أكد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 02:05
المحور:
الادب والفن
في مسرح الوجود الواسع، حيث يتشابك الضوء والظل في رقصة باليه أبدية، يجد الإنسان نفسه معلقًا على حبل الحياة الدقيق. هذا الخيط الضعيف، الممتد بين دوار الماضي والوعود الغامضة للمستقبل، هو المرحلة التي تتكشف فيها الفروق الدقيقة في التجربة الإنسانية. كل خطوة، كل تردد، هو نغمة في سيمفونية الحياة اليومية، تركيبة يتردد صداها في غرف الروح.
توازن الثبات، هذا الفن الدقيق للوقوف شامخًا في مواجهة الشدائد، يصبح الفضيلة الأكثر احترامًا على طريق الحياة. التوازن في جوهره هو حوار صامت بين الأضداد: الفرح والألم، الحب والخسارة، الأمل واليأس. في كل حالة، نحن مدعوون للرقص بهذه المشاعر، لقبول الازدواجية التي تحدد هويتنا، لنشعر بكل ساق وكل ذراع كما لو كانت جزءًا من انقسام، لنجمع كل ذلك معًا ونشعر كما لو أننا فنانون في البحث عن تحفة لا تنتهي أبدا.
في اتساع الماضي، تتجمع الذكريات مثل أوراق الشجر الجافة في خريف لا نهاية له. يخبروننا عن حب اشتعلت فيه النيران وعن خيبات أمل تركت ندبات على جلد الزمن. كل ذكرى هي حجر في ميزان الحياة، تثقل كاهلنا ولكنها تقدم لنا أيضًا الحكمة التي لا يمكن أن تمنحها إلا التجربة. وهكذا نتعلم أن الماضي، بعيدًا عن أن يكون عبئًا، هو دليل ينير الطريق، ومنارة تشرق، حتى لو كانت بعيدة، وسط ضباب الشك.
أمامنا، يبدو المستقبل كأفق غامض، حيث تتشابك الآمال مع المخاوف. إنها منطقة غير مستكشفة ومليئة بالإمكانيات التي تدعونا إلى الجرأة. إن الشجاعة للمضي قدمًا، والتقدم خطوة إلى الأمام على الحبل المشدود، هي ما يسمح لنا بتجاوز الحدود التي يفرضها الشك. وهكذا، فإن كل خيار نتخذه، وكل حلم نزرعه، هو تأكيد للحياة، وإعلان بأننا على استعداد للرقص، حتى عندما تبدو الموسيقى غير متناغمة.
وفي هذه الحركة المستمرة، في هذا البحث المتواصل عن التوازن، نجد الجوهر الحقيقي للوجود. الحياة في ملئها ليست مجرد تمرين للمقاومة، بل هي احتفال بالهشاشة والقوة التي تتعايش داخلنا. مثل المشي على الحبال المشدودة التي تتحدى الجاذبية، نتعلم تقبل المخاطر، وتقدير جمال اللحظة، مع العلم أننا، مع كل خطوة، ننسج التعقيد الفريد لوجودنا.
وهكذا، فإننا نسير على حبل الحياة المشدود، مدركين أن التوازن ليس حالة دائمة، بل هو عملية ديناميكية. إنه فن العيش عند تقاطع ما كان وما سيكون، رقصة يكون فيها كل نفس نغمة، وكل لحظة بيت شعر. وفي النهاية، عندما ننظر إلى الوراء، نرجو أن نرى ليس فقط الطريق الذي سلكناه، بل جمال الجرأة على المشي والحب والعيش، حتى عندما بدا الحبل يرتعش تحت أقدامنا.
#أكد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟