أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - .. النساء والنبي ....-1-..؟















المزيد.....


.. النساء والنبي ....-1-..؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 11:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( لمحة عن الكاتب وأعماله في مطلع مقالنا – معجزة القرآن) الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006
ولاحظ إغنارغولد زيهر أنّ ما من دين آخر تشتمل كتبه ورواياته أيَّ قدْرٍ مما يشتمل عليه القرآن ، والسِّير من المعلومات الصريحة المفصّلة عن سيرة مؤسس الإسلام وحياته الخصوصية . ولقد أورد غولدزيهر ملاحظته هذه على سبيل الإعجاب والتقدير في كتابه القيّم عقيدة الإسلام وشريعته ، في فصل يتناول فيه الحقيقة التاريخية حسنة التوثيق المتعلّقة بما كان لدى النبي محمد من شهوة متنامية للنساء .
وفي حين أنّ مانملكه من معلومات عن حياة عيسى وموسى ، دعْ عنك إبراهيم ونوح ، قد غشّي بغيوم من غبار الأساطير الشعبية والتحيّز الديني والعرقي ، فإن لدينا في الآيات القرآنية والأحاديث الموثوقة ، والِسِّيَر الباكرة مئات من الروايات عن حياة محمد لم تُعمَل بها يدُ التحريف المنحاز أو التشويه المُغرِض . والأهم من بين هذه المصادر هو القرآن ، الذي يمكن أن نتحصّل منه على معرفةٍ بكثير من حوادث ذلك الزمن سواء على نحوٍ مباشر ، من آيات معينة ، أم على نحوٍ غير مباشر من الروايات التي يقدمها المفسّرون عن أسباب النزول ، علماً أنّ عدد الآيات المعنية بحياة النبي الخصوصية هو من الكبر بمكان .
يجمعُ المفسرون على أن الآية 54 من سورة النساء قد تنزّلت بعد انتقاد اليهود شهوة محمد للنساء ، زاعمين أن لاهمّ له إلاّ في النكاح . تقول الآية : ( أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ) فاليهود كانوا يحسدون محمداً على ما آتاه الله من فضله من النبوّة وكثرة النساء. والجملة الثانية في الآية ترد على قولهم أنّه لو كان نبياً لانشغل عن النساء ، فتشير إشارة واضحة إلى داود ، الذي كان له تسع وتسعون امرأة . وسليمان ، الذي كان له ألف ما بين حرّة وسرية ، دون أن يقلل ذلك من مقامهما في النبوة . وبالطبع فإن مثل هذه الافتراضات ، شأنها شأن سواها من قصص ملوك بني إسرائيل ، قد زُخْرِفت بما تقتضيه الحكاية الخرافية من مبالغة وإفراط .
ولقد رأى النقاد الأوربيون إلى شهوة النساء هذه على أنها مسرفة لاسبيل للتوفيق بينها وبين الدور الروحي لرجل يدعو إلى الاعتدال ونكران الذات . بل إن بعض هؤلاء قد حسبوا أن ولع محمد بالنساء هو الذي وقف وراء تلك العناصر في الشرع الإسلامي التي ارتقت بمكانة المرأة وحقوقها . بيد أن مثل هذه الاعتراضات تخفّ وزناً حين يُنْظر إلى المسألة من وجهة نظرٍ عقلانية صرفة ، بعيدة عن الانفعال ، فمحمد بشري ، وما من بشري إلا وله نقاط ضعفه . والشهوة الجنسية غريزة بشرية ضرورية وعامل مهمّ في تفكير أي شخص وسلوكه تجاه الآخرين ؛ فلا تكون جديرة بالشجب واللوم إلاّ حين تفضي إلى سلوك يضرّ بالمجتمع ويؤذيه . وسوى ذلك فإنه لاجدوى من تناول فضائل الحياة الخصوصية لشخص من الأشخاص ورذائلها ، أو قوتها وضعفها . لقد شعّت أفكار سقراط من أثينا على اليونان بأسرها وعلى البشرية جمعاء ، والسؤال عما إذا كان قد عاش حياةً خصوصيةً منحرفةً هو سؤال نافل ما لم يكن قد سبّب بذلك أذية للمجتمع . وبالمقابل، فإنّ بمقدورنا أن نَصِفَ أدولف هتلر بالعفّة لأنّ غريزته الجنسية كانت واهنة ، هذا إن لم تكن غائبة تماماً ، لكنه كان لديه بدلاً من ذلك أفكار خبيثة دفعت العالم إلى المذابح والدمار .
لقد رأى محمد إلى نفسه على أنه بشر أسلم لربه وأخذ على عاتقه إنقاذ قومه من حمأة الوثنية . أما ولعه بالنساء وزواجه من كثيرات فلا يقلل من قيمة رسالته أو ينتهك حقوق الآخرين . فأفعال القادة العظماء وأفكارهم ينبغي أن تقوّم في سياق البيئة الاجتماعية وبمعايير نفعها للجماعة التي ينتمون إليها وللبشرية. وفي هذا الضوء ، فإن إنكار حرية الفكر والاعتقاد على الآخرين ، ذلك الإنكار المتأتي من إجبارهم على الاختيار بين الإسلام ودفع الجزية صاغرين، لهو أشدُّ قابلية للمساءلة بكثير.
وأننا لنجد ضروباً من سوء التقدير لدى المسلمين أيضاً ، لكنها من نوع آخر مختلف أشدّ الاختلاف . فلكي يعظّم هؤلاء مؤسس الإسلام ، قالوا وكتبوا أشياء تتناقض مع الآيات الواضحة في القرآن ومع الروايات في المصادر الباكرة الجديرة بالثقة . فالكاتب المصري المثقف المعاصر محمد حسن هيكل ، الذي نهض في كتابه حياة محمد بعبء تفحّص الأمور بمناهج القرن العشرين في البحث، بلغ به الاستياء من الانتقادات الغربية حدّ أنه حاول في أحد الفصول أن يدافع عن النبي بإنكار أيّ ضرب من ضروب الولع الشديد بالنساء إنكارا مطلقاً. يقول في أحد مقاطع هذا الفصل
: ظلّ محمد مع خديجة سبع عشرة سنة قبل بعثه وإحدى عشرة سنة بعده وهو لا يفكر قطّ في أن يشرك معها غيرها في فراشه (259) .. كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها يضاربون لها بشيء تجعله لهم ... واستطاع مح (ص) بأمانته ومقدرته أن يتاجر بأموال خديجة تجارة أوفر ربحاً مما فعل غيره من قبل(ً!!!)... وتزوج محمد من خديجة ... وانتقل إلى بيتها ... ليبادلها من جانبه حبّ شاب في الخامسة والعشرين لم يعرف نزوات الشباب ولا طيشه .. فلا عجب أن تجمع خديجة بين حبه والإذعان له ، ولا عجب أن تعفيه من تدبير مالها لتقوم هي على هذا التدبير كدأبها من قبل ، وأن تدع له ما شاء من فسحة الوقت ليفكر وليتأمل ... وأقام محمد (ص) وقد أغناه الله بزواج خديجة في ذروة من النسب وسعة من المال (ص113) ... وتعاقبت السنون ومحمد (ص) .. يجد في خديجة خير النساء حقاً : الودود الولود التي وهبت نفسها له ، والتي أنجبت له من الأبناء القاسم وعبدالله... ومن البنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة(ص116) ... حياة طمأنينة ودعة إذاً كانت حياة محمد (ص) في هذه السنين من عمره. ولولا احتسابه بنيه لكانت حياة نعمة بمودة خديجة ووفائها، وبهذه الأبوة السعيدة الراضية . طبيعي لذلك أن يترك نفسه لسجيتها ، سجية التفكير والتأمل (ص117).... { وحين بُعث نبياً} انطلقت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل... {وحين} عادت(ص122) ... سارعت فقصّت عليه نبأ ورقة وما حدّثها به أعلنت إليه في شوق ولهف إسلامها له وإيمانها بنبوته. وكان طبيعياً أن تسارع إلى الإيمان به ، وقد جرّبت عليه طول حياته الأمانة والصدق وعلو النفس وحب البرّ والرحمة (ص123) ...{ وهكذا}لم يُشرك مع خديجة أحداً مدى ثمان وعشرين سنة {فلم يتزوج إلا} لما قبضها الله إليه(ص260)
فخطب إلى أبي بكر ابنته عائشة . ولما كانت لا تزال طفلة في السابعة من عمرها عقد عليها ولم يبن بها إلا بعد سنتين حين بلغت التاسعة . وفي هذه الثناء تزوج من سودة أرملة أحد المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة وعادوا إلى مكة وماتوا بها (ص162) ... ثم يقول هيكل ، في محاولة واضحة لن يحلّ النبي من الرغبة في النساء:
- لم يروِ راوٍ إنّ سودة كانت من الجمال أو الثروة أو المكانة بما يجعل لمطمعٍ من مطامع الدنيا أثراً في زواجه منها. إنما كانت سودة زوجاً لرجل من السابقين إلى الإسلام الذين احتملوا في سبيله الأذى والذين هاجروا إلى الحبشة بعد أن أمرهم النبي بالهجرة وراء البحر إليها . وقد أسلمت سودة وهاجرت معه، وعانت من المشاق ما عانى، ولقيت من الأذى ما لقي، فإذا تزوجها محمد بعد ذلك ليعولها وليرتفع بمكانتها إلى أمومة المؤمنين، فذلك أمر يستحق من أجله أسمى التقدير وأجلَّ الحمد -
ولاشك أنه كان من الأفضل لهيكل أن يقول أن النبي قد تزوج سودة لأنها ، وهي المرأة الناضجة، كانت مناسبة تماماً للنهوض بأعباء بيته ورعاية بناته الأربع الصغيرات ؛ على الرغم من أنّ هذه النظرية تظلّ عرضة لاعتراضٍ مفاده أنّ النبي كان قد فكّر أولاً بعائشة ، ولكنها كانت طفلة صغيرة ما كان ليمكنه الزواج منها قبل سنتين أخريين ، فتزوج سودة لأنه ما كان ليقدر أن يعيش من غير زوجة ، وهو سبب غير جدير باللوم بأيّ حال من الأحوال . ولعلّه كان هنالك سبب آخر هو عدم توفّر أية امرأة أخرى في ذلك الوقت، حين لم يكن القرشيون ليطيقوا أن يعطوا لمحمد ابنةً من بناتهم وربما لم تكن لدى المسلمين أية بنات صالحات للزواج. فتلك الفترة كانت فترة السنتين أو الثلاث التي مكث فيها محمد في مكة بعد وفاة خديجة .
أما بعد الانتقال إلى المدينة فقد توافرت الفرص ووجدتْ شهوة النبي الشديدة للنساء مرتعها الفسيح. هذه حقيقة لاسبيل لإنكارها وتلقي الضوء وافياً عليها قائمة زوجاته التالية المكتملة إلى هذا الحد أو ذاك :
1 - خديجة بنت خويلد وكانت ذات شرف ومال ، وكان محمد ثالث أزواجها. وقد
ولدت له أربع بنات وولدين هما القاسم والطاهر ماتا صغيرين .
2- سودة بنت زَمْعَة . وكانت أرملة مسلم هاجر إلى الحبشة ومات فيها . وقد سبق أن عرضنا إلى رأي هيكل أن النبي قد تزوجها إشفاقاً على أرملة مسلمة وحيدة
3- عائشة بنت أبي بكر الصديق . خطبها النبي وهي بنت سبع سنين وتزوجها وهي بنت تسع سنين ، بما يعني أن فارق السن بينهما يفوق الأربعين عاماً . وكان عمرها حين توفي في السنة11/ 632 ست عشرة أو سبع عشرة سنة . وكانت أحب زوجات النبي إليه . كما كانت من الذين حفظوا القرآن غيباً. وقد اعتُبِرَت مصدراً مهماً للمعلومات عن أقوال النبي وأفعاله ( الحديث) وعن عادات المسلمين ( الُسنة) وبعد مقتل عثمان ، عارضت أن يتولى علي بن أبي طالب الخلافة وكانت من المحرّضين الأساسيين للجيش الذي واجه علياً في معركة الجمل سنة 36/656 وأخفق .
4- أمُّ سَلَمة . وهي أرملة مسلم مكي مهاجر إلى المدينة مات متأثراً بجراح أصيب بها في معركة أحد .

5- حفصة بنت عمر بن الخطّاب . وهي أيضاً كانت أرملة . وثمّة أدلة على أن هذا الزواج قد كان له وجهه النفعيّ .
6- زينب بنت جحش ومطلّقة زيد بن حارثة ابن النبي بالتبني . ويمكن أن نعدّ هذا الزواج واحداً من زيجات النبي القائمة على الحبّ . وثمّة قصيدة طويلة تروي حكاية زيد وزينب . ولقد بلَغَت عاطفة النبي حيال زينب واهتمامه بها حداً يجعل منها منافسة لعائشة .
7- جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، رأس بني المصطلق ، ومُطلقة مسافع بن صفوان . كانت في سبايا بني المصطلق بعد هزيمتهم سنة 5/627 فوقعت في السهم لأحد الأنصار . وأراد هذا الأخير أن ينال لقاءها فديةً ثميناً معيناً ، لكنها وجدت هذا الثمن باهظاً لاطاقة لها به . فمضت إلى بيت النبي ورجته أن يعينها في فديتها فيخفض قيمتها. أمّا ما جرى بعد ذلك فقد أخْبَرَت به عائشة : كانت جويرية امرأة حلوة ، ، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فبينما النبي عندي ونحن على الماء ( أي الذي هو المريسيع) إذ دخلت جويرية تسأله في كتاب ( فدية ) ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها ، فكرهت دخولها على النبي ، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة مسلمة لأني أشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله ، وإني برّة بنت الحارث سيد قومه ، أصابنا من الأمر ما قد علمت ، ووقعتُ في سهم ثابت بن قيس وابن عم له ، وخلّصني ثابت من ابن عمه بنخلات في المدينة وكاتبني على ما لاطاقة لي به ، وإني رجوتك فأعني في مكاتبتي ، فقال رسول الله : أو خير من ذلك ، قالت : ماهو ؟ قال : أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك ، قالت : نعم يا رسول الله قد فعلت ، فأرسل رسول الله إلى ثابت بن قيس فطلبها منه ، فقال ثابت : هي لك يا رسول الله ، بأبي أنت ، فأدى رسول الله ما كان كاتبها عليه ، وأعتقها وتزوجها وهي ابنة عشرين سنة ، وسماها جويرية . وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله (ص) قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار ، فقال الناس : أصهار رسول الله (ص)، وأرسلوا ما بأيديهن فقد أعْتِقَ بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم على قومها بركة منها –
8- أم حبيبة بنت أبي سفيان . وكانت قد ترمّلت بعد موت زوجها الأول عبيد الله بن جحش في الحبشة .
9- صفية بنت حييّ بن أخطب . وكانت قبل النبي عند كنانة بن الربيع ، أحد قادة اليهود في خيبر ، وقد اصطفاها النبي لنفسه من سبي خيبر وبنى بها عشية عودته من خيبر إلى المدينة .
10 – ميمونة بنت الحارث الهلالية . وكانت أخت لها عند أبي سفيان ، وأخرى عند العباس بن عبد المطلب . وهي خالة خالد بن الوليد ( فاتح الشام المقبل) ؛ ويقال إنّ خالداً مضى إلى معسكر المسلمين بعد زواجها من النبي وأسلم ، وأنّ النبي قد وهبه خيلاً .
11- فاطمة بنت شريح .
12- هند بنت يزيد
13- أسماء بنت سباء
14- - زينب بنت خزيمة.
15- هبلة بنت قيس وأخت الأشعث بن قيس ( وهو من سادة عرب الجنوب وسوف
يكون له شأن في فتح فارس
16- أسماء بنت النعمان . لم يدخل بها النبي .
17 - فاطمة بنت الضحاك . لم يدخل بها النبي .
18 - مارية القبطية ن وهي سرية أهداها إليه المقوقس ملك القبط في مصر . وقد
ولدت له ابنه إبراهيم ومات صغيراً .
19 – ريحانة ، وهي مثل مارية القبطية ، تقع في تلك الفئة التي يسمّيها القرآن
( وما ملكت إيمانكم ) أي السراري أو المحظيات اللواتي يُتاح التسرّي بهن
دون ضرورةٍ لعقد النكاح . وقد اصطفاها النبي لنفسه من سبي يهود بني
قريظة . وقد خيّرها النبي بين أن تعتنق الإسلام فيعتقها ويتزوجها وبين أن
تكون في ملكه ، فاختارت أن تكون في ملكه .
20 – أمُّ شريك الدّوسية ، وهي إحدى أربع نساء وهبن أنفسهن للنبي ، فعلاوةً على
زوجات النبي وسراريه ، كان من بين نساء النبي من يقعن في هذه الفئة
الثالثة . فالزواج بعقد كان يسمح بأربعة زوجات ، ويقتضي رسميات معينة
كدفع الصّداق ، وحضور الشهود ، وموافقة ولي أمر المرأة . وكان التسرّي
متاحاً للمسلمين إذا كان زوج المرأة مشركاً أو سوى ذلك من الكافرين . أما
نكاح المرأة التي تهب نفسها للنبي فكان له من دون المؤمنين بحسب الشطر
الأخير من الآية 50 من سورة الأحزاب . والأخريات اللواتي وهبن أنفسهن
للنبي هنّ ميمونة ، وزينب ، وخولة .
ولقد أغاظ عائشة أنّ أمّ شريك وهبت نفسها للنبي فهذه الأخيرة كانت من الجمال أنّ محمداً سارع إلى قبولها ، فقالت عائشة في غيرة ونقمة : ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير – وهذا الحادث يوْرَد على انه سبب نزول الشطر الخير من الآية 50 من سورة الأحزاب التي تبارك هبة أمّ شريك وقبول النبي . ويُقال أن عائشة حين سمعت بذلك بلغت بها الجرأة إلى حد قول : أرى ربّك يسارع لك في هواك ...؟
ويورد جلال الدين المحلّي وجلال الدين السيوطي في تفسير الجلالين رواية أخرى حسنة الإسناد عن شجار عائشة مع النبي . فقد أخرج الشيخان عن عائشة أنها قالت بعد أن تم أمر أم شريك ونزلت الآية 50 : أما تستحي امرأة تهب نفسها ؟ فأنزل الله الآية 51 توبيخاً لها ، فقالت عائشة : أرى ربك يسارع لك في هواك .
تشير الآية 50 إلى حقوق النبي في أن ينكح أزواجه وسراريه : ( يا أيها النبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورَهنّ وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمّك وبنات عمّتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة ( أيّة امرأة ) مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) وتتابع الآية ( قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حَرَجٌ وكان الله غفوراً رحيماً ) . واحتجاج عائشة على ما جاء في آخر الآية كان سبب نزول الآية 51 التي تحدد ، بل تنزع حدود ، سلطة النبي على زوجاته ، مجرّدةً إياهن من كل حق أو إنصاف لديه : ( تُرجيء ( نوبات) من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جُناحَ عليك ذلك أدنى أن تَقرَّ أعْيُنُهُنَّ ولا يحْزَنَّ ويرضين بما أتيتَهنَّ كُلّهُنَّ والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليماً حليماً . ويفسر الزمخشري في الكشّاف عن حقائق التنزيل نزول الآية 51بأن نساء النبي تغايرن وابتغين زيادة النفقة ( وكان ذلك بعد غزوة بني قريظة ، حين أصاب المسلمون مغانم كثيرة فأمِلَت نساء النبي أن يكون لهنّ نصيب في خُمسه من هذه المغانم يُنْفَقُ عليهنّ ) . وبحسب رواية عائشة ، التي يوردها الزمخشري، فإن النبي هجر نساءَه عندئذٍ شهراً إلى أن نزلت الآية 51 فأطلقت يده في علاقته بهنّ . فخشيت زوجات النبي على أنفسهن ورضين بما طاب له أن يهبهنّ إياه من الاهتمام الشخصي والعون المالي .
ومعنى ذلك أنّ نساء النبي قد أقررن حريته المطلقة في معاملة كلّ منهن بالطريقة التي يشاء . ويؤول الزمخشري الآية 51 في دراسته المفصّلة على أنها أعطت النبي الحرية في أن يقرّب ، أو يجتنب، أو يمسك ، أو يطلّق أيّاً منهنّ أو جميعهن ويتزوج من سواهن من جماعته متى شاء . بل أن النبي كما ينقل الزمخشري عن الحسن علي ، كان إذا ما خطب امرأة ، لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها النبي، ويضيف الزمخشري أن زوجات النبي كُن تسعاً في ذلك الوقت ولم تكن نوبات خمسّ منهن منتظمة إذا ما كانت لهن نوبات أصلاً وهن سودة وجويرية ووصفية وميمونة وأم حبيب ، أما اللواتي وجدن حظوة وانتظمت نوباتهنّ فكنّ أربع ، هن عائشة وحفصة وأمّ سَلَمة وزينب . وينقل عن عائشة أيضاً : كان رسول الله (ص) لا يفضّل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا. وكان كل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها ، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت وَفَرِقَت أن يفارقها رسول الله (ص) : يا رسول الله يومي لعائشة فقيل ذلك رسول الله0 ويُنْقَلُ أنها قالت : لا تطلقني حتى أُحْشَر في زمرة نسائك . ومعنى الشطر الأخير من الآية 51 هو أن الحرمان من الحقوق الزوجية أدنى لأن يرضي زوجات النبي ويقرّ أعينهنّ . فإذا ما كان الأمر الإلهي قد أعطاه حرية مطلقة وحرمهنّ من أي حقٍ بالمطالبة بحقوقهنّ لديه ، إلا أن هذا الترتيب الجديد هو أفضل لهنّ إذْ ينهي تنافسهنّ ويرضيهنّ في قادم الأيام . ولعلّ نزول اّّّّلآية 52 من سورة الأحزاب قد كان لتهدئة خواطر نساء النبي الكسيرة واسترضاء كرامتهنّ الجريحة ، فمن الواضح أنها بمثابة رسالة مؤاساة وطمْأنة لهنّ : 0 لا يحلّ لك النساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواج ولو أعجبك حسنهنّ إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيباً ) . بيد أن هذه الآية تطرح مشكلةً، لأن النبي كما تقول عائشة ويورده لها كلّ جامعٍ للحديث على أنه قول موثوق - ما مات حتى أحِلّ له النساء[زوجاته] – ويرى الزمخشري أنّ قول عائشة يبين أن الآية 52 قد نُسِخَت بالسُّنة وبالآية 50 من السورة ذاتها( ياأيها النبي إنا أحللنا لك ...؟) لكنّ الآية الناسخة يُفتَرَض بها أن تأتي بعد الآية المنسوخة وليس قبلها . ومع هذا فإن السيوطي ، في كتابه [الإتقان] الذي تناول فيه المشكلات القرآنية ، يذكر أنّ الآية السابقة نسخت الآية اللاحقة في هذه الحالة .

من كتاب : 23 عاماً في الممارسة النبوية المحمدية
الكاتب علي الدشتي وترجمة ثائر ديب وإصدار رابطة العقلانيين العرب
يتـــــبع ....



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ... النساء في الإسلام ...؟
- النبوّة والحكم .....؟
- سياسة التقدم نحو السلطة ....؟
- الكاتب القاص المدمن عشقاً صبحي دسوقي يبتهل لنارا....؟
- بداية اقتصادية على أموال اليهود...؟
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - التغيّر في شخصية مح ...
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الهجرة
- ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية-بشرية محمّد
- الشاعر الإنسان عايد سراج غيفارا يبحث عن صديق ...؟
- معجزة القرآن .. ومواهب الرسول الفكرية واللغوية وقوته على الإ ...
- نصف عقد في حوار حضاري متمدن ...
- مهرجان الرقة المسرحي الثاني وانحسار النص المحلي..؟
- حتمية انتصار الثقافة مطلب حضاري ..سيادة الوزير
- .. الضحايا يغتصبون الضحايا..؟
- حدث غير واقعي ، ومع ذلك تعاملت معه المدينة بمنتهى الواقعية . ...
- رسالة إلى نبيل عبدالكريم ...؟
- ..العلمانية مابين الأممية والقومية ...؟
- لو كان الحجاب رجلاً لحجّبته ...؟
- صفعة المرأة في اسياد المال حطّمت باب الحارة ...؟
- لقد أخرسنا الغرب فعلاً....؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - .. النساء والنبي ....-1-..؟