أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رفعت عيني للسما














المزيد.....

رفعت عيني للسما


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 00:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وأخيرًا شاهدتُ فيلم "رفعت عيني للسماء"، أو Brink of Dreams "حافة الأحلام" وفق العنوان الأجنبي الذي اختاره صّناع الفيلم للمشاركة في المسابقات العالمية. كنتُ قد قرأت أخبارًا عن الفيلم بعد فوزه بجائزة "العين الذهبية" في مهرجان "كان" العالمي هذا العام قبل شهور قليلة، وودتُ مشاهدته. وها هو الآن يُعرض أمامنا، في إحدى أمسيات مهرجان الجونة، بل والتقينا بطلاته الجميلات، فتيات صعيد مصر، مع المخرجين اللذين صنعا الفيلم: "ندى رياض"، "أيمن الأمير".
الفيلم الوثائقي، الذي صُوِّر في ٤٠٠ ساعة على مدار السنوات الأربع الماضية، ليخرج لنا بعد عمليات المونتاج بهذا المنتج الجميل، بطلاته ٦ فتيات من قرية "البرشا" في محافظة المنيا، قررن أن يحكين أحلامهن ويبُحن بأوجعاهن من خلال "المسرح الجوال"، وكأنه “تروبادور” الأسباني. صنعن من بقايا الأخشاب المهملة خشبة مسرح في أحد الأماكن المهجورة، ورحن يخططن عليها فكرة العرض القادم ويعملن البروفات، وما أن تكتمل الفكرة ويستقيم الأداء ويحسُن التدرب على الأغنيات، طُفن في حارات القرية وشوارعها يغنين ويقدمن العروض الهادفة، ومن بينها ما يعانين من عديد المشكلات المجتمعية التي تستهدفُ الفتاة في المجتمع المصري، خصوصًا في صعيد مصر، مثل زواج القاصرات، وتنمّر الذكور على الإناث، وإدانة الفتاة في حالات التحرش وتبرئة المتحرش نفسه، فكأنما تدين القتيل وتغضُّ الطرف عن القاتل!! وغيرها من الأدران المجتمعية التي تطفو على السطح إذا كان المجتمع بعين عوراء، إما لا يرى الحقيقة كاملة، أو يراها مشوهة ممسوخة، فيسيء الحكم.
يبدأ الفيلم بمشهد ساحر، مُصوّر بعين طائر Bird s-eye View تركض فيه الفتياتُ في الحقول مثل فراشات تسير على أقدامها؛ بينما يحقُّ لها الطيران والتحليق. والحقُّ أن كل كادر في هذا الفيلم الجميل، هو "تابلوه" مرسومٌ بيد الواقعية والطبيعية والفطرة. إذا أوقفت الفيلم في أية لحظة من دقائقه المائة، سوف تشاهد "لوحة تشكيلية" من فرط عفويته وبساطته وواقعيته…. الطوب الأحمر… الحوائط المصدوعة… التزهير في حوائط المطابخ والحمامات، حتى الذبابة التي تقف على الوجوه في اطمئنان… كل شيء على طبيعته دون تزويق ولا تنميق. الفتيات الست بطلات العمل، يظهرن بكامل جمالهن الجنوبي الطبيعي دون ماكياج ولا افتعال. الحوارات عفوية لم تخضع لورق سيناريو ولا "استوب" مخرج، ولا "كلاكيت" إعادة. نشاهد أبطال العمل ونسمع أحاديثهم تمامًا كما وقعت الأحداث. وكأننا فتحنا كوّة في أسقف البيوت ورحنا نتلصص عليهم عبرها. اللهجة الجنوبية الجميلة تخرج من أفواه البنات بكرًا كما يقول الكتاب، دون تزويق ولا تعديل.
المفاجأة الجميلة الثانية هي مشاركة الفنانة الفطرية "دميانة نصار" بطلة فيلم "ريش" في هذا العمل، وهي والدة إحدى الفتيات الست، وسبق وكتبتُ عنها مقالا هنا بجريدة "المصري اليوم" بتاريخ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ بعنوان "ريش دميانة … مجد المرأة المعيلة”، حين حصد الفيلمُ ثلاثًا من جوائز النقاد للأفلام العربية في الدورة ٧٥ من مهرجان "كان" السينمائي كذلك. ويبدو أن فناني هذه القرية فهموا ال Know-How في سر صناعة الأفلام العالمية حاصدة الجوائز. إنها البساطة والتلقائية والفطرة والواقعية القحة دون تجميل، ولا افتعال ولا تنميق. الإنسان على إعدادات "ضبط المصنع"، بفطرته الأولى. هكذا تنتقل تلك الأفلام من منتهى البساطة إلى منتهى العالمية.
وهذا بالطبع ليس معناه انتقاصًا من "فن صناعة السينما"، هذا الفن العظيم، الفن السابع، الذي جميع في جعبته، الفنون الستة الأولى، كما قسّمها الإغريق: “المسرح، الشعر، الموسيقى- العمارة، التشكيل، النحت"، لكن المقصود هنا هو أن ذلك الفن التلقائي الذي صنعه أبناء المنيا ووصل إلى العالمية عبر مهرجان "كان" السينمائي، هو أحد "ألوان الفن الفطري". لكن صناعة السينما كما نعرفها، بكل صعوبتها وعسرها والجهد المبذول فيها، فضلا عن مواهب الفنانين التي لولاها ما كان هذا الفن العظيم، فمن أجله نحن الآن هنا في مهرجان الجونة السينمائي، الذي ننتظره من العام للعام حتى نطلع على كل جديد في عالم السينما، ذلك العالم الغني بالمواهب والجمال ورسم صورة أجمل للحياة.
شكرًا لجميع القائمين على مهرجان الجونة الذي، ولد بدرًا، ولكنه يزداد جمالا واكتمالا عامًا بعد عام، بفضل إدراته المثقفة والشباب الواعد الذين يصلون الليل بالنهار حتى يخرج المهرجان على هذه الصورة المشرّفة لاسم مصر العريق، فيكون واحدًا من أهم وأرقى وأشهر مهرجانات العالم الفنية الدولية التي تنطلق من هذه البقعة المصرية الجميلة، أو لنقل، هذه "المعجزة الفريدة" التي لا مثيل لهذا في كامل المجتمع المصري: "مدينة الجونة”. وشكرًا للفن الجميل.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلةُ العائلة المقدسة … و-الوعي الشعبي-
- -فيروز-… عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم
- المُلحد … الشيطان!!
- قشرة البندق!
- -عيد الحب- … يبحثُ عن شجرة الزيتون!
- “مهرجان آفاق مسرحية-… شمعة عاشرة
- “ميتا- تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي في حضرة -المتحف المصري-
- صديقتي … الأطفالُ …. والشغف
- السير/ -مجدي يعقوب- … أوكتاڤُ الحياة1
- المولد النبوي .. وطقس عروسة الحلوى
- ٦٢٦٦ عامًا على رُزنامة: -توت-
- -الفأر”...المفترسون في أرحام الأمهات
- كأسُ أمي… وابتسامةُ العالم!!!
- -الملحد-... والمغالطات المنطقية
- -لعبةُ النهاية- … العبثُ المخيف!!
- -سميرة- العسراء … وأغسطس!
- “سُميّة رمضان-… والذين معها
- أقدمُ لكم ... أبي
- “العيال فهمت- … إشراقةُ المسرح الكوميدي
- حاجة تخوّف… المعذّبون أمام المرآة!


المزيد.....




- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رفعت عيني للسما