نايري عبدالله الشياعي
الحوار المتمدن-العدد: 8167 - 2024 / 11 / 20 - 18:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو ومنظر الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية جون ميرشايمر "أن الاخلاق لا تضع الحدود في السياسة الدولية بل القوة هي من تفعل ذلك". واستناداً لمقولتهُ أن الدولة التي تمتلك القوة هي من تسيطر على العالم وهي من تحدد وترسم مستقبل العلاقات الدولية والنظام العالمي الجديد. وعلاوة على ذلك بدأ العالم يراقب ويتعقب نتائج الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الاميركية في 5/11/ 20224 والتي شغلت حيزاً واسعاً ما بين خبراء والمحللين السياسيين الكبار المهتمين في الشؤون الدولية والإقليمية؛ وذلك لكون الولايات المتحدة الاميركية هي الدولة التي تمتلك القوة وقيادة النظام العالمي. إذ كانت المنافسة قوية وشديدة ما بين المرشح الديمقراطي ونائب الرئيس كامالا هاريس وبين المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ونقلاً عن وكالة (CNN) وادت نتائج الانتخابات الاميركية إلى فوز ترامب بـــ 72,602,177 مليون صوت, أي بنسبة 50.8% متفوقاً على منافستهُ هاريس بـــ 5 ملايين صوتاً. ووفقاً لشبكات الاعلام والتلفاز الأمريكي حصل دونالد ترامب على 312 صوتاً في المجمع الانتخابي بولاية اريزونا, والتي تعد ساحة منافسة ما بين الجمهوريين والديمقراطيين, مما أدى الى فوزه في جميع الولايات المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية الاميركية, متخطياً كامالا هاريس بفارق كبير, إذ حصلت مقابل المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على 226 صوتاً في المجمع الانتخابي لولاية اريزونا, وبذلك أصبح مجموع المصوتين للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بـــ 67,893,572 مليون صوت, أي بنسبة 47.5% . وعلاوة على ذلك فقد تتجاوز دونالد ترامب العدد المطلوب للفوز, أي يتطلب من المرشح أن يحصل وهو 270 صوتاً. وبذلك أصبح دونالد ترامب الرئيس السابع والاربعون (47) للولايات المتحدة الاميركية, وهذه أول مره تاريخ الولايات المتحدة يعاد انتخاب رئيساً للولايات المتحدة الاميركية مرتين.
سياسة دونالد ترامب ومواقفهُ في السياسة الخارجية
أن الفائز في الانتخابات الاميركية هو من سيحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية للسنوات الأربعة المقبلة. وعلاوة على ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو من سيرسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية طوال فترة حكمهُ. أذ يعتبر ترامب بأن أميركا ومصالحها اولاً في ظل التحديات التي يشهدها العالم والتوترات في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا. وان الأهداف الأساسية لسياسة ترامب المستقبلية هي تعزيز الامن القومي الأميركي وتوسيع الدفاعات والقوات المسلحة الأميركية, وكذلك مراجعة التزامات اميركا تجاه أوروبا وحلف شمال الأطلسي واعادة التعامل مع ملف الحرب في سوريا وأوكرانيا بحزم, والتعامل مع روسيا وأوكرانيا والصين عن طريق اتفاقات وصفقات دولية, وتعزيز الدبلوماسية مع حلفاء أمريكا والحفاظ على مصالحهم المشتركة وضمان أمن حدودهم ومواجهة الارهابين وتعزيز ضوابط الهجرة. كما يدرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن وجود الفصائل المسلحة الموالية لإيران خطر يهدد طموح إسرائيل المتمثل بقيام دولة إسرائيل الكبرى, وكذلك يهدد مصالح أميركا وحلفائها في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك سيبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتبني سياسات ومواقف أكثر حزماً وتشدد تجاه تلك الفصائل.
1_ سياسة دونالد ترامب ومواقفهُ المستقبلية تجاه حزب الله وحماس
يمثل حزب الله الثقل الأكبر لمحور المقاومة والفصائل المسلحة لكونه يمتلك القوة والتأثير وقدرتهُ على ضرب المواقع الحيوية لإسرائيل؛ وذلك بسبب لقرب الموقع الجغرافي ما بين إسرائيل ولبنان. والدليل على ذلك قيام إسرائيل بأتخاذ مواقف أكثر حزماً وتشدداً تجاه حزب الله ومحاصرته اقتصادياً واغتيال أبرز قيادته ولاسيما اغتيال أبرز قياداتهم ومنهم أسماعيل هنية ويحيى السنوار ونصر الله وهاشم صفي الدين, وبعض قيادات حزب الله وحماس والحرس الثوري, حيث بدوا يتساقطون واحداً تلو الاخر أشبه بلعبة الدومينو. وعلاوة على ذلك أرى بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعمل على دعم الجهود الإسرائيلية وتشجيعها على توجيه ضربات تكتيكية لحزب الله, فضلاً عن ابعادهم عن المفاوضات المستقبلية التي ستحدد مصير غزة. كما يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعمهُ لإسرائيل وتدمير حماس بالكامل وتشتيتها ومنعها من أعادة ترتيب صفوفها, ولن يعارض ترامب أي شكل من اشكال الهجمات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة ويدعو الى انهاء الحرب وعدم تطبيق قرار وقف أطلاق النار, ويدعوا إسرائيل إلى كسب حربها ضد الإرهاب وتحقيق السلام, وتشجيعها على انشاء مناطق عازلة تحمي حدودها وأمنها القومي وقبتها الحديدية ويعتبر ترامب قرار انهاء الحرب في غزة هو قرار إسرائيلي بحت. فضلاً عن معارضة ترامب للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الجامعات الاميركية, إذ شجع الشرطة الاميركية بأخلاء المخيمات وأقترح بإلغاء التأشيرات للطلاب الذين يتبنون آراء معادية للولايات المتحدة الاميركية او معادية للسامية او معادية لإسرائيل. وأكد بأنه لو كان في الحكم لما حدثت هجمات 7 أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى). وارى أيضاً بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعمل في فترة حكمه الجديدة إلى استئناف اتفاقيات السلام (اتفاقيات ابراهام) وإعادة صفقة القرن والتي تضمنت إقامة دولة فلسطينية والحفاظ على مستوطنات إسرائيل في الضفة الغربية وعزل حماس سياسياً ودبلوماسياً واستكمال سياسة تطبيع الدول العربية والشرق الأوسط مع إسرائيل وتقديم المزيد من الدعم الى إسرائيل وتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وتشجيعيها على توجيه ضربات تكتيكيات للجماعات المسلحة المعادية لإسرائيل وامريكا, وانهاء الحرب في غزة عن طريق مفاوضات دبلوماسية وتسويات سياسية باشراف مباشر من الولايات المتحدة الأميركية تحت رعاية تميل لصالح إسرائيل وتتبنى مواقف مناصرة لإسرائيل ولاسيما نزع سلاح المقاومة وقطع الامدادات والدعم اللوجستي عنها وابعاد حماس عن المفاوضات, وتشديد الحصار على غزة. فضلاً عن ذلك سيدعم ترامب المبادرات والمفاوضات الإسرائيلية المستقبلية التي تعزز سيطرتها على الضفة الغربية والقدس الشرقية, ومنع التحقيقات الدولية ومنظمات الدولية الإنسانية التي تتهم إسرائيل بانها تنتهك حقوق الانسان في غزة ولبنان والدليل على ذلك موقفه السابق من المحكمة الجنائية الدولية.
2_ سياسة دونالد ترامب المستقبلية تجاه الفصائل العراقية المسلحة
يدرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن القرار السياسي العراقي تسيطر عليه الفصائل المسلحة الموالية لإيران ويعلم جيداً ان الفصائل المسلحة هي من تتحكم بالمشهد السياسي العراقي. وكذلك الظروف والتقلبات الاقتصادية غير المستقرة في العراق التي تنعكس بشكل مباشر على استقرار النظام السياسي في العراق. فضلاً عن ذلك وجود تلك الفصائل سيضع العراق أمام مسار صعب ولاسيما قيام تلك الفصائل بتنفيذ هجمات ضد إسرائيل وتبينها بأنها قامت بهجوم عبر طائرات بدون طيار (طائرات مسيرة) بالهجوم على إسرائيل, وأدت تلك الهجمات الى مقتل جندين أسرائيلين. وقد نشرت هذا الخبر وكالات إعلامية إسرائيلية, وأكدت بأن إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد الجماعات الشيعية المتطرفة في العراق. بالتالي هذه الضربات ستضع العراق في منعطف خطير ربما سيعرض العراق الى الضربات الجوية الإسرائيلية. وينبغي التذكير أن إسرائيل ارادت ضرب الفصائل العراقية المسلحة ورد اعتبارها امام العالم غير أن الولايات المتحدة الامريكية منعت الضربة الإسرائيلية على الفصائل العراقية المسلحة في ذلك الوقت, وذلك لاعتبارات سياسية دولية ربما تتعلق بمصالح الولايات المتحدة الامريكية في الخليج العربي والعراق او مصالح حلفائها وامنهم بالمنطقة, او ربما اعتبارات تتعلق بالاتفاق النووي الإيراني أي انتظار نتائج ما يجري مستقبلاً في المفاوضات الإيرانية_ الأميركية حول الاتفاق النووي الإيراني. فضلاً عن ذلك أن الولايات المتحدة الاميركية في تلك الفترة كانت مشغولة بالانتخابات الرئاسية لعام 2024. وينبغي التذكير أيضاً أن عدم استقرار العراق وسياسياً واقتصادياً هو مصلحة أميركية, فالولايات المتحدة الاميركية لا ترغب باستقرار العراق في هذه الفترة الحالية؛ ذلك أن استقرار العراق وبناء دولة عراقية قوية تعمل على الحفاظ على سيادتها ومصالحها, وبالتالي كل ذلك سيجعل العراق دولة توازن إسرائيل بالمنطقة, وهذا الامر لا ترغب به إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية, وهنالك شواهد تاريخية على ذلك وهي قيام إسرائيل بضرب مفاعل تموز العراقية (الاخوين تموز او أوزيراك) في عام 7/6/1981 عن طريق غارة جوية سميت بعملية اوبرا او عملية بابل. وفي الوقت نفسه الولايات المتحدة الاميركية لا ترغب بترك العراق وثرواتهُ تحت سيطرة ايران بشكل كامل. ووفقاً لما سبق أرى بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعمل على زيادة عدد القوات المسلحة الاميركية في العراق والتريث بسحبها من العراق. أو ربما أعادة تسميتها تحت مسمى "مستشاريين" او ربما سيعمل الرئيس الأميركي على سحب القوات المسلحة الاميركية من العراق وهذا لا يتم الا عن طريق وضع شروط أميركية صارمة على العراق. وكذلك سيعمل ترامب على فرض قيود اقتصادية على المصالح الاستثمارية والشركات الاقتصادية الإنمائية للفصائل المسلحة عن طريق تشريع قوانين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركي, ومراقبة الأرصدة المالية لقادة الفصائل او حجز أموالهم في البنوك الأميركية والأوروبية عن طريق نظام الفيدرالي الأميركي وأهم هذه الشركات هي شركة المهندس العامة؛ بسبب أدعاء الإدارة الاميركية والرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن تلك الشركات تمول وتدعم الحزب الثوري الإيراني ونشاطات ايران في المنطقة. وكذلك ستعمل الإدارة الاميركية على توجيه ضربات تكتيكية للقواعد والمقرات التابعة لتلك الفصائل.
3_ سياسة دونالد ترامب المستقبلية تجاه الحوثيين
أرى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتخذ سياسات ومواقف أكثر تشدداً وحزماً تجاه الحوثيين والدليل على ذلك انتقاده لسياسة ومواقف جو بايدن وتهاونه مع هجمات الحوثيين على السفن الاميركية والسفن التجارية الإسرائيلية في البحر الأحمر. كما أرى بأن ترامب سيعمل على فرض عقوبات اقتصادية على الحوثيين وإعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية واغتيال قياداتهم وتوجيه ضربات على مقرات الحوثيين وارغامهم على تغيير سياساتهم وتشتيتهم ووقف الدعم اللوجستي والدليل على ذلك أكد المحلل السياسي والعسكري الأميركي في معهد هدسون ريتشارد وايتز "أن التوجههات الأميركية في عهد ترامب تجاه الحوثيين لن تكون بمعزل عن توجهاتها تجاه ايران". ويعني ذلك " أن الولايات المتحدة الأميركية ستخذ سياسات مماثلة تجاه الحوثيين وايران". ووفقاً لما سبق أرى بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون أكثر تشدداً وحزماً تجاه الفصائل المسلحة دون حدوث الحرب المباشرة ولاسيما تجاه حزب الله لكونه القوة الكبرى لمحور المقاومة. وارى ان السياسة الخارجية الأميركية تغيرت وابتعدت عن فكرة الحروب, وان الولايات المتحدة الأميركية دولة مؤسسات وتحكمها المصالح والمنفعة الاقتصادية.
#نايري_عبدالله_الشياعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟