أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الثعبانُ والعقربُ … الراهبُ والمؤمن














المزيد.....

الثعبانُ والعقربُ … الراهبُ والمؤمن


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8178 - 2024 / 12 / 1 - 15:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
“وإن جنحوا للسِّلم فاجنحْ لها، وتوكّلْ على الله"… من أجمل الإشارات القرآنية التي تدعو البشرَ للعيش أو "التعايش" في سلام، لئلا يسودَ العنفُ بين الناس، ولكي يعمَّ السلامُ وهو مفتاحُ البناء والتحضّر. وأما الحذر فقد ورد في التوجيه النبوي: “لا يُلدَغ مؤمنٌ من جُحر مرتين".
دعوني أحكي لكم ثلاثَ حكايات من المأثور ذي الدلالة.
الأولى: يُحكى أن إمرأةً رحيمة عثرت على ثعبان صغير جائع بردان، فقررت أن تنقذه. أخذته إلى بيتها وآوته، وراحت تطعمه حتى اعتاد عليها، فصار يتبعها أينما تحركت داخل المنزل، وفى نهاية اليوم كان ينام بجوارها على السرير مستمتعًا بدفئها. مرت السنوات وكبُر الثعبانُ. وفى أحد الأيام، فوجئت السيدة بالثعبان وقد توقف فجأة عن الأكل دون سبب. حاولت السيدة الرحيمة كثيرًا أن تحثَّ ثعبانها على الأكل، خوفًا عليه من الهلاك، لكن رفض الثعبان الطعام كان حاسمًا، وظلَّ على حاله أسابيعَ عدّة رغم محاولات الأم الرحيمة. إلا أنه ظل يتبعها نهارًا وينام إلى جوارها ليلاً مثلما اعتاد منذ طفولته، بل صار يلتف حول جسدها وهى نائمة؛ كأنما يستمدُّ من جسدها الدفءَ والأمان. خافتِ السيدةُ على صغيرها من الموت جوعًا، فأخذته إلى الطبيب البيطري ليفحصه ويحدد سبب رفضه الطعام. فحص الطبيبُ الثعبانَ، ثم التفت إلى السيدة وسألها: -“هل لاحظتِ أية أعراض أخرى عدا غياب شهيته وامتناعه عن الطعام؟ أجابت السيدة: -"لا". سألها الطبيب ثانية: -"أمازال يرقد إلى جوارك اثناء نومه ليلاً؟" أجابت السيدة: -"نعم. فهو متعلق بي كثيرًا ويتبعني أينما ذهبت داخل المنزل، وينام بجانبي في السرير كل ليلة.” سألها الطبيب: -“ألم تلاحظي أنه فى بعض الأحيان يقوم بلف جسده حول جسدك؟" اندهشت السيدةُ وهتفت: -"نعم نعم. فى الآونة الأخيرة وأثناء مرضه وإعيائه مع عدم الأكل، أحيانًا يلتف حولي أثناء نومي، طلبًا للدفء والحنان، وحينما أستيقظ يتبعني بعينيه، فأهرعُ إليه بالطعام، لكنه للأسف يرفض الأكل ويظل فى مكانه.” هنا تبسّم الطبيبُ بأسى، وقال: -"سيدتى، هذا الثعبان ليس مريضًا، بل يستعد لالتهامك! هو يجوِّع نفسَه أسابيعَ طوالاً حتى يستطيع ابتلاعك. وأما التفافه كل ليلة حول جسدك، فليس حبًا فيكِ ولا بحثًا عن الدفء والحنوّ كما تظنين؛ إنما يحاول أن يقيس حجمك مقارنة بحجمه لكي تستوعب معدتُه وجبةً بحجمك. ثعبانك يا سيدتي يعدُّ العُدّة للهجوم عليك واقتناصك فى الوقت المناسب؛ فخذي حذرك، وتخلصي من هذا الثعبان سريعًا!”
الثانية: يُحكى أن عجوزًا حكيمًا كان جالسًا على ضفّة النهر في جلسة تأمل وصلاة روحية مع الله، فإذا به فجأةً يلمح عقربًا وقد سقط في الماء، وراح يتخبط يأسًا محاولا النجاةَ من الهلاك غرقًا. قرر الحكيمُ أن ينقذه؛ فمدّ إليه يده فـ لسعه العقربُ، فسحب الرجلُ يده صارخًا من فرط الألم. وعاد العقربُ إلى حاله يصارع الغرق، فما كان من الحكيم الطيب إلا أن مدَّ يدَه ثانية لينقذه. فـ لسعه العقربُ مجددًا لسعةً أقوى وأشد إيلامًا. وكردّة فعل ارتدادية طبيعية، سحب الرجلُ يده صارخًا من الوجع. وبعد دقيقة، شرع في المحاولة الثالثة ومد يدَه لإنقاذ العقرب، والنتيجة معروفة. على مقربة من هذا المشهد العبثي، كان يجلس شابٌّ يتأمل ما يحدث صامتًا. لكن تكرار المشهد أخرجه عن صمته، فهتف قائلا: -”أيها الحكيم، ألم تتعظ من المرة الأولى، ولا من المرة الثانية؟!! وها أنت تحاول إنقاذه للمرة الثالثة؟! عجبًا لك ومنك!” لم يأبه الحكيمُ لتوبيخ الشابُّ؛ وظل يعيد المحاولة مرّةً إثر مرةٍ حتى نجح أخيرًا في إنقاذ العقرب وإخراجه لليابسة. بعد ذلك مشى باتجاه الشابّ الجالس، وربت على كتفه قائلاً: -"يا بني. من طبع العقرب أن يلسع. ومن طبعي كإنسانٍ أن أُحبَّ وأعطف. فلماذا تريدني أن أسمح لطبعه أن يتغلب على طبعي؟!”
الثالثة: يُحكى أن راهبًا اعتاد كلَّ نهار أن يذهب لشراء الجرائد من بائع في الحي. كان البائعُ كلما شاهد الراهبَ لعنه وبصق عليه. فما يكون من الراهب إلا أن يأخذ الجريدة ويدفع ثمنها ويشكر البائع، ويمضي. ذات يوم ذهب الراهب لشراء الجريدة كعادته، يرافقه أحدُ أصدقائه. ولما لعنه البائعُ كالعادة، تمتم الراهبُ بالشكر وانصرف، فذُهل الصديقُ وقال للراهب: -"لقد لعنك!" فأجابه الراهبُ: "نعم، لا عليك، هو يفعل هذا كل يوم، الله يسامحه." فاندهش الصديقُ وقال: -"كل يوم يشتمك ولا تأخذ موقفًا بل تكافئه بالشراء منه مجددًا؟!" فقال الراهبُ: "نعم يا صديقي، لأنني أرفض أن أكون ردّة فعل. أنا أصدر عن نفسي، وهو يصدر عن نفسه."
لا تصالح مع هادمي الوطن. ولا دهشة من لدغة العقرب وسموم الثعبان.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ٧ شمعات … يا -كاريزما-
- -كيميت-... تُحيِّي القانونَ في عيده
- رفعت عيني للسما
- رحلةُ العائلة المقدسة … و-الوعي الشعبي-
- -فيروز-… عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم
- المُلحد … الشيطان!!
- قشرة البندق!
- -عيد الحب- … يبحثُ عن شجرة الزيتون!
- “مهرجان آفاق مسرحية-… شمعة عاشرة
- “ميتا- تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي في حضرة -المتحف المصري-
- صديقتي … الأطفالُ …. والشغف
- السير/ -مجدي يعقوب- … أوكتاڤُ الحياة1
- المولد النبوي .. وطقس عروسة الحلوى
- ٦٢٦٦ عامًا على رُزنامة: -توت-
- -الفأر”...المفترسون في أرحام الأمهات
- كأسُ أمي… وابتسامةُ العالم!!!
- -الملحد-... والمغالطات المنطقية
- -لعبةُ النهاية- … العبثُ المخيف!!
- -سميرة- العسراء … وأغسطس!
- “سُميّة رمضان-… والذين معها


المزيد.....




- الديمقراطية وتعاطي الحركات الإسلامية معها
- فرنسا: الشرطة تداهم معهدا لدراسات الشريعة في إطار تحقيق للاش ...
- نشطاء يهود يقتحمون مبنى البرلمان الكندي مطالبين بمنع إرسال ا ...
- بيان جماعة علماء العراق بشأن موقف أهل السنة ضد التكفيريين
- حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات ...
- استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
- ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل ...
- هل يوجد تنوير إسلامي؟
- كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
- نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الثعبانُ والعقربُ … الراهبُ والمؤمن