|
خمس منطلقات في المسألة الديمقراطية والانتخابات .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8162 - 2024 / 11 / 15 - 18:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عند كل محطة من محطات الانتخابات ، يجري التحضير لها من قبل جميع الفرق السياسية ، فتبدأ التكهنات حول مدى اتساع او ضيق ما يسمى ب " الانفتاح المخزني " ، وحول دور المعارضة الملكية ، في المؤسسات الملكية ، قبل وبعد الاجراء الانتخابات ، وإعادة تصفيف الأحزاب التي ستلعب دور المعارضة الملكية للطقوس المخزنية ، في مؤسسات صورية تعتبر ملكا للملك لا ملكا للشعب ، الذي تنوب عنه الأحزاب الملكية ، في اسماع صوته لذا الدولة المخزنية .. لان ما يحصل عند كل انتخابات ، يكون اكبر من مجرد " لعب ديمقراطي " ، ولان دروس التجربة الميتة ، تبقى حية في اذهان الناس ، الذين لا حول ولا قوة لهم ، في رسم قواعد الديمقراطية الحقة ، للتباهي بها امام الجيران ، او امام " المانحين " الأوروبيين حتى يستمروا في منح عطاءاتهم المتنوعة للنظام المزاجي المخزني ، لضمان بقاءه واستبعاد سقوطه او اسقاطه ، بلعبة دولية مفضوحة ومكشوفة . فكما نفهمه ويفهمه كل التقدميون الديمقراطيون ، فان الانتخابات ليست ضامنة للدولة المزاجية ، لان شروطها منتفية في النظام الطقوسي المخزني المزاجي ، بل جد متعارضة مع دولة نيوبتريمونيالية ، نيوبتريركية ، كمبرادورية ، (ثيوقراطية) ، ورعوية .. فالديمقراطية تستبعد هذا النوع من التسميات الغريبة ، التي تتعارض مع الديمقراطية ، ومع الدولة الديمقراطية الحقيقية . أي ديمقراطية القوانين المبنية على الدستور الديمقراطي المفروض انه دستور الشعب ، لتصبح الديمقراطية تعرف بالتعريف الكوني ، لا بديمقراطية الأشخاص كالديمقراطية الحسنية والديمقراطية المحمدية ... وهكذا .. يصبح للدولة الديمقراطية الحقيقية ، وللديمقراطية ، اهداف ووسائل ، ويصبح النضال لحقيقة الوضع الجاري ، وضوح الخط الذي هو شرط سلامة الممارسة الديمقراطية ، وابتعادها حتى عن انصاف الحلول السلبية ، وعن عقم الخط الانتخابي الضيق .. فتنظيم الدورات الانتخابية ، ليس هي من تجيز تسمية العمليات الجارية بالديمقراطية ، اذا لم تنظم الانتخابات ضمن الدستور الديمقراطي الذي هو دستور الشعب ، وليس بدستور الحاكم ، خاصة اذا كان حاكما طقوسيا. --- المنطلق الأول : " الاقطاعية السياسية " ، عدوة الديمقراطية ومدمرتها . ان المسألة الديمقراطية في المغرب ، تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية الملكية ، المبنية فقط على القمع واللجم وعلى الطقوسية ، وهذا ندلل عليه بكل سهولة من جمع النظام المزاجي بين دستور ملك مكتوب ، وبين دستور اعظم من الدستور المكتوب ، هو دستور غير مكتوب يسمى ب " عقد البيعة " ، لنجد ومن الفهم ، ان الدستور الذي له ( حق ) الأفضلية في التنزيل عند بحث إشكاليات خاصة ، يكون دستور " عقد البيعة " الغير مكتوب ، على الدستور المكتوب الذي يسمى كذلك بدستور الملك . وكأننا امام دولتين تحكمان بدستورين ، واحد مكتوب والأخر غير مكتوب ، في دولة رعوية اميرية امامية ، مقابل دولة ( عصرية ) لباسها وطرق تصرفها لا علاقة لهما بلباس أصحاب الدستور المكتوب الموجه بالضبط للدول الاوربية وللدول المانحة ، كالولايات المتحدة الامريكية .. فعندما يتصرف رئيس الدولة داخليا ، وخاصة مع الرعايا ، فهو يتصرف كراعي على رأس دولة رعوية ، وامام ، وامير ، والدولة تعد امارة سلطانية ، ومن يتعامل معهم بخطاباته هم مجرد رعايا ولن يرتقوا ابدلا الى مواطنين فأحرى ان يصبحوا شعبا .. لكن نفهم من الدستور المكتوب ، ومن تسمية رئيس الدولة بالملك ، وعند توجيه خطاباته ، فالمقصود الأوروبيين والامريكيين والمجتمع الغربي ، وليس المقصود الرعايا الخاضعة لدستور عقد البيعة الغير مكتوب ، والذي يعطي للأمير الراعي سلطات استثنائية خطيرة ، تفوق كثيرا السلطات التي يعطيها الدستور المكتوب للملك كملك ، وليس كأمير وسلطان وراعي ، أي حاكم طقوسي لاهوتي .. ان المسألة الديمقراطية في امارة الاقطاع المخزني الطقوسي ، تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية الملكية والامارة والسلطنة . فالإقطاعية السياسية التي تشكل جوهر النظام المخزني القائم ، تنفي بالمطلق مبدأ الديمقراطية ، لا سيما من خلال : --- " أنا الدولة . الدولة أنا " . أي الاستيلاء بالقوة ، ومدعما هنا بدستور البيعة الغير مكتوب ، على كافة السلط ، من تشريعية ، وتنفيذية ، وقضائية ، فالقضاء في السلطنة وفي الدولة الرعوية ، غير موجود كسلطة ، ولا كهيئة ، ولا حتى كسلك . ان القضاء في الدولة الاميرية الرعوية والامامية ، هو من وظائف الامامة ، والامام الكبير هو من يرأس قضاء الامامة ، والقضاة يسموْن بالمأمونين ، الذي يتولى تعيينهم وترقيتهم وحتى تأديبهم الامام الذي يعتبر رئيسهم . فالأحكام يصدرها المأمومون " القضاة " باسم الامام ، وتنفد باسمه ، والسجون هي سجونه . والموظفون الذين يتولون هذه الاعمال ، هم موظفون بإدارة الامام ، حتى اخر درجة في سلم حراس السجون . فالأمير في النظام المخزني السلطاني ، هو الدولة ، والدولة هي السلطان .. وهنا ويا للعجب ، ان من يدعي التقدمية والديمقراطية ، اصبح يشارك في استحقاقات الراعي الكبير والأمير كأمير للمؤمنين ، لان الانتخابات انتخاباته ، نظمها دراعه وزارة الداخلية ، والبرلمان برلمانه ، فيصبح البرلمانيين ببرلماني الأمير ، لا ببرلمانيي الأحزاب التي رشحتهم للمشاركة في الانتخابات ، ومن ثم تكون الحكومة التي تكونت بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، بحكومة الملك ، أي هم والبرلمانيين بمثابة موظفين سامين بإدارة الملك ، يسهرون جميعا على تنزيل برنامج الملك الذي لم يشارك في حملة انتخابية ، ولم يصوت عليه احد ، يصبح برنامج الملك لا ببرنامج الأحزاب ، التي رمت ببرامجها التي خاضت على أساسها الانتخابات ، وليحصل لها شرف تنزيل برنامج الملك السلطان .. --- عدم الاعتراف بالأحزاب والهيئات السياسية التي يشم منها رائحة المعارضة ولو المحتشمة . أي عدم الاعتراف بها حتى في الحدود الدنيا كمؤسسات ذات تمثيلية .. مع الفصل أصلا ، بين التمثيلية وبين الانتخاب ، بل واعتبار العلاقة " مباشرة مع الشعب " الذي يتم التعامل مع افراده ك " رعايا " لا كمواطنين فأحرى التعامل معهم كشعب . --- فرض مبدأ قداسة الحكم التي لا يجوز معارضة سياسته او المس بها ، او حتى التفكير في ذلك . فأي عمل او تعامل سياسي يجب ان يندرج ، وفقا لقانون النظام الملكي الطقوسي ، في اطار احترام القيم السياسية الرعوية المخزنية الاقطاعية السائدة ، حيث يستمد العمل السياسي مشروعيته من مشروعية النظام القائم ، وليس العكس .. أي من الطقوسية والقمع واللجم . في نظرنا ، هذا هو جوهر الحكم المزاجي المخزني المطلق ممارسة ودستورا ، حيث عكست الدساتير التي انفرد القصر دائما بوضعها ، تقنينا لأوضاع السلطة الاستبدادية الاقطاعية والطاغية ، التي لم تجعل من الديمقراطية في يوم من الأيام ، هدفا ولا طريقة في الحكم ، بل عملت دوما على محاربتها ، والتحالف تاريخيا وحاليا ، مع القوى الاستعمارية لإحباط أي تطلع شعبي نحوها .وهذا ما يدفعه الى طرح مفهومه السياسي الخاص للديمقراطية ، على انها صيغة " للتساكن " بين النظام المخزني السلطاني المزاجي ، وبين المحكومين . وهكذا حرص النظام على افراغ الديمقراطية من مدلولها الحقيقي ، وتمييعها بجعلها لعبة تنافس سياسي ، يتصدر دفتها القصر من موقع " الحكم " الابوي ، أي البتريركي الذي تتهافت عليه كل الأطراف للتظلم والتباكي على اعتابه ( الشريفة ) ، للاستفادة من اراداته المتنوعة ومن التسهيلات ، و لاستمداد المشرعية منه لا من غيره . قد يبدو هذا التحليل مجرد تكرار للبديهيات . لكن ما الذي جعل بديهيات الامس ومسلماته تصبح اليوم موضع طعن وتشكيك من طرف البعض ؟ وما الذي تغير في جوهر النظام وطبيعته حتى يتسابق هذا الغموض اليوم مثل الامس ، على دور " المعارضة البناءة " ، رافضا استخلاص الدروس ، ومتماديا في تحريفه وتزييفه الخاص للديمقراطية ؟ فما هي الدروس أولا ؟ . --- المنطلق الثاني : وظائف الانتخابات السياسية . اذا كانت الاقطاعية السياسية والجبر والقمع والطقوسية ، هي جوهر الحكم المطلق الدكتاتوري ، فان الطابع السائد في الخطاب الأيديولوجي والسياسي للنظام البتريركي البتريمونيالي الرعوي ، والثيوقراطي المفترس .. يبقى هو الازدواجية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم الغارقة في التخلف الطقوسي المخزني السلطاني والمفترس لثروة الرعايا المفقرين ، ومن جهة أخرى ، التهافت ( اللبرالي ) في الشكل واللهجة . وهو ما يسميه النظام المزاجي الطقوسي الجمع في آن واحد بين " الاصالة والمعاصرة " . وهذا طبعا يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الأصول الاقطاعية للدولة الرعوية البتريركية البتريمونيالية .. ، والتطلع نحو ( اللبرالية والعصرنة ) ، ومن خلال ذلك اخضاع البرجوازية الوطنية لإملاءاته وطقوسه وجذبته ، وكذلك سجن الفئة العليا من البرجوازية الصغيرة في دور لا يمس الهياكل الأساسية ، أي المخزنية ، بل يسعى فقط الى ترميمها واصلاحها ومعارضتها " المعارضة البناءة " ، وقد لاحظنا هذا اثناء جلسات ما يسمى ب ( جبر الضرر ) حين اصبح من كان يرفع شعارات الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، من اكبر المدافعين عن النظام الطقوسي المخزني ، وليصبح ما يسمى ب " اليسار الجديد " مجرد بوق من الابواق المهللة لدولة المخزن المزاجي ، وتناسوا سريعا مقولات الصراع الطبقي ، البروليتارية ، المواقع الحمراء الثابتة والمواقع الحمراء المتحركة ... الى غير ذلك من الاناشيد التي تسببت في تشريد جيلين باسم الماركسية والستالينية والماوية .. فتم استيعاب الكل بالدرهم ، دون المساس بالهياكل الاساسية ، بل فقط الترميم والاصلاح ولعب دور المعارضة " البناءة " . ومن هنا كان الحرص الدائم لذا النظام المخزني ، هو احداث اكبر ما يمكن من الرواج السياسي ، لكن في اطار لا يتجاوز حدود " الطبقة السياسية " ، سيرا على مبدأ " السياسة مع النخبة ولها " . وهكذا هو تكتيك الانفتاح الذي مارسه وكرره ، في جميع الاستحقاقات التي نظمها ، أي (تعديل ) الدستور في 2011 . وهنا نود التذكير انه بمجرد الحملة الانتخابوية لسنوات 1962 و 1963 ، أي مباشرة بعد انقلاب القصر ( الحسن الثاني ) وانفراده بالسلطة ، او في سنة 1965 على اثر انتفاضة الجماهير في 23 مارس 1965 ، او سنوات 1971 و 1972 ، على اثر انقلاب الضباط الوطنيين الاحرار في انقلاب الصخيرات وانقلاب الطائرة .. ان هذا يعني ان ( الانفتاح ) المُتغنّى به ليل نهار ، وبصيغه العملية وهي الانتخابوية ، يؤدي عدة وظائف ، نوجزها اجمالا في ثلاثة : إضفاء المشروعية (الشعبية) على الحكم ، وتجديد ( التحالف ) الحاكم ، أخيرا تقنين أساليب القمع السياسي والايديولوجي . فلننظر عن قرب الى هذه الوظائف على ضوء ( التجارب الديمقراطية ) الماضية ، وخاصة منها ما استدرج تحت نعت ( مسلسل التحرير والديمقراطية ) : ا --- اذا كانت الاستفتاءات الدستورية قد استهدفت إضفاء المشروعية على طبيعة الحكم المطلق ، فان الانتخابات تعدت ذلك نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي بترتيبه الجديد ، أي بتكامل الصفة المخزنية للحكم ، مع واجهة ليبرالية شكلية مركبة من برلمان ومجالس وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها . وهكذا ، فبعد ان تمكن النظام من فك ولو نسبيا عزلته خارجيا وداخليا ، واضفى على نفسه طابع الوطنية مكان الخيانة الواضحة ، لم يتردد في تسجيل مكاسبه هذه ، بعد زيارة Emanuel Macron ، والارتماء في علاقاته مع تل ابيب ، عن طريق تقنين وضعيته بنيل " تزكية وطنية " للدستور 2011 ، وللدساتير السابقة التي قاطعتها القوى التقدمية الوطنية كموقف تاريخي ثابت منذ استقلال Aix-les Bains .. ثم عادت في الاستفتاءات التي نُظمت الى المشاركة في استحقاقات الملك ، مزكية الدساتير السابقة ، ودستور 2011 ، وهو ما عجز النظام عن تحقيقه منذ ستينات القرن الماضي .. ب --- اما الوظيفة الثانية ، وهي تحديد ( التحالف الحاكم ) ، فتبرز من خلال ظاهرتين ، أولهما تذويب البرجوازية المتوسطة ، او على الأقل الفئة العليا منها ، في اطار الطبقة الاقطاعية الرأسمالية ، وتجريدها من كل صفات الوطنية ، ومن إمكانيات التطور المستقل المتبقية لديها . هذا في الوقت الذي اندحرت الفئات السفلى منها . وباختصار ، فان ما حدث هو تفكيك البرجوازية الوطنية كطبقة . والظاهرة الأخرى من هذه الوظيفة ، تكوين اطر جديدة للملكية ، فتح باب أوسع للتمييع والارتشاء ، والتدرب على أساليب الحكم المخزنية ، والعمل على استقطاب العناصر المشاركة في ( التجربة ) على اختلاف مشاربها ، وبناء تصوره الذي يعتبر الأحزاب مجرد مدارس لتكوين اطر سياسية ، قد لا يستحيل استيعابها ودمجها في جهاز الدولة المخزني . ج --- غير ان الوظيفة الحاسمة للانتخابات تبقى هي احتكار النظام المزاجي المخزني ، سلطة تحديد الحقل السياسي المشروع ، ورمي أي عمل او نضال ديمقراطي غير انتخابوي في اللاشرعية . فعلى عكس ما يذهب اليه أصحاب الخط الانتخابوي من ان ( المسلسل الديمقراطي ) سمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، اعتبرنا بعد ان حللنا اللعبة الانتخابوية من أولها حتى نهايتها ، ان هذا المسلسل لم يكن الا تطبيعا للمزيد من تهميش الجماهير الشعبية ، وانتهاك حقوقها الدنيا ، باسم الديمقراطية هذه المرة . وهكذا بقيت تلك الجماهير مبعدة ، ولا يتم اللجوء اليها الا بشكل ظرفي ، سواء من طرف القصر ، او من طرف القيادات العاجزة ، لتزكية وضع من الأوضاع ، كما كان الشأن في " المسيرة الخضراء " التي تصحرت ولم تبقى خضراء ، او في الحملات الانتخابوية ، الشيء الذي طبع المسلسل الديمقراطي المزعوم ، بطابعه النخبوي الواضح . وهنا يكمن الدور الأيديولوجي للانتخابات . فقد اثبت القمع الجسدي مثلا لانتفاضة يونيو بالدارالبيضاء ، وانتفاضة 1984 ، ان محاولة إضفاء المشروعية مخزني لا شرعي باسم الديمقراطية ، ليست في نهاية الامر ، سوى شكل من القمع الأيديولوجي . الم يعتبر الحسن الثاني بنفسه ، غداة تلك الانتفاضة ، انها كانت خروجا عن الديمقراطية ؟ . نعم انها خروج عن مفهوم النظام للديمقراطية التي يريدها حزاما واقيا ، وقيدا على النضال الشعبي . ولهذا كانت مثلا انتفاضة يونيو وانتفاضة يناير حسما شعبيا مع شعارات النظام ، واعلانا عريضا عن نهاية وهم ( الاجماع الوطني ) ، وحجة قاطعة على الطابع الهامشي النخبوي لما سمي بالتجربة الديمقراطية وافلاسها . --- المنطلق الثالث : مفهوم النضال الديمقراطي بين مغالطة ( الاجماع الوطني ) و الخط الوطني المستقل . لقد أدى اختلاف التعامل مع المنطلقين اللذين ذكرنا ، الى فرز فهمين وممارستين متعارضتين للعمل الديمقراطي . الأولى تقوم على قاعدة عدم بمشروعية النظام البتريريكي البتريمونيالي والرعوي والطقوسي .. القائم ، بل والمساهمة في تثبيت تلك المشروعية بالضبط واللجم والقمع ، تحت شعار ( الاجماع الوطني ) الذي يؤلف بين مكونات النخبة السياسية المغربية على اختلاف مواقعها ، سلطة ومعارضة . وعلى هذه القاعدة ركب التيار ( الإصلاحي ) موجة " التحرير والديمقراطية " ، منطلقا من ان : -- الانتخابات وسيلة لتحسين ( صورة ) المغرب وسمعته لذا الرأي العام الدولي ، وبالتالي ، دعم المعركة الدبلوماسية المغربية في معركة الصحراء الغربية . -- الانتخابات توفر للبلاد مؤسسات ديمقراطية ، مما يشكل دعما ( للجبهة الداخلية في وجه المناورات والاعتداءات الخارجية . -- ومدخلا لتطبيق برنامج انقاد وطني ، وبخاصة في المجال الاقتصادي الذي وصل مشارف الكارثة . في حين كان موقف القوى اليسارية والتقدمية الحقيقية ، ان النظام يتعامل مع قضية الصحراء الغربية ، بمقياس دعم مصلحته السياسية الخاصة ، وان تقديم هذه المصلحة على انها مصلحة وطنية منزهة عن الصراع الدائر بين النظام والجماهير الشعبية ، انما هو تزييف لطبيعة القضية نفسها ، واقحام للعمل السياسي كله في خط النظام ، وابعاده عن الخط الوطني المستقل . فالتبريرات المقدمة للتورط في هذا المستنقع الذي فشل ، تنقصها الجدية والقدرة على الاقناع ، لا سيما وان دخول التيار الإصلاحي ( معركة الديمقراطية ) من باب ( الاجماع الوطني ) ، قد قاده سريعا الى بث الخلط والغموض حول طبيعة هذه المعركة أيضا ، التي تحولت الى معركة " دونكيشوتية " ضد " أعداء الديمقراطية " المجهولين ، الذين لا يعرفهم الا اقطاب الإصلاح .. ان اكبر وهم حاول هؤلاء زرعه في اذهان المناضلين والجماهير عامة ، هو نزاهة الحكم وبراءته من كل الخروقات والممارسات اللاديمقراطية . والصاق التهمة بالجهاز السلطوي التي يتصرف خارج تعليمات القصر ... وكأن هؤلاء تحركهم العفاريت ، لا التوجيهات السمية نفسها . لقد انفضح الطرح الإصلاحي للديمقراطية عند الخاص والعام ، وبات طرحا معزولا في الساحة بعدما جمع ما جمع من دخلاء ومنتفعين ، وبعدما تحطمت مغالطة ( الاجماع الوطني ) تحت ضربات الموقف الشعبي ، وتضحيات القواعد المناضلة ، التي رسمت باستماتتها ووفاءها للعمل الثوري خطا وطنيا مستقلا في كل القضايا الوطنية منها والديمقراطية ، رافعة شعارا دقيقا يربط بين المهام المرحلية والتطلعات الاستراتيجية ، الا وهو شعار فك الاجماع حول العرش والتقدم نحو الوحدة الشعبية الحقيقية . وقد كان هذا الشعار ولا يزال ، بممارسته التنظيمية والجماهيرية ، مقياس فرز جوهري داخل الحركة التقدمية المغربية . بل والساحة السياسية ككل ، ذلك انه أعاد وضع الصراع الديمقراطي على حقيقته ، أي كواجهة أيديولوجية وسياسية وطبقية لسياسة الحكم ومفاهيمه الي غلفها بشعار ( المسلسل ) . والتقت فيها مصلحته مع مصلحة فئات أخرى ، عبرت عنها تنظيمات ثورية وقوى متباينة ، هي البرجوازية المتوسطة من خلال حزبها ، والإصلاح من خلال مواقعه ( القيادية ) . وباختصار ، فان الخط الوطني المستقل ، بتمكنه من عزل اطروحات النظام والإصلاح معا ، وتطويق اثرها السلبي على الجماهير ، قد أعاد الاعتبار لمفهوم النضال الديمقراطي بمعناه الثوري ، ومن خلاله السيادة الشعبية ، في انصهارها مع النضال الاجتماعي اليومي للجماهير المفقرة والكادحة . --- المنطلق الرابع : إقرار سيادة الشعب كأفق ثوري للنضال الديمقراطي . ان الديمقراطية إما ان تكون واقعا يسود العلاقات الاجتماعية والسياسية او لا تكون . ليست الديمقراطية يافطة تعرض على السواح . انها حقيقة يجب ان تفتح لكل واحد إمكانية التقدم والمعرفة ، وتتطلب تنظيما اجتماعيا يحتاج هو نفسه الى تغييرات في الهياكل ، وليس فقط ، مراجعة دستور في غياب الممثلين الحقيقيين للجماهير الشعبية . ان تطبيق الديمقراطية على الحياة السياسية ، يعني البحث عن الماسكين الحقيقيين بزمام القوة السياسية ، لإخضاعهم لإرادة الشعب . بهذا الوضوح حدد الشهيد المهدي بن بركة المضمون الاجتماعي للديمقراطية ، الذي يعني استحالة الجمع بين واقع ىالقهر والهيمنة ، وبين إيجاد مؤسسات ديمقراطية فعلية . ان النضال الديمقراطي يجب اذن ، ان يبقى وفيا للهدف الاستراتيجي الثابت ، الذي هو : تحقيق السيادة الشعبية ، وبالتالي ، فعليه ان يتجنب الفخ الذي ينصبه الحكم باستمرار ، لمحاولة حصره في افق ضيق ، وجعله في نهاية الامر ، يخدم المشروعية القائمة ويرممها ، ويسمح للنظام بإيجاد واجهة شكلية تصونه من العزلة الداخلية والخارجية . ان أي انزلاق في هذا الاتجاه ، او أي مبادرة تضع الالتزام بالعمل على تحقيق سيادة الشعب جانبا ، وتتوهم إمكانية الإصلاح الإيجابي للأوضاع القائمة ، لا يمكنها ان تنعكس الا بمردود سلبي . وهذه حقيقة نستنتجها من المنطلق الأول ، أي من تحديد طبيعة الحكم الراهن التي تجعله غير راغب ، بل غير قادر على تحقيق اية تجربة ديمقراطية ليبرالية ، عدا التجارب البرلمانية المزيفة والمشوهة ، التي تبقى في كل الأحوال ، سجينة الأيديولوجية الاقطاعية ، عدوة الديمقراطية ومدمّرتها . ان وضع النضال الديمقراطي في افقه الثوري الصحيح ، يعني انه لا يشكل اختيارا تكتيكيا تفرضه ضرورات الرواج السياسي ، بل محورا أساسيا لكفاح الجماهير وقواها الحية . ان تحقيق السيادة الشعبية كهدف ثوري لهذا الكفاح ، يقتضي بدوره ، نهج أساليب ثورية في تثقيف وتنظيم الجماهير ، لا أساليب التسلط والانحراف ، والتعامل مع المناضلين بنفس المنطق المخزني المزاجي الذي يشكل عماد الحياة اللاديمقراطية ، المفروضة على الشعب المغربي . ان النضال الديمقراطي ، مثل كل المعارك النضالية ، اذا لم ينطلق من وضوح تام في المواقف ، إزاء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم . واذا لم يتبلور هذا الوضوح على مستوى الشعارات والمهام النضالية اليومية بوضع الخط الفاصل مع الطبقة السائدة ، وسياساتها وشعاراتها ، فانه لن يؤدي الا الى نتائج عكسية ، تضر بالمسيرة النضالية الثورية . لا غرابة اذن ، مرة أخرى ، ان يؤدي خوض " المعركة الديمقراطية " بمنطق ( الاجماع الوطني ) ، ووسائله وضوابطه ، الى عزلة أصحابها وبقائهم سجناء " أنصاف الحلول السلبية " ، ومؤسسات النظام النخبوية والهامشية ، وانفضاح امرهم على الصعيدين الوطني والديمقراطي ، عند الخاص والعام ، كما اسلفنا القول . ولا بأس ان نلخص مع الشهيد المهدي بن بركة ما آلت اليه سياسة ( الاجماع الوطني ) : " انه من البديهي ان من يكتفي بالخطة التكتيكية " المرحلية " ، دون ان ينطلق من افق استراتيجي ، يكون مصيره إمّا ان يسرق منه الخصم سياسته ، وإمّا ان يظهر بمظهر الانتهازية . " .. --- المنطلق الخامس : الجبهة الوطنية الديمقراطية التقدمية تجسيدا للخط الجماهيري المستقل . المقصود بالجبهة او الكتلة ، اجماع مجموعة من الأحزاب والتنظيمات السياسية ، بحيث تكون القيادة واحدة ، مع الاحتفاظ باستقلالية التنظيمات بعضها عن بعض .. أي دون الوصول الى الادماج ، الذي لا علاقة له لا بالجبهة ولا بالكتلة .. وباستقراء الفعل السياسي الحزبي منذ استقلال Aix-les Bains ، كان الجميع يتحدث عن الجبهة كخلاص وحيد لولوج وتنزيل الديمقراطية ، أي دمقرطة الدولة . لكن المشكل ، ان من كان ينادي بالجبهة ، هو من يعطل بناءها ، بل وتصرف أحيانا وبوجه مكشوف لصالح خيارات لا علاقة لها بالبناء الجبهوي .. وكأن ترديد مصطلح الجبهة كان للتهافت السياسي لا غير .. وبالرجوع الى تاريخ تطور التنظيمات والأحزاب ، لا نجد ان جبهة من الجبهات قد نجحوا في بناءها ، ولو بالشعارات ، لاننا نحن فقط شعب الشعارات وشعب الطاووسية ، التي تتوقف عند اقتراب الشعارات من ملامسة الهدف الذي هو بناء الجبهة .. والسؤال . لماذا رغم الدعوة الى الجبهة ، فالجميع كان يشتغل ضدها ، خاصة بقربهم من النظام ، او اندماجهم مع النظام ، ولو بشكل شبه خفي .. ان الحديث عن الجبهة ، هو حديث عن التنظيمات السياسية والحزبية المعنية بالجبهة ، لمواجهة النظام في إشكالية فهم المغزى الواجب من الجبهة ، ومن شكل الدولة الديمقراطية .. واذا كانت الأحزاب والتنظيمات التي روجت للجبهة لم تنجح في إقامة جبهة ، بل كانت تتصرف ضد شعاراتها ، فهل يحق اليوم الاستمرار في الحديث عن الجبهة ، والأحزاب المعنية بها ، لم تنجح في بناءها حتى والظروف السياسية الداخلية ، والخارجية خاصة نزاع الصحراء الغربية ، كانت مسهلة لبناء أي عمل جبهوي ينشد الديمقراطية ، وينشد بناء الدولة الديمقراطية .. فمثلا اذا لم يتم بناء جبهة باسم (اليسار) حين كانت الأحزاب تقدمية في بعض مواقفها ، ورجعية في أخرى ، فكيف سيتم النجاح لبناء جبهة ، من أحزاب لا علاقة لها بمطالب الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي .. وحتى نبسط الشرح اكثر . اين هو حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وما تفرع عنه من مكونات سياسية ك " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " " منظمة 23 مارس " ، حزب التحرر والاشتراكية / التقدم والاشتراكية ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي OADP .. .. دون نسيان " ك د ش " عند بزوغها في سنة 1978 ، والمنظمة الطلابية " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " .. فهل نموذج هؤلاء اليوم هو " الحزب الاشتراكي الموحد / نبيلة منيب " ، حزب " المؤتمر الوطني الاتحادي " الذي كان هو " ك د ش " في صورة مصغرة .. وهل حزب الطليعة اليوم ، هو حزب الطليعة وقبل تأسيسه في سنة 1991 بترخيص من وزارة الداخلية .. وأين جماعة " الوفاء للديمقراطية ، الذين تعود جذورهم الأولى الى الحزب الأصل " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وشاركوا كفاعلين أساسيين ، في المؤتمر الذي كان بأوامر الحسن الثاني وتوجيهاته ، للانتهاء من تجربة " ا و ق ش " UNEP ، والمقصود هنا المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، الذي صفى حساباته مع تجربة خط " ا و ق ش " الراديكالي ، الذي صنفوه ب " البلانكي " الذي يريد الانقضاض على الحكم من فوق .. فالاتحاد الاشتراكي كان في اوج شعارات التقدمية سواء الإصلاحية ، او الانقلابية ، حزبا ملكيا اكثر من الأحزاب التي انشأتها وزارة الداخلية ، كالتجمع الوطني للأحرار " بأمر من الحسن الثاني لخلق " المعارضة البناءة " ، " الاتحاد الدستوري " ، و " الحزب الوطني الديمقراطي " ... واسسها القصر كحزب " الحركة الشعبية " و " جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIK .. الخ . نتساءل . هل خطورة انشاء ( تحالف ) باسم " الفيدرالية .. " تكوّن من " حزب اليسار الاشتراكي الموحد " و " حزب الطليعة " و حزب " المؤتمر الوطني الاتحادي " . كافيا لبناء جبهة . او هل الفدرالية هي بمفهوم الأعضاء جبهة ، او نوعا من الجبهة .. مع العلم ان نبيلة منيب ، وحتى تدخل الى البرلمان ، كان اهم شيء قامت به لصالح القصر ، هو تشتيتها لأحزاب الفدرالية ، وارتماءها في حضن القصر ، الذي جازها بمقعد في البرلمان .. فخلال الانتخابات الأخيرة ، حصل حزب الاشتراكي الموحد على مقعد واحد كان لنبيلة منيب ، وحصل حزب المؤتمر الوطني على مقعد واحد ، وحصل حزب الطلعة على صفر 0 مقعد .. فهل هذه الأحزاب الأكثر من ضعيفة ، هي المخاطب ب " الجبهة " ، وما موقع " جماعة العدل والإحسان " الاخوانية من هذه الجبهة التي لن ترى النور ابدا ، لانها خاوية الوفاض ولا قواعد لها بالمرة .. ومع ذلك واثناء حركة 20 فبراير ، كانت الأحزاب الثلاثة ، تركز كل خرجاتها على ابعاد " جماعة العدل والإحسان " ، وهي هنا كانت تقدم خدمة للنظام وللدولة ، وحين خرجت " جماعة العدل والإحسان " وانسحبت من 20 فبراير ، حتى انتهت الحركة ، لان حركة 20 فبراير كانت كحركة لجماعية العدل والاحسان ، التي سيطرت عليها مائة بالماءة .. فهل ثلاثة أحزاب جد ضعيفة ، تؤمن بالدولة وبقوانينها ، وبمقدساتها ، ستبني تنظيم الجبهة ، التي ستبقى جبهة ملكية ، شاركت في انتخابات الملك ، لانها تريد الدخول الى برلمان الملك ، ولما لا تعيين أعضاء منها كوزراء ، يصبحون مع برلماني الملك ، مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، يسهرون ان يحصل لهم الشرف لتنزيل برنامج الملك ، الذي نزل من الفوق ، ولترمي ببرامجها الحزبوية ، بسلة القمامة .. . وسنطرح سؤالا : لماذا لم تبلغ ما يسمى ب " معارضة الخارج " مستوى المعارضة السورية ، والمعارضة العراقية ، والليبية ، والتونسية .. الخ . حيث هي معارضة بارعة فقط في السب والشتم وكل الأساليب اللاأخلاقية .. ولا علاقة بالأصول الأخلاقية التي لمسناها عند معارضي الشرق الأوسط .. وحتى نكون واضحين وليس ببغاويين ، ومن خلال تحليلنا للخريطة الحزبوية المغربية . نؤكد . اذا كان النضال الديمقراطي ، بمعناه الأصيل ، وليس بما أُلصق به من تشويهات ، وتحريفات ، ومنزلقات خاصة عندما تكون انتخابوية ضيقة ، يقتضي فرز العدو الأساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الوطني ( وهو صف للأسف انتفى ولم يعد موجود ) ، والتصدي لتكتيكه السياسي بخط وطني مستقل ، فان الانفتاح يجب ان يسود في الحقيقة ، هو بين القوى الوطنية والتقدميةالمناضلة ، الذي بينها هدف إقامة سيادة الشعب ، وتحرير البلاد من السيطرة الأجنبية بكل مظاهرها المقززة . وللأسف ان هذا القوى التي كانت موجودة في ستينات وسبعينات القرن الماضي انتفت بالكامل من الساحة ، ولم يبق منها شيء يذكر ، غير صرد الذكريات بحلوها ومرها .. لذلك نقول للشعب المغربي وللشباب المغربي ، التحرك في كل المغرب ، لإنشاء قوى ديمقراطية تقدمية ونظيفة ، لان الساحة فارغة اليوم . والوضع الذي يمر به النظام ، يخيفه اكثر عند طرح مشاريع سياسية عبثية غير وازنة . أي السبق للسيطرة على المجال والحقل السياسي ، حتى لا يصبح عرضة لجماعات ( العقيدة ) ، وللجماعات البلانكية ، والجماعات الاناركية .. وتكون الخطوة الأولى بالنزول الى الشارع ، والعالم سيكون في صف الشعب .. ولن تتكرر مجازر 23 مارس 1965 ، ويونيو 1981 ، ويناير 1984 ... الخ ، ستكون مراقبة وليست ملاحظة من قبل مجلس الامن ، الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الاتحاد الأوربي ، الاتحاد الافريقي ، محكمة العدل الدولية ، المحكمة الجنائية الدولية ، وحتى الماكم الاوربية .. والنظام لن يطلق رصاصة واحدة على النازلين سلميا الى الشارع ، والمعتصمين سلميا به ، من اجل المطالبة بالدولة الديمقراطية ، وبالنظم والمؤسسات الديمقراطية ، والحقوق المحرومين منها كل شرائح الشعب المفقر .. سيما وان الملك تساءل حين قال : اين الثروة .. ونعود ونكرر لنقول . لا اجماع حقيقي في شكل جبهة او كتلة تاريخية ، غير الاجماع الشعبي حول ضرورة الديمقراطية الحقيقية ، كعنوان استراتيجي التحرر الوطني بكاملها . ان الديمقراطية اذ تعتبر بهذا المعنى ، معركة شاملة ، فهي تتطلب استعدادا شاملا ، يدمج كل القطاعات الشعبية والتنظيمات التقدمية التي ستخرج للساحة في نضال يومي في سبيل إيقاف عدوان الحكم البوليسي المزاجي التائه على المستضعفين ، إيقاف انتهاك الحقوق الديمقراطية ، انهاء الاعتقال السياسي ، وإقرار مواطنة المواطنين ، وبكلمة ، في سبيل مواجهة الحكم المطلق ودولة الاستبداد البوليسي . ان الجبهة الوطنية التقدمية التي سترى النور في كل المغرب بعد وفاة الملك ، يجب ان تكون تجسيدا متكتلا لهذا التطلع الديمقراطي ، واطارا وحدويا لتحقيقه من خلال : --- تكثيف الدعاية للمفهوم التقدمي الحقيقي للديمقراطية . --- الجواب على الوضع القائم حاليا ، لتعميق القطيعة مع الطبقة السائدة ، والنضال ضدها في كل الواجهات السياسية والنقابية والثقافية . --- تنمية وتطوير الفرز الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي ، على طريق بلورة الأداة الثورية . ان تعميق التوجه الوحدوي الجبهوي على أساس هذه المهام ، هو الكفيل بتوفير شروط العمل الجبهوي ، وشق الطريق نحو بناء الجبهة الوطنية التقدمية العريضة ، من دون اقصاء احد ، كهدف ثابت وبُعد استراتيجي للممارسة الآنية . والخلاصة هي ان القضية الديمقراطية شكلت ولا تزال ، محور الصراع في مجتمعنا ، وستظل كذلك ، لغاية حل التناقض الرئيسي في البلاد ، وفرض السلطة الوطنية الديمقراطية . ان المعركة الديمقراطية بهذا المفهوم ، معركة دائمة ومستمرة ، ولا يمكن اختزالها في لعبة انتخابوية فوقية . انها معركة شاملة غايتها الاسمى إقرار سلطة الشعب ، بتصفية سيطرة الطبقة السائدة التي تقف عائقا في وجه التحرر الوطني الديمقراطي . --- محطة إضافية للإحاطة : تاريخ ( الكتل والتحالفات ) الانتخابوية الانهزامية . طبعا هناك تساؤل يجب طرحه ، هو . هل لم يسبق تكوين تجمعات حزبية وسياسية في تاريخ العمل السياسي المغربي .. ان القول بخلاف ذلك ليس صحيحا ، وان كانت اللقاءات مصلحية ، وانتهازية . لقد قمنا بمجهود للوصول الى هذه التجمعات التي ماتت حتى قبل ان تكون حقا اطارا وحدويا .. بل منها من تصرف ضد الشعارات التي رفعها غداة التأسيس . وسنرتب هذه التجمعات في شكل " كتلة " ، رغم تقمصها لمصطلح الكتلة ، التي لا علاقة لها بتعريف غرامشي المثقف العضوي لمفهوم الكتلة . 1 ) كتلة العمل الوطني / تاريخ التأسيس 1934 / مكوناتها اشخاص او شخصيات وليس تنظيمات . علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني . / برنامجها المطالبة بالإصلاحات السياسية ، وتطبيق بنود اتفاقية او معاهدة الحماية / عوائقها . اختلاف بين علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني حول زعامة الكتلة ، فتشتت في سنة 1937 . 2 ) ميثاق كتلة الشمال / تأسست في سنة 1941 / مكوناتها . حزب الوحدة المغربية و حزب الإصلاح الوطني ( نازي ) . / برنامجها . الاستقلال . الملكية . الإسلام / عوائقها . اختلاف بين عبد الخالق الطريس ومكي الناصري ، بخصوص الحرب العالمية الثانية . الطريس ساند المانيا النازية و مكي الناصري ساند إنجلترا والحلفاء . 3 ) الجبهة الوطنية المغربية . تأسست في سنة 1951 ./ مكوناتها . حزب الشورى والاستقلال . حزب الاستقلال . حزب الوحدة المغربية . حزب الإصلاح الوطني . / برنامجها . الاستقلال . الإصلاحات السياسية . رفض التعامل مع الشيوعيين . / عوائقها . لم تكن الجبهة مهيكلة بشكل جيد . ميثاقها لم ينص الا على لجنة تنسيق . خلافات بين حزب الوحدة المغربية وحزب الإصلاح الوطني بحصوص الموقف من اسبانيا . 4 ) جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIC / تأسست في سنة 1963 / مكوناتها . حزب الاحرار المستقلين . الحركة الشعبية . حزب الدستور الديمقراطي . عدد من الشخصيات المستقلة ./ برنامجها الدفاع عن الملكية والمؤسسات الدستورية ، في مواجهة حزب الاستقلال و الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ./ عوائقها . لم تكن تركيبتها سليمة . انسحاب الحركة الشعبية منها سنة 1964 . 5 ) الكتلة الوطنية . تاريخ التأسيس 1970 / مكوناتها حزب الاستقلال . الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ./ برنامجها . مواجهة حالة الاستثناء . مقاطعة الاستفتاء على دستور 70 والانتخابات التشريعية التي اعقبته . مقاطعة الاستفتاء على دستور 70 . / مكوناتها . حزب الاستقلال و الاتحاد الوطني للقوات الشعبية .. فالكتلة كانت فوقية ولا علاقة لها بقاعدة الحزبين .. انقسام الاتحاد الى جناحين . جناح الدارالبيضاء وجناح الرباط في سنة 1972 . الاختلاف الأيديولوجي بين حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية . 6 ) الجبهة الماركسية اللينينية / تأسست في سنة 1970 / مكوناتها . منظمة الى الامام ومنظمة 23 مارس / برنامجها الجمهورية الديمقراطية الشعبية / عوائقها . الاعتقالات التي طالت القيادة . الانقسامات التي حصلت في قلب التنظيمين ، وبين التنظيمين . بروز قضية الصحراء الغربية ، ومساندة 23 مارس مغربية الصحراء رغم اتفاقية مدريد . نتائج تجربة الجبهة الماركسية اللينينية على ا و ط م UNEM بعد المؤتمر الوطني الخامس عشر 15 . 7 ) الكتلة الديمقراطية . / تاريخ التأسيس 1992 . / مكوناتها . حزب الاستقلال . الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . منظمة العمل الديمقراطي الشعبي . حزب التقدم والاشتراكية . / برنامجها . الانتخابات التشريعية . الحكومة القوية . تقوية سلطات البرلمان . المحاسبة . / عوائقها . افتقار الأحزاب التي كونتها الى التجانس الأيديولوجي والسياسي . ترديد بعض الشعارات الفضفاضة . عدم الجرأة في حسم العمل السياسي . الانتقاء في التكوين . تكونت فوقيا . الصراعات التي تنخر بعض احزابها . عدم تفتح الكتلة على الفعاليات السياسية الأخرى الموجودة في الساحة مثل التيار الإسلامي او الإسلام السياسي ، وحزب الطليعة واليسار الماركسي . تضارب مصالح أحزاب الكتلة .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب الصحراء الغربية بين النظامين المخزني المزاجي والنظام الج
...
-
حركة التحرر العربية : أزمة عارضة أم بنيوية ؟
-
حتمية انتصار الخط الوطني الثوري التقدمي . والمستقبل للشعب ال
...
-
من دون الجيش لن يتحقق التغيير الوطني الثوري التقدمي
-
ما هي دلالات الموقف الفرنسي الأخير من نزاع الصحراء الغربية –
...
-
اسبانية – فرنسا ونزاع الصحراء الغربية
-
الآن توضح الموقف الاسباني والفرنسي من نزاع الصحراء الغربية .
-
القيادة الثورية عند نزول الشعب الى الشارع
-
الشارع
-
كيف يمكن تغيير النظام .
-
مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا
...
-
فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن
...
-
مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة
...
-
اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
-
اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا
...
-
هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
-
وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 /
...
-
حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك
...
-
محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء ..
...
-
يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر
...
المزيد.....
-
ترامب يعلن كارولين ليفيت متحدثة باسم البيت الأبيض بإدارته ال
...
-
إيطاليا تحتج على الهجمات الإسرائيلية -على أفرادها وبنيتها ال
...
-
ديمقراطيون بمجلس الشيوخ يدعون إلى التحقيق في احتمال تواصل ما
...
-
بيسكوف: تم ترتيب محادثة بوتين وشولتس بسرعة
-
وزير خارجية اليابان في أوكرانيا
-
مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند (فيدي
...
-
بيسكوف: ماكرون لم يطلب إجراء محادثة مع بوتين
-
/ملخص يومي/.. الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية 16
...
-
مسؤولة أميركية تزور الجزائر ومصر لبحث التعاون الإنساني في ال
...
-
بهدف -هيمنة واشنطن على الطاقة بالعالم-.. ترامب ينشئ مجلسا وط
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|