محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)
الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 16:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا بد من التمييز بين ( médiocrité) و(médiocratie) في اللغة الفرنسية. فكلمة ( médiocrité) لا تعني كما هو شائع ما هو رديء وفاسد وضار. والشخص الـ( médiocre) ليس هو الشخص الفاسد والرديء والضار، وإنما هو الشخص الذي له كفاءة متوسطة، وقدرات متوسطة، وإنجازاته متوسطة. إنه من يصنف تكوينه وقدراته وكفاءته ما بين الجيد والضعيف: هناك الجيد والمتوسط والضعيف. الـ (médiocre) هو من له كفاءة متوسطة.
أما الـ (médiocratie) فهو مفهوم، خطاطة نظرية استعملها ألان دونو لوصف الأنظمة السياسية الغربية. وتعني قيام النظام السياسي الغربي بجعل الكفاءة المتوسطة قاعدة لتدبير شؤون هذا النظام وهدفا وحاجة له. أي مختلف العمليات التي يقوم بها النظام السياسي لتحديد مستوى متوسط إجرائي مفيد للنظام وينجزه الناس وفق مصالح محددة ولا يتجاوزونه.
ليس من السهل أن يكون الشخص متوسط الكفاءة، فذلك يحتاج لجهد وعمل مضنيين. كما أن كل فرد هو متوسط في مجال معين. ولا توجد أية مشكل في أن يكون الفرد متوسطا في مجال ما، لكن المشكل تكمن في أن النظام السياسي جعل المستوى المتوسط قاعدة لاشتغاله ولتشغيل الناس لتحقيق مصالحه.
إن الـ (médiocratie) هي فرض المستوى المتوسط على الجميع، أي تحديد سقف مشترك بين الناس للتكوين وللقدرات على إنجاز المهام. فالمطلوب من الناس هو إتقانهم لمجموعة من المهام دون القدرة على تجاوز مستوى الإتقان ذلك: المستوى المتوسط هو الدرجة العليا، توحيد المستوى وتنميطه، وضع معايير للتكوين وعدم تجاوزها.
يقدم الان دونو المثال التالي: هناك من ينتج برامج تلفزيونية لا تلبي حاجيات الناس، لكن إنتاج هذه البرامج يحتاج لتكوين وجهد وكفاءة. منتجو هذه البرامج اشخاص متوسطو الكفاءة. لكن النظام لن يقبل من يريد إنتاج برامج من منظورات أخرى أكثر تطورا.
الميديوكراسيا: تصف النظام السياسي الذي ينتج الكفاءة المتوسطة ويديرها ويحافظ عليها ويعتمدها ويرفض تجاوزها. لذلك نحتاج لمفهوم أقوى بكثير من الميديوكراسيا لوصف الأنظمة السياسية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فلا يكفي أن توصف بالأنظمة الفاسدة والتبعية والعميلة والمخربة والاستبدادية. فوصفها الدقيق يعني فهم كيفية اشتغالها ونقط قوتها وضعفها.
#محمد_الهلالي (هاشتاغ)
Mohamed_El_Hilali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟