شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وحسب ذلك صارت كوريا في قاعها الأعمق دولتين/شعبين، لكل واحد منهما هويته وسرديته ورؤيته لمعنى الوطنية وتفسير التاريخ ومعنى الأمة ومستقبل الدولة. لم تستطع الكلمات المنمقة والمصالحات الشخصية والمبادرات الثقافية والدعايات الترويجية كسر ذلك الانقسام الذي بدأ من لحظة تحول وتفارق، كانت صغيرة وعابرة في لحظتها التأسيسية، لكنها بسبب السياقات الإقليمية ونوعية الكيان الواقع على خط تقاطع مصالح الدول الكبرى وبحر الدماء التي أريقت وسياقات التطور التاريخي التي سار كل واحد منهما فيها، أصبحت البنية التي يقوم عليها شعبان لا شعب واحد.
في سوريا اليوم، ثمة الكثير من ذلك. فالنظام الذي يُريد أو يُراد له أن يسترجع خمسة عشر مليون سوري من خارج سلطته، خلقوا طوال عقد ونصف سياقات مختلفة تماما لحياتهم الخاصة والعامة، شكل الانفلات من قبضة أجهزة النظام ركيزة هذه الحياة. على الحكم في سوريا أن يستعيد أناسا منتفضين عليه مثل أهل السويداء، القريبين جدا، حتى إنه لو نادى من قصر المهاجرين، لسمع الصدى بين المنتفضين هناك. فالسوريون اليوم جاهزون ليكونوا شعبين، وربما شعوب كثيرة، لو أريد لمسألتهم أن تُصفى بُقبلات وصور إعلانية منمقة، فهذه الأخيرة تناسب مصالحات زعماء الحارات والقبائل، لا مستقبل ملايين البشر، قدموا بحرا من الدماء وأشكال الحياة، فقط في سبيل أن لا تكون الأمور مثلما يُراد ويُخطط لها أن تكون في صالونات وزراء الخارجية.
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟