|
وتستمر الهزيمة
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8177 - 2024 / 11 / 30 - 09:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1 ) لم تفكر سلطة الخلافة العثمانية التي كانت تحكم العالم العربي1517- 1918 : بمعالجة الأسباب التي أدت إلى هزيمة جيش مصر امام جيوش نابليون عام 1798 ، ولم تفكر بتحديث جيوشها التي تجاوزها زمن الحضارة الصناعية من حيث التسليح والتعبئة ، ولم تكن مدبجة الانكشارية عام 1846 : هي الإصلاح المطلوب . اذ ظلت جيوش العثمانيين غير قادرة على منع الجيوش الاوربية من استعمار ممتلكاتها في جنوب شرق اوربا وفي شمال أفريقيا: ، وسرعان ما حلت الهزيمة بنظام الخلافة العثمانية نفسه وذلك في الحرب العالمية الأولى ، وانتهت اشهر محاولات الرد على نكبة عام 1948 التي قادتها جيوش مصر وسوريا والعراق إلى هزائم اكثر إيلاماً وأشد قسوة من هزيمة عام 1798 : : فمحاولة حركة الضباط الأحرار في مصر 1952 انتهت بنكسة حزيران عام 1967 ، وانتهت محاولة الجيش العراقي عام 1958 إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية ، أشعل آخرها ( انقلاب 1968 ) سلسلة من الحروب الخارجية انتهت باحتلال العراق عام 2003 ، وانتهت حركة الانقلابات العسكرية ( التصحيحية ) في سوريا إلى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ لجيوش ايران وروسيا وأمريكا وتركيا ، والى إمارات لميليشيات إسلامية مسلحة … 2 ) اسس الشيخ أحمد ياسين منظمة حماس عام 1987 برؤية فقهية إسلامية ، فهو فقيه اسلامي سلفي : لا عروبي ولا ليبرالي ولا ماركسي ولا فتحاوي ، مكنته موهبته القيادية من قيادة منظمته الشبابية الصغيرة ببراعة إلى صدارة الكفاح الوطني الفلسطيني المقاوٍم( وهي الفترة نفسها التي برز فيها المناضل الفتحاوي : مروان البرغوثي معيداً إلى فتح حضورها الجماهيري ) . نجح الشيخ الفقيه ببراعة في ان يجعل من قيادة حماس القيادة المركزية للانتفاضة الأولى ، وان يتولى توجيهها بتكتيكات فيها الكثير من الإبداع ، فتكامل بين يديه تنظيم عضوي ، تستمع اليه الناس وتطيعه من غير اكراه ( يماثل دور المثقف العشوي في الرؤية الغرامشية ) . فكانت تلك الأيام : أيام كبرياء وطني بلغت فيها حماس درجة الاندماج بجماهير غزة ، ومثلها بلغت فتح المستوى نفسه من الاندماج بجماهير الضفة والداخل بقيادة المناضل الوطني البارع مروان البرغوثي .وهذا الاندماج او التطابق بين الحركات الفلسطينية المقاوٍمة وبين حاضنتها الفلسطينية : لم تجعل هذه القيادات تفكر باستخدام الّا ما يستخدمه الأهالي من أسلحة في كفاحهم البطولي ضد الاحتلال . ولم تجعلها تفكر بدخول ميدان سباق التسلح : اذ حقق سلاح الحجارة ما لم تستطع تحقيقه كل صواريخ المرحلة اللاحقة وطائراتها المسيرة . كانت الجماهير الفلسطينية تبدع اساليبها النضالية في الميدان ، وكانت تملك حرية واسعة في اختبار الاسلوب النضالي المناسب لإيقاع الاذى في صفوف قوات الشرطة والأمن والجيش الاسرائيلي ، وهذا قبل ان تحتل حماس قطاع غزة وتمنع غيرها من مقاومة الاحتلال الاستيطاني ( الشيء الذي فعله قبلها حزب الله في جنوب لبنان ) ، وفي تلك الأبام حازت حماس.على تأييد عربي وعالمي واسع لإحساس جماهير فلسطين بعدم انفصال حماس عنها ، ولهذا دعمت الجماهير منطلقات الشيخ الفقهية التي شكلت الرؤية المركزية السياسية لحماس : الداعية الى استرجاع كامل التراب الفلسطيني ، والامتناع عن منح الشرعية لدولة اسرائيل: برفض قرار التقسيم 1948 ، والقرارات الصادرة بعد نكسة حزيران 1967 ، واتفاقية أوسلو 1993 … 3 ) برزت حماس منافساً قوياً لمنظمة فتح بعد اعتراف ياسر عرفات بحق دولة اسرائيل في الوجود، ( متخطياً حكم الموروث الفقهي : أقول الفقهي لعدم وجود نص قرآني او حديث نبوي يؤكد ان ارض فلسطين لا يجوز لغير المسلمين حكمها : اذ يرى الموروث الفقهي الأسلامي بان كل ارض ينجح المسلمون في غزوها والاستيلاء عليها تدخل في بيضة الإسلام ، وتصبح ( حَرَماً ) جزءً من ارض الله المقدسة التي لا يجوز لغير المسلمين حكمها = رفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ) في رسالة بعثها إلى رئيس وزراء اسرائيل إسحق رابين قبل توقيع اتفاقية أوسلو 1993 . لكن ياسر عرفات لم بعترف بحق اسرائيل بالوجود لأنه ( عميل ) و ( خائن ) و ( خارج عن ملة الإسلام ) كما بدأت حماس والتيارات القومية والإسلامية تصوره : بل لان رئيس الوزراء الاسرائيلي صار على استعداد لان يبادل ياسر عرفات الاعتراف بحق الفلسطينيين العيش في دولة على ارض محددة من فلسطين ( متخطياً النص الديني التوراتي الذي لا يعترف بوجود شريك لليهود في فلسطين ) ، ويبدو ان كسر ما ألفه الناس من معتقدات لا يمر بسهولة : فقد تم قتل اسحق رابين عام 1995 ، وعلى الجانب الإسلامي : بدأت مشاعر التعاطف السياسي للناس تتهرب من تأييدها القديم لفتح ، وتفك ارتباطها العاطفي برمز الوطنية الكبير ياسر عرفات ، وتقترب حثيثاً من الأصوات التي ترفع شعارات الدفاع عن الموروث الفقهي ( الأصالة ) : وهي تطرح نفسها كحارس أمين لأحكام هذا المورث فبما يخص الارض الإسلامية والأرض الفلسطينية ، ويمكن ايجاز افكارها في : 1 - عدم الاعتراف بجميع قرارات الامم المتحدة التي صدرت في أعوام النكبة 1948 والنكسة 1967 ، والعبور 1973 وحروب اسرائيل مع الأحزاب والمنظمات ( وليس مع دول الطوق العربية ) في 2006 ، و2007 ، 2 - تتمثل فكرتها الأساسية الثانية ( وهي امتداد لفكرتها الأولى الرافضة لجميع القرارات الدولية التي تمنح اسرائيل شرعية الوجود السياسي كدولة ) بتحرير كامل التراب الفلسطيني ، والتمسك بأحكام الدين الإسلامي الخاصة بإدارة الدولة الاسلامية ( الخلافة ) التي سمحت ببقبول عيش اعضاء الديانات الأخرى كأهل ذمة :( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) مقابل حمايتهم … 4 ) ان ما يلفت الانتباه في مسألة الصراع العربي الاسرائيلي : انه جرى ويجري تحت حراسة مشددة من الحرس القديم في كلا الديانتين : فهو صراع ديني : يهودي إسلامي ، حتى لو جرى توقيع معاهدات الصلح من قبل زعامات احزاب الطرفين التي كانت توصف بالعلمانية ( من غير وجه حق ) . . ان الأحداث والتطورات السياسية التي تلت أوسلو تشير الى انها اختبار صعب التطبيق في مجتمعات يستجدي ساستها العطف والتأييد منها ، او يحملونهم بقوة الحديد والنار على طاعتهم : بسبب جبنهم من بناء مجتمعات حديثة ( = مفهوم الحرية + دولة مؤسسات ) وهكذا حين توفي ياسر عرفات برمزيّته الكبيرة وبالمعنويات العالية التي تصنعها خطاباته : صار من السهل على اليمين الاسرائيلي الحاكم ان يتلاعب بسلطة ( أبو العباس ) متآكلة المعنويات والتأثير بحيث تمكنت حماس من طردها بسهولة من غزة : دون ان تحتج جماهير غزة على سلطة ياسر عرفات الذي خان القضية ) لقد أصبحت معاهدة أوسلو 1993 الحد الفاصل بين مرحلتين : مرحلة سادتها فتح التي تجاوزت على احكام الدين الإسلامي ( في نظر العدد الأكبر من الفلسطينيين ) بتوقيع معاهدة 1993 التي لم تتقيد بالنص الكتابي او بتفسيره وتأويله الفقهي ، ومرحلة تفجر الخوف الجاثم في اعماق اللاشعور الجمعي لدى جماهير المسلمين من : تجاور الموروث الديني في توقيع معاهدة أوسلو ورفضهم القاطع التفريط بالأحكام التي ورثوها في الموقف من الارض التي يتم غزوها والاستيلاء عليها : فالعدالة عند الطرفين مرتبطة بنجاح الغزو وتأسيس الدولة ، لتصبح ما ان يستولي عليها فرسان احد الديانتين : ارض الله المقدسة … 5 ) لا تفكر جماهير الديانات السماوية الشرق اوسطية بنعمة السلام التي جلبها اعتراف ياسر عرفات: بشرعية وجود اسرائيل بل فكرت وتفكر بالعار الأخروي الذي بجلبه لها هذا النوع من السلام الذي يتم مع مَن مسخهم الله : قردة وخنازير . تحب جماهير فلسطين العيش بسلام على ارض فلسطين لكن ليس مع اليهود : وفي هذا يكمن سر انتشار شعبية حماس ، التي ركزت في دعايتها على انها تأسست بدافع من ضرورة الحفاظ على شرع الله الذي فرطت به منظمة فتح بقيادة ياسر عرفات : وتولى السير على الخط نفسه : الرئيس محمود عباس . فحماس في دعايتها لنفسها تشير : إلى أنها التنظيم السياسي الوحيد الذي يدافع عن حقوق الفلسطينيين المطابقة تماماً لأحكام الإسلام وشريعة الله . التي فرطت بها فتخ . : ممهدة بهذه الدعاية قبول الانقلاب على فتح وطردها من غزة وتفردها بحكم غزة …. يتبع …
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض مفاهيم المقاومة الإسلامية
-
المقاومة والمقاومة الإسلامية
-
أنا إنسان
-
أنا حزين
-
ضاحية بيروت
-
ترجم الموروث الديني والأدبي
-
الفردانية وولاية الامة على نفسها
-
إعصار فرنسيس
-
الكتابة إلى الذات - الجزء الثالث -ابتكارالكتابة
-
رسائل إلى الذات - الثالث - ابتكار الكتابة
-
الكتابة إلى الذات : الابتكار / الجزء الثاني
-
الكتابة إلى الذات
-
الرد الايراني
-
ايران في وردة
-
ايران واسرائيل
-
هو : محاولة في التذكر
-
هو : محاولة في تذكره
-
قتل إسماعيل هنية شيء مخيف
-
تآكل هيبة الإسلاميين - الأدب الرمزي الفلسطيني
-
تآكل هيبة الإسلاميين ، الجزء السابع ، حماس والوعي الحضاري
المزيد.....
-
ابسطي أولادك ونزلي لهم تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 بخطو
...
-
ما ما جابت نونو صغير.. تردد قناة طيور الجنة على النايل سات و
...
-
نقيب الأشراف: اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى عمل إجرامي
...
-
عصا السنوار وجد روح الروح وفوانيس غزة .. «الشروق» تستعرض أبر
...
-
العالم يحتفل بعيد الميلاد ليلة الـ24 من ديسمبر.. هل تعلم أن
...
-
“صار عندنا بيبي جميل” بخطوة بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ا
...
-
عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
-
صار عنا بيبي.. أحدث تردد لقناة طيور الجنة على النايل سات وعر
...
-
“ماما جابت بيبي حلو صغير“ تردد قناة طيور الجنة على النايل سا
...
-
مسيحيو حلب يحتفلون بعيد الميلاد الأول بعد سقوط نظام الأسد وس
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|