صناعةالالهة

نصيرجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1782 - 2007 / 1 / 1 - 08:13
المحور: المجتمع المدني
    

صناعة الالهة ..وموت الاله
كان الجزء الاول من هذا العنوان مخصص لمقالة كنت قد نويت ان اكتبها قبل اعدام صدام حسين ..وكنت قد ترددت حتى استجمع افكاري واسمع الاراء قبل ان تطرق اناملي على حروف الكلمات .ثم جاء الاعدام ليثيرني اكثر واضبف الجزء الثاني من عنوان المقالة.
حرصت المجتمعات من بدء التاريخ البشري على صناعة الهتها الخاصة لتجعل منها سببا ونتيجة تجعل المجتمع البشري قابل للاستمرار وقادر على التضحية والفداء.. وترافق مع ذلك تطوير لمفاهيم نرددها لحد الان كالقرابين والتضحية والدعاء والتضرع والشهادة..الخ ورمزية الاله تجعله مصدرا للحياة وراعيا لها ..وقد استغلت الطبقات الحاكمة ورجال الدين فكرة الاله بشكل جارف لتبرير اية سياسة يسعى اليها تحالف الحاكم مع الدين ورجاله.. وقد انطبق هذا الامر بلا استثناء على كل الالهة وكل الاديان وكل رجال السلطة حتى الثورة الفرنسية والاصلاح الدستوري في بريطانيا في القرن الثامن عشر وما تلاه حيث بدأ حينها تحالف الاله مع رجل السلطة يخلي مكانه للديمقراطية الدستورية وللعقد الاجتماعي بين افراد المجتمع.
لقد كان الاله دوما يظهر بشكل الحاكم المطلق او يعين له وسطاء يتحدثون باسمه وهذه القاعدة كانت تفعل فعلها بكل الاحوال ويتم بشكل مستمر خلق الهة جديدة وحكام جدد ولكن القاعدة واحدة. وكان التحول بين الهة وحاكم قديم الى اله وحاكم جديد غالبا ما يتم بدموية حيث كان للقوة الحكم الفيصل بالامر والتبرير لو ان الالهة والحاكم القديم على حق لما انهاروا امام الاله والحاكم الجديد الصاعد.
وفي عصر تقسيم العالم الى دول مستقلة تعددت مصادر شرعية الحاكم الاله وتغيرت مسمياتها فالوطن والعلم والكرامة الوطنية الهة جديدة بمسميات اخرى تعطي شرعية مطلقة للحاكم للتصرف بشكل مطلق ضمن حدود صلاحيات الالهة الجديدة
ولكن بقي التنافس بين الهة وحكام محليين بعضهم البعض وبين الهة وحكام خارجيين. ولا باس بالطبع من الجمع بين الحق الالهي السماوي والحق الالهي الوطني واحيانا القومي واحيانا الطائفي او بالكل احيانا اخرى.
والسبب هو تبرير لاعمال الحاكم وشرعنة لقدسيتها.
وفي حالة صدام حسين فان الامر بدا غريبا حيث تداعى الاله الرعديد وانهزم في اول جولة ثم تحول الى جرذ مذعور في حفرة
وبعد القبض عليه اعيدت له هياته الانسانية بكل مساؤها وبلا اية ميزة واعدم كاي مجرم قاتل .
ونهاية كهذه لعصر الاله الحاكم (كما اتمنى)غريبة بعض الشئ على الالهة الحكام الاخرين حيث ازبدوا وارعدوا وتوعدوا وهددوا لا لشئ الا لان موت نموذجهم وتداعيه اشار بوضوح على ان انظمتهم ذات الحق الالهي مصيرها الزوال لا محالة وان انتهاء عصر الالهة لم ينته مع محمد بل ستكون مع انهيار فكرة الحاكم الاله المريرة التي سحقت الناس على مر العصور.
وعندما نتوقف نحن البشر عن سماع خطباء الدين وعلماءه والمفتين بمعرفة الحق والائمة والسادة والفقهاء والمشرعنين باسم الدين والاله ..سينبثق مجتمع العدالة الانسانية القائمة على العقد الاجتماعي وستنهار كل الالهة ورموزها من الحكام .
وللموضوع بقية
نصير جميل

#نصيرجميل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات