أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - ألمانيا في مُفترق طُرُق بَعد عَطَل إشارة المُرور















المزيد.....



ألمانيا في مُفترق طُرُق بَعد عَطَل إشارة المُرور


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حُكومة إشارة المُرور في ألمانيا، التي تشَكّلت وإكتسَبَت تسمِيَتها مِن تحالف3 أحزاب، هي الإشتراكي الديمقراطي الأحمَر والديمقراطي الحُر الأصفر والخُضُر، باتَت اليوم مِن الماضي. فقد إنفرط عَقد التحالف بَعد فَشِل زُعَمائه، المُستشار شولتز ولندنر وزير المالية وهابيك وزير الإقتِصاد، في توجيه الحُكومة بالمَسار الصَحيح. كان مِن الظُلم تسمِيَتها إشارة المُرور، فالإشارة تعني النِظام، وهي تسَبّبَت بفوضى إقتصادية دَخيلة على النموذج الألماني الذي عُرِف بالإستِقرار والنِظام. ولأن الإشارة تُنَظِّم سَير الناس، فيما أربَكَت هذه الحكومة الألمان، وباتوا يَعيشون قلقاً مُستمِراً على لقمة عَيشِهم ومُستقبلهم.

بَعد تعَطّل الإشارة، لم يَعُد هُناك سِوى طَريق واحد تمضي فيه النُخبة السياسة الألمانية لإعادة الإستقرار الى البلاد، مِن خلال انتخابات جَديدة، يَجب ألا تتأخّر بسبب تكتيكات حِزبية، لتشكيل حُكومة جَديدة مُتماسِكة، وإعادة ألمانيا الى مَكانتِها التي تستحِق. إن الطريقة التي تعامَل بها شولتز مع لندنر كانت سابقة لم يَسبقه إليهإ مُستشار آخَر، بَيّنَت ضُعفه وقِلّة خِبرته سِياسِياً، لم تكن تليق بمُستشار فيدرالي. نعَم التحالفات هي عِلاقات مَصالح لا صَداقات، مع ذلك على المَرء أن يَرتَقي الى مُستوى المَسؤولية أمام الناس، وهو عَكس ما فعله شولتز، الذي لم يَعُد يُمَثل كحِزب كلاسيكي ديمُقراطي، نموذجاً يحتذى. فهو يُحاول تأخير التصويت على الثقة، سَعياً لتمرير أجنداته بمُساعدة المُعارضة!! مِمّا يُظهِر إنعِزاله عَن الواقع، وإنعِدام شعوره بالمَسؤولية، وإهتمامه بمَصلَحته ومَصلحة حِزبه الذي صَفّق له دقيقة على عَزله لليندنر بَدَل إنتقاده!

حين تُغادر حُكومة إشارة المُرور سَتترك خلفها كومة ملفات عالقة، كالكساد وتراجُع التصنيع وإنعِدام النمو وتقَلّص الناتِج المَحَلي وتدَهور الإقتِصاد والهُجرة، يَجب على الحُكومة التي ستَحِل مَحَلها التعامل مَعها بحِكمة وجُرأة، أي سَيَكون عليها مُواجهة كثير مِن التحَدّيات، كتعزيز الإقتصاد وإعتماد سياسة ضَرائِب وطاقة جََديدة والحَد مِن الهُجرة، إضافة الى تَدعيم الأمن القومي مِن خلال دَعِم الجَيش والشُرطة، لحِماية البلاد داخلياً مِمّن يَسعون لنَخرها مِن الداخل، وخارجياً مِن حُكّام مَعتوهين يَسعون للتوَسّع مثل بوتين وحلفاءه. إذ لا تزال ألمانيا تتمَتع بمُتطلبات اللازمة لتبقى واحِدة مِن القوى الاقتصادية والدُوَل الصِناعية الرائِدة، لكن تحتاج الشَركات والعامِلين فيها إلى رياح مُواتية بَدلاً مِن رِياح السياسة الحالية المُعاكِسة.

ألمانيا بحاجة اليوم، أكثر مِن أي وقت مََضى، إلى تغيير يُعيد الروح للقيم الألمانية، كالعَمَل الجاد والدِقّة، ومُحاربة ثقافة الكراهية وإستغلال النِظام التي نَخَرَت المُجتمع. لتحقيق ذلك لا بُد أولاً مِن تخفيض الأعباء الضَريبية على الجَميع أفراداً وشَركات. ثانياً يَجب تعديل النظام التقاعُدي الذي يُعتبر الأسوَء أوروبياً، وزيادة المَعاشس التقاعدي لمَن بلغوا سِن التقاعد لِمِقدار يَضمَن لهم عيشاً كريماً، بمُقابل إلغاء ما يُسمّى بأموال المواطنين التي تُدفع للعاطلين، واستِبدالها بضَمان إجتماعي أساسي يَضمَن الكفاف لمَن لا يَجد عَملاً بالفعل، وإذا كان هناك مَن لا يَرغَب بالعمل فعلى الدولة إفتراض أنه ليسَ بحاجة إليه، بالتالي حِرمانه مِن الضَمان الأساسي، مِن مُنطلق العدالة لِمَن يستيقظون صباحاً للعَمل يومياً، ويقومون بتمويل دولة الرفاهية الألمانية مِن ضَرائبهم! يَجب أيضاً جَذب العَمالة الماهِرة تحديداً، مِن خلال دَعم الطاقات المَحلية أو إستِقدامها مِن الخارج عِبر إنشاء وكالة هُجرة فدرالية، لإيصال رسالة واضِحة أن ألمانيا تعتمِد هُجرة للعَمَل، وليسَ للحَبَل والإستفادة مِن المُساعدات! يَجب أن تُصبح الطاقة أرخَص، وأن يَتم الاستِثمار فيها وفي البنية التحتية أكثر، لأن الصِناعة تعتمِد عليها، ويتحَقق ذلك مِن خلال تطوير الطاقة المُتجَدّدة، مَع عَدم إخراج مَحَطات الطاقة المُتاحة كالفحم من الخِدمة، إلا حين تتوَفّر بَدائل بنفس المُستوى. أخيراً، يَجب إجراء تغيير حَقيقي بمَلف اللجوء، فالدولة تنفق عليه مليارات لا يَبدو أنها سَتتوقف، لِما توَفِّره ألمانيا مِن خَدَمات يَسيل لها اللعاب، في الوقت الذي تعاني بناها التحتية من التقادم والتآكل، لذا بَعض الولايات مِثل بايرن رَسَمَت طريقها الخاص للتعامُل مع الأمر، عِبر تسريع النَظَر بطلبات اللجوء، وتوفير عَمل بوَظائف غَير رِبحية، وتخفيض مَزايا المَشمولين بالتَرحيل، أو خَفضَها لمُستوى الكفاف. كل هذا لن يتحَقق دون مُحاربة البيروقراطية مِن أكبر مؤسسة وسُلطة في البلد الى أصغَرها، ورقمَنة الإجراءات الإدارية بأسرَع وقت مُمكن!
بخلاف ذلك، يَخشى البَعض من أن ينتهي الأمر بألمانيا قريباً إلى ما إنتهت إليه اليوم الكثير مِن الدول الغربية، كالسويد وإيطاليا والنمسا والدنمارك وفرنسا وأمريكا، مِن صُعود لليمين وإحتمالية وصوله للسُلطة، وهو أمر يُعَدُّ كابوساً بالنسبة للألمان الذين إكتووا ومَعهم كل العالم بناره، بالتالي لا يُريدون ولا يَتخَيّلون تكراره. فما يَحدث اليوم مِن أزمة إقتصادية بَدأت تلقي بظلالها وتداعياتها على السياسة، شَبيه بما حَدَث عام1929، حين ضَربت الأزمة الاقتصادية العالمية الإقتصاد الألماني الذي كان مُزدَهِراً. فقد إنهار الإنتاج وأعلنت الشَركات إفلاسها، فإرتفعت البَطالة وإنخَفَضَت الأجور وعَم اليأس، وخلال سَنوات مَعدودة تغَيّرت ظُروف الناس وأمزِجَتَهُم، وحينما فَشِلت الحُكومة في التعامُل مَع الأمر، تفَكّك آخر إئتِلاف حاكِم لجَمهورية فايمار برئاسة برونينج، كما تفَكّك إئتِلاف إشارة المُرور مؤخراً برئاسة شولتز. وبما أن مَصائِبُ قوم عِند قوم فوائِدُ، حَصَد الحِزب النازي الفوائِد السياسية حينها بفوزه في إنتخابات1932، وبَعدها بأشهُر تم تعيين هتلر مُستشاراً.


فهل سَتكون مَصائِبُ قوم إشارة المُرور مِن الأحزاب التقليدية، فوائِدُ عِند قوم حِزب البَديل وسارة فاغنكنشت؟ ربما ليس الآن. فالجَولة القادمة، في حال تم سَحب الثِقة في ديسمبر وإجراء إنتخابات مُبَكِّرة في فبراير، شُبه مَحسومة لصالح يَمين الوَسَط، الذي يمثله الإتحاد المَسيحي الديمقراطي الإجتماعي، والذي سَيُعطي له الالمان الفرصة الأخيرة، بإعتباره من الأحزاب الكلاسيكية الديمقراطية، لأنهم لازالوا حريصين على الأخيرة "الديمقراطية"، كي يتحَمّل المَسؤولية ويَعمل على إنقاذ البلاد مِمّا أوصَلتها إليه سياسات أحزاب اليَسار ويَسار الوَسَط،. ولكن في حال فشَلِهم، فسَيُعاقبُهم الالمان جَميعاً بَعد أربَع سَنوات بإنتِخاب البَديل وسارة فاغنكنيشت، وحينها لات ساعة مَندَم، لأن الديمقراطية ستصبح حينها من الكماليات، ولن تَبقى في قِمّة سُلّم أولويات الألمان كالأمان والخَدَمات والحالة الإقتصادية.



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران ومُرتزقتها يُخَرّبون والعَرب يُعَمِّرون
- إيران وستراتيجية البَدائل لإستعمار الدول العربية!
- ظاهرة اليَسار الإسلاموي والرهان على العمامة!
- جِئنا لنُخَلّصكُم مِن صَدام، فخَلّصناه مِنكم!
- طُرُق تحرير فلسطين التي تمُر بغَيرها ولا تؤدي إليها!
- محوَر الشَر وسياسة -ضَرَبني وبَكى، وسَبَقني وإشتكى-
- الموسيقار رخمانينوف.. وَجه روسيا المُشرِق الحَزين
- عنتريّات السوداني بإخراج الأمريكان صَدى لرَغَبات إيران
- طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟
- ماريا كالاس وأرسطو أوناسيس، ومِن الحُب ما قَتَل!
- إيران تُخطِّط وتُوَجِّه، والحوثي يُنَفِّذ ويَستَعرض
- بوتين وإستثماره في حَرب غزّة!
- رَحَل رايان أونيل تاركاً أروَع -قصة حُب- عَرَفها تأريخ السين ...
- ألمانيا في مواجهة تحديات حَرب غزة
- مليشيات إيران وسَعيها لتوريط العراق في حرب غزة
- مزاد مقاطعة المنتجات الغربية في الدول العربية والإسلامية
- حرب غزة.. الماريونيتات حَمساوية والأصابع إيرانية روسية
- لماذا تُكرِّر مَأساة الإمام الحسين نفسها عِراقياً؟
- -الحشد الشعبي- حصان طروادة الإيراني
- زيلنسكي الممثل الكوميدي الذي جعل بوتين يبدو أمامه كومبارساً


المزيد.....




- وسط عدم اليقين مما ستجلبه إدارة ترامب القادمة.. ما الذي تحاو ...
- غارات جديدة على الضاحية وحزب الله يستهدف قاعدتين إسرائيليتين ...
- -فايننشال تايمز-: ترامب سيضغط على إيران لإجبارها على إبرام ا ...
- عالم يكشف عن المخلوق الذي -سيحكم الأرض- في حال انقراض البشري ...
- أسلوب شائع في المراسلة قد يجعلك أقل مصداقية
- الأطعمة الضارة بالكلى
- روسيا تحتج على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الرئاسة الدن ...
- الشرطة التركية تضبط عيادة متنقلة يديرها -خبير تجميل مزيف-
- مع ثلة من كوادر الحركة.. -الجهاد الإسلامي- تنعى قياديين بارز ...
- روسيا تكشف عن كاميرا مميزة تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - ألمانيا في مُفترق طُرُق بَعد عَطَل إشارة المُرور