خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 11:37
المحور:
الادب والفن
أريد أن أكتشفَ الحقيقةَ في نبضِ المجرَّات،
في همسِ الليل حين تهمسُ للغيماتِ فوقَ
السحاب،
أريد أن أشربَ كلَّ القصائدِ كأسًا كأسًا،
أن أغوصَ في بحرِ الحروفِ،
أن أُلقي ذاتي في عتمةِ الكتبِ،
وأُشعلَ شموعَ الأسئلةِ حتى تتوهجَ الإجاباتُ في
صدري.
أريد أن أعيشَ كي أموتَ،
وأموتَ كي أزنَ بين الفناءِ والبقاء،
كي أرى الروحَ وهي تُغادرُ الجسدَ،
وترسمُ على ملامحِ الكونِ خارطةَ الصمتِ والسكينة.
أريد أن أُلامسَ الثلجَ بأطرافِ يدي،
كي أتعلَّم لغةَ البردِ،
وأقرأُ في بلورتهِ الشفَّافةِ قصيدةَ الغيمِ،
حكايةَ الريحِ، وأنينَ الزمن.
أريد أن أنصهرَ مع الضوءِ في رحلةٍ أبديةٍ،
أن أُشكِّلَ من نفسي شظايا كواكب،
تتناثرُ في مجرَّاتِ الغيبِ،
وتروي قصَّتي لمن لم يولدوا بعد.
أريد أن أُغرقَ نفسي في صمتِ البحرِ العتيق،
أن أسمعَ نبضَ الأمواجِ وهي تسردُ سِرَّ الحياة،
أن أُلامسَ أصدافَ الذكرياتِ المخبَّأةِ في القاع،
وأرسمَ وجهي على مرآةِ الماءِ،
ثم أتركُهُ ليذوبَ في ملوحةِ الأبد.
أريد أن أزرعَ قلبي في تربةِ النجوم،
أن أتركهُ ينبتُ زهورًا من ضوءٍ لا يخبو،
أن أُحادثَ المجرَّاتِ عن سرِّ الميلادِ والعدم،
وأُرسلَ أنفاسي كرسائلَ خفيَّةٍ
إلى البعيدِ الذي لن أصلَهُ يومًا.
أريد أن أكونَ سطرًا في كتابٍ لم يُكتب،
حرفًا يخطُّهُ العدمُ على جبينِ الأبدية،
أن أعيشَ في الفاصلِ بين الحياةِ والموت،
حيثُ الصمتُ يُصغي، والوجودُ يكتبُ ذاتهُ
بالنسيان.
أريد أن أُعلِّم الريحَ كيفَ تحملُ أسراري،
أن تُخبئها في تجاويفِ الجبال،
وفي جذوعِ الأشجارِ التي تُناجي القمرَ في عزلتِها،
أريد أن أتركَ أثري في الرملِ الذي يمحوهُ الزمن،
وفي الظلالِ التي تذوبُ تحتَ ضوءِ النهار.
أريد أن أُحادثَ الشروقَ عن خجلِ الضوءِ الأول،
وأن أسألَ الغروبَ عن حكمةِ الغياب،
أن أجمعَ من ظلالِ المساءِ عباءةً أُغطي بها
هذا العالم العاري من المعجزات.
فأنا لستُ سوى عابرٍ في قصيدةٍ كونية،
حرفٌ صغيرٌ في مجلَّدِ السماء،
يحلمُ بأن يُصبحَ سِرًّا،
أو أن يُبعثَر في لحنٍ لا ينتهي.
يا أيها الكونُ العظيم،
أنا جزءٌ منك، أُحاولُ أن أفهمكَ دون أن أفقدَ نفسي،
فهل أجدُ الحقيقةَ حين أضيعُ فيها؟
وهل ألتقي الحياةَ حين أتركُ الموتَ يأخذني بعيدًا؟
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟