|
مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة ..ليس كل ما يلمع ذهباً
غسان ابو نجم
الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 02:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة ليس كل ما يلمع ذهبا
في خضم المذابح الصهيونية ضد شعبنا وحرب الابادة الجماعيه التي يمتهنها الاحتلال الصهيوني التي تطال البنيه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للشعب الفلسطيني والصمود الأسطوري للمقاومة الوطنية الفلسطينية وحاضنته الشعبية في وجه حملة القتل والتدمير والتهجير تبرز أقلام صفراء اما غبية أو مشبوهة أو ملوثة برائحة الكاز والغاز لتقدم هدايا مجانية للاحتلال عبر تقديم مبادرة مجانية مشبوهة يخجل من طرحها جواسيس الاحتلال الصهيوني
بدايةً هناك ملاحظتان هامتان الأولى: ان طرح هذه المبادرة أو الدخول في تفاصيل شكل الدولة وماهيتها قبل انجاز مرحلة التحرر الوطني هو نقاش سابق لأوانه فالسياسة أم المتغيرات والأحرى الان التجهيز لمعركة التحرير الشعبية ووضع الخطط والبرامج التنفيذية لانجازها ضمن رؤية أستراتيجية كفاحية تصل بنا الى انجاز الدولة الديموقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني تكون ثمرة لمشروع كفاحي فلسطيني ذو عمق عربي الثانية: ان حرب الابادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الصهيونى تهدف الى تدمير بنية المجتمع الفلسطيني الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية عبر القتل والتدمير والتهجير مما يستدعي البحث عن كافة الحلول والوسائل لضمان صمود شعبنا في ارضه والعمل على تشكيل اوسع جبهة عربية شعبية لمساندة مقاومته في ظل التخاذل والتأمر الرسمي عليها لا بل البحث الدائم عن وسائل لفك الحصار المفروض على الاحتلال في البحر الاحمر وبحر العرب وهذا بتقديري ما يجب التركيز عليه وعدم القفز عن واقع ما يعيشه شعبنا الفلسطيني اذ كيف يمكن ان نخوض في موضوعة شكل الدولة العتيدة وكاننا انجزنا مرحلة التحرر ودحرنا الاحتلال ولم يتبقى سوى البحث في شكل ألدولة القادمة الا يعني هذا حرقًا للمراحل يستوجب التوقف عنه ولا يعني ذلك وضوح الرؤيا لما ستؤول له مرحلة التحرر الوطني التي يجب أن تفضي لدولة ديموقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني لها عمقها العربي وافقها العالمي
ن مرحلة التحرر الوطني مرحلة انتقالية صراعية تناقضية بين صاحب الحق والمُغتصب/المُحتل/المُستولي على الملكية العامة/الأرض/الكيان السياسي والمعنوي للشعب؛ بطرق القوة العسكرية، والمغتصب للملكية الخاصة، لكل فرد من أفراد هذا الشعب/الأرض/المنزل/وسيلة الإنتاج، مما يعني أن هذا التناقض سيستمر حتى إيجاد حل مناسب له بالقوة العسكرية (الحرب) أو التفاوض، وبكلا الحالتين سيتحدد ماهية الحل لهذا التناقض والآلية العملية لتحقيقه. إن الشكل السياسي للحل المفضي لهذا الصراع وبإحدى الوسيلتين السابقتين أو كلاهما، سيحدده الشروط الموضوعية التي أنتجت هذا الحل السياسي؛ فالانتصار بالحرب على المحتل الصهيوني سيفرض شروط الطرف المنتصر (الفلسطيني) التي بالضرورة ستأخذ بالحسبان مشاركة كل القوى التي ساهمت في تحقيق هذا الانتصار، حتى لو كانت قوى أو أفراد من الطرف الآخر المغتصب، ويتحدد الشكل القانوني الحقوقي لوضعهم المدني من قبل الطرف المنتصر، وهنا يسقط عنهم صفة الاحتلال أو الاغتصاب ويتحول هؤلاء إلى مواطنين كاملي المواطنة تحت السلطة السياسية للمنتصر؛ شريطة إسقاط حقهم بالاغتصاب بالتقادم للأرض أو المنزل أو وسيلة الإنتاج؛ فمشاركتهم في تحقيق الانتصار لا يعني أبدًا استمرار أحقيتهم في الاستيلاء على ما لا يملكون طبعًا، باستثناء وحيد هو اليهود القاطنين في فلسطين ما قبل الاحتلال؛ فهم مواطنون طبيعيون فلسطينيوا الهوية ويهوديوا الديانة.
إن مناقشة وضع الدولة المستقبلية تنطوي على مغامرة سياسية، ليس من ناحية امتلاك الرؤية لأفق الحل النهائي للصراع العربي الصهيوني، وإلى ماذا سيؤول مستقبل هذا الصراع، وإنما الدخول في جدلية تكوين الدولة/تفكيك الكيان القائم/وضع المغتصبات المنتشرة في كل أرجاء فلسطين/الوضع القانوني والحقوقي لبقايا فلول المغتصبين/والعديد من الاشكالات السياسية والحقوقية المتوقع حدوثها في مرحلة بناء هذه الدولة؛ جميعها تؤشر إلى أن طرح ماهية هذه الدولة هو المغامرة السياسية بعينها.
أن مرحلة التحرر الوطني مرحلة ذات صيرورة تاريخية؛ تدفع إلى الواجهة قوى ومستجدات وأحداث متغيرة طبقًا لظروف نشأتها الموضوعية، فما تراه اليوم قائدًا متنفذًا لهذه المرحلة، يمسي ثانويًا في مراحل أخرى، وكذلك العكس صحيح؛ ضمن هذه الصيرورة وهذا لا ينطبق على طرف واحد من طرفي الصراع، وإنما ينطبق أيضًا على الطرف الآخر (العدو)، مما قد يغير شكل التناقض من رئيسي لثانوي أحيانًا، ويمكن العكس مما يفترض تغير برنامج المرحلة السياسي طبقًا لتغيير طبيعة التناقض، مما يقود إلى نتيجة حتمية مفادها أن لا تحديد لماهية الدولة الواحدة ما قبل إنجاز مرحلة التحرر الوطني. لم تفد الثورات العالمية عبر التاريخ/الصين/روسيا/فيتنام كنماذج أن تجاوزت هذه الثورات؛ مرحلة التحرر الوطني ودخلت في مرحلة ما بعدها(تكوين الدولة)، وأكدت ما ذهبنا إليه من أن شكل الدولة يختلف طبقًا لاختلاف شروط تكونها في مرحلة التحرر من الاستعمار، وهذا ما يؤكده الاختلافات الجوهرية في شكل الدولة الروسية عن الدولة الصينية والفيتنامية؛ فالعامل الروسي الذي أنجز مهمات بناء الدولة ليس هو الفلاح الصيني الذي أسس لبناء دولة اشتراكية، وكذلك النموذج الفيتنامي؛ فالفلاح البليد في الثورة الروسية هو الفلاح الثائر المتفتح في الثورة الصينية، وكذلك الفيتنامية (من حيث التحديد النظري لمن هو الفلاح)، مما أعطى خصوصية واضحة لشكل الدولة في كل بلد رغم الالتقاء بالجوهر.. قد يذهب البعض إلى توجيه تهمة التراتبية في إنجاز المراحل ما قبل الثورة وبعدها لما أوردته أو فرض الاستاتيكيا التاريخية لتوصيف المراحل، ولكن نظرة علمية صائبة لطبيعة الصراع العربي الصهيوني؛ تدحض هذه التهمة، إلا إذا أصر أصحاب هذا الفهم على عدم الاعتراف أن هذه المرحلة من الصراع هي مرحلة تحرر وطني وهي بالتأكيد مرحلة ما قبل تكوين الدولة.
ان هذه الرؤية للصراع بيننا وبين المحتل الصهيونى هو ما اقرته أدبيات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خاصة في مؤتمرها الثامن وجاء نتيجة حتمية لفشل كل الحلول السياسية مثل اوسلو وحل الدولتين ورد واقعي وضروري على مخطط الاحتلال الصهيونى في تدمير بنية شعبنا وتهجيره وهو يختلف عن ما ذهبت اليه ا ليه المبادرة التي استغرب من اين ولمن وباسم من اطلقتها والانكى من ذلك انها قضية لم تغفل عنها فصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدًا الجبهة الشعبية والتي حاولت المبادرة التحدث باسمها وتفسير مواقف لقيادات فيها وعلى راسهم الحكيم الذي يعتبر أول من أدرك البعد القومي للقضية الوطنية الفلسطينية وصاغ رؤيته للدولة الديموقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني والذي جاء مغايرًا لما طرحه عزمي بشارة عن دولة لكل ساكنيها او دولة المواطنين
ماذا يعني مفهوم دولة المواطنين؟ يحتوي شعار دولة المواطنين التي نادى بها عزمي بشارة على أخطر مشروع تنازلي تفريطي في تاريخ الصراع العربي الصهيوني؛ من خلال مناداته بأن (يعيش الفلسطيني المُغتَصب والصهيوني المُغتصِب في ظل كيان صهيوني يحتفظ فيه كل منهما بحقوق المواطنة؛ لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، ضمن عدالة اجتماعية يتساوى فيها الصهيوني المُغتصِب والفلسطيني ضمن رؤية ثنائية للقومية). طبعًا عزمي بشارة يفلسف هذه الرؤية ضمن مبدأ ديموقراطية الدولة اليهودية، وتحتوي هذه الرؤية لدولة المواطنين على مخاطر تضرب النضال الوطني الفلسطيني في الصميم وتعطي المُغتصِب الصهيوني وعلى طبق من ذهب أكثر ما يحلم به؛ فما هي مخاطر هذا المفهوم:
أولًا: التنازل الفعلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨ واعتبارها حق للمغتصب الصهيوني.
ثانيًا: الاعتراف الكامل بدولة الاحتلال الصهيوني وشرعية اغتصابها ل فلسطين التاريخية.
ثالثًا: تحويل أصحاب الأرض الحقيقيين إلى أقلية قومية تُحكم من قبل كيان مُغتصِب يمثل المغتصبين الصهاينة.
رابعًا: سلخ جزء كبير من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أراضي فلسطين المحتلة عام ٤٨ عن فلسطيني الضفة الغربية و غزة والشتات وتحويلهم إلى مواطنين (إسرائيليين).
خامسًا: تحويل مفهوم الصراع من صراع وجود إلى صراع مطلبي معيشي؛ يحسن من شروط الاحتلال والاغتصاب.
سادسًا: تحويل القضية الوطنية الفلسطينية إلى قضية مجموعة من المواطنين مسلوبي الحقوق المدنية في إطار الدولة المُغتصِبة، وليس شعبًا له حقوقه الوطنية والقومية التاريخية في الحرية الكاملة وتقرير المصير والدولة والسيادة الكاملة في وعلى أرض وطنه.
سابعًا: تحويل الفلسطيني ضمن هذه (الدولة) إلى جندي عليه واجب الخدمة العسكرية ومطالب بالدفاع عن هذا دولة العدو/الكيان الصهيوني في وجه الأعداء طبعًا؛ فلسطينيو أراضي ٦٧ والشتات وجماهير الامة العربية.
ثامنًا: اعتبار المناضلون الفلسطينيون (خارج حدود عام ١٩٤٨) والعرب أعداء للدولة الصهيونية والدفاع عنها من قبل هؤلاء المواطنون واجب وطني، وكذلك اعتبار مهاجمتها اعتداء خارجي. تاسعًا: على الفلسطيني ضمن هذه الدولة المزعومة أن يحافظ على المستوطن الصهيوني الذي يعيش في مغتصبات صهيونية في أراضي عام ٦٧، باعتباره مواطنًا في هذه الدولة، وأن وجوده واغتصابه للأراضي الفلسطينية حق يجب الدفاع عنه، وعكس ذلك هو خيانة عظمى لهذه الدولة! هذا أهم ما ينطوي عليه شعار دولة المواطنين الذي رفعه عزمي بشارة عضو الكنيست الصهيوني وابن محمية قطر المدلل ومفلسف شعارات الربيع العربي ومنظر مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهذا الفهم لدولة المواطنين يلتقي مع شعار مثل الدولة الواحدة الذي ينادي به البعض في الساحة الفلسطينية في هذه المرحلة لذر الرماد في العيون؛ بوصفه شعارًا مستقبليًا لرؤية الصراع؛ من العبث البحث به الآن في مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال، وهي محاولة مكشوفة من البعض لبناء برامج وتكتيكات لتحقيقه لرسم السياسات المرحلية خدمةً لهذا المشروع.
من هنا يتضح الفرق الشاسع بين مفوهمي الدولة الديموقراطية الواحدة وهذا ما لم يستطع أصحاب المبادرة ادراكه اما لجهل أو أو محاولةتسويق ما ذهب اليه عزمي بشاره وهنا تكمن الخطورة التي يجب التنبه لها ومحاصرتها
#غسان_ابو_نجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تنتقل ايران من الردع الاستراتيجي الى الحسم الاستراتيجي؟
-
رسائل فرض صوتية يطلقها انصار الله والسنوا
-
مسرحية نتينياهو الهزلية
-
مَسرَحَةُ الرِّوايةِ وجَدَلُ الغايات
-
قرارات الجزائية والعدل الدوليتين منقوصة وخجولة ومنحازة رغم أ
...
-
الرد الايراني وتوازن الردع
-
وليد دقه الطيف الخالد استعجلت الرحيل....
-
لعبة الوقت
-
اذا كان ٧ اكتوبر مغامرة فوجودكم بيننا كارثه
-
نتنياهو ينكش عش الدبابير
-
وزير الحرب الصهيوني:ندفع اثمان باهظه
-
ابو سرور يكشف المستور
-
جيش بلا أخلاق
-
جولة بلينكن بالمنطقه(اميركا تدير الحرب بكل تفاصيلها)
-
ثلاث رسائل هامة خلف اغتيال العاروري
-
بعض تداعيات الحرب الاباده على الشعب الفلسطيني
-
نهاية الحرب الفاشية على غزة
-
سوريا في دائرة الدم السويداء والاسطوانة المشروخة
-
فلسطين وحق العودة/غازي الصوراني
-
الفقعاوي يعلق الجرس غسان كنفاني المعضلة التنظيمية والرؤية
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|