|
الار هاب الفكرى (الأسباب.. النتائج.. الحل)
خيري فرجاني
الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 07:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإرهاب الفكرى هو الانعكاس الطبيعى للفكر الأصولى والسؤال الذى يطرح نفسه ما هو المقصود بالفكر الأصولى؟ المقصود بالفكر الأصولى ببساطة شديدة: هو التمسك الحرفى بالنصوص، ومحاولة تطبيقها على الواقع بشكل كامل، دون مراعاة للمستجدات والضرورات المستحدثة فى الحياة.. ومن ثم فهو فكر يحاول فرض النصوص الدينية على كل شئون الحياة والمجتمع.. بحيث، تصبح هذه النصوص هى المعيار الأساسى والوحيد.. لكل شئ دون مراعاة لما يستجد من أوضاع وأحوال جديدة. وقد يوصف هذا النوع من الفكر بصفة ( الرؤية التمامية ) أى لا شئ خارجها. وهى بذلك ترفض كل ما يخرج عن رؤيتها رفضا يصل إلى حد الإقصاء والتكفير والإبادة الجسدية.. وهكذا.. تتقلص الرؤية إلى العالم إلى ثنائية قاطعة بين ما هو حلال وحرام، وبين ما هو كافر ومؤمن ويفسر مراد وهبة الفكر الأصولي بأنه كل من يفكر على أساس أنه يملك الحقيقة المطلقة، فهى أيديولجيا ذات مضمون ميتافيزيقى، اتخذت الدين أسلوبا وفكرا.. فيما يفسر فؤاد زكريا هذا النوع من الفكر على انه يمثل فكر العصور الوسطى.. على اعتبار أن العصور الوسطى ليست مرحلة تاريخية، وإنما هى حالة زهنية، فإذا نظرنا إليها بالمفهوم التاريخى.. هى مرحلة تاريخية معينة فى الحضارة الغريبة ولكن لو تأملناها باعتبارها أسلوب فى التفكير.. لوجدنا أنها حالة قابلة للتكرار فى أى مجتمع، وأن العصور الوسطى ليست تلك المرحلة التى انقضت منذ أربعة قرون.. فإن كل من يفكر على أساس أنه يملك الحقيقة المطلقة.. ويرفض المناقشة والنقد.. وكل من يتخذ لحججه سندا وحيدا هو الاستشهاد بالنصوص المقدسة.. أو أقوال القدماء دون نقد أو تمحيص فيما يصلح لهذا الزمان أم لا، فإنه يفكر بعقلية القرون الوسطى حتى وإن كان يعيش فى القرن الحادى والعشرين الواقع ان هذا الفكر استطاع أن يسيطر على الساحة الفكرية؛ لأن النبع الذى ينهل منه.. هو التراث المتأصل فى نفوس الملايين، ويستخدم ( السلطة العاتية) سلطة التكفير كلما عجز عن المواجهة بالحجة والمنطق. هذا النوع من الفكر يرفض الإبداع والتجديد، لأنه يعتقد أن التراث يقدم له الحلول لكل التحديات المعاصرة. الإرهاب الفكرى. أو الفكر الإرهابى. أو الفكر الأصولي، يرتكز على عدة محددات رئيسية الجمود فى وجه التطور ورفض الحداثة.. العودة والانتساب للماضى.. الإنغلاق والتمحور حول الذات.. التشدد والتعصب والاستبداد بالرأى.. عدم التسامح ورفض قبول الآخر. وإساءة الظن بالآخرين.. هذا الفكر يمجد ثقافة الموت والفناء.. وهذا يتضح من خلال سلوكهم العدوانى الذى يعتمد على التصفية الجسدية للخصوم والمخالفين لهم فى الرأى.. حيث تهيمن غريزة الموت على غريزة الحياة عندهم ويعتمد خطابهم دائما على التذكير بالموت وعذاب القبر، فهم يركزون على الجانب السوداوى والمأساوى فى الحياة.. ومن ثم، لم يعد مستغربا أن يعلن تنظيم القاعدة أو داعش عن هذه النظرة للحياة بقولهم: (أنتم تحبون الحياة، ونحن نحب الموت). إنها نزعة التدميرية.. والبنا بيشير لمثل هذا القول ايضا بيقول (جهلوا صناعة الموت. وقوله. والموت فى سبيل الله اسمى امانينا) ولو نلاحظ شعارهم نجده عبارة عن سيفين متقاطعين.. أى متقاتلين ومصحف.. وهذا فى حد ذاته يعنى الكثير ويحتاج إلى شرح وتوضيح!! ليس هذا موضعه!! فهنا ارتباط وثيق بين الفكر والاعتقاد.. والسلوك العدوانى والنزعة التدميرية عند هؤلاء.. ومن هنا.. يمكن فهم ظاهرة العنف والإرهاب. خاصة، عندما تمتزج الدوافع التدميرية بدوافع مثالية.. وهى تطبيق الشريعة، او اقامة الخلافة، على حد زعمهم.. فالإرهاب الفكرى الذى يمارس من قبل الشخصيات الإرهابية.. التى تمارس العنف بأسم الدين.. هى شخصيات تميل بطبيعتها إلى القتل والتدمير. هذا النمط الذى من الإرهاب الفكرى الأصولى تسيطر عليه دوافع الموت، حيث يندفع أصحاب هذا الفكر التدميرى إلى ممارسة العنف بشكل هوسى، نظرا لاعتقادهم أنهم يمارسون نوعا من الجهاد المقدس، وإنهم بفعلهم هذا إنما يطبقون شريعة الله. هذه العدوانية ليس لها هدف أو غاية، إنما هى عدوانية عشوائية وعبثية تنال الكثير من الأبرياء، كما تنال من الحياة ذاتها.. ومن ثم، نلاحظ أن معظم التفجيرات التى يقوم بها الإرهابيين تصيب مدنيين أبرياء. هذا الإرهاب الفكرى وهذه العدوانية التى يمارسها الإرهابيون الدينيون مصدرها السخط على الحيا، والفشل، والإخفاق وعدم القدرة على التواصل الإيجابى مع الواقع. فالإحساس بالعجز والخواء لدى هذه الجماعات الدينية الإرهابية يؤدى إلى الانتقام من هذا العالم، ومحاولة تدميره، لأن التدمير هو الفعل الوحيد للخلاص بالنسبة للإرهابى. الطاقة التدميرية التى يحملها هذا الفكر الأصولى التكفيرى الإرهابى لاتتجه فقط نحو تدمير ماحولها، بل قد ترتد وتدمر ذاتها. وغالبا ما يقترن تدمير الذات بتدمير الآخر.. كما يحدث فى التفجيرات الانتحارية التى تستهدف تدمير الذات وتدمير الآخر من خلال إحداث أكبر قدر ممكن من الرعب.. وغالبا ما يقع هؤلاء تحت وهم أنهم استشهاديون.. هذا النوع من المنتحرين يسقط ضحية الخداع وغسيل الأدمغة.. ويندفع بوهم البحث عن البطولة الزائفة، والخلود فى الجنة، والحور العين، ومن ثم يضحى بالجسد الذى يمثل فى مخيلته رمزا للمدنس، للوصول إلى الجنة، من خلال الهدم والتدمير وإعدام الحياة. النرجسية والتمحور حول الذات: النرجسية أسطورة يونانية قديمة، تروى أن شخصا كان يتميز بالجمال شاهد صورته على سطح الماء، وظل معجبا بها يحاول أن يصل إليها ولكن دون جدوى، وعندما أصابه اليأس قتل نفسه، ومن نقاط الدم التى سالت على الأرض نبتت زهرة النرجس.. هذه الأسطورة تؤكد قيمة هامة.. وهى أن هذا النوع من الحب للذات يعتبر لعنة على صاحبه، وينتهى بتدمير الذات والآخرين. شخصية المتطرف الدينى هى شخصية نرجسية تجسد روح التطرف والعدوانية، وإنكار حق الآخر فى الوجود والحياة.. فالمتطرف دينيا يميل إلى التعصب، واليقين فى امتلاك الحقيقة المطلقة، والاعتقاد فى الاصطفائية، إذ يعتقد معظم أفراد الجماعات الدينية المتطرفة أن الله قد اصطفاهم واختصهم دون البشر للقيام بمهمة مقدسة، هى هداية الضالين وتقويم المفسدين اصحاب هذا النوع من الفكر يتميزوا بعدة سمات رئيسية الأنانية الشديدة والإحساس بالتفرد وحب الظهور، عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين. لاعتراف بالواقع ولايعترف بسهولة بالهزيمة. لا يقبل النقد ويعتبره نوعا من التجريح والهجوم، يرفض العقل والمنطق والتفكير الموضوعى، فلا يستطيع أن يصدر حكما موضوعيا على الأشياء أو على الآخرين، لأنه يمتلك مجموعة من الأحكام الجاهزة والمسبقة والمتحيزة هذه الأفكار تتضخم تضخما يجعلها تنغلق على ذاتها، بحيث لا ترى إلا نفسها، ولا تعترف بوجود سوى وجودها. ومن ثم، تسير نحو العزلة وتقطع علاقات التعاون والمشاركة مع المجتمع، لتحل محلها علاقات عداء وحقد واضطهاد متبادل. المشكلة أن الأصوليات الدينية لاتستمد نرجسيتها من مصدر إنسانى دنيوى، إنما تستمدها من مصدر إلهى مقدس، وهذا يضفى على أفكارها وممارساتها وتعاليمها طابعا تحريميا.. بمعنى أن أى اختلاف مع هذه الجماعات يعد نوعا من الكفر أو الردة.. يستوجب القتل .. هذه النرجسية والغطرسة تظهر بوضوح فى خطابات هذه الجماعات الدينية المتطرفة وفى سلوكياتها العدوانية العنيفة.. وهى فى حقيقتها نابعة من شعور بالضعف والنقص. يؤيد هذه الفكرة.. أن الحركات الأصولية تظهر فى أوقات الأزمات، حيث يظهر إحساس بالأثم وشعور بالذنب لدى أفراد المجتمع اعتقادا منهم أن هذه الأزمات بسبب ذنوبهم ومعصيتهم وانصرافهم عن طاعة الله.. وقد ذهب متطرفوا السبعينيات إلى تفسير هزيمة يونيو إلى ماكانوا يعتبرونة مجتمعا جاهليا وكافرا بسب الشيوعية ولم يرجعوه مثلا إلى سوء الإدارة أو تفوق العدو المشكلة تكمن ايضا فى ان نرجسية الأصولى.. ليست مجرد شعور انفعالى فحسب، ولكن نرجسية تنبع من بنيته المعرفية والذهنية.. التى تجعله يعتقد فى نفسه بمسئولية اخلاقية.. توجب عليه وتلزمه بمواجهة الفساد، ومحاربة الطغاة، وقتال المرتدين، ومن هنا تترجم نرجسية الأصولى إلى نوع من النضال المسلح والجهاد.. الذى يستهدف تغيير الواقع وتثويره.. على حد تعبير استاذنا الدكتور حسن حماد هيمنة الطابع الطقوسى و الشكلانى على هذا الفكر. إذ يرى اصحاب هذا الفكر أن مسألة الطقوس والمظهر الشكلى يحفظ لهذه الجماعات تميزها واستقلالها وهويتها الخاصة، ويتجلى ذلك فى الحرص الشديد على ارتداء أزياء معينة كالجلباب القصير والشبشب، أو الزى الباكستانى، أو اختيار ألقابا يتسمون بها مثل: أبو عبد الله، أبو مصعب.. إلخ بروز زعيم روحى يجب طاعته والامتثال لأوامره: فى الجماعات الدينية الأصولية يمثل أمير الجماعة أو المرجعية الدينية أو المرشد سلطة عليا، بحيث تصبح طاعته مطلقة، ولا يجوز الخروج عليها. كما أنها تتبع أساليب الإرهاب والتصفية الجسدية فى التعامل مع الخصوم والمخالفين فى الرأى والمعارضين لها.. الإرهاب الفكرى أو الفكر الإرهابى لايرى إلا فرقتان، إحداهما ناجية وهى جماعته والأخرى هالكة.. وهى أى آخر.. حتى وإن كان منتميا لجماعة أخرى من هذه الجماعات الارهابية. استخدام الخطب الحماسية ومخاطبة العواطف عادة تلجأ هذه الجماعات إلى أسلوب الخطب الحماسية.. والشعارات الرنانة اللى بتخاطب العاطفة وليس العقل.. وهى بذلك تجتذب الفئات المهمشة اجتماعيا وثقافيا: العاطلون، الحرفيون، الفقراء خاصة طلاب المدارس والجماعات.. كما أنها تجتذب عناصر من الطبقة العاملة بدول الخليج، تلك الفئات التى ترتبط اقتصاديا وثقافيا بالإسلام النفطى فى السعودية ودول الخليج. هو فكر ماضوى لا يقبل الحداثة والتجديد ويقلل من قيمة الحياة فهو فكر يعتمد بالأساس على تقديس الماضى والنفور من كل ما هو جديد، يرفض الحداثة والتجديد فى الفكر.. على الرغم أنهم اكثر الناس استخداما لمنتجات الحداثة.. تقوم على إنكار العقل والتسليم بعجزه ومحدوديته، والتذكير الدائم بالموت، وضعف وتفاهة الإنسان، والتقليل من شأن وقيمة الحياة، وتحقير كل ما هو دنيوى، واتساع دائرة المحرمات. هذه الأفكار كلها تؤكد ضحالة تفكير هذه الجماعات المتطرفة، ولكنها بطبيعة الحال.. تلقى قبولا وتجاوبا من الجماهير المقهورة التى فقدت الإحساس بالأمان.. هذه الفئات هى الحليف الحقيقى لكافة الاتجاهات الإرهابية المتطرفة الانكفاء على الذات والذهد فى الدنيا. يتسم اصحاب هذا النوع من الفكر بالإنغلاق على النفس، ومن هنا.. يفقد الشخص الرغبة فى الاقبال على الحياة، ويجذر فى أعماقه مشاعر الخوف من الموت، وعذاب القبر، والسخط على الحياة، واحتقار المرأة بوصفها فتنة وعورة، وترسيخ قيم الذكورة وثقافة المجتمع الأبوى، التى ترتبط بثقافة المجتمع الرعوى الصحراوى. كل هذه القيم وغيرها تنعكس على شخصية المتطرف الدينى الأصولى فلا يقبل قيم الحداثة، والحرية، وحق المواطنة، والتعايش السلمى، والتعددية، والتنوع، والتسامح سيطرة اللاعقلى على هذا الفكر فهو فكر يعتمد على الغاء العقل والتسليم بالمطلق الغيبى.. وسيطرة اللاعقلى، والغيبى، والسحر. والذى انعكس بدوره على المجتمع بصفة عامة.. هذا النوع من التفكير يمثل خطورة حقيقية.. ليس بالنسبة للجماعات الأصولية المنظمة فحسب، ولكن الخطورة الفعلية فى الجمهور الأصولى، الذى استهوته الأصولية عبر خطاب سهل، وبسيط، وعاطفى، ومريح.. مجموعة مواعظ، وتضرعات، ورقى، وأدعية، وإرشادات، وقصص، ومعجزات للأسف معظمها اشياء موضوعة ومكذوبة. والمشكلة أن الفكر الأصولى سريع وسهل الانتشار لأنه يستهوى العوام، لأنها فكرة بسيطة وغير معقدة وعندها كل الإجابات.. الشيخ يفك السحر ببعض الآيات، ويصف الدواء، أشياء بسيطة مثل عسل النحل وحبة البركة هذا الجمهور الأصولى يعانى اغترابا حادا رافض للحاضر والمستقبل، يندفع إلى الماضى السعيد العصر الذهبى، لأنه يجد فى الماضى عالم بديل يعوضه عن الواقع الأليم الذى بيعيشه الملئ بالحرمان والفساد والعجز.. هذه الجماهير المنقادة بلا وعى أو إدراك بحكم وضعيتها الثقافية المتخلفة، وأوضاعها الاقتصادية المتردية، وما تعانيه من أمية، وجهل، وتخلف، وتجاهل، تلعب دورا إيجابيا فى تدعيم وترسيخ ثقافة التعصب والتطرف، فهى بحكم تشوه وعيها السياسى والثقافى والدينى تعمل بشكل لاشعورى على تبنى تعاليم وأفكار أصولية متطرفة. ومن ثم، فإنها تمثل رصيدا لكافة الاتجاهات الإرهابية المتعصبة، ويصبح من السهل حشدها، وتعبئتها، واستقطابها، من خلال خطاب سهل ومستهلك يداعب مشاعرها الدينية، ويثير حماستها الإيمانية والعاطفية. خاصة.. وأنه ينقذها من ضياعها وأحساسها بالانسحاق والتهميش، ويمنحها شيئا من الأمل، وقدرا من الإحساس بالقيمة ومعنى الحياة، حتى لو كان الثمن هو الخلاص من الدنيا ذاتها فى عملية انتحارية هنا أو هناك. العلاقة بين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والفكر الإرهابى ثمة أمر هام ينبغى الإشارة إليه.. هو ضرورة اهتمام الدولة بتلك الجماهير المهمشة المهملة المنسية، التى باتت تئن تحت وطأة الفقر والمرض والجهل، والتى تمثل رصيدا احتياطيا خطيرا لأى جماعات إرهابية تلعب بعواطفها.. هذه الجماهير ينبغى أن تجد من يأخذ بيدها وينقذها ، حتى لا تكون عرضة للتلاعب بعقولها وعواطفها من قبل تلك الجماعات الإرهابية. هذه الجماهير التى تحيا فى بيوت من الصفيح، أو فى العشوائيات فى المناطق الشعبية والريفية الفقيرة، من العاطلين والحرفيين وصغار الموظفين وأبنائهم من طلاب المدارس والجامعات.. وفى المقابل مظاهر البذخ المادى الذى تنعم به الطبقات الجديدة للرأسمالية المترفة، لابد أن تشعر بـ دونيتها وانسحاقها وضياعها وتخفى بداخلها نوعا من الحقد العميق، على هذا النظام الذى جردها من كل مظاهر الحياة الإنسانية الكريمة. هذه الجماهير الصامتة التى تبدو وكأنها بلا حول ولا قوة يمكن أن تتحول إلى قوة مدمرة تحطم كل شئ.. والأخطر من ذلك أنها يمكن أن تكون أداة سهلة لأى جماعة متطرفة تطوعها وتستخدمها كيفما تشاء. مواجهة الإرهاب الفكرى إن مواجهة الإرهاب الفكرى او الفكر الإرهابى يقتضى مشروعا تحديثيا شاملا، يشمل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. يسعى إلى تحقيق وترسيخ قيم ومبادئ المواطنة.. وتحقيق قدرا من العدالة الاجتماعية.. والارتقاء بالمستوى الثقافى والتعليمى للفئات والطبقات المحرومة، التى باتت تشكل الأغلبية الساحقة من الشعب والتى يمكن أن تهدد أمن المجتمع بإشاعة الفوضى المدمرة من خلال هذا الفكر التدميرى إن أحدا لايستطيع أن يتغاضى عن دور الأبعاد السياسية والاقتصادية فى خلق مناخ الإرهاب الفكرى، ولكن يضاف له دور الثقافة والحرية والإبداع. حيث إن التطرف والإرهاب الفكرى الكامن فى بنية العقل الأصولى يتحين الفرصة الملائمة للظهور عندما تتهيأ الظروف المناسبة له.. ولذلك، فإن انتعاش الفكر المتطرف.. كما يرتبط بالأزمة الاقتصادية والتسلط السياسى.. يرتيط أيضا بغياب ثقافة العقل والحرية والإبداع. نحن نحتاج إلى بناء عقل نقدى قادر على الابتكار والابداع.. وليس مجرد عقول قادرة على الحفظ والتلقى.نحن امام مشكلة حقيقة.. هى مشكلة إثبات أن كل ما هو متاح من علم ومعرفة اليوم، قد جرى التنبؤ به منذ 1400عام، هؤلاء الأصوليين قدموا هذا الفكر على أنه البديل الإسلامى، لمواجهة تحديات العلم الغربى الحديث. الآن بعد أن أفلسنا ولم يعد لدينا ما نقدمه للعلم وللبشرية بدأنا البحث فى مثل هذه الموضوعات.. مع ملاحظة أن معظم الفكر الأصولى فى المذاهب والأديان الأخرى تفكر بنفس الأسلوب، فنجد الأصولية المسيحية تدعى أن كل الاكتشافات العلمية موجودة فى الكتاب المقدس، وكذلك الهندوسية تدعى ذلك وتأتى ببعض الفقرات من كتابهم المقدس. قدم بحث فى احد المؤتمرات عن: التركيب الكيميائى للجن، وعلاقته بصورة النحل فى القرآن وبحث آخر عن الجن ومدى امكانية استخلاص الطاقة من تلك المخلوقات النارية وتوظيفها لحل مشاكل الطاقة. والدكتور (أرشاد على) قدم معادله رياضية، لقياس درجة النفاق فى المجتمع . والسؤال الأخير هنا هل انتهى خطر هذا الإرهاب الفكرى بسقوط حكم الإخوان؟ بصراحة شديدة يخطئ من يظن هذا، الخطر لا يزال قائما برغم سقوط نظام الأخوان، خاصة فى ظل استمرار المتناقضات الاقتصادية، وغياب الدور الثقافى التنويرى.. وهيمنة جهاز إعلامى شديد التخلف.. فالواقع الثقافى المصرى لم يزل مهيئا لنمو وتفريخ الإرهاب الفكر الدينى المتطرف، لأن منابع الإرهاب لم تجف بعد. فإن كان التيار الأصولى قد غاب ظاهريا.. فإنه لم يغيب ولم يكف عن ممارسة دوره التخريبى والتحريضى فى الشارع، وفى الجامعات، وفى دور العبادة، وفى مؤسسة الأزهر نفسها، وفى معظم المؤسسات والهيئات الحيوية والهامة فى الدولة. بل وحتى فى وسائل المواصلات المختلفة، وعلى واجهات المحلات من ملصقات متنوعة. التى قد تثير الفتن والأحقاد وتحدث إنقسام فى المجتمع، كما حدث فى ثمانينيات القرن الماضى، حينما حدثت مبارزة بالملصقات على السيارات بين المسلمين والمسيحيين.. حتى صدر قرار من وزير الداخلية آنذاك بمنع الملصقات نهائيا على السيارات. هم الآن يستحضروا نفس المشكلة مرة أخرى. هذا التيار ينتظر فقط الفرصة الملائمة كى يعود وينقض على السلطة مرة أخرى، مثلما حدث بعد 25 يناير. فالوهم كل الوهم أن نعتقد أن خطر الإرهاب الفكرى الدينى قد انتهى.
#خيري_فرجاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنظيم الخاص والاغتيالات السياسية في منهج الإخوان:
-
مبدأ الفصل بين السلطات
-
الإسلام السياسي وديمقراطية الاجتثاث:
-
جدلية العلاقة بين الدين والتنوير
-
مفهوم الفردانية في الفكر السياسي الحديث
-
الليبرالية في مواجهة الأصولية
-
محمود عساف مؤسس مخابرات الإخوان:
-
أهمية توطين صناعة السفن في مصر:
-
الأطر المحددة لبنية النظام العربي
-
أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية
-
استراتيجية استشراف المستقبل العربي في ظل التحديات الراهنة
-
العلاقة بين صولية الدينية والرأسمالية الطفيلية:
-
أهمية الوحدة العربية في ظل التحديات الراهنة:
-
صورة الله في المخيال الأصولي:
-
طه حسين رائد التنوير
-
الأصولية ووهم الخلافة -من البنا إلى البغدادي-:
-
إشكالية علاقة المثقف بالسلطة في المجتمعات العربية:
-
دور الإصوليات الدينية في إدارة الصراع السياسي:
-
مبدأ تكافؤ الفرص:
-
تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد المصري:
المزيد.....
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية ينشر: لبنان قوي بجيشه وشعب
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة كريات شمونه بصلية
...
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة بيبي المميز بجودة عالية الان
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن استهداف تجمع لقوات الإحتلال
...
-
لاريجاني: ايران بجميع مرافقها تقف الى جانب المقاومة الاسلامي
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في ثكنة دو
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن استهداف مستوطنة -كتسرين- بص
...
-
المقاومة الاسلامية اللبنانية: استهدفنا قاعدة -ستيلا ماريس- ا
...
-
اسلامي: اجتزنا مرحلة الأبحاث النووية وانتقلنا للمرحلة الصناع
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن مهاجمة -أهداف عسكرية وحي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|