أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - المجال العام والحق في المدينة: قراءةٌ نقديةٌ لـ هايبرماس ولوفيفر من منظورٍ حقوقي.















المزيد.....



المجال العام والحق في المدينة: قراءةٌ نقديةٌ لـ هايبرماس ولوفيفر من منظورٍ حقوقي.


خليل إبراهيم كاظم الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 8164 - 2024 / 11 / 17 - 00:47
المحور: حقوق الانسان
    


مقدمة:
الحق في المجال العام والحق في المدينة في عصر العولمة والتغيرات الاجتماعية السريعة
- في عصر يشهد عولمة متزايدة وتغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية سريعة، تتزايد الحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تشكيل الفضاءات العامة والمدن بما يعكس تطلعات الأفراد والمجتمعات نحو العدالة والمساواة والمشاركة. يتجلى هذا النقاش بوضوح في إطار مفهومين رئيسيين: "الحق في المجال العام" الذي طوره الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، و"الحق في المدينة" الذي قدمه المفكر الفرنسي هنري لوفيفر. يمثل هذان المفهومان مدخلاً لفهم العلاقات المعقدة بين الأفراد، السلطة، والفضاءات التي يعيشون فيها، في سياق عالمي حيث تتحول المدن إلى مراكز للحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
الحق في المجال العام: فضاء الحوار والمشاركة
- استند هابرماس في مفهومه للمجال العام إلى فكرة أن هذا الفضاء يشكل جوهر الحياة الديمقراطية. فهو ليس مجرد مكان جغرافي، بل هو مجال رمزي يُمكّن الأفراد من تبادل الأفكار والنقاشات بعيدًا عن هيمنة السلطة. يرى هابرماس أن المجال العام المثالي يعتمد على شروط أساسية، مثل حرية التعبير، المساواة بين المشاركين، والقدرة على التأثير في صنع القرار السياسي. في عصر العولمة، أصبح هذا المفهوم يواجه تحديات جديدة بفعل تصاعد التكنولوجيا الرقمية، وهيمنة المصالح الاقتصادية على الفضاءات العامة، مما يثير تساؤلات حول قدرة المجتمعات على استعادة المجال العام كفضاء حقيقي للحوار الديمقراطي.
الحق في المدينة: إعادة تشكيل العلاقات الحضرية
- على الجانب الآخر، طرح هنري لوفيفر مفهوم "الحق في المدينة" كدعوة لإعادة النظر في كيفية إنتاج المدن واستخدامها. اعتبر لوفيفر أن المدينة ليست مجرد بيئة مادية تُبنى وتُستهلك، بل هي نتاج علاقات اجتماعية وسياسية معقدة. يُلزم هذا الحق الأفراد والمجتمعات بالمطالبة بدور أكبر في صنع قرارات المدن واستخداماتها، بدلاً من تركها خاضعة لهيمنة رأس المال والمصالح الخاصة. يتجاوز مفهوم "الحق في المدينة" الحقوق القانونية، ليشمل الحق في المشاركة في إنتاج المدينة واستكشاف إمكانياتها بما يخدم التوازن بين الفرد والمجتمع.
تقاطعات وتحديات في سياق العولمة
- في سياق المدن المعاصرة، تبرز أهمية الجمع بين المفهومين لفهم كيفية تأثير العولمة والحداثة على الفضاءات العامة. تطرح التغيرات التكنولوجية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، تحديات وفرصاً جديدة لإعادة تعريف المجال العام، بينما تُعيد التحولات الاقتصادية والديموغرافية تشكيل المدن وحقوق سكانها. ومع ذلك، فإن سيطرة المصالح الاقتصادية، وضعف السياسات الداعمة للمساواة، والافتقار إلى رؤية شاملة للعدالة الاجتماعية، تجعل من تحقيق هذه المفاهيم أمراً معقداً.
- إن استكشاف مفهومَي الحق في المجال العام والحق في المدينة في هذا البحث لا يهدف فقط إلى استعراض الأطر النظرية لهما، بل يسعى أيضاً إلى فهم كيف يمكن تطبيقهما كأدوات للمقاومة والتغيير في مواجهة تحديات العصر الحديث. فما زال البحث في هذه المفاهيم يوفر منصة لفهم أعمق للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويفتح الباب أمام نقاشات حول كيفية بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنسانية في مواجهة التغيرات العالمية.
1. المجال العام عند يورغن هابرماس: بين الحلم الديمقراطي وأزمات العصر
- في عالمنا المضطرب، حيث يتسابق الأفراد على شراء "مساحات افتراضية" للنقاش، ويهيمن الإعلام التجاري على صياغة الآراء العامة، يطل علينا يورغن هابرماس بمفهوم "المجال العام" كصرخة فلسفية لاستعادة فضاءات الحوار الحر. المجال العام، كما تصوره هابرماس، ليس مجرد مساحة مادية أو منصات رقمية صاخبة، بل هو جوهر الديمقراطية الحية وفضاء لصياغة الرأي العام بعيدًا عن سطوة السلطة وتلاعب رأس المال. لكن هل هذا التصور واقعي في عصرنا الحديث، أم أنه حلم روماني طوباوي يتهاوى أمام حقائق السوق والمصالح؟
1.1. تعريف المجال العام: عندما يصبح النقاش فعل مقاومة
- بالنسبة لهابرماس، المجال العام هو فضاء مستقل حيث يلتقي الأفراد كمواطنين متساوين لتبادل الأفكار ومناقشة القضايا العامة بحرية. في هذا المجال، تُطرح الأفكار لا لإرضاء النخب أو تبرير سياسات الحكومات، بل لبناء توافق جماعي وصياغة رأي عام يؤثر في صنع القرار.
- وللتبسيط، يمكننا تخيل المجال العام كـ"مقهى فكري" مفتوح للجميع، حيث يمكن للفلاح والعامل والناشط المدني أن يجلسوا على نفس الطاولة مع الفيلسوف أو السياسي. لكن هابرماس يشترط أن يكون النقاش عقلانيًا، حرًا، ومتحررًا من المصالح الفردية الضيقة. وهنا تكمن المفارقة: كيف يمكن تحقيق هذا في عالم تتلاعب فيه الإعلانات بكل كلمة نقولها وتراقب الخوارزميات كل فكرة تراودنا؟
1.2. الخصائص الأساسية للمجال العام: بين المثال والواقع
‌أ) التداول الحر: حلم الصالونات القديمة
أعاد هابرماس إحياء فكرة "الصالونات" الأوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث كانت المقاهي والنوادي الأدبية تشكل منصات للنقاش الحر. هناك، بعيدًا عن القصور الملكية ورقابة الكنيسة، ناقش الأفراد قضايا سياسية واجتماعية دون خوف. ومع ذلك، هل يمكن اليوم لمقهى في حي شعبي أن ينافس منصة رقمية عملاقة مثل "تويتر" أو "فيسبوك"؟
التداول الحر للأفكار يتطلب بيئة تتيح للناس النقاش بلا قيود. لكن في عصر الإعلام التجاري، تتحكم أجندات الشركات الكبرى في ما يُناقش، في حين تصبح الأصوات الحرة كالغرباء في مدن مكتظة بالضجيج الإعلاني.
‌ب) الاستقلالية: بين الحرية والسوق
يصر هابرماس على أن استقلالية المجال العام هي حجر الزاوية لأي ديمقراطية. يجب أن يكون هذا المجال محصنًا ضد تدخل الحكومات وتلاعب رأس المال. لكنه يواجه سؤالًا مؤلمًا: هل يمكن للمجال العام أن يكون مستقلًا في وقت تسيطر فيه الشركات على الإعلام والفضاءات الرقمية؟
خذ مثال الصحافة اليوم. ما كان يومًا رمزًا لاستقلالية الرأي العام تحول إلى أداة للدعاية السياسية أو الربح التجاري. في كثير من الأحيان، تُدفن القضايا الحقيقية تحت جبل من الأخبار التافهة أو الموجهة.
‌ج) إمكانية الوصول: من شمولية الطاولة إلى إقصائية الشاشة
يشدد هابرماس على ضرورة أن يكون المجال العام متاحًا للجميع، بغض النظر عن الجنس، العرق، أو الوضع الاقتصادي. لكن هنا أيضًا، تبرز التحديات. فبينما كانت الصالونات القديمة حكرًا على النخب البورجوازية، أصبحت الفضاءات الحديثة أيضًا مقيدة، ولكن بطرق جديدة. تكلفة الاتصال الرقمي، سياسات المنصات، واللغة المستخدمة تُقصي العديد من الفئات المهمشة، خاصة في الجنوب العالمي.
1.3. ىالإطار التاريخي للمجال العام: من المقاهي إلى "فيسبوك"
- في كتابه *"التحول البنيوي للمجال العام"*، قدم هابرماس تحليلًا تاريخيًا لبزوغ المجال العام في أوروبا البورجوازية. في القرن الثامن عشر، شكلت الصالونات والمقاهي فضاءات للنقاش العقلاني بعيدًا عن سيطرة الحكومات. في بريطانيا، مثلاً، لعبت المقاهي دورًا حيويًا في مناقشة قضايا الساعة، وأطلق عليها البعض "جامعات الطبقة الوسطى".
- لكن مع دخول القرن العشرين، بدأ المجال العام يفقد استقلاليته. أدى صعود وسائل الإعلام الجماهيرية إلى تحويل النقاش العام إلى نشاط استهلاكي يُدار وفق قواعد السوق. أصبحت الصحف مملوكة للنخب، والتلفزيون وسيلة للتلاعب بالعقول. وفي عصرنا الرقمي، تحوّلت المنصات الاجتماعية إلى أسواق للأفكار المعلبة، حيث تهيمن "الخوارزميات" على النقاشات العامة.
1.4. الأزمة المعاصرة للمجال العام: عندما يصبح الصمت أعلى صوتًا
- يرى هابرماس أن المجال العام يواجه أزمات وجودية في عصرنا الحديث. أولها هيمنة الإعلام التجاري، حيث تتحول وسائل الإعلام من منصة للنقاش الحر إلى أداة للترويج والإعلانات. عندما يصبح هدف الإعلام هو الربح، يُختزل المجال العام إلى مساحات ضيقة تحكمها المصالح التجارية.
- خذ مثالاً حديثًا: كيف تسيطر الأخبار المثيرة أو الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تُهمل القضايا الجدية؟ في ظل هذه الظروف، يصبح المجال العام فضاءً ملوثًا بالمعلومات المضللة والنقاشات السطحية.
- إلى جانب ذلك، تُعد أزمة الديمقراطية تحديًا آخر. في كثير من الدول، تتراجع ثقة المواطنين في قدرة المجال العام على إحداث تغيير حقيقي، مما يؤدي إلى عزوفهم عن المشاركة. هذا العزوف يُضعف المجال العام، ويجعل النقاشات العامة مسرحًا للنخب فقط.
1.5. هل يمكن استعادة المجال العام؟
- بينما قد تبدو رؤية هابرماس مثالية في عصرنا الحالي، إلا أنها تقدم نموذجًا ضروريًا لمقاومة التدهور المستمر في جودة النقاش العام. استعادة المجال العام كفضاء ديمقراطي حقيقي يتطلب إعادة التفكير في علاقة الإعلام بالمجتمع، ودعم الفضاءات الحرة والمستقلة للنقاش.
- في النهاية، يظل المجال العام عند هابرماس أكثر من مجرد مفهوم فلسفي؛ إنه دعوة للمجتمعات لاستعادة أصواتها في مواجهة قوى السوق والسلطة، ولإحياء فكرة أن الديمقراطية ليست فقط نظامًا سياسيًا، بل فعلًا يوميًا يبدأ بالنقاش وينتهي بالتغيير.
2. الحق في المدينة عند هنري لوفيفر: استعادة الفضاء الحضري من براثن الرأسمالية
- في عصر تهيمن فيه الأبراج الزجاجية على أفق المدن، وتتحول الميادين العامة إلى ملكيات خاصة مغلقة، يصرخ هنري لوفيفر بفكرته الثورية عن "الحق في المدينة". هذا المفهوم ليس مجرد دعوة لإصلاحات طفيفة في التخطيط الحضري، بل هو إعلان تمرد ضد سياسات التهميش والإقصاء. بالنسبة للوفيفر، المدينة ليست سلعة تُباع وتشترى، بل هي فضاء يجب أن يُعاد تشكيله لصالح من يعيشون فيه، لا من يملكونه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن استعادة المدينة كحق جماعي في وجه هيمنة رأس المال؟
2.1. تعريف الحق في المدينة: عندما تصبح المدينة أكثر من مجرد إسفلت وحجر
- "الحق في المدينة" عند لوفيفر ليس حقًا فرديًا محضًا، بل هو مفهوم جماعي يعبر عن حاجة سكان المدن إلى التمتع بمساحاتها والمشاركة في إعادة تشكيلها. بالنسبة له، المدينة ليست مجرد مجموعة من المباني والشوارع، بل هي فضاء اجتماعي يجب أن يعكس تطلعات واحتياجات سكانه.
- الحق في المدينة يعني القدرة على الوصول إلى الفضاءات العامة، والتعبير عن الرغبات الجماعية، والمشاركة الفاعلة في صنع القرارات المتعلقة بالمدينة. ولعل أحد أكثر جوانب هذا الحق ثورية هو أنه لا يُمنح بل يُنتزع. إنه حق يولد من نضال المواطنين ضد سياسات التخطيط التي تهدف إلى خدمة المصالح الخاصة على حساب الصالح العام.
2.2. أبعاد الحق في المدينة: أكثر من مجرد عبور الشوارع
‌أ) الحق في الوصول: المدن للجميع
- يتحدث لوفيفر عن حق الجميع في الوصول إلى المساحات العامة، مثل الحدائق والميادين، دون تمييز طبقي أو اجتماعي. لكن هل هذا حق مضمون؟ في كثير من المدن الحديثة، أصبحت المساحات العامة امتيازًا لا حقًا. تم خصخصة الحدائق، وتقليص الفضاءات المفتوحة، وتحويل الأماكن التاريخية إلى مناطق سياحية بأسعار باهظة.
- خذ مثال مدينة نيويورك، حيث أصبحت الساحات العامة مثل "تايمز سكوير" مساحات تجارية بالدرجة الأولى، بينما تُهمل الأحياء الفقيرة التي تفتقر إلى أماكن ترفيهية ملائمة. بالنسبة للوفيفر، هذا النوع من التهميش يضرب جوهر فكرة الحق في المدينة، حيث لا يحق للفقير أن يتمتع بالمدينة بنفس القدر الذي يحق للغني.
‌ب) الحق في التعبير: الشوارع كمنابر للنضال
- يرى لوفيفر أن المدينة يجب أن تكون مساحة للتعبير الحر عن الرغبات والطموحات الجماعية. الشوارع ليست فقط ممرات للمركبات، بل هي منصات للتظاهر والاحتجاج والتعبير عن الهوية الثقافية.
- أبرز مثال على هذا الحق هو الاحتجاجات الشعبية التي تملأ الساحات، مثل "الربيع العربي" الذي شهد استخدام الفضاء الحضري كمنصة للتعبير عن الرفض الجماعي للأنظمة الاستبدادية. بالنسبة للوفيفر، هذه المظاهرات ليست مجرد أحداث عابرة، بل تعبير عن الحاجة إلى إعادة تشكيل المدينة لتكون ملكًا لشعبها.
‌ج) الحق في المشاركة: المواطن كمهندس مدينته
- المشاركة ليست رفاهية بل ضرورة. يشدد لوفيفر على أهمية إشراك المواطنين في القرارات المتعلقة بتخطيط المدن. لكن الواقع في العديد من الدول يظهر العكس تمامًا، حيث تُهيمن شركات التطوير العقاري على قرارات التخطيط، وتُقصى المجتمعات المحلية.
- خذ مثال مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة" في مصر، الذي يتم تسويقه كرمز للتقدم، بينما يتم إقصاء المجتمعات الفقيرة التي لا تستطيع تحمل تكاليف الانتقال إليها. هذا التناقض الصارخ يعكس أزمة الحق في المشاركة، حيث تتحول المدن إلى مشروعات اقتصادية بدلًا من فضاءات اجتماعية.
2.3. الصراع من أجل الحق في المدينة: بين الجدران والأسواق
- يرى لوفيفر أن الحق في المدينة لا يُمنح بسهولة، بل هو نتيجة نضال مستمر ضد قوى التهميش. الصراع في المدن هو صراع طبقي، حيث تسعى النخب الاقتصادية إلى احتكار الفضاءات الحضرية، بينما يحاول المواطنون العاديون استعادتها.
- في باريس، موطن لوفيفر، تُعد انتفاضة العمال في "كومونة باريس" عام 1871 أحد أبرز الأمثلة على هذا الصراع. استولت الطبقة العاملة على المدينة وحولتها إلى فضاء للتجربة الديمقراطية المباشرة. ورغم قمع هذه التجربة، إلا أنها تظل رمزًا للصراع من أجل الحق في المدينة.
- وفي السياق الحديث، يمكن الإشارة إلى حركة "احتلوا وول ستريت" التي انطلقت من نيويورك وامتدت إلى مدن أخرى، حيث استخدم المتظاهرون الفضاء الحضري للفت الانتباه إلى أزمة التفاوت الطبقي. هذه الحركات تجسد فكرة لوفيفر بأن المدينة هي فضاء للنضال والتغيير، لا مجرد ديكور حضري.
2.4. المدينة كفضاء للتحرر
- "الحق في المدينة" عند لوفيفر هو أكثر من مجرد مفهوم نظري؛ إنه دعوة لإعادة التفكير في علاقتنا بالمدن التي نعيش فيها. المدن ليست ملكًا للنخب أو المستثمرين، بل هي فضاءات يجب أن تعكس تطلعات سكانها واحتياجاتهم.
- في النهاية، يظل الحق في المدينة معركة مفتوحة. بين الأسواق التي تحاول احتكار كل زاوية حضرية، والمواطنين الذين يسعون لاستعادة مدنهم، تبقى الفكرة التي طرحها لوفيفر تذكيرًا بأن المدينة ليست فقط مكانًا نعيش فيه، بل هي فضاء نصنعه، وفضاء يجب أن يظل لنا جميعًا.
3. مقاربة حقوقية بين رؤى يورغن هابرماس في موضوع المجال العام وهنري لوفيفر في موضوع الحق في المدينة
- في عالم يتشابك فيه النقاش حول الحقوق الفردية والجماعية، تطفو على السطح تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة، تعكس تحولات سريعة وغير متوازنة تؤثر في صميم حياة الأفراد والمجتمعات. وسط هذه التحولات، تبرز الحاجة إلى أدوات تحليلية تسهم في فهم كيفية تشكيل الفضاءات العامة والحضرية كمنصات للحقوق والمطالبات.
- يورغن هابرماس، الفيلسوف الألماني، يقترح مفهوم المجال العام كفضاء اجتماعي يتسم بالاستقلالية والتداول الحر، حيث يستطيع الأفراد النقاش وتبادل الآراء حول القضايا العامة بعيدًا عن تأثير السلطة السياسية والاقتصادية. أما هنري لوفيفر، عالم الاجتماع الفرنسي، فيسلط الضوء على الحق في المدينة باعتباره حقًا جماعيًا يتيح للأفراد إعادة تشكيل المدن بما يعكس احتياجاتهم الحقيقية بدلًا من مصالح القوى المهيمنة.
- ما يميز رؤى هابرماس ولوفيفر ليس فقط عمقها النظري، بل أيضًا صلتها بواقع المجتمعات الحديثة؛ فكلاهما يتعامل مع الفضاء كعنصر مركزي في صراع القوى بين المجموعات الاجتماعية المختلفة. المجال العام عند هابرماس لا يقتصر على النقاش المجرد، بل يمتد إلى كل سياق يمكن فيه للأفراد مقاومة تهميشهم أو فرض هيمنتهم. وبالمثل، فإن الحق في المدينة عند لوفيفر يتجاوز مجرد حرية الحركة داخل الفضاء الحضري ليصبح صراعًا ضد تهميش الفقراء وتخصيص المدينة للنخب الاقتصادية.
- هذا البحث يسعى إلى مقاربة حقوقية متكاملة بين النظريتين، انطلاقًا من محاور رئيسية تتقاطع بينهما:
‌أ) المشاركة والتمثيل: كيف يمكن للفرد أن يصبح جزءًا من عملية اتخاذ القرار في المجال العام أو الحيز الحضري؟
‌ب) التواصل والحوار: هل يمكن للتفاعل المجتمعي، سواء في المقاهي أو الساحات العامة أو حتى المنصات الرقمية، أن يكون أداة لتحقيق التغيير؟
‌ج) العدالة الاجتماعية: ما الدور الذي يلعبه الفضاء العام والمدينة في إعادة توزيع الحقوق والموارد؟
‌د) التحرر من الهيمنة: كيف يمكن للمواطنين مواجهة الهيمنة السياسية والاقتصادية التي تخترق هذه الفضاءات؟
- هذه المقاربة لا تسعى فقط لفهم النظريتين، بل لتطبيقهما على واقع معاصر مليء بالتحديات، من الاحتجاجات الشعبية التي تشغل الساحات العامة إلى المطالبات بتحسين الخدمات الحضرية التي تتحدى السلطات المحلية في المدن الكبرى. في النهاية، الهدف ليس مجرد تحليل أكاديمي، بل دعوة لإعادة التفكير في فضاءاتنا العامة والحضرية كمنصات حيوية لتحقيق العدالة والكرامة للجميع.
‌أ) ‌المشاركة والتمثيل: هل يُصنع المستقبل بالمشاركة؟
- في عالم يتسارع فيه التغيير وتتزايد فيه التحديات الاجتماعية والسياسية، تصبح المشاركة والتمثيل من القيم الأساسية التي يُبنى عليها أي نظام عادل. تُظهر التجارب التاريخية أن غياب التمثيل والمشاركة الحقيقية يؤدي إلى اضطرابات سياسية واقتصادية، بينما تساهم الأنظمة التي تعزز مشاركة الأفراد والجماعات في القرارات العامة في خلق مجتمعات أكثر استقرارًا وعدالة. لكن ما هي طبيعة هذه المشاركة؟ هل تعني فقط الإدلاء بالأصوات في صناديق الاقتراع؟ أم أنها تشمل حقوقًا أعمق، مثل إعادة تعريف الأدوار الاجتماعية وتوزيع الموارد بشكل عادل؟ هنا تظهر رؤيتا هابرماس ولوفيفر لتقديم إجابات مختلفة ومتكاملة حول مفهوم المشاركة ودورها في صنع المستقبل.
- في رؤية هابرماس: بالنسبة لهابرماس، المجال العام هو فضاء اجتماعي يتميز باستقلاله عن الدولة والسوق، يسمح للأفراد بالتجمع والنقاش حول القضايا العامة. إنه المكان الذي تُصنع فيه الإرادة الجماعية وتتبلور فيه الأفكار بعيدًا عن أي ضغوط اقتصادية أو سياسية مباشرة. المشاركة هنا ليست مجرد حق، بل هي ضرورة لضمان أن السياسات العامة تعكس مصالح المجتمع ككل. لكن التحدي الذي يواجه المجال العام هو هيمنة القوى الإعلامية الموجهة التي قد تُقصي الأصوات غير المربحة، مما يؤدي إلى خنق التنوع وتقويض الحوار الديمقراطي.
- في رؤية لوفيفر: الحق في المدينة عند لوفيفر يعكس نظرة مختلفة للمشاركة؛ فهو ليس فقط حقًا فرديًا بل جماعيًا أيضًا. المدينة ليست ملكًا للنخب الاقتصادية والسياسية، بل هي فضاء ينبغي أن يعكس احتياجات كل من يعيش فيها. سكان المناطق المهمشة، مثل الأحياء الفقيرة أو العشوائيات، غالبًا ما يُستبعدون من عمليات التخطيط الحضري، مما يفاقم التفاوت الاجتماعي. لذلك، يشدد لوفيفر على ضرورة منح هؤلاء السكان القدرة على المشاركة في إعادة تشكيل المدينة بما يعكس احتياجاتهم الحقيقية، وليس مجرد رغبات المستثمرين.
- المقاربة المشتركة: كل من هابرماس ولوفيفر يرى أن المشاركة ليست ترفًا بل حقًا جوهريًا وأساسيًا لتحقيق العدالة الاجتماعية. تاريخيًا، تجسد هذا المفهوم في ثورات مثل *كومونة باريس* عام 1871، التي كانت محاولة شعبية لاستعادة السيطرة على المجال الحضري من الهيمنة الطبقية. حديثًا، نجد أمثلة مثل احتجاجات "احتلوا وول ستريت" عام 2011 التي دعت إلى كسر هيمنة الشركات الكبرى على المجال العام والاقتصادي، مطالبة بتوزيع أكثر عدالة للموارد والفرص.
‌ب) التواصل والحوار: بين الفضاءات المادية والرقمية
- في عصر العولمة الرقمية، بات التواصل والحوار يشكلان العصب المركزي لأي عملية تحول اجتماعي. من ساحات المدينة التقليدية إلى المنصات الرقمية الحديثة، تحولت هذه الفضاءات إلى مساحات للتعبير عن الرأي، المطالبة بالحقوق، أو حتى إسقاط الأنظمة. لكن الحوار ليس دائمًا مفتوحًا أو عادلًا؛ إذ يتأثر بالسلطات المهيمنة، سواء أكانت اقتصادية أم سياسية، وهو ما يجعل الفضاء العام، المادي أو الرقمي، ساحة للصراع بقدر ما هو أداة للتفاهم. كل من هابرماس ولوفيفر قدما رؤى متباينة حول دور التواصل في تعزيز العدالة الاجتماعية، لكنها تلتقي عند تحليل العلاقة بين الفضاءات العامة والطموحات الجماعية.
- عند هابرماس: التواصل هو العمود الفقري للمجال العام، إذ يرى هابرماس أن الحوار المفتوح والنقاش الحر بين أفراد المجتمع هو الوسيلة المثلى لبناء فهم مشترك. ومع ذلك، فإن الإعلام التجاري والرقمي يميل إلى تهميش الخطابات غير المربحة سياسيًا أو تجاريًا، مما يقوض روح الحوار المفتوح ويضعف إمكانيات المجال العام في التأثير.
- عند لوفيفر: في إطار المدينة، يعبر لوفيفر عن مفهوم مختلف قليلاً للتواصل. فالفضاءات الحضرية ليست فقط أماكن مادية بل مساحات رمزية تعكس الطموحات الجماعية والصراعات الاجتماعية. في كل ساحة أو شارع عام، يظهر نوع من الحوار بين القوى المهيمنة التي تسعى لفرض رؤاها والطبقات الشعبية التي تحاول التعبير عن مطالبها واحتياجاتها.
- التقاطع الحقوقي: يتجلى التداخل بين المجال العام والمدينة في دور التكنولوجيا الحديثة، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مثل *تويتر* و*فيسبوك* بمثابة فضاءات عامة رقمية. لكن هذه الوسائل تعاني من تحديات مشابهة، مثل السيطرة التجارية والسياسية. على سبيل المثال، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في ثورات "الربيع العربي"، حيث تحولت الساحات الرقمية إلى أدوات للتنظيم والتعبير عن المطالب، لكنها واجهت في الوقت نفسه تحديات الرقابة والقمع الرقمي.
‌ج) العدالة الاجتماعية: إعادة توزيع الحقوق والموارد
- العدالة الاجتماعية ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي صلب التحديات التي تواجهها المجتمعات الحديثة. مع تزايد التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، وظهور مدن تعكس فوارق صارخة بين الأغنياء والفقراء، تصبح إعادة توزيع الحقوق والموارد قضية ملحة. العدالة الاجتماعية ليست فقط قضية قوانين وسياسات، بل هي أيضًا قضية إعادة التفكير في كيفية إدارة الفضاءات العامة والمدن. من منظور هابرماس، العدالة الاجتماعية تنبع من النقاش والحوار العام، بينما يرى لوفيفر أن المدينة هي الأداة المثلى لتحقيق هذه العدالة.
- من منظور هابرماس: المجال العام هو آلية لمساءلة السلطة ومواجهة التفاوت الاجتماعي. عندما يتمكن الأفراد من مناقشة السياسات العامة بحرية، يمكنهم المطالبة بإصلاحات تعزز العدالة الاجتماعية، مثل تحسين التعليم أو الرعاية الصحية أو مكافحة الفقر.
- من منظور لوفيفر: المدينة ليست مجرد مكان للإقامة، بل هي مصدر للفرص والموارد يجب أن يُعاد توزيعه. يؤكد لوفيفر أن المدن غالبًا ما تُصمم لتلبية رغبات النخب الاقتصادية على حساب الفئات المهمشة. أحياء الفافيلا في ريو دي جانيرو، على سبيل المثال، تعكس فجوة صارخة بين الطبقات الاجتماعية، حيث يتم تهميش سكانها في التخطيط الحضري مع تركيز الموارد والخدمات في المناطق الراقية.
- التقاطع الحقوقي: كلا النظريتين يدعوان إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الموارد وضمان تمثيل الفئات المهمشة. في مدن مثل كيب تاون بجنوب إفريقيا، يعاني سكان المناطق الفقيرة من نقص الخدمات الأساسية، مما يجعل المدينة مثالًا حيًا على الفشل في تحقيق العدالة الاجتماعية التي دعا إليها كل من هابرماس ولوفيفر.
‌د) التحرر من الهيمنة: من براثن السلطة إلى فضاء الحرية
- لطالما كان التحرر من الهيمنة حلمًا مشتركًا بين الشعوب عبر التاريخ. الهيمنة تأخذ أشكالًا متعددة، من السيطرة السياسية إلى التهميش الاقتصادي والثقافي، وهي تعيق الأفراد والمجتمعات عن تحقيق طموحاتهم. المجال العام بالنسبة لهابرماس، والمدينة بالنسبة للوفيفر، يمثلان أدوات مقاومة لهذه الهيمنة. لكن هل يمكن لهذه الفضاءات أن تكون حقًا مستقلة في وجه الضغوط المتزايدة؟ أم أنها تظل دائمًا عرضة للتأثيرات المهيمنة؟ عبر تحليل رؤى هابرماس ولوفيفر، يمكن فهم كيف يمكن لهذه الفضاءات أن تصبح ميادين لتحرير الأفراد والمجتمعات.
- عند هابرماس: يرى هابرماس أن استقلالية المجال العام هي السلاح الأهم لمواجهة الهيمنة السياسية والاقتصادية. المجال العام، عندما يكون حقيقيًا وغير ملوث بتأثيرات السلطة، يصبح فضاءً للحرية حيث يمكن للأفراد المطالبة بحقوقهم والتعبير عن طموحاتهم.
- عند لوفيفر: المدينة عند لوفيفر هي أكثر من مجرد مكان؛ إنها فضاء سياسي واجتماعي يتميز بالصراعات المستمرة بين القوى المهيمنة والمقاومة الشعبية. الاحتجاجات في هونغ كونغ، التي استخدمت الفضاءات الحضرية للتظاهر ضد القمع السياسي، تُعد مثالًا على كيفية تحويل المدينة إلى أداة للتحرر.
- الرابط المشترك: يشترك هابرماس ولوفيفر في التأكيد على أن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع. تاريخيًا، يُظهر حراك مثل حركة *السترات الصفراء* في فرنسا كيف يمكن للمجال العام أو المدينة أن يتحولا إلى منصات للمطالبة بالحقوق ومواجهة الهيمنة.
‌ه) الاتصال بالتحولات الرقمية: الفضاءات الجديدة للحقوق
- التكنولوجيا الرقمية غيّرت شكل المجال العام والمدن بشكل جذري، حيث أضافت بعدًا جديدًا للنقاش حول الحقوق والمشاركة. في العالم الرقمي، يمكن للفرد أن يتحدث إلى الملايين، ويطالب بالحقوق أو يدافع عن قضية. لكن هذا العالم الرقمي، رغم حريته الظاهرة، تحكمه قوى مهيمنة تسيطر على البيانات وتوجه الخطاب العام. هل يمكن للفضاء الرقمي أن يكون امتدادًا لفضاء الحرية الذي يحلم به هابرماس ولوفيفر؟ أم أنه مجرد نسخة محدثة من الهيمنة التقليدية؟ الإجابة تكمن في تحليل العلاقة بين التكنولوجيا والمجال العام، بين المدن المادية والمدن الرقمية.
- عند هابرماس: يرى هابرماس أن التكنولوجيا تمثل فرصة كبيرة للمجال العام لكنها تحمل في الوقت ذاته خطر تحوله إلى أداة تجارية بحتة تُستخدم لتوجيه الرأي العام بدلًا من تحريره.
- عند لوفيفر: المدينة الرقمية تمثل امتدادًا طبيعيًا للمدينة المادية، حيث تتيح التكنولوجيا للفئات المهمشة التعبير عن نفسها والمطالبة بحقوقها. لكن التحدي يكمن في ضمان ألا تصبح هذه الفضاءات الرقمية حكراً على الفئات القادرة على الوصول إليها.
- المقاربة المشتركة: منصات مثل *Change.org* و*آفاز* أظهرت كيف يمكن استخدام الفضاءات الرقمية للدعوة إلى العدالة الاجتماعية، لكنها أيضًا كشفت عن تحديات التهميش الرقمي. فهل يمكن أن تصبح التكنولوجيا فعلاً أداة لتحرير الأفراد كما يطمح هابرماس ولوفيفر؟ أم أنها ستظل ساحة أخرى للصراع بين المهيمنين والمهمشين؟
تكامل النظريتين لتحقيق رؤية حقوقية شاملة
- في تقاطع رؤى هابرماس حول المجال العام ولوفيفر حول الحق في المدينة، نجد ملامح رؤية حقوقية تقدمية تدعو إلى إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والمجتمع، والفضاءات العامة والسلطة. هذه الفضاءات ليست مجرد ساحات فيزيائية أو اجتماعية، بل هي ميادين نضالية تستهدف إعادة تموضع الإنسان بوصفه فاعلًا مشاركًا وصانعًا للفضاء، لا مجرد مستهلك أو خاضع للنظم المهيمنة.
- هابرماس، في دعوته لتحرير المجال العام من هيمنة الدولة والسوق، يقدم إطارًا نظريًا يركز على أهمية الحوار والتواصل الحر كأساس لتفعيل الحقوق المدنية والسياسية. من جانبه، يوسع لوفيفر هذا المفهوم ليشمل المدينة بأكملها، باعتبارها حقًا لا ينفصل عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا أن المدينة ليست مكانًا للعيش فحسب، بل مجالًا لتحقيق الذات الفردية والجماعية.
رؤية حقوقية معيارية على المستويات المختلفة
‌أ) على المستوى الدولي:
- النصوص المرجعية: تتلاقى هذه الرؤى مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، حيث تنص المادة 21 من الإعلان على حق الأفراد في المشاركة في إدارة الشؤون العامة، فيما تركز المادة 11 من العهد على الحق في مستوى معيشي لائق يشمل السكن والبيئة الحضرية المناسبة.
- المؤسسات الدولية: دور الأمم المتحدة وهيئاتها مثل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) يعكس الجهود الدولية لضمان حقوق المدينة والتنمية الحضرية المستدامة، بما يحقق العدالة الاجتماعية ويعزز الحوار والمشاركة المجتمعية.
‌ب) على المستوى الإقليمي:
- النصوص الإقليمية: تقدم الميثاق العربي لحقوق الإنسان (2004) والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (1950) أمثلة على تأطير الحقوق الجماعية والفردية المتعلقة بالمجال العام والحق في البيئة الحضرية.
- المبادرات الإقليمية: مثل "الميثاق الحضري الأوروبي" الذي يدعو إلى تطوير سياسات حضرية عادلة تضمن مشاركة جميع الأطياف المجتمعية في تصميم وإدارة المدن.
‌ج) على المستوى الوطني:
- في مدن مثل برشلونة، تمثل "ميثاق الحق في المدينة" الذي تبنته الحكومة المحلية نموذجًا لتحقيق رؤية لوفيفر من خلال سياسات حضرية تدعم المشاركة المجتمعية وتحارب التهميش.
- أما في الهند، فقد أظهرت حركة "حق العيش في المدينة" كيف يمكن للفضاء العام أن يصبح ساحة مقاومة تُمكّن المهمشين من استعادة حقوقهم ضد التوسع النيوليبرالي.

نحو رؤية حقوقية شاملة
إن الجمع بين مفاهيم هابرماس ولوفيفر يشكل إطارًا لتحليل وتطوير سياسات حقوقية شاملة، حيث يمكن للمجال العام والمدينة أن يتحولا من أدوات خضوع إلى أدوات تحرير. لتحقيق ذلك، يجب أن تكون المبادرات الحقوقية مدعومة بمؤسسات قادرة على مواجهة التحديات الهيكلية وتوجيه المجتمعات نحو نماذج أكثر عدلًا وشمولًا.
ختامًا، فإن رؤى هابرماس ولوفيفر ليست مجرد نظريات منفصلة، بل هي دعوة متكاملة لإعادة التفكير في طبيعة الحقوق الإنسانية في ظل التحديات المعاصرة. المدينة والمجال العام، في جوهرهما، يرمزان إلى النضال من أجل حق الجميع في التمثيل، التواصل، العدالة، والتحرر من الهيمنة، مما يجعلها رؤية حقوقية ملهمة لعالم أكثر عدلًا وإنسانية.



#خليل_إبراهيم_كاظم_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهشاشة المتقاطعة: العنف ضد النساء من الأقليات والفئات المست ...
- إرث الأدوار: رحلة الجندر في مجتمع مأزوم ((حيرة الجندر الحزين ...
- إرث الأدوار: رحلة الجندر في مجتمع مأزوم ((حيرة الجندر الحزين ...
- المثقفون في زمن الإلتباس : هل خانوا الكلمة أم خانتهم الكلمة؟
- أنياب السياسة وقضم حقوق الإنسان
- -انحدار تصنيف المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق: هل ست ...
- “العالم بين الرؤية الاقتصادية ورؤية حقوق الإنسان- محاولة بنا ...
- الارتداد العنيف ضدّ المساواة بين الجنسين دراسة في الديناميكي ...
- العدالة المناخية: حقّ إنسانيّ في مواجهة تحديات القرن الحادي ...
- -العدالة المعطوبة: لماذا تدمر انتهاكات حقوق الإنسان أساس الم ...
- في محنة الفلسفة المعاصرة: -الدولة وحقوق الإنسان- من يحرس الح ...
- هل اصبحت حقوق الإنسان... رفاهية لم تعد الدول تتحملها؟ ماذا ل ...
- ثمار الظلم: كيف تؤثر انتهاكات حقوق الإنسان على مستقبلنا؟
- -نهج حقوق الإنسان: هل هو الإطار المثالي لتحقيق العدالة الاجت ...
- وعدٌ مُلزمٌ أم حبرٌ على ورق؟ دوافع انضمام الدول لمعاهدات حقو ...
- الصوت العربي في تشكيل إطار حقوق الإنسان مساهمات في صياغة الإ ...
- برئاسة عربية لمجلس حقوق الانسان .. قرارات استثنائية لقضايا ع ...
- فلسطين الأم الحالمة وبشارات وداع رمضان
- العنف ضد المرأة ... والعناية الواجبة
- الوثائق المتعلقة بحقوق الانسان .....محنة التوافق واختباء الم ...


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد أوضاع النازحين شمال قطاع غزة
- أنصار المعارضة يتظاهرون في وسط العاصمة الجورجية ضد نتائج الا ...
- لوتان: حكومة نتنياهو تتحدى الأمم المتحدة بدعم أميركي
- حراك إسرائيلي لتفعيل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حماس
- قانون اللاجئين.. برلماني مصري يكشف ما تنفقه الدولة سنويا على ...
- حراك إسرائيلي لتفعيل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع -حماس-
- مركز حقوقي: التعداد السكاني سيقدم مؤشرات حقيقية عن واقع حقوق ...
- كابول تشيد بضيافة إيران للمهاجرين الافغان لأربعة عقود
- عملية بلجيكية هولندية بريطانية مشتركة لإيقاف تركي متورط في ش ...
- مؤرخ إسرائيلي لزعماء المعارضة: من أجل الأسرى ارفعوا الراية ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - المجال العام والحق في المدينة: قراءةٌ نقديةٌ لـ هايبرماس ولوفيفر من منظورٍ حقوقي.