أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد الحسين شعبان - اللّاجئون والهجرة غير الشرعية















المزيد.....

اللّاجئون والهجرة غير الشرعية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 8166 - 2024 / 11 / 19 - 15:43
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


تمهيد
تشهد الشواطئ العربية واالأفريقية والحدود الإقليمية والدولية موجات غير مسبوقة من الهجرة واللّجوء، بعضها اقترب من رحلات الموت، فلا يكاد يمرّ أسبوعًا أو شهرًا إلّا ونسمع عن بواخر وحافلات ومهربين وسماسرة وغرق وسجون، ويزداد عدد الضحايا والمعذبين الذين يقطعون بلدانًا وحدودًا ودولًا وقارات للوصول إلى بلد يؤمن لهم "حق اللجوء"، وكلّ ذلك مصحوب برعب وجوع وخوف وهدر للكرامة واختراق للقوانين والأنظمة الوطنية والدولية.

تيار شعبوي جديد
وحتّى وإن بدا موضوع الهجرة واللجوء اليوم ساخنًا، فإنه قديم قِدم البشرية، وأسبابه مختلفة، اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ودينية ونفسية وغيرها؛ لكن ما هو جديد هي حالة الهجرة واللجوء الكثيفة التي شهدها العالم منذ انهيار الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينيات وإلى اليوم، لاسيّما بانتهاء عهد الحرب الباردة بطورها القديم، وبداية أشكال جديدة منها، حيث اتّخذ الصراع الأيديولوجي مناح أخرى.
وترافقت الموجات الجديدة مع صعود تيار يميني عنصري شعبوي في الغرب، وخصوصًا في البلدان الاشتراكية السابقة، التي تشكّل ممرًا للهجرة غير الشرعية مثل المجر وسلوفينيا وسلوفاكيا والتشيك وبولونيا، والتي ارتقت إلى موجة كره الأجانب في بلدان أوروبية أخرى مثل النمسا وإيطاليا وهولندا وفرنسا، وإلى حدود معيّنة في بريطانيا، فضلًا عن ارتفاع رصيدها في بعض البلدان الاسكندنافية.

الإسلامفوبيا والويستفوبيا
وبالمقابل فثمة تيارات إسلامية أو إسلاموية متعصّبة ومتطرّفة انتعشت في عدد من البلدان الإسلامية والعربية، وقاد ذلك إلى صراع معلن ومستتر، قديم وجديد، خصوصًا بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر العام 2001، حين تم تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك، الأمر الذي عزّز من نزعات الغرب في فرض الهيمنة وإملاء الإرادة، لاسيّما وأن الولايات المتحدة أصبحت القوّة الأولى في العالم دون منازع، وهو ما قاد إلى احتلال أفغانستان في العام 2001، ثم احتلال العراق في العام 2003، تحت عنوان محاربة الإرهاب الدولي والقضاء على تنظيم القاعدة، والأكثر من ذلك تم تصنيف عدد من البلدان باعتبارها بلدان الشر.
وهكذا سادت موجة مرافقة لموجة اللجوء ومضادة له من جانب الأوساط الغربية المتنفذة، قوامها الرهاب من الإسلام "الإسلامفوبيا"، مثلما تقابلها "الويستفوبيا"، أي الرهاب من الغرب باعتبار كل ما يصدر عنه "شر مطلق"، ونسيان أن ما أنجبه اليوم من حضارة وعمران وفنون وآداب وعلوم وتكنولوجيا وجمال ليس ملكه وحده بقدر ما هو ملك البشرية، إلّا أنه المستودع والخازن والمنتج والمصدّر لها.
ولعلّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي شهدها العالم في العام 2008 وما بعدها لا تزال آثارها مستمرة، وهي التي كانت أيضاً وراء توجّه بعض البلدان الغربية لوقف الهجرة أو تخفيضها إلى أقل حدٍّ ممكن، بما فيها الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب (2016 – 2020)، الذي قرّر بناء سياج يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك، ناهيك عن تقليص معدّلات الهجرة القانونية، ثمّ قراره العنصري بمنع مواطني عدد من البلدان من دخول الولايات المتحدة، وهو قرار ينمُّ عن صعود موجة عنصريّة تتّسم بروح الكراهية.

الهجرة والحق الإنساني
يمكنني القول أن الهجرة هي حق للإنسان لا يمكن وقفه أو منعه، لكنه يمكن تنظيمه وتقنينه بشكل عام، والحيلولة دون استثماره عبر تجار وسماسرة الموت الذين لا يهمهم شيء سوى الحصول على الأرباح على حساب أرواح الضحايا، خصوصًا وأن المهاجرين واللاجئين لأسباب سياسية تمنحهم قواعد القانون الدولي المعاصر والقانون الإنساني الدولي والشُّرعة الدولية لحقوق الإنسان والعديد من المعاهدات والاتفاقات الدوليّة التي وقّعت عليها البلدان الأوروبيّة، ولا سيّما اتفاقية حقوق اللاجئين الدولية العام 1951 وملحقها العام 1967، إضافةً إلى عدد من الاتفاقيات الأوروبية، حقوقاً لا يمكن تجاهلها أو التنكّر لها.

إخفاق سياسات الهجرة
إنّ عدم التنسيق والتعاون واختلاف التوجّهات بين البلدان الأوروبية وصعود التيّار الشعبوي اليميني العنصري، وعدم احترام قواعد القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، هو الذي كان سبباً في إخفاقها من استيعاب الهجرة من البلدان الفقيرة إلى البلدان الغنية ومن دول العالم الثالث إلى الدول الصناعية المتقدّمة، ناهيك عن مسؤوليات الدول الغنية إزاء الدول الفقيرة، سواء بسبب سياسات الاستعمار القديمة أم السياسات الامبريالية الجديدة ونهب ثروات الشعوب، بحيث ساهمت في نشر بذور التعصّب في تُربة صالحة لولادة ابنه التطرّف، وهذا الأخير إذا ما انتقل من التفكير إلى التنفيذ يصبح عنفاً، وإذا ضرب عشوائيًّا يصير إرهاباً، وإرهاباً دوليًّا إذا كان عابراً للحدود، وهدفه خلق الرعب والفزع وعدم الثقة بالدولة من جانب المجتمع والفرد، إضافة إلى عدم ثقة الدولة بنفسها، في حين أنّ العنف يستهدف الضحيّة بذاتها ولذاتها. ولعلّ الفقر والأُميّة والتخلّف، إضافةً إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وعنصرية وإثنية وفكرية وثقافية ودينيّة وطائفيّة ولُغويّة وسُلاليّة وغيرها من الأسباب التي كانت وراء اختلال التوازن وغياب العدالة، سواء على المستوى المحلّي أم على مستوى العلاقات الدولية.
ولأن اللجوء حق للإنسان وواجب على الدول، ينبغي الالتزام به، ولاسيّما من جانب الدول الموقّعة على الاتفاقية الدولية بخصوص اللاجئين لعام 1951 وملحقها لعام 1967، فإنه في الوقت نفسه واجب على المجتمع الدولي، وخصوصًا الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لحماية السلم والأمن الدوليين، وبالأخص حين تندلع حروبًا أو نزاعات مسلّحة وتنهار سلطة القانون وفي ظروف الاحتلال، الأمر الذي يستوجب تدخله الإنساني إيجابيًا، سواء لحماية اللاجئين والمهاجرين الذين اضطّروا إلى مغادرة بلادهم، بالإضافة إلى مسؤوليته في إطفاء بؤر التوتّر وحل النزاعات بالطرق السلمية، وحماية حقوق الإنسان طبقًا للشرعة الدولية وانسجامًا مع اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها، البروتوكول الأول – الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة؛ والبروتوكول الثاني – الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية.

للضرورة أحكام
خاطب وزير العدل والشرطة السويسري الأسبق أرنولد كولر لاجئي كوسوفو الألبان، وهو يستمع إلى المعاناة الإنسانية الفائقة، قائلًا لهم: لو كنا مكانكم، لكنا فررنا نحن أيضًا، ومثل هذه العبارة المسؤولة والواقعية تفسّر التدفّق المفاجئ لملايين اللاجئين على أوروبا خلال العقود الأربعة المنصرمة، والذي تعاظم خلال العقد ونيّف الماضي.
وإذا كانت الهجرة واللجوء حق إنساني، فإن الهجرة غير الشرعية ما تزال تسبب أرقًا للدول المستقبِلة، إذْ أن عدم التنسيق والتعاون بيد الدول المصدّرة للجوء والهجرة لأسباب مختلفة وبين الدول المستقبِلة، يؤدي إلى الفوضى في هذا المجال يرافقه أعمال عنف وإرهاب، فضلًا عن تعصّب وتتطرّف، الأمر الذي يقتضي تعاونًا فيما بينها وبين المنظمات الدولية ذات العلاقة، ولعلّ ذلك كان سبب إخفاق استيعات الهجرة من البلدان الفقيرة إلى بلدان الشمال الغنية.

فرانسيس فوكوياما وصموئيل هنتنغتون
وكان فرانسيس فوكوياما عشية نهاية القرن المنصرم قد حذّر من تعاظم مشكلة المهاجرين واللاجئين في عالم ما بعد "نهاية التاريخ" الذي ابتدعه في أواخر الثمانينيات، معلنًا ظفر الليبرالية كنظام سياسي واقتصادي على المستوى العالمي، معتبراً مشكلة تدفق اللاجئين من بلدان الجنوب الفقير إلى بلدان الشمال الغنيّ إحدى التحديّات التي تواجه العالم المعاصر.
واستكمل هذه الرؤية صموئيل هنتنغتون الذي اعتبر أن العدو المحتمل والتحدي الأساسي لعالم ما بعد انهيار الأنظمة الشيوعية هو "الإسلام" الذي يشكل خطراً لسيادة الليبرالية على المستوى الكوني، وفقاً لنظريّته "صدام الحضارات وصراع الثقافات" مع تعاظم مشكلة اللاجئين والمهاجرين، لا سيّما موضوع الهُويّة والاندماج وتفرّعاتهما بمعنى الخصوصية الثقافية والقومية والدينية، مقابل الشمولية العالمية التي تمثّل الليبرالية الجديدة على المستوى الكوني.
قد يثير موضوع الهجرة واللجوء إشكاليات حقيقية ومعاناة فعلية، ثقافية واجتماعية ونفسية بالنسبة للمنفي أو اللاجئ أو بالنسبة لمجتمعه الجديد، وخصوصاً للشباب، وإذا دخل الدين عنصراً في الموضوع فإن هناك الكثير من عوامل عدم الاندماج الموضوعية والذاتية قد تدخل على الخط، ويزداد الأمر تعقيداً بالنسبة للمرأة في ظل العقلية الشرقية والأبوية الدينيّة التقليدية التي تظل تفعل فعلها في حياة المهاجرين والمنفيين لوقت طويل، وربّما تتجدد بأشكال وأساليب تزيد من التمسك بها على نحو يبدو كثير الغرابة والتعقيد.
لقد تضخّم ملف الهجرة واللجوء، وأخذ يشمل عشرات الملايين من البشر غالبيتهم الساحقة حسب إحصاءات الأمم المتحدة من البلدان النامية، بما فيها البلدان العربية والإسلامية، لكن الكثير من الإشكاليات والمشاكل ما تزال تعترضه، حيث تتملّص بلدان الجنوب والشمال على حدّ سواء من استحقاقاتها ومسؤولياتها، الأولى فيما يتعلّق بتحقيق التنمية المستدامة التي من شأنها الحدّ من ظاهرة الهجرة واللجوء، لاسيّما باستيعاب الشباب في العمل وتقليص معدّلات البطالة، والقضاء على الأميّة والتخلّف، وتحسين الأوضاع الصحيّة والتعليمية، وتوفير الحدّ الأدنى من العيش الكريم، والثانية تدير الظهر لبلدان الجنوب، متخليّة عن التزاماتها في تحقيق حدّ أدنى من العدالة، ناهيك عن مساعدتها في تحقيق التنمية المنشودة، على الرغم من العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي تلزمها بذلك.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة المشتركة في الشرق الأوسط سؤال شك أم سؤال يقين؟
- مفكران وسبعة وزراء في أصيلة
- المفكر العراقي عبد الحسين شعبان في ندوة عن المثقف والسلطة
- بعض إشكاليات الجمعيات المهنية ومشكلاتها
- آخر الثوريين الحالمين
- الديبلوماسية الاقتصادية والعلاقات الدولية
- الكاتب والصحافي يحيى علوان في ذمة الخلود
- روح غاندي وفلسفة التسامح
- -ترست الأدمغة- جديد عبد الحسين شعبان
- عقوبة الإعدام بين العدالة والانتقام
- شذرات من ذاكرة كردستانية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
- المفكّر العربي الكبير عبد الحسين شعبان محاضرًا في كردستان: ن ...
- هارفرد أم هوليود أيهما الأكثر تأثيرًا؟
- أحمد الحبوبي الكبرياء والضمير في تجلياتهما
- زرع ثقافة السلام
- الديبلوماسية الثقافية والتأثير في الرأي العام
- المفكر العربي الكبير عبد الحسين شعبان: -أمراء الطوائف- يسيطر ...
- الجواهري وطه حسين و-رهين المحبسين-
- مُهدى إلى -غسان كنفاني- - الطبعة الانكليزية من -مذكرات صهيون ...
- المرأة والطريق إلى الحداثة


المزيد.....




- وسط تصاعد العنف والتهديدات... أطباء بلا حدود تعلق عملياتها ف ...
- جنوب لبنان.. معارك بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في الخيام  ...
- -مؤامرة التسميم-: الكشف عن تفاصيل خطة اغتيال الرئيس البرازيل ...
- ممثل أمريكي يرفض الترويج لـ-ستاربكس- خلال حدث برعايتها (فيدي ...
- -بلومبرغ-: ترامب قد يبدأ المفاوضات مع روسيا مع الأخذ في الاع ...
- هوكستين: لن أتحدث علنا عن نتيجة المفاوضات وسأتوجه إلى إسرائي ...
- مدير مشفى كمال عدوان: نناشد العالم نعاني من حصار مطبق والمشه ...
- الروس على رأس القائمة.. ارتفاع عدد السياح في مصر
- ضربة صاروخية تستهدف فرقة تكتيكية للقوات الأوكرانية في مقاطعة ...
- الدفاع الروسية: تصفية مجموعة قوات أوكرانية محاصرة في كورسك


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد الحسين شعبان - اللّاجئون والهجرة غير الشرعية