أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى جمال علي - التطرف الديني: عندما تصبح الأساطير تهديداً للحريات














المزيد.....

التطرف الديني: عندما تصبح الأساطير تهديداً للحريات


مصطفى جمال علي

الحوار المتمدن-العدد: 8176 - 2024 / 11 / 29 - 02:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من يقرأ النصوص الإسلامية بتجرد قد يلاحظ وجود نزعة تنظيمية صارمة أشبه بالتراتبية العسكرية، إذ تقوم على مبدأ الولاء والطاعة لولي الأمر، مع تركيز على مواجهة الآخر. تُظهر هذه النصوص، وفقًا لنقاد كثر مثل سلمان رشدي وكريستوفر هيتشنز، نظامًا يتجاوز كونه دينًا روحانيًا ليصبح مشروعًا سياسيًا وعسكريًا مهيمنًا.

القرآن مليء بآيات تحث على القتال وتربط الإيمان بالمواجهة المسلحة. على سبيل المثال: “فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم” (التوبة: 5) و**“قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة”** (التوبة: 123). مثل هذه الآيات، وإن فسّرها البعض بأنها سياقية ومحدودة بزمن النبي محمد، إلا أنها تُستخدم من قبل مجموعات متشددة لتبرير العنف والعداء ضد غير المسلمين حتى في الأزمنة الحديثة. سلمان رشدي، في روايته المثيرة للجدل آيات شيطانية، وصف هذا الخطاب بأنه يشبه “نظام الهيمنة”، حيث يتم تطويع النصوص لخدمة توسع ديني وسياسي لا يعترف بالآخر إلا إذا خضع أو قُهر.

الطاعة المطلقة لولي الأمر تُعد ركنًا أساسيًا في الفكر الإسلامي. الأحاديث التي تُلزم المسلمين بمبايعة أمير، حتى في ظروف السفر، تعكس رؤية صارمة لإدارة المجتمع. الحديث: “من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” يضع الولاء للنظام فوق الحرية الفردية. كريستوفر هيتشنز وصف هذا المنهج بأنه “أشبه بدستور عصابة”، حيث يتطلب انصياعًا كاملًا دون مجال للنقد أو المعارضة.

حتى على المستوى الشخصي، تُعزز النصوص الإسلامية مفاهيم الولاء والبراء، حيث يتم التبرؤ من الأقارب إن خالفوا العقيدة. قصة إبراهيم واستعداده لذبح ابنه إسماعيل بأمر إلهي تُبرز هذا المبدأ بوضوح. وبالمثل، نوح الذي رفض الشفاعة لابنه الكافر. هذه الروايات تُفسَّر من قبل المؤمنين على أنها تعبير عن الطاعة المطلقة لله، لكنها تُثير تساؤلات أخلاقية حول قيمة العلاقات الإنسانية في ظل هذه الطاعة.

على الجانب العملي، نجد أن الإسلام لا يتردد في تقديم “الآخر” كعدو. في معركة بدر، يُروى أن مصعب بن عمير نصح الأنصاري الذي أسر أخاه أبي عزيز قائلاً: “شدّ وثاقه فإن أمه ذات متاع”، في إشارة إلى إمكانية الحصول على فدية سخية. عندما اعترض أبو عزيز على هذا الموقف، كان رد مصعب باردًا: “إن هذا الأنصاري هو أخي دونك.” هذا المشهد، الذي يُقدّم في كتب التراث كدليل على التضحية في سبيل الدين، يراه النقاد تجسيدًا لنزعة ترى العلاقات الإنسانية خاضعة للمصالح الدينية والمادية.

هذه النزعة العملية تمتد حتى إلى تعامل الإسلام مع الفنون والترفيه. منذ بداياته، أظهر الإسلام عداءً واضحًا للموسيقى، الرسم، والنحت، باعتبارها تشتيتًا عن العبادة أو وسيلة للتشبه بالكفار. سلمان رشدي وصف هذا التوجه بأنه محاولة لتجريد الإنسان من الجمال والإبداع، وتحويله إلى آلة طاعة وخضوع. أما الرياضات المفضلة في الإسلام، مثل السباحة، الرماية، وركوب الخيل، فهي تُخدم فكرة الإعداد العسكري، وكأن الإسلام يضع الحرب نصب عينيه في كل تفاصيله.

حتى وسائل التسلية الأخرى، مثل الشطرنج، لم تسلم من الحظر. بعض التيارات الإسلامية الحديثة ذهبت إلى تحريم الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال، بحجة أنها تتضمن تصاوير تُنافي العقيدة. هذا العداء للفنون يُعيد للأذهان وصف رشدي للإسلام بأنه “دين الظلامية”، حيث يُفضل النظام والانضباط على الانفتاح والجمال.

النصوص الإسلامية لا تكتفي بالتعامل مع القتال كظرف طارئ بل تُقدمه كحالة دائمة. صحيح مسلم يخصص بابًا بعنوان “الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله”، معتمدًا على الحديث: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله…”. هذا النص يُفسر لدى النقاد على أنه يلغي مفهوم التعايش، ويُبقي خيارين أمام الآخر: الإسلام أو المواجهة.

الإسلام يُقدم نفسه كدين يجمع بين الروحانية والسياسة، لكن هذا الجمع، وفقًا لنقاد الأديان، يُنتج نظامًا يسعى للسيطرة المطلقة على حياة الأفراد والمجتمعات. كريستوفر هيتشنز يرى أن هذا النظام يتطلب مواجهة فكرية قوية، تُحرر العقل من أسر النصوص الجامدة، وتُعيد بناء القيم الإنسانية على أساس من الحرية والتعددية.



#مصطفى_جمال_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “لحم الخنزير المحرّم: طقوس غامضة وأساطير وصراعات سرية تُعيد ...
- رحلة البسطامي: من ظاهر الحج إلى أعماق العرفان
- “الكائنات الفضائية، الأطباق الطائرة، والمحاكاة: هل نعيش في و ...
- -لعنة الطفل: أنياب في قلب الظلام-
- كيف تعرقل الدول الإسلامية حقوق المثليين في العصر الحديث
- زواج القاصرات في القانون العراقي: خرق لحقوق المرأة بتشجيع من ...
- -العنصرية: الحصن الأخير لحماية الهوية الغربية من تهديد الثقا ...
- اللغة: بين بناء الهوية وتفكيك الإنسانية - رحلة في أعماق التأ ...
- الانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم في العراق: تطورات الاضطهاد ا ...


المزيد.....




- -تزعج اليهود-.. بن غفير يأمر بمصادرة مكبرات الصوت الخاصة بال ...
- رئيس القائمة العربية بالكنيست والنائب العطاونة يستنكران دعوة ...
- أبسطي طفلك..تردد قناة طيور الجنة بيبي 2024 لمتابعة أحلى الأغ ...
- بعد إعطابها -الغولاني الإسرائيلي..المقاومة تواجه -الجولاني ا ...
- جولة ماكرون الأخيرة لكاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها في ...
- باكستان: ارتفاع حصيلة أعمال العنف الطائفية بين السنة والشيعة ...
- هل يعود المسلمون بعد انقطاع؟
- حدث الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 toyor al janah T ...
- نزلها لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة كيدز الجديد 2024 على ال ...
- الجهاد الاسلامي تبارك عملية أرئيل..تؤكد أن شعبنا مستمر بنهج ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى جمال علي - التطرف الديني: عندما تصبح الأساطير تهديداً للحريات