|
مطالب الإصلاح ورد الفعل –2
سامي المصري
الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 07:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وصلتني الرسالة التالية تعقيبا على مقالي السابق "مطالب الإصلاح ورد الفعل –1" نص الرسالة
الأخ المحترم سامي المصري، لي عدة أسئلة على مقالك 1 هل تستطيع أن تفسر ما سبب الحقد و الكراهية في أعماقق تجاه البابا؟ 2 دائماً ما تصف الكنيسة بالجهل و التخلف بالرغم من أن سيادتك أبن من أبناء الكنيسة برده ولا حضرتك من كنيسة تانية او انضميت لكنيسة تانية؟ 3 دائماً ما تصف الشعب القبطي بالمقهور دي كلمة كبيرة أوي يا ترى حضرتك عارف معناها؟ 4 حضرتك بتقول أن هناك مجموعة منتفعين هما الي رشحوا قداسة البابا شنودة ، 35 عاماً للبابا على الكرسي المرقصي بأختيار مجموعة من المنتفعين البابا النسطوري كما وصفه اعوانك، هل تعتقد أن السيد المسيح كان سيسمح بوجود هرطوقي على الكرسي المرقصي 35 عاماً و أنت أعلم مني بالتاريخ أن جميع الهراطقة كانت نهايتهم شنيعة تتناسب مع هرطقتهم، مازا تعتقد ستكون هي نهاية الباب شنودة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ سلام يا أخ سامي و أرجو من سيادتك الرد
انتهت الرسالة؛ وكنت لا أنوي الرد عليها في بادئ الأمر لكن بعد ان وصلت لموقع "أربيبل" أعدت النظر وقمت بالرد التالي: -------------------
الأخ المحترم --- أو الذي وضع هذه الأسئلة؛
عادةً أنا لا أرد على مثل هذه الأسئلة لسبب بسيط هو أنها تتجاهل تماما الموضوعات المطروحة الهامة والخطيرة، لتوجه اتهامات للكاتب لا يمكن إثباتها على غرار الإرهاب المتأسلم. والهدف من ذلك هو تشتيت التفكير وتحويل الأنظار عن موضوع الحوار الهادف إلى مناقشات بلا هدف. وأنا عادةً أتجنب الحوار الذي يتجاهل المنطق ولا يقوم على أساس موضوعي علمي. فمثل هذا الحوار بلا ثمر سوى افتعال مناوشات بغرض تشتيت الفكر، ومثل هذه التساؤلات تلغي نفسها بنفسها فأي شخص طبيعي يعقل الأمور لا يحتاج لتوضيح ما وراء مثل هذه الرسائل من خداع. لذلك لا توجد ضرورة ولا حاجة للرد عليها.
فالإدارة الكنسية التي تخاف الحق ولا تستطيع المواجهة المنطقية تتبِع هذا الأسلوب اليوم للتعتيم على الأمور المخجلة، فتقوم بافتعال مشاجرة، ظانة أنها بذلك تستمر في خداع الشعب والسيطرة عليه لأطول مدة ممكنة، حتى يظل تحت نير عبوديتها تحت تأثير المخدر الديني. فبدلا من المناقشة الموضوعية لمطالب الإصلاح، والقيام به، تقوم بالهجوم على المطالبين بالإصلاح لذر الرماد في الأعين لتعوِّق الرؤية. وهذا الأسلوب إن دل على شيء فهو يدل على العجز الكامل في مواجهة الحقيقة. إلى جانب رفض الإصلاح الذي يشَّكِل خطراً مخيفا علينا جميعا كأقباط في مصر، تحت وطأة التعصب الديني الإسلامي في الخارج والفساد الديني المسيحي في الداخل. فالمكابرة والتعتيم على الواقع المخيف لن يستفيد منه أحد، لأننا جميعا في عبَّارة واحدة تغرق. فلن يستفد أحد من الفساد الواقع ولا حتى المفسدون أنفسهم.
إن محاولة الإدارة الكنسية التعتيم على الحقيقة لم يعد بالأسلوب العملي للوصول لمآربهم، فهناك صحوة قبطية انطلقت قام بها مثقفون متعددون في كل مكان أحدثت أثرا حقيقيا، عملت على إفاقة الأقباط من المخدر الذي تجرعوه لمدة 35 عاما باسم السلطان الكنسي والعصمة الإلهية لللإكليروس والحق الإلهي للبابا والتعليم بأن الكاهن يتكلم بالروح القدس (الأمر المخالف للتعليم الأرثوذكسي الصحيح) والذي قد تفشى خاصة بين الشباب القبطي الذي انفصل عن تاريخه القبطي القويم. كما أن الأقباط الذين تجرعوا الألم والتخلف والاستبداد لمدة 35 عاما لا يملكوا إلا أن يتفهموا الحقيقة المرة التي كانت قد أخفيت عنهم. الشعب القبطي الآن يخرج من العتمة إلى النور كجبار ولن يستطيع أحد أن يعيده إلى أسره مرة أخرى مهما كان قدر الخداع. فعلى الإدارة الكنسية أن تعي هذه الحقيقة لتتصرف على ضوء ذلك. لم يعد أمام الإدارة الكنسية من سبيل إلا أن تستجيب لمطالب الإصلاح. فإن هي رفضت السمع لصوت المثقف القبطي العاقل الغيور على الحق فلا مفر من أن تواجه ثورة شعب انطلق من أسره ولن يمكن احتواؤه.
ورغم كل الحقائق السابقة، فنزولا على رغبة "أربيبل" قررت الرد على الأسئلة الموجهة لي. والحقيقة أني ما أن بدأت في إعداد الرد حتى اكتشفت أن هذه الأسئلة كانت في غاية الأهمية، إذ أنها شحذت ذهني، واستثارت من كوامني ملكات الكتابة، واستجمعت أفكاري. فبدون هذه الأسئلة لم يكن ممكنا لي أن أجمع كل هذه القضايا الكنسية الساخنة في مقال واحد. ولذلك وجب الشكر للسائل الذي أتاح لي هذه الفرصة لأقدم لكنيستي المحبوبة هذا الحديث الهام. وإني أستميح القارئ عذرا فيما أكتبه بصراحة قد تصدم البعض. فإني لا أملك سواها مع الشفافية التامة. ولنبدأ الرد فيما يلي:
السؤال الأول: هل تستطيع أن تفسر ما سبب الحقد والكراهية في اعماقق (يقصد أعماقك) تجاه البابا؟
الإجابة على السؤال الأول: كيف استطعت أن تدخل إلى داخل أعماقي لتعرف ان بها حقد وكراهية تجاه أي إنسان بما في ذلك البابا؟!!! هل عندك دليل واحدعلى ما تقول؟!!!
طبعا أنا لا أكره البابا ولا يوجد مبرر واحد للحقد عليه فلم يكن بيننا أي تعامل أو تنافس على أي شيء. ولكني أرفض أعمال الشر بصفة عامة وبصفة خاصة الموجهة ضد الشعب والكنيسة، حسب قول الكتاب، "ولا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها" (اف 11:5). وكما يقول القديس بولس، "لأننا لا نستطيع شيئا ضد الحق بل لأجل الحق" (2كو 8:13). ويقول أيضا، "بل قد رفضنا خفايا الخزي غير سالكين في مكر ولا غاشين كلمة الله بل بإظهار الحق" (2كو 2:4). فهل حضرتك تعتبر أن في رفضنا لخفايا الخزي لإظهار الحق، وتوبيخنا لأعمال الظلمة المدمرة لكنيسة الله هو حقد وكراهية للبابا؟!!!
هل قول الحق للدفاع عن حقوق الشعب القبطي الذي يعاني القهر والظلم نتيجة لفساد في الكنيسة تعتبره كراهية للبابا؟!!! أنا لا أكره البابا لكن أبغض أعمال الشر ضد كنسية الله المقدسة (جماعة المؤمنين)، التي يقوم بها أي شخص بما في ذلك البابا نفسه، وذلك طاعة للحق وتنفيذا لتعاليم السيد المسيح الواردة بالكتاب المقدس.
هل المطالبة بالإصلاح من فساد واضح قد استشرى في الكنيسة بصورة مخيفة هو حقد وكراهية للبابا؟!!!! إن كنت تقصد ذلك فأنت توحِّد ما بين البابا والفساد الواقع في الكنيسة اليوم والذي لا يخفى على أحد!!! وفي هذه الحالة يوصينا معلمنا القديس بولس قائلا، "فاعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو 13:5).
هل النفاق للبابا وتلقيبه بألقاب تتنافى مع التعليم الصحيح للكتاب، يخدم أبديته أم يعوِّق خلاصه؟! إن معرفة الحق تؤول إلى التوبة اللازمة لخلاص نفوس الجميع بما فينا البابا الذي يحتاج للتوبة كبشر. أما النفاق فيؤدي إلى خداع النفس ويقود إلى سراب وموت أبدي. لذلك يقول السيد المسيح، "لتلاميذه، أولا تحرزوا لأنفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الرياء" (لو 1:12). ويقول السيد المسيح "أولا" بمعنى أن هذه الوصية يلزم أن توضع في الاعتبار الأول في التعامل مع الفريسية التي يغلفها النفاق. لذلك فإن من يحب البابا بالحق هو من ينبهه للوضع المتردي الذي وصلنا جميعا إليه بسبب الانبهار بالسلطة التي ضيعت كثيرين "وكل قتلاها أقوياء" (أم 26:7). هل المنافقون المحيطون بالبابا يهمهم أبديته؟ أم كل همهم هو المصلحة الشخصية الوقتية السلطوية. لذلك يقول السيد المسيح، "لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون". (مت 13:23). إن من يحب البابا يصلي من أجله لكي يسهل أمامه طريق التوبة، ليقتدي بشجاعة ملك نينوى الذي تاب بمناداة يونان. ليت البابا تنكشف لعينيه الحقيقة فيعلن التوبة الجماعية على مستوى الكنيسة كلها وفي ذلك قيامة لنا جميعا من موت محقق. وبهذا المقياس الصحيح، نحن أكثر من يحب البابا كما نحب الله والكنيسة، فأننا نطلب خلاصاً لنفسه، وخلاصاً للكنيسة كلها، حيث أننا ننبه للعثرات والتعاليم الغاشة الضارة حتى نتجنبها جميعا، شعبا وإدارة كنسية.
السؤال الثاني: دائماً ما تصف الكنيسة بالجهل والتخلف بالرغم من أن سيادتك أبن من أبناء الكنيسة برده ولا حضرتك من كنيسة تانية او انضميت لكنيسة تانية؟
الإجابة على السؤال الثاني: هناك 24 مقال منشور لي في الحوار المتمدن هل يمكنك أن تذكر لي عبارة واحدة في أي من مقالاتي تصف الكنيسة بالتخلف أو الجهل؟ أو في أي كتابة أخرى لي؟! طبعا هناك كثير من التصرفات اليوم تصدر عن أفراد داخل الكنيسة تنم عن جهل وتخلف يلزم أن نشجبها لحساب الكنيسة وليس ضدا لها كما يقول القديس بولس، "لأننا لا نستطيع شيئا ضد الحق بل لأجل الحق" (2كو 8:13). فهل شجب التصرفات المتخلفة التي تنم عن جهل يقوم بها أفراد من الكنيسة هو ما تسميه أني أصف الكنيسة بالتخلف والجهل؟! أم أن السؤال بهذه الصورة هو كذب وافتئات على الحق بهدف الخداع؟!!!
هل ما تقصده بالكنيسة أن هناك أفرادا معينين ممكن أن نسميهم الكنيسة؟ وبذلك هم غير خاضعين للمساءلة، ومعصومين من الخطأ، وفوق مستوى النقد، فمن يوجه لهم نقدا فقد أخطأ في حق الكنيسة وجدف على الله!!!! هل نظير جيد عندما هاجم الأنبا يوساب البطريرك في أحاديث متواترة عنيفة استمرت سبع سنوات كان يهاجم الكنيسة؟!!! ذكَّرني ذلك بما قاله عبد الرحمن عودة مرشد الإخوان المسلمين عندما وُضِع في السجن هو وأفراد من جماعته، فوقف يخطب فيهم قائلا "الإسلام في السجن"!!!! فاعتبر نفسه هو الإسلام كما يزعم أناس منا أنهم الكنيسة!!! وضاعت الدنيا كلها وفسدت ما بين هذا وذاك، وكل من يصدق هذا الهراء هو جاهل. هذا هو التخلف والجهل بعينه سواء من الإرهاب الإسلامي أو المسيحي ليفرض نفسه علي جهلة الشعب باسم الله. هل الأفراد الذين قاموا بتغييب الشعب عن الحقيقة الإنجيلية والتقليد المسلم مرة للقديسين هم الكنيسة؟ هل الكنيسة هم من يكسرون كل قانون فيها ويصنعون الشقاقات حتى يتسلطوا على شعب لا يعرف الحقيقة؟ هل من يعترض على تصرفات خاطئة بل مشينة قام بها أعضاء من الكنيسة يعتبر أنه أخطأت في حق الكنيسة؟ معنى ذلك أنه لا يمكن تقويم الخطأ، بل نشجعه ليستشري ويفسد كل شيء كما هو حادث اليوم!!!
من المشاكل المخيفة في هذا العصر أن تعريف الكنيسة أصبح غائبا عن كثيرين. فما هي الكنيسة في نظرك؟!!! الخلط المتعمد بين "الكنيسة" والأفراد الذين يتسلطون على الكنيسة هو خداع وتضليل كبير قامت به الإدارة الكنسية حتى تعطي لنفسها الحق المطلق في الفساد وعمل كل ما هو مخالف للحق تحت اسم الكنيسة.
تعريف القديس بولس الرسول للكنيسة مهم جدا إذ يقول، "وهو (المسيح) رأس الجسد الكنيسة الذي هو البداية بكر من الأموات لكي يكون هو متقدما في كل شيء" (كو 18:1) ويقول "وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأسا فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده ملء الذي يملا الكل في الكل." (اف 1 :22-23)
فالكنيسة هي جسد المسيح وملء الذي يملأ الكل في الكل والمسيح هو رأس الكنيسة. الكنيسة لا تخضع للزمن وهي مستمرة في شهادتها للمسيح إلى انقضاء الدهر. فهي ليست محدودة بسلطان بشر يموتون بل هي تحت سلطان المسيح الأبدي الذي هو الرأس. علامات الكنيسة بحسب قرارات مجمع أفسس أنها "واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية". فمن يفقد القداسة يسقط من الكنيسة ويفصل نفسه عنها حتى لو كان في موقع المسئولية. عندما يفقد الأفراد القداسة في الحال يفقدون الوحدة فتظهر الصراعات كما هو حادث اليوم في الكنيسة القبطية. ويظهر البغض والانقسام والغيرة والصراع والحسد وكراهية الخير، كل هذا ليس من الكنيسة في شيء. وعندما يفقدون القداسة والوحدة تختفي الكنيسة الجامعة فيظهر التعصب والتحزب والمذهبية المتعفنة. وبالتالي لا يمكن أن تتصف هذه الجماعة بالرسولية فقد أخرجوا أنفسهم بأنفسهم خارج الكنيسة. وتظل الكنيسة مقدسة رغم عدم قداسة بعض الأفراد منها، حتى لو كانوا هم الرؤساء المتسلطون، لكي يثبت في المسيح كل من يلتزم بقداسة الحق. وتظل الكنيسة التي رأسها المسيح مقدسة، شاهدة لحق المسيح تحت نير واضطهاد المزيِّفِين للقداسة، أبناء الظلمة، الذين ليسوا من الكنيسة بل من إبليس، يقول القديس يوحنا، "أيها الأولاد لا يضلكم أحد من يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار. من يفعل الخطية فهو من إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ لأجل هذا أُظهِر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1 يو 3: 7-8).
يُعَرِّف القديس إريناؤس (القرن الثاني) الكنيسة بقول رائع فيقول، "حيث توجد الكنيسة المسيح موجود في الوسط، وحيث يوجد المسيح في الوسط توجد الكنيسة". فحيث المسيح في الوسط هناك قداسة وهذه هي أهم علامة للكنيسة. فعندما يكون هناك كذب وخديعة وتآمر وغش وبغض وخيانة وغيرة مرة وتحزب، فلا يمكن أن يكون المسيح في الوسط، كما يقول القديس يعقوب الرسول، "ولكن إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية." (يع 14:3). فهذه ليست الكنيسة. الأسقف الذي يكذب بلا خجل وهو يعرف أن كل الناس تعلم أنه كذاب، ومع ذلك يصر على كذبه دون خوف الله، هل هو الكنيسة أو حتى ممثل لها؟! يقول السيد المسيح، "أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب" (يو 44:8). ليتنا ندقق في كلمات السيد المسيح فكل من لا يثبت في الحق وكل كذاب -كائنا من كان- هو ابن لإبليس. لذلك يقول لنا المسيح محذِّرا، "من ثمارهم تعرفونهم، هل يجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا...فإذا من ثمارهم تعرفونهم (مت 7: 16،20). فالثمر هو الذي يفرق بين الكنيسة وأولاد إبليس. فما هو ثمر لمن تلقبهم بالكنيسة؟!!!!
"البلوى المحرقة الحادثة بيننا" اليوم في الكنيسة -حسب تعبير القديس بطرس (1بط 12:4)- هو ظهور بدعة خبيثة تسللت خِفية دون أن يفطن لها أحد. وهي تُعلِّم أن هناك أفراد اسمهم الكنيسة. هؤلاء الأفراد لأنهم الكنيسة لا يملك أحد أن يوجه لهم أي نقد أو يصحح أخطاءهم وإلا يكون قد أهان الكنيسة. ويلزم طاعتهم بدون تفكير لأنهم الكنيسة حتى لا يحل على المخالف الغضب الإلهي. وخطورة هذه البدعة الخطرة أنها تفشت بشكل سرطاني حتى أن الإكليروس بكافة درجاته أصبحوا يستعملونها ليسكتوا الحق والتعليم الصحيح بالإثم. وبذلك فإن طاعة الحق المعلن في الكتاب المقدس ليس له أهمية أمام طاعة الكنيسة المزعومة المخالفة لكل حق. يقول القديس بولس، "لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم" (رو18:1). فمنع الحق بالإثم يعتبره القديس بولس فجوراً!!!!
لست أعرف كيف ومتى تسللت هذه البدعة الشيطانية الفاسدة المتلفة لكنيسة الله لتمنع الحق بالإثم؟ إنها أشد خطرا بما لا يقاس من بدعة "عصمة البابا من الخطأ (في التعليم)" التي ظهرت عند الكاثوليك في العصور المظلمة. فالبدعة الكاثوليكية كانت مقصورة على بابا روما وحده، أما هرطقة اليوم في الكنيسة القبطية فهي متسعة ومفتوحة. فكلمة "الكنيسة" المفروض أنها مقدسة أصبحت كلمة هلامية يمكن أن يستغلها أي واحد من الإكليروس ليغطي جرائمه وشروره، فيعطيها الشرعية تحت مسمى الكنيسة. فيعرِّفون "الكنيسة" كما يشاءون ويخلعونها على من يشاءون ليستخدموها كقوة دفاعية لحماية الفساد والمفسدين. وتقوم بدعة أخرى لتكمل الأولى، هي أن "الكاهن ينطق بالروح القدس". من هو العقل الشيطاني الذي أفرز هذا الزوان وكيف بذره في الكنيسة فيما الناس نيام؟ (مت 25:13).
الكنيسة مقدسة هي الشاهدة لحق المسيح وآلامه وقيامته في العالم. ليست هي التي تثير العثرات "فتُشَهِّر بابن الله" في العالم بحسب تعبير القديس بولس. إنها لجريمة أن نقلص حجم الكنيسة فنحصرها في قلة من الأفراد المتسلطين. والجرم الأعظم أن نُمكِّن هؤلاء الأفراد من هيمنتهم على الكنيسة بالقوة والقهر فنسميهم الكنيسة!!! الكنيسة هي جسد المسيح الواحد المثخن بالجراح من الذين كسروا كل قانون، وأفسدوا كل تعليم، الذين يقولون للنور ظلمة وللظلمة نور، للخير شر وللشر خير. فيا كنيسة الله المقدسة "اعزلوا الخبيث من بينكم".
وتظل الكنيسة ظاهرة متألقة في قديسيها وقدسيتها، والمسيح رأسها وحاضر في وسطها، يعمل بها، وهي تعمل من خلاله، فتشهد لبر الله بالحق لا بالكذب. بل تشهد أمام السمائين كما يقول القديس بولس عبارته الخطيرة، "لكي يُعرَّف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة" (اف 10:3). فإن كانت الكنيسة تشهد بحكمة الله المتنوعة ليس فقط للعالم بل تعرِّف بذلك الرؤساء والسلاطين في السماويات فمن ذا الذي يجسر أن يصفها بالتخلف والجهل؟!!!!
أما التخلف والجهل فهو الموقف المذري الذي وقفه الأساقفة من مطالب الإصلاح، والموقف المتخلف جدا الذي وقفه البابا من جريدة وطني والذي يمثل عارا سجله التاريخ على هذا الجيل كله الذي يسمح بهذا القدر من الرجعية في القرن الواحد والعشرين. إن التخلف الحقيقي هو القضاء على المؤسسات التعليمية؛ الكلية الإكليريكية، ومعهد الدراسات القبطية، واللجنة العلية لمدارس الأحد، حتى يتسلطوا على شعب يجهل حقوقه الكنسية في هذا العصر الأسود. التخلف يتضح في تكميم الأفواه بالإرهاب والتخويف ومنع الصلاة على المتنيح أبونا إبراهيم عبد السيد، شهيد الحق الشجاع الذي كان سابقا في النضال لأجل الإصلاح، فوقف وحده يدافع عن الحق في كتاباته وكتبه. التخلف هو الموقف المخجل الذي قام به البابا بإيقاف مجلة مدارس الأحد ومنعها من التوزيع (في بداية التسعينات) عندما طالبت بالإصلاح ونبهت للوضع الكنسي المتردي، وما تبع ذلك من مهاجمة الرجل العظيم رائد الإصلاح الوديع المرحوم الدكتور سليمان نسيم ووصفه "بالعدو". كما قرر إبعاد الأستاذ كمال زاخر عن المجلة. وكل هذا ليس من الكنيسة في شيء بل من أناس فرضوا سلطانهم بالإرهاب والتخويف، من أجل مصالح شخصية متدنية لا علاقة لها بسر الكنيسة المقدسة التي تتألق لا بالكذب والغش بل بالبر والعدل والرحمة. ليتك يا أخ تعيد قراءتك للمقال الذي تطرح عليه ادعاءاتك وافتراءاتك، حيث قلت في مقالي: [هل الشعب وجد كله لأجل البطريرك وكهنته أم أن الكهنوت وجد لخدمة الشعب؟!!! هل البابا هو سيدنا أم الخادم بحسب تعريف السيد المسيح في الكتاب المقدس وفي كتب الكنيسة والتقليد الرسولي؟!!! هل الكهنوت وضع للتسلط لكي "يسود على الأنصبة" بحسب وصف القديس بطرس الرسول لأساقفة آخر الزمان (1بط 3:5)؟ أم أن "الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 11:10) بحسب المواصفات التي وضعها السيد المسيح للراعي؟!!!]. هل هذا هو ما تقول عنه أنه وصف للكنيسة بالجهل والتخلف؟!!!!!
من فضلك حاول أن تجيب على الأسئلة المطروحة في المقال لعلك تدرك الحق بحسب الإنجيل والتقليد الكنسي، فتعرف أن كل مقالاتي هي صرخات للدفاع عن الكنيسة المعذبة!!! إن مطلب الإصلاح الكنسي لا يرفضه إلا المتخلفون أو الجهلة أو أعداء الكنيسة.
ولنتابع الإجابة على باقي الأسئلة في مرة أخرى بإذن الله مع تحياتي الخالصة
#سامي_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطالب الإصلاح ورد الفعل -1
-
القوانين الكنسية لانتخاب بابا الإسكندرية... والأنبا شنودة
-
ما بين التحضر والتحجر... (2) البابا بندكتوس... والبابا شنودة
-
ما بين التحضر والتحجر... (1) البابا بندكتوس... والتطرف الإسل
...
-
لجنة تثبيت أم إفساد العقيدة .. والأب متي المسكين
-
مقالات مرفوضة بالحوار المتمدن
-
المجتمع القبطي ...كيف كنا وماذا أصبحنا وكيف؟
-
لبنان ... وا لوعتاه
-
جيل غيَّبَه التدين المريض
-
من الرجال من لا يموتون ... -أبونا متَّى المسكين-
-
الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة-2
-
الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة
-
نشاط الجماعة المحظورة في مصر علامة حكم يتهاوى
-
لا تدينوا لكي لا تدانوا
-
(1) -التعصب الديني في مصر
-
ماذا حصد الأقباط من موقف البابا شنودة من انتخابات الرئاسة
-
الشعب القبطي يتمزق بين شقي حجر الرحى -الدولة والكنيسة- 2
-
الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
-
أكتوبر؛ ختاما لحرب الست سنوات -الفصل الأول
-
الإرهاب والقهر والتكفير والفساد في الكنيسة القبطية
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|