|
مهدي عامل -مفهوم الدولة - الجزء الثالث
هيفاء أحمد الجندي
الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 20:40
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إن لعبة التضليل في ايديولوجية البورجوازية اللبنانية الكولونيالية ، وفي مفهوم دولتها البورجوازية الطائفية تلعب على صعيدين مترابطين الاول : هو الذي تحاول فيه هذه الايديولوجية إخفاء الطابع الطبقي الخاص بدولتها ، واظهارها بمظهر الدولة المحايدة دولة الشعب كله التي تستوي فوق الطبقات ، ولا جديد في هذه اللعبة فهي الملازمة للمفهوم البورجوازي للدولة بعامة ، أما الصعيد الثاني وهو الأهم فهو الذي تحاول فيه الايديولوجية هذه طمس العلاقة في هذه الدولة ، بين موقع الهيمنة الطبقية وموقع الهيمنة الطائفية هذا من جهة ومن جهة أخرى ، اظهار علاقة الهيمنة الطائفية فيها مظهر علاقة المساواة الطائفية أو التعايش الطائفي أو الشراكة الطائفية إلى غير ذلك من الظاهر التي تصب كلها في هدف واحد ، هو نفي وجود هيمنة طائفية في هذه الدولة الطائفية ... العلاقة الطائفية في هذه الدولة لا يمكن أن توجد إلا كعلاقة هيمنة بين أطرافها ملازم بالضرورة لوجودها، معنى هذا أن من طبيعة العلاقة التي تحدد الشكل الضروري لوجود الدولة البورجوازية ، أن تولد بين أطرافها على صعيد السلطة ومن داخلها صراعا حول السلطة بالذات ، من أجل الوصول الى موقع الهيمنة الطائفية في الدولة هنا أيضا يصح على علاقة الهيمنة الطبقية، بمعنى أن وجود الهيمنة الطائفية فيها أساسي بالذات كدولة طائفية ، كما أن وجودها الطائفي ضروري لوجودها كدولة بورجوازية تؤمن ديمومة النظام السياسي للسيطرة الطائفية ،على سائر الطبقات الكادحة التي بخضوعها لنظام هذه السيطرة الطائفية يتأمن باستمرار تجدد تكونها كطوائف ، وتأخذ السيطرة الطبقية لهذه الطبقة المسيطرة شكل السيطرة الطائفية، ليس بمعنى أنها سيطرة طائفة معينة على سائر الطوائف بمعنى سيطرة ممثلي الطوائف كلها ، من حيث هم ممثلو هذه البورجوازية بالذات على طوائفهم أي على الطبقات الكادحة التي هي في علاقة تمثيلها الطائفي طوائف في هذا الشكل من السيطرة الطائفية ، تتمثل الطوائف كلها في السلطة بحيث تظهر السلطة هذه كأنها سلطة الطوائف بينما هي في شكلها الطائفي هذا نفسه سلطة البورجوازية ، التي تحدد فيها العلاقة بين ممثلي الطوائف من البورجوازية المسيطرة كعلاقة توازن طائفي، فالدولة البورجوازية هي التي في تحددها الطائفي تؤمن إذن تجدد علاقة السيطرة الطبقية في هذا الشكل فيها، كعلاقة توازن طائفي والتوازن الطائفي هو أساسي لديمومة تجدد علاقة السيطرة الطبقية البورجوازية ، الهيمنة الطائفية ليست في هذه الدولة البورجوازية هيمنة الطائفة ، بقدر ما هي هيمنة ممثليها من البورجوازية في إطار السيطرة الطائفية نفسها لهذه الطبقة المسيطرة. إن موقع الهيمنة الطبقية في هذه الدولة الطائفية ، لا يمكن أن تحدد في هذه الدولة الطائفية إلا كهيمنة طائفية أساسية لوجود الدولة وديمومتها كدولة طائفية لا تعني المساواة بين الطوائف، إنه توازن هيمني لا يقوم إلا بهيمنة طائفية هي التي بها يتأمن وجوده كتوازن طائفي، وهذا التوازن هو العائق الذي يحول دون قيام الدولة بوظيفتها، بسبب هذه الهيمنة وكأن الدولة في موقع المحايد من الطوائف ومن الطبقات وصراعها ، وكأن زوال الهيمنة يكمن بالمشاركة فيها مشاركة بين الطوائف واقتسام مواقعها في السلطة ، وهذه المشاركة تؤدي إلى تكريس النظام السياسي الطائفي وهي تندرج في مفاهيم الايديولوجية البورجوازية ، في تحددها كايديولوجية طائفية وطابعه الطبقي البورجوازي يظهر في تغييب الطابع الطبقي لنظام التوازن الطائفي ، والمشاركة هي حل وهمي طوباوي لأزمة فعلية والحل الوهمي هذا هو في إلغاء مساوىء النظام الطائفي دون الغاء النظام نفسه ، وإن التوازن الطائفي لا يكون بالمشاركة بل بالهيمنة ، ولا تقوم دولة طائفية إلا بمثل هذا التوازن الهيمني وكل إلغاء للهيمنة هو إلغاء للسلطة ، أي لسلطة الدولة نفسها فكيف تقوم الدولة بوظيفتها الطبقية وقد ألغي فيها موقع الهيمنة والمشاركة الطائفية ، ما تعنيه من إلغاء للهيمنة بما تطرح إليه من الغاء للهيمنة الطائفية في إطار دولة مركزية ، ذلك أنها تقود لو تحققت الى تعطيل دور الدولة وإبطال وظيفتها الطبقية ، بإلغاء موقع الهيمنة تلك المشاركة تقود الدولة إلى شلل وإلى تعدد في مواقع الهيمنة ، وبالتالي في مواقع السلطة هو تعدد للدولة بحسب منطقها الطائفي حينئذ تتعدد الدولة ، أو قل تنفجر في دويلات طائفية. إن هذا المنطق من وجود الدولة البورجوازية في دولة طائفية ، هو الذي يتحقق مفهومها النظري كدولة طائفية في انتفاء وجودها كدولة بورجوازية هكذا تتفكك دولة البورجوازية، إذ يكتمل منطق وجودها الطائفي كأنها في عجزها عن الوجود كدولة بورجوازية في اكتمال وجودها في دولة الطوائف ، هي في اتساق مع مفهومها النظري كدولة بورجوازية كولونيالية ، والتاريخ في هذه الحرب الأهلية المستمرة يؤكد هيمنة هذا المنطق في عجز البورجوازية وعجز نظامها الطائفي ، عن توحيد المجتمع والشعب والوطن ...القادم هو استبدال هيمنة بهيمنة ضمن ثبات النظام السياسي الطائفي ، وتجدد أشكاله من خلال ايجاد مخارج لأزمته وهي لا تعدو كونها حلولا بورجوازية للنظام السياسي البورجوازي ، وحلولا طائفية تجدد هيمنته من خلال تسويات ستكون في أحسن أحوالها أشكالا، فيها تتولد فتتجدد الحرب الأهلية المستمرة ، وعودة إلى التوازن الذي يأخذ شكل الاصلاح ضمن ما يسمى "ببناء الدولة" ! ويختلف الاصلاح البورجوازي لنظامها من خلال تأبيد شكله الطائفي البورجوازي ،عن اصلاح يفرض على البورجوازية من قبل نقيضها الموضوعي أي التحالف الثوري المتمحور حول الطبقة العاملة الغيرموجود حاليا ، و بحالة الاصلاح البورجوازي تنغلق المرحلة على نفسها في ظل سيطرة البورجوازية ، وهي التي به تتجدد فتنتفي بذلك إمكانية انفتاحها على مرحلة جديدة. أما الاصلاح المفروض على البورجوازية من قبل النقيض ، يخلق امكانية أن ينفتح في حقل من الصراع الطبقي وتكون البورجوازية أسيرة نسبة من القوى ليست في صالحها فلا تنغلق المرحلة على نفسها ، وتظل مفتوحة على آت يجيء في انجاز مهماتها فيتسارع التاريخ بدينامية حركة من الصراع الطبقي ،هي التي تحدثها القوى المناهضة للبورجوازية . لا بد من ثورة في الفكر يتحرر فيها من أسره من ايديولوجية البورجوازية المسيطرة ، فلا يفهم الطائفية بحسب مفهومها البورجوازي من حيث هي نظام حكم الطوائف ، بل بفهمها بحسب مفهومها النقيض من حيث هي الشكل التاريخي الذي فيه تمارس البورجوازية الكولونيالية سيطرتها الطبقية ، في نظام سياسي طائفي ومقامات الطوائف مواقعها في الدولة ، وعلاقات التعايش فيها علاقات بالدولة ، فالدولة حقل تعايشها وإطاره ونظامه بها تكون أو لا تكون وبها تتعايش . وليست الطائفة كيانا إنها علاقة سياسية وهي قائمة بالدولة لا بذاتها في هذه البنية الاجتماعية ، وفي شروطها التاريخية المحددة .. من السهولة النظر في المسألة الطائفية بمنطق الفكر الطائفي فلقد ظل الواقع الملموس في واد والفكر الناظر في واد ، والاثنان لا يلتقيان في حقل المعرفة إلا بتمويه للواقع وما هذا التمويه بمعرفة ، بل تضليل ايديولوجي في خدمة البورجوازية الكولونيالية ، متسق هذا الفكر الطائفي في منطقه منغلق عليه في فراغه فلا ذرة فيه للانتاج المادي ولا ذرة فيه للطبقات ولا للصراع الطبقي ، فالطوائف تحتل فيه كامل الفضاء الاجتماعي وهي في زمن عقيم...والفكر بحاجة إلى التاريخ والمادية والديالكتيكية حتى نفهم الطائفة لا ككيان ، بل كعلاقة سياسية محددة يفسر وجودها شكل من الصراع الطبقي ويفسر الغاءها شكل اخر من الصراع الطبقي ...
#هيفاء_أحمد_الجندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهدي عامل ومفهوم الدولة ....الجزء الثاني
-
مهدي عامل و -مفهوم الدولة-
-
التعيين الواقعي للطبقات والشرائح الاجتماعية المتضررة من الرأ
...
-
كيف نفهم الامبريالية اليوم
-
صندوق النقد الدولي ... مفقر للشعوب ومحفزعلى الثورات..
-
بحث في بنية التركيب الاقتصادي-الاجتماعي للمجتمعات الكولونيال
...
-
التغيير الجذري من منظور أزمنة البنية الاجتماعية الكولونيالية
...
-
الامبريالية والتطور اللامتكافىء
-
الميركنتيلية الجديدة
-
رأسمالية الدولة الاحتكارية تحتضر والبديل لم يولد بعد!!
-
إعادة إنتاج للرأسمالية المالية أم انتقال إلى الاشتراكية؟!
-
الإنتفاضات الشعبية العربية من منظور قانون تفاوت التطور اللين
...
-
الأسس الفكرية للانتهازية الثورية والإصلاحية الوسطية
-
هل ستتحقق نبوءة زعيم الثورة البلشفية وتندلع ثورة اشتراكية عا
...
-
مفهوم الإمبريالية بين الأمس واليوم
-
دفاعاً عن النضال الإشتراكي والصراع الطبقي
-
سمير أمين.. المنتج للتمرد
-
المسألة الفلاحية والانتفاضات الشعبية
-
حكاية إسمها ثورة أكتوبر
-
الفكر النقدي الثوري ومفهوم البورجوازية الصغيرة
المزيد.....
-
«أمن الدولة».. تجدد حبس أشرف عمر 15 يومًا
-
«احتجاجات المطرية».. محكمة دكرنس تخلي سبيل طفل من دار الأحدا
...
-
لاجئون سودانيون يعملون بالإكراه في مصر
-
أكادير: احتجاجات وإضراب عام للعاملات العمال الزراعيين باشتوك
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
فرنسا: هل ستتخلى زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان عن تهديدها
...
-
فرنسا: مارين لوبان تهدد باسقاط الحكومة، واليسار يستعد لخلافت
...
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|