أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السيد السّكي - سيكولوجيا الإلحاد















المزيد.....

سيكولوجيا الإلحاد


محمد السيد السّكي
كاتب وروائي مصري واستشاري تحاليل طبية

(Mohamed Elsayed)


الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 11:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ينفر عقله من تقبل فكرة وجود عوالم ماوراء الطبيعة التي يعجز ادراكه لمحدودية حواسه من ادراكها..
يتباهى بأنه صاحب منطق لا يؤمن الا بالتجربة وما تراه حواسه وتشاهده عينه عبر أجهزة القياس..
يقول نحن تكونا عبر ملايين السنين نتيجة غبار النجوم الذي تكثف وتركز مكونا الذرات فالجزئيات فاول حمض اميني ثم البروتين ثم الخلية ثم الانسان الذي تطور عبر ملايين السنين عبر سلسلة من المخلوقات..
منطقه حبيس المادية يجعله لا يؤمن بكل مظاهر العوالم الخفية عن الحواس..
فكرة الإله الخالق عنده مرفوضة لانه لا يراه ولا يسمعه ويتصور انه مجرد فكرة نسجها عقل الإنسان ..
هو يريد التحرر من قيود فكرة الألوهية لان الإله في نظره عقبة يجد من خلالها القيود و الضوابط..
هو ليس منطق ينأى بعيدا عن أي فكرة تفترض وجود عالم خفي خارج عن منظومة الزمكان فحسب وإنما هي نفس متمردة تريد التلذذ بكل ماتشتهيه..
واذ أن الحرية المنضبطة تقتضي منك وجوب احترام حرية غيرك فان هؤلاء الملاحدة يريدون ان تنضم لركبهم لكي لا تتشدق بحقك في اعتقاد ماتشاء و لا تنادي بحريتك..
مزاج نفسي منحرف يقود عقل ضيق لا يرى الا ما هو امامه ولا يفترض ولو افتراضا جدليا بإمكانية وجود ما لا نراه ولا نقيس حركته و لا نحدد تموضعه..
عقله مكبّل بما تدفعه اليه شهواته التي تريد ان لا تمشي وفق ضوابط مجتمعية و الحل عنده هو مشاركة جميع الناس لفكره واللهث لاشباع الشهوات مثله فتصبح المجتمع له عقد مشترك لا يقيد حصوله على شهواته..
ولو افترضنا جدلا ان ذلك تحقق وصرنا في مجتمع يشرب أصحابه الخمر في الشوارع فيسكرون ويبولون على بعضهم البعض بل ويمارسون الشذوذ باعتباره حق إنساني كما يتصورون..
لن أحدثك عن نجاسة ما نراه من مشهد قبيح ولكن أين حق الانسان في الفكر الاخر و حريته في اي ان يلتزم بضوابط حتى وإن سلمنا جدلا انها من اختراعه باعتبار ان هؤلاء يروجون لفكرة صناعة الإله الذهنية وما استتبعها من فكرة وجود الاديان..
هو صنع ضوابط تجعله أكثر تحررا وثورة على ملذات نفسه.. هو تصور وجود اله لن يخسر ابدا في "صناعة فكرته" لانه سيحرره ويجعل لحياته العبثية معنى.. هو صنع فكرة تجعله خالدا لا يشقيه فراق حبيب او يحزنه عجز او مرض وجد جيناته الوراثية سببا له.. هو تصور شيئا سيحنو عليه و يجعل له حياة أخرى تجبر كسره الذي تسبب فيه نتيجة أخطائه.. هو صنع الفرصة الثانية والحياة الأخرى.. اليس من حقه ان يهفو للعيش..
ماذنب ذلك القلب الرقيق الذي ينجذب للجمال و يتحرك ويتمايل امام نداء الحب و ذبذبة لحن جميل يحرك نفسه ويجعلها تجوب معه عوالم الخيال..
احرام عليه انه يشعر ويكون صاحب قلب رقيق وخيال يداعب الوجود؟! .. اليس من حقه ان يشعر بالدفء والحنين لطاقة غير مادية تجعله يلهث وراءها وهي منبع نفسه..

يشكّل المؤمنون معضلة نفسية للمنكرين بوجود الله لأنهم يمثلون حجر عثرة يقيّد حريتهم العبثية المادية القبيحة..
يروجون بانهم حملة لواء الحرية والإنسانية وهذا وهم ..
انا المؤمن لن اجبرك ان تتخلى عن أفكارك ولكن اسمح لي بأن اعتقد ما اشاء..
ارتقِ بنفسك وتمرد على ملذاتك وكن راقيا ولا تقلل من شأن انسان يؤمن بأن له نفس لن تستطيع مهما بلغت من العلم تفسيرها و معرفة أسرارها..
فسر لي لماذا الحزن والفرح والسعادة والضيق بعيدا عن ادبيات دينية تقول لنا انها من عند الخالق العظيم..
اليس من حقي ان استجيب لذلك الصوت الذي تميل اليه أذن نفسي و تخر راكعة لحمده؟ ..
انا اراه في كل شئ واسمعه في كل صوت و اراه في زهرة جميلة تتفتح وحركة جرم سماوي يؤثر عليك فيحزنك.. اراه في تجبر ظالم وانين مظلوم.. اراه في الكون الناقص وفي جسدك العليل وفي فلسفة الموت والحياة والهدم والبناء التي لا يستطيع أن تتمرد عليها عمليات جسدك الكيموحيوية.. اراه في شغفك لكي تبقى.. اراه في اللهث في طلب الحياة لا الموت..
رحم الله الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر حينما قال :
"من لم تهزه الأشعار على أنغام الأوتار تحت ظلال الأشجار فوق ضفاف الأنهار فهو جلف حمار"..
ما ذنبي ان نفسك لا تتحرك لجميل البيان او لعذب الأنغام و الجمال المجردين من تحريك شهواتك..
انت تميل للجمال الذي يحرك شهواتك والنغم الذي يجعلك تتمايل وتهتز لا ان تتذوق انفاس بديع الله في كل دقائق كونك المتذبذب..
نحن نحب كل جميل لان منبعه الله الجميل..
اليس من حقي ان احب وان اطيع محبوبي الذي خلقني وصورني في أحسن صورة.. اليس من حقي ان انفذ دستوره وعقده الاجتماعي المستنير الذي جعله في صالحي انا والمجتمع دون تفرقة..
اراك تقول : انا اعطف على الحيوان و ارحمه.. وأراني اقول : انت تعطف على الحيوان لانه لا يشكّل منافسة لك مثلما يفعل أخيك الانسان والذي ترفض ان تساعده في توفير لقمة عيش وتضن عليه بلحظة أمن وسلام دونما ان تسلب منه راحته و موارده و ثروات ارضه التي هي من خلق الله..
المحرك الجوهري لك دائما هو مدى الاستفادة المادية وتحقيق اللذة الحسية بعيدا عن عالم ماوراء المادة..
لم يكن الشيطان عاصيا لتحقيق ملذة وإنما كان حاقدا غيورا لسلب المكرمة منه بتفضيلك عليه..
ستقول ان الشيطان من تصورنا وانني لا اكذب او اتجبر و ان هذا التصور لم يؤثر علي..
فلتعش حياتك كما تشاء و لتجعل الذين يؤمنون بأنه يوجد خالق لذلك الوجود أيضا يعيشون ويؤمنون بأنه ربهم ارسل الانبياء والمرسلين لتذكير البشر به..
ان اعيش لحظة واحدة وانا متوهم وجود الإله كما تعتقدون خير لي من الف عام بدون ذلك..
ما الذي اخسره بوهمي هذا - كما تعتقدون..
إن وجدت الإله حقا كما تصورته فانا فائز وان لم اجده لم اخسر شئ اللهم إلا انتصاري على ملذاتي و ارتقاء جانبي غير محسوس والتزامي بضوابط جلها احترام الانسان و الاعلاء من قيمته واتمام مكارم الأخلاق..
لن اقول لك اني املك من الأدلة ما يجعلني استشعر الإله في موجات الجاذبية وفي حديث الجسيمات دون ذرية وفي فلسفة التفاعلات الكيميائية بداخل جسدك.. لن اجادلك ولكن فلتجعلني اعتقد ما اشاء..

يتباهى ريتشارد دوكينز بأنه عرّاب الالحاد الاكبر وبانه لا يتزعزع معتقده امام كتاب الكون الناطق بمجد الله وكينونته في كل همسة من الذرة الى البروتين الي المجرة..
فالملحدون الذين لم يستطيعوا تجاوز بديع الصنعة الالهية وأعلنوا وجود الله يصفهم دوكينز بانهم ملحدون ربوبيون إذ انهم آمنوا بالله دون الإيمان بكتبه ورسله بل وانه يطلق على ألحادهم "الحاد الجبناء"..
انه هروب من الامتثال للنواهي التي تكبح الغرق في ظلمات الشهوات و استدلال بديهي ومنطقي لله الخالق من خلال النظر للكون و بديع صنعته..

التجربة الحياتية تكشف لنا ان القدرات العقلية ليست بالضرورة كفيلة لكي يتمتع الانسان بقدر من المدد الروحي الذي يجعل المرء في حالة سمو و رقي وهدى وصلة برب الموجودات الحق القدير..
فلسفة بيولوجيا بول ديفز الذي تتدفق عبر مخطوطاته صفحات إيمانية تحكي عن المصمم الخالق البديع تجدها على النقيض من فلسفة بيولوجيا ريتشارد دوكينز المروجة للالحاد..
فلسفة فيزياء ستيفن هوكنج شتان بينها وبين تأملات روجر بنروز..

فليس كل عبقري بالضرورة أن يؤيد بالروح التي تجعله يحظى بمستقبلات لعوالم ماوراء الطبيعة فلا ينفصل عنها و يعيش منغمسا بالكلية في عوالم المادة وقوانينها المحدودة.
وسيبقى المؤمنون ويبقى المنكرون وعبر التوتر السطحي لموائع التجربة الحياتية تتجلى صفات الله القدوس و تشرق لنا شمس عدم التدخل الالهي الذي يجعل اهل مستقبلات الروح فقط هم الذين يرتعون في نور اشراقة الإيمان به..
بقلم دكتور محمد السيد السّكي استشاري التحاليل الطبية والكاتب والاديب المصري



#محمد_السيد_السّكي (هاشتاغ)       Mohamed_Elsayed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنة النصوص المقدسة
- النفس الخضراء!!
- التنوير مابين الحقيقة والضلال
- تسعة أعمال لي تشارك في معرض القاهرة للكتاب ٢٠ ...
- روايتي سي كا فرعون الخروج.. سفر خروج خيالي؟!
- ظل السياسي !
- وحدة الوجود عند أهل التصوف
- العلمانية بنكهة مصرية !
- ما ظنكم برب العالمين؟!
- الخروج من زنزانة التصميم الذكي
- مشكلتي والتطور التحولي
- العرش ومنتهى التدبير !
- معالم النهضة المجتمعية
- انيميا المصريين الخبيثة! : ديموقراطية النخبة والجموع
- ذبابة مايو والحيوان وفلسفة الموت!
- أين اهل الاتزان و مذهبهم؟ .. مقاربة حالمة!
- دليلة واستير... جواسيس في أسفار العهد القديم!
- مقاربات العلم... الانسان والوعي !
- ميلاد مملكة جوجل !!
- أجنحة المنطق المتكسرة


المزيد.....




- لوحة لكلب قد تُحقّق أكثر من مليوني دولار في مزاد علني
- ملابس ملطخة بالميثامفيتامين داخل أمتعة سفر.. والقبض على صاحب ...
- هجوم -ردع العدوان-.. أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على م ...
- ما هي قصة نهر الليطاني الأطول والأكبر في لبنان؟
- نزوح بلا نهاية.. مئات الفلسطينيين يهربون من شمال غزة في ظل ...
- بعد يوم واحد من وقف إطلاق النار.. سكان النبطية يعودون إلى دي ...
- سوريا ـ قصف قوات معارضة شنت -هجوما كبيرا- في شمال غرب البلاد ...
- مقتل قائد للمستشارين الإيرانيين في حلب السورية
- لافروف يؤكد أن ممثلي الناتو لم -يشموا بعد رائحة البارود- كما ...
- قادة دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي يوقعون على 14 وثيقة


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد السيد السّكي - سيكولوجيا الإلحاد