تجاوز النزعات العصبية والتشدد هو ارتقاء الثقافة إلى مستوى عالي الجودة.

ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8167 - 2024 / 11 / 20 - 23:06
المحور: قضايا ثقافية
    

تجاوز النزعات العصبية والتشدد يُعتبر علامة فارقة على ارتقاء الثقافة إلى مستوى عالٍ من الجودة والرقي.

عندما يتحرر الإنسان والمجتمع من قيود العصبية والتعصب فإنه يظهر نضجًا فكريًا وروحيًا ينعكس في طريقة التفكير، السلوك وإدارة العلاقات الإنسانية.

هذا التحول لا يحدث عشوائيًا بل هو نتيجة تطور ثقافي عميق يرتكز على القيم الإنسانية الشاملة والوعي والمعرفة.

مفهوم تجاوز النزعات العصبية والتشدد:

التخلي عن التعصب الأعمى:
تجاوز العصبية يعني التخلص من الميل المفرط للدفاع عن القومية، الدين، الطائفة أو الأيديولوجيا بطريقة تُقصي الآخر أو تنفيه.

هذا لا يعني التخلي عن الهوية، بل التعامل معها بعقلانية وتوازن.

تحقيق الانفتاح والتسامح:
الانتقال من ضيق الأفق الناجم عن التشدد إلى رحابة الفكر التي تقبل التنوع والاختلاف كجزء أساسي من الطبيعة الإنسانية.

إعلاء قيمة الإنسان:
تجاوز التشدد يُظهر تقديرًا أعلى للإنسان كإنسان بعيدًا عن العرق أو الدين أو الخلفية الثقافية مما يعكس ثقافة تؤمن بالمساواة والعدالة.

كيف يعكس تجاوز النزعات جودة الثقافة؟

تعزيز القيم الإنسانية العليا:
ثقافة راقية تعلي من شأن الأخلاق والقيم المشتركة بين البشر مثل العدل، الرحمة والكرامة.

تصبح المصلحة العامة فوق المصالح الضيقة المبنية على الانتماءات العصبية.

الارتقاء بالفكر النقدي:
التخلص من التشدد يعني تعزيز التفكير النقدي المستقل حيث يعتمد الإنسان على المنطق والعقل بدلاً من الانقياد الأعمى.

يُصبح المجتمع أكثر قدرة على تحليل الأفكار بموضوعية مما يقلل من النزاعات.

تعزيز التعايش السلمي:
ثقافة خالية من العصبية تُتيح للجماعات المختلفة أن تعيش معًا في وئام مما يؤدي إلى استقرار اجتماعي وسياسي.

الإبداع والابتكار:
التحرر من قيود التشدد يُفتح المجال للإبداع.

المجتمع الذي يقبل التنوع الفكري يتمتع بتعدد وجهات النظر وهو ما يعزز الابتكار في جميع المجالات.

دلائل على الثقافة ذات الجودة العالية:

الوعي بالاختلاف كقوة:
الثقافة الراقية تدرك أن التنوع ليس مصدرًا للانقسام بل هو ثراء يُعزز الفهم المتبادل ويُحفز النمو الاجتماعي والفكري.

هيمنة الحوار على الصراع:
بدلاً من فرض الأفكار بالقوة أو العنف تُصبح الكلمة والحوار الوسيلة الأساسية لحل النزاعات والتواصل.

رفض الإقصاء والتهميش:
ثقافة متقدمة ترفض أي شكل من أشكال الإقصاء على أساس الدين، العرق، أو الفكر وتعمل على ضمان مشاركة الجميع في بناء المجتمع.

التعلم المستمر:
الثقافة المتطورة تُشجع على التعلم والبحث عن الحقيقة مما يؤدي إلى تقليل الجهل الذي يغذي العصبية والتشدد.

العوامل التي تساعد على تجاوز النزعات العصبية:

التعليم الواعي:
تعليم يُعزز التفكير النقدي، ويُركز على القيم الإنسانية المشتركة ويُشجع الحوار البناء.

دور الإعلام والثقافة:
الإعلام الإيجابي والفن الراقي يسهمان في تغيير العقليات المتشددة ونشر ثقافة التسامح.

القيادة الحكيمة:
وجود قادة ومفكرين يدعون إلى الوحدة والاعتدال بدلًا من التشدد يُساعد في خلق بيئة ثقافية متطورة.

التطور الاقتصادي والاجتماعي:
التنمية تقلل من التوترات الناتجة عن الفقر أو عدم المساواة والتي غالبًا ما تكون وقودًا للعصبية.

تجاوز النزعات العصبية والتشدد هو قفزة حضارية تعكس نضج المجتمع وثقافته.

عندما يصل الأفراد والجماعات إلى مرحلة يتجاوزون فيها حدود الأنا الجماعية ويدركون أن التنوع الإنساني ثراء وليس تهديدًا فإنهم يبنون ثقافة قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار والازدهار.

هذا التقدم يعكس ثقافة متجذرة في القيم الأخلاقية والفكرية، ويؤسس لمجتمع أكثر عدلاً وسلامًا.

#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات