أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - خطاب عمران الضامن - الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة: 1 الابتزاز من مواقع وسطى وسرقة حقوق الأفراد















المزيد.....

الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة: 1 الابتزاز من مواقع وسطى وسرقة حقوق الأفراد


خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)


الحوار المتمدن-العدد: 8169 - 2024 / 11 / 22 - 08:03
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


منذ أن انجلى غبار المعارك مع قوى الإرهاب الدولي عن سماء العراق عام 2017م، وتحديداً في مدينة الموصل التي شهدت سحق القوات المسلحة العراقية لبقايا تنظيم داعش الإرهابي، بدأت الصور البشعة لعمليات استغلال المناصب الحكومية ونهب الأموال العامة والخاصة تتضح للعيان شيئاً فشيئاً، بعد ان غطت عمليات القتل والتفجير والتفخيخ التي نفذتها التنظيمات الإرهابية على هذه المشاهد منذ عام 2003م، فُشِغل الشعب والرأي العام والإعلام بسٌبل مواجهة الإرهاب وحفظ الدم العراقي كأولوية قصوى.

أما على المستوى الشخصي، فقد كان شغلي الشاغل وهمي الأول خلال المدة 2003م – 2017م هو البقاء على قيد الحياة، في مدينة مليئة ومحاطة بالعصابات الإرهابية التكفيرية التي تنفذ عملياتها الاجرامية بشكل يومي، وهي عمليات الخطف والاغتيال وتفجير المباني الحكومية والخاصة والسيارات المفخخة في الأماكن العامة، وزرع العبوات الناسفة في الطرق وفي سيارات الضحايا، والتي راح ضحيتها المئات من أقاربي واصدقائي ومعارفي في مدينة الشرقاط شمال تكريت، أتذكر جيداً كيف كانت ركبي تتورم وتنزف أحياناً نتيجة لعمليات الفحص التي اجريها تحت سيارتي جاثياً على ركبتي، للتأكد من عدم وجود عبوة لاصقة.

أمام هذا الخوف والرعب المستمر، لم تكن من أولوياتي الاهتمام باي شي سوى النجاة من القتل، والتعاون مع القوات الأمنية للقضاء على تلك المجاميع الإرهابية الظلامية.
اليوم وبعد أن حل الأمن والسلام في العراق عموماً، وفي محافظتي ومدينتي على وجه الخصوص، وكوني مراقب ومتابع لمعاملات المواطنين في دوائر الدولة ومؤسساتها، اكتشفت بشاعة وشناعة الفساد الإداري والمالي الذي يجري في بعض تلك الدوائر والمؤسسات، فتوصلت إلى نتيجة مفادها ان الفساد يمثل الوجه الثاني للإرهاب دون تضخيم أو مبالغة، فبعد أن سَفَّك الإرهاب دماء العراقيين ونهب أموالهم ودمر دورهم وبناهم التحتية، يسفك الفساد اليوم دماء العراقيين عن طريق نهب مخصصات الادوية والخدمات الصحية، يقتلهم عندما يسرق رواتبهم وحقوقهم التقاعدية، وينهب الأموال المخصصة للطرق والجسور والكهرباء والتربية، ينهي حياتهم عندما يُخرب اقتصادهم الزراعي والصناعي فيدفعهم إلى ادنى مستويات الفقر والجوع، وما إلى ذلك من صور الفساد المالي والإداري التي لا حصر لها.

مثال واقعي

كنت شاهداً على واحدة من عمليات نهب حقوق المواطنين المستضعفين، وهو أحد أقاربي، واليكم تفاصيل هذه العملية التي ترقى إلى مستوى جريمة منظمة:

هذا الرجل هو أحد الاسرى العراقيين الذين عادوا من إيران بعد عام 2003م، وهو من ومواليد عام 1954م، وبسبب انهيار الدولة خلال نفس العام، والعمليات الإرهابية التي ذكرناها، تأخرت معاملته التقاعدية، وازداد الأمر تعقيداً نتيجة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق شمال غرب العراق عام 2014م، وعلى اية حال جاءني هذا الرجل عام 2021م طالباً للعون والمساعدة، وأبلغني أنه راجع المؤسسة المعنية في بغداد لعشرات المرات دون جدوى، ففي كل مرة يتم إبلاغه بأن اسمه غير موجود وعلية أن ينتظر.

طلبت من أحد السياسيين المتنفذين أن يساعد هذا الرجل عن طريق علاقاته، فتعهد بحسم الموضوع إكراماً لي ولجهودي في حملته الانتخابية، وضل يماطل ويسوف حتى فاز بانتخابات مجلس النواب لعام 2021م، ثم تنكر بعد فوزه وترك الموضوع، فاضطررت للبحث عن بديل للمساعدة.
لحسن الحظ، كان أحد أصدقائي يعمل في نفس المؤسسة، وبالرغم من كونه جُندي بسيط، إلا أنه كان نشطاً ولديه علاقات، وبعد أن أوصيته بالبحث عن معامله هذا الرجل، وتابعته لأشهر، أبلغني بالآتي:

لقد وجدت أسم الرجل الذي اوصيتني به في نظام الحاسوب عن طريق أحد الزملاء، إنَّهُ موجود في النظام منذ سنوات، عليه أن يأتي يوم الأحد القادم وسأكون بانتظاره، سأفعل كل ما بوسعي لمساعدته.

أبلغت هذا الرجل المسكين الذي عانى من ظروف كبر السن والمرض والفقر والحرمان، بسبب عدم استلام راتبه التقاعدي، ابلغته بوجود أسمه، ففرح وذهب إلى الموعد بعد أن أمنت له مصاريف النقل والمبيت من الموصل إلى بغداد.

تمكن صديقي الجندي الشهم من متابعة إجراءات المعاملة، ونجح باجتيازها لمراحل طويلة ومعقدة، وبعد أشهر من المراجعات والمتابعة حصل الرجل على بطاقة الماستر كارد الخاصة براتبه التقاعدي.

أثبت صديقي أنه أكبر وأهم وأنبل وأشجع من سياسي وعضو مجلس نواب كاذب وغادر، من خلال موقفه الإنساني الذي طبق مقولة طالما آمنت بها ورددتها؛ وهي أن الرجال تصنع القيمة لمواقها، وليس العكس.

تعطيل متعمد وابتزاز

مضت الأيام والاسابيع والأشهر، ومرت أكثر من سنة وهو ينتظر نزول راتبه، ومخصصاته المتراكمة إلى بطاقته دون جدوى، كان يذهب إلى مكاتب صرف المستحقات بداية كل شهر، بعد ان يتأكد من استلام المتقاعدين العسكريين لرواتبهم، لكن صاحب المكتب كان يخبره في كل مره أن بطاقته خالية من الرصيد، فيعود ادراجه خائباً مكتئباً، وقد كنت على تواصل معه خلال تلك الفترة، وفي نفس الوقت متواصل مع صديقي العسكري كي أبلغه بما يحدث، عله يجد حلاً.

وفي إحدى لقاءاتي مع صديقي مع العسكري، وبعد إلحاحي عليه في هذا الموضوع، أبلغني بالآتي:

أبو عبدالله؛ الوضع في مؤسستنا صعب جداً ومعقد، لدينا مافيات من الموظفين الفاسدين المدعومين من موظفين ومدراء أكبر، الجميع يعمل من أجل الحصول على المال، وهذا المال يذهب إلى أعضاء هذه المافيات ووسطائها على شكل حصص متفق عليها، لذلك يتم تعطيل صرف مستحقات هذا الرجل ومستحقات المئات من أمثاله، أنهم يخططون للاستيلاء على المستحقات المتراكمة لهؤلاء المتقاعدين وعوائلهم، لقد كنت شاهداً على مساومتهم لعوائل متقاعدين متوفين جاءت من جنوب العراق، ساوموا أحدهم أمامي وهو رجل مسن، لقد اخبرهم بأنه باع حصة عائلته التموينية من الزيت والرز ليتمكن من توفير أجرة التاكسي للوصول إلى بغداد، لكنهم أصروا على مساومته!، قال هذه الجملة ثم أردف قائلاً: ولك ان تتخيل ما يحدث.

البحث عن وسطاء

أمام هذه الوقائع الصادمة، والتعطيل المتعمد لصرف مستحقات الشيخ الأسير، اضطر للاستعانة بوسطاء للفاسدين، فتعهدوا له بصرف راتبه، مقابل استيلائهم على كامل مستحقاته المتراكمة، ولحساب مستحقاته المتراكمة التي جرى الاستيلاء عليها، يمكننا استخدام المعادلة التقريبية الاتية: الراتب التقاعدي المستحق × عدد السنوات المستحقة × عدد اشهر السنة، وبما أنه مستحق للراتب التقاعدي منذ عام 2003م فتكون عدد السنوات المستحقة عام 2023م عشرون سنة كاملة، بالتالي فان مستحقاته المتراكمة = 635000 الف دينار × 20 سنة × 12 شهر = 152400000 أي مئة واثنان وخمسون مليون واربعمائة الف دينار عراقي، ولنا أن نتخيل حجم الظلم الذي تعرض له هذا الرجل الفقير الذي لازال يعيش في منزل غير مكتمل مع عائلته المسكينة، ومثله الآلاف من المتقاعدين وذوي الشهداء!!.


المثال الذي ذكرناه يمكن تعميمه على الكثير من عمليات المساومة على الحقوق في مؤسسات أخرى، ومنها تعويضات المتضررين من العمليات الإرهابية، العقود العامة في المحافظات والوزرات وغيرها، وهي بمجملها توضح شناعة الفساد الإداري والمالي وضراوته وفتكه بأموال شعبنا العراقي وحقوقه المشروعة.

سوف نكمل معكم الحلقة الثانية من هذا الموضوع تحت عنوان:

الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة: 2 النهب من مواقع عليا وسرقة أموال الشعب



#خطاب_عمران_الضامن (هاشتاغ)       Khattab_Imran_Al_Thamin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبودية النفسية
- القيم الدينية والإنسانية عند الشخصية المكيافيلية
- إيهام الجماهير
- المكيافيليون الجُدد
- القرارات الاقتصادية لحكومة السوداني (خلال ستة أشهر) وآثارها ...
- انخفاض كبير في مبيعات نافذة بيع العملة وايرادات الدولة العرا ...
- في الكرم الحقيقي والكرم المصطنع.
- خفض قيمة الدينار العراقي المبررات والمخاطر
- حول تأدية واجبات العزاء في زمن كورونا.
- إغتيال المفكر والمحلل الأمني العراقي هشام الهاشمي.
- تغيير نظام الحكم في العراق صارَ ضرورةً مصيرية.
- أزمة خدمة الكهرباء في العراق أسباب التعثر وسُبل النجاح.
- التحديات الاقتصادية التي تواجهها حكومة الكاظمي وسبل مواجهتها ...
- حذف الأصفار والقدرة الشرائية للدينار العراقي.
- الاثار الاقتصادية لأزمة كورونا 2020م على العراق وسبل مواجهته ...
- حول دعوات تقسيم العراق مع بداية عام 2020م.
- التهديد بعقوبات أمريكية على العراق وآثارها المحتملة
- في سرعة مضي الوقت.
- في أسباب انتفاضة العراق تشرين / أكتوبر 2019م.
- انتفاضة الأول من اكتوبر صفحة مُشرقة في تاريخ العراق المعاصر.


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - خطاب عمران الضامن - الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة: 1 الابتزاز من مواقع وسطى وسرقة حقوق الأفراد