خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8167 - 2024 / 11 / 20 - 20:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سوريا، التي كانت رمزًا للكرامة والقوة في تاريخ العرب الحديث، تعيش اليوم مرحلة من التحدي والضياع. الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، مثل القصف الأخير على تدمر الذي أسفر عن مقتل 36 شخصًا وإصابة أكثر من 50 آخرين، تُظهر بشكل صارخ غياب الرد الحاسم من دمشق. هذا الواقع المؤلم يثير تساؤلات محورية: هل ما زالت سوريا دولة ذات سيادة؟ أم أنها تحولت إلى ساحة مفتوحة للتدخلات الخارجية؟
منذ أكثر من عقد، تعيش سوريا صراعًا داخليًا أنهك مؤسساتها وأضعف قدراتها العسكرية والسياسية. وسط هذا المشهد المعقد، تأتي الاعتداءات الإسرائيلية لتعمق الجرح وتزيد من الشعور بالضعف. الرد السوري، أو بالأحرى غيابه، يطرح علامات استفهام حول قدرة الدولة على حماية أراضيها وشعبها. فأين النخوة السورية التي عرفناها عبر التاريخ؟ ولماذا تبدو القيادة اليوم وكأنها غائبة عن المشهد، مكتفية بالإدانات اللفظية؟
الأسباب وراء الصمت السوري
هناك عوامل عديدة تفسر هذا الصمت المريب، منها:
الإنهاك العسكري: الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات استنزفت الجيش السوري وموارده، مما جعله يركز على الصراعات الداخلية أكثر من مواجهة الاعتداءات الخارجية.
الحسابات السياسية: التحالفات الدولية والإقليمية التي ترتبط بها سوريا تجعل من الصعب اتخاذ مواقف تصعيدية تجاه إسرائيل، خشية تعقيد الأوضاع أكثر.
الاقتصاد المنهار: العقوبات الاقتصادية وتراجع الموارد يجعل من الصعب تخصيص ميزانية للدفاع أو بناء استراتيجية عسكرية فعّالة.
النخوة السورية: شعب حي وقيادة غائبة
الشعب السوري، رغم كل ما مرّ به، لم يفقد نخوته ولا وطنيته. ولكن الإحباط واليأس بدأ يتسلل إلى نفوس الكثيرين، خاصة عندما يرون بلادهم تتعرض للعدوان دون أي رد. القيادة السياسية، من جهتها، تبدو عاجزة عن استعادة زمام المبادرة، مما يزيد الفجوة بين الشعب والحكومة.
إلى متى يستمر هذا الواقع؟
لا يمكن لسوريا أن تستمر على هذا النحو دون أن تفقد المزيد من سيادتها ومصداقيتها. تحتاج البلاد إلى مشروع وطني شامل يعيد بناء الجيش، ويوحد الصفوف، ويضع حدًا للتدخلات الخارجية. الرد على الاعتداءات الإسرائيلية لا يتطلب فقط القوة العسكرية، بل يتطلب أيضًا رؤية سياسية ودبلوماسية تعيد لسوريا مكانتها على الساحة الإقليمية والدولية.
حتى ذلك الحين، يبقى المشهد السوري مؤلمًا، وتبقى الأسئلة معلقة بلا إجابات واضحة.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟