التحرير، فلا ديمقراطية في ظل الاحتلال، لكن يجب أن يرتبط التحرر بتحقيق الديمقراطية.

 



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عولمة الليبرالية الجديدة
- العولمة والحرب
- حروب الإمبراطورية
- هل نستطيع تقييم التجربة الاشتراكية
- كتاب - اطروحات من أجل ماركسية مناضلة
- أية عولمة نناهض
- مع حقوق الإنسان ضد حقوق الشعوب؟!
- العراق كبوابة لصوغ - عالم جديد
- لا للحرب...
- مصير الماركسية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية
- ما العمل حول إعادة بناء اليسار الماركسي
- الحداثة من منظور غربي: كيف تنظر الرأسمالية إلى تحديث الإسلام ...
- أزمة اليسار
- عن اليسار الغائب والأصولية الناشطة


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال