|
من هو الحاكم الفعلي في ايران؟ قراءة في دستور الجمهورية الاسلامية وسلطة الولي الفقيه المطلقة
حقوق الانسان أولا
الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 16:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرَّت قرابة المئة يوم على اجراء "الانتخابات" الرئاسية في ايران، وانتخاب مسعود پزشكيان رئيسا للجمهورية. هناك في خارج ايران وخاصة من المؤيدين او التابعين للنظام الايراني من يعتقد بوجود هامش من الحريات وانتخابات وما الى ذلك. لكن هناك فريق آخر يرى ان نظام الجمهورية الاسلامية هو نظام استبدادي قمعي دموي يقمع الحريات وينتهك حقوق الانسان مستغلا الدين من اجل مصالحه ومصالح الطبقة الدينية والرأسمالية التقليدية الحاكمة وبسط سلطته وهيمنته وتكريس دكتاتورية ولاية الفقيه. ويرى اتباع هذا الفريق ان الولي الفقيه في ايران وفي هذه الحالة المرشد الاعلى خامنئي هو في الحقيقة الحاكم الحقيقي ورئيس الجمهورية الذي يشبه الى حد كبير رئيس الجمهورية او الملك في اي نظام آخر في البلدان العربية او بلدان اخرى في العالم الثالث، والرئيس الايراني المنتخب هو بمثابة رئيس وزراء محدود الصلاحيات ليس الا، كما هو الحال في بعض البلدان ذات النظام الرئاسي. اي انه مجرد موظف لدى رئيس الجمهورية الحقيقي (المرشد الاعلى خامنئي) لا يقوى حتى على تعيين او عزل وزير بالمعنى الحقيقي.
جرى في ايران على مدى العقود الثلاثة الاخيرة ومنذ الايام الاولى للثورة اقصاء كافة الاحزاب والتيارات والشخصيات المعارضة الواحدة تلو الاخرى. شمل الاقصاء كافة التيارات الليبرالية والعلمانية والقومية والوطنية والدينية والاشتراكية والماركسية واليسارية دون استثناء. ولم يتبق في الساحة السياسية ما يمكن تسميته بالمعارضة سوى بعض المحسوبين على الاصلاحيين.
حتى الان كان التنافس في الانت؟خابات يدور بين المحافظين والاصلاحيين. اما اليوم وبعد تهميش تيارات الحركة الاصلاحية التي باتت تعرف بالحركة الخضراء واعتقال وسجن رموزها وانصارها ووضع زعيميها مير حسين موسوي ومهدي كروبي تحت الاقامة الجبرية، عاد التنافس ينحصر بين المحافظين انفسهم. واختلطت التسميات والتصنيفات حتى اصبح الحديث الان يدور عن تنافس بين محافظين متشددين ومحافظين معتدلين او بين متشددين و"محافظين اصلاحيين"، واصلاحيين معتدلين.
طالما كثر النقاش والجدل حول ماهية النظام السياسي الحاكم في ايران، وهل عملية "الانتخابات" في ظل الجمهورية الاسلامية هو حقا تعبير عن ديمقراطية حقيقية وانعكاس لارادة الجماهير أم مجرد عروض صورية ليس الا.
وللوقوف على دلالات ومغزى الانتخابات في ظل نظام الجمهورية الاسلامية ومدى تطابقها مع المعايير الديمقراطية المتعارف عليها، نتناول هنا بعض الجوانب من دستور الجمهورية الاسلامية والنظام السياسي الحاكم في ايران والمؤسسات والهيئات الرقابية والمشرفة التي تلعب دورا رئيسيا في تشكيله.
باستثناء مجلس الشورى الاسلامي ومنصب رئيس الجمهورية الذي يمثل السلطة التنفيذية، هناك ثلاث مؤسسات او كيانات دينية - سياسية مؤثرة وذات نفوذ، ومهمة في نظام الجمهورية الاسلامية تمسك بالسلطة الحقيقية في البلاد، وهي "مجلس خبراء القيادة"، و"مجمع تشخيص مصلحة النظام" و"مجلس صيانة الدستور". وهذه الاخيرة هي بكل المعايير الاقوى في البلاد بعد الولي الفقيه.
الولي الفقيه
وفقا للدستور الايراني الولي الفقيه هو اعلى سلطة في البلاد. من بين صلاحياته الرئيسية كما ينص عليها الدستور في المادة 110، رسم السياسات العامة للنظام والإشراف على مدى "سلامة" تنفيذ هذه السياسات من الناحية الدينية والدستورية، وتعيين وعزل فقهاء مجلس صيانة الدستور، رئيس السلطة القضائية، رئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة، وإعلان الحرب، وكذلك التوقيع على أمر تنصيب رئيس الجمهورية بعد "انتخابه من قبل الشعب"، وعزله ايضا. ويملك الولي الفقيه، والذي يسمى المرشد الاعلى، "ذراعا قوية" تتمثل بالحرس الثوري، القوة العسكرية العقائدية الموازية للجيش.
مجلس صيانة الدستور
هو أعلى هيئة رقابية في إيران ويتكون من 12 عضوا، 6 فقهاء يعينهم المرشد الأعلى، و 6 حقوقيين من بين رجال القانون والقضاء يعينهم رئيس السلطة القضائية المعيَّن هو بدوره من قبل الولي الفقيه (مادة 110)، وان كانت المادة 91 تشترط موافقة مجلس الشورى على الاعضاء غير الفقهاء. مهمته (المجلس المذكور) الاشراف على جميع الاستفتاءات والانتخابات التي تجرى في إيران، سواء التشريعية منها او الرئاسية أو المتعلقة باختيار أعضاء مجلس الخبراء. وهو يُقيّم (بشتديد الياء) ويُزكِّي المرشحين ويعلن رأيه بشأن أهليتهم للترشح. ولمجلس صيانة الدستور أيضا الحق في تفسير الدستور وتحديد مدى توافق القوانين التي يجيزها مجلس الشورى (البرلمان) مع مقتضيات الشريعة الإسلامية، وله حق نقض تلك القوانين.
مجلس خبراء القيادة
يتألف من 86 عضواً يُنتخبون بالاقتراع الشعبي المباشر لدورة واحدة مدتها ثماني سنوات. وبحسب المادة (107) من الدستور الإيراني فأن مجلس خبراء القيادة هو الذي يختار الشخصية الدينية التي تتوافر فيها كل الشروط الدينية والفقهية والسياسية لتولي منصب قائد الثورة الإسلامية (الولي الفقيه/المرشد) و"عزله" ايضا. فوفقا للمادة 111 من نفس الدستور يقوم المجلس بعزل القائد لو عجز او تخلف عن أداء مهامه او فقد احد الشروط اللازمة المذكورة في المادتين 5 و 109 وهي ان تتوفر لديه "المؤهلات العلمية" اللازمة التي تؤهله للافتاء في مختلف المجالات الفقهية، وان يتحلى بالعدل والتقوى والمقدرة والشجاعة وان يمتلك الرؤية السياسية والاجتماعية السليمة لقيادة الأمة. إذن وفقا لهذا فان سلطة المجلس هي أعلى من سلطة القائد، اذ ان المجلس (خبراء القيادة) هو الذي يعين القائد. لكن الامر في الحقيقة ليس كذلك، بل العكس هو الصحيح لأن مجلس صيانة الدستور الذي يُعين القائد (الولي الفقيه) 6 من اعضائه الفقهاء وايضا بصورة غير مباشرة 6 من اعضائه القانونيين (بحكم انهم يُعينون من قبل رئيس السلطة القضائية الذي هو ايضا يُعَيَّن بدوره من قبل القائد!)، هو الذي يُزكِّي المرشحين لانتخابات مجلس خبراء القيادة، وبالتالي لن يُنتَخَب ايا منهم بدون موافقته (مجلس الصيانة) اي بالاحرى موافقة المرشد الاعلى او الولي الفقيه نفسه. ومجلس (صيانة الدستور) هو الغربال الذي يقوم في النهاية بتصفية كل "الشوائب" (غير المرغوب فيهم) نيابة عن الولي الفقيه.
مَجْمع تشخيص مصلحة النظام
هو هيئة استشارية عليا ويضم 44 عضوا يتم تشكيله بأمر من مرشد الجمهورية الاسلامية لتشخيص مصلحة النظام في الحالات التي يرى فيها مجلس صيانة الدستور أن قرار مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) يخالف موازين الشريعة والدستور. وظيفته "المجمع" الرئيسية هو ان يكون حَكَما بين مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ومجلس صيانة الدستور في حال نشوب أزمة بينهما. وتصبح قراراته نافذة بعد موافقة قائد الثورة عليها.
أذن فعليا ودستوريا الولي الفقيه هو الزعيم المطلق في البلاد. هو رئيس الجمهورية (السلطة التنفيذية)، هو البرلمان (السلطة التشريعية)، وهو القضاء! والسؤال هنا هو هل هناك معنى للانتخابات في ظل نظام الجمهورية الاسلامية؟ وهل حقا ترقى الانتخابات الرئاسية والتشريعية اليوم في ايران الى مستوى الانتخابات الحقيقية والحرة والشفافة؟ وهل هناك اصلا معنى للانتخابات في ايران؟!
#حقوق_الانسان_أولا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاني لوك .. وصمة عار على الأجبنة الداكنة لقاتليها الحمساووين
المزيد.....
-
رسميا.. ترامب يختار ماركو روبيو وزيرا للخارجية الأمريكية بإد
...
-
إسبانيا: أمطار غزيرة تغمر مناطق الجنوب والشرق وتجدد مخاوف حد
...
-
دراسة تكشف تجاوز عدد مرضى السكري حاجز 800 مليون بالغ عالميا
...
-
استمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق في لبنان ومجلس الأمن ي
...
-
قنبلة هيدروجينية تسقط على بقرةَ!
-
غايتز المرشح لمنصب المدعي العام الأمريكي يقر بتبعية القرم لر
...
-
في اليوم العالمي للسكري، ماذا نعرف عن هذا المرض؟
-
-سيمافور-: بايدن سيلتقي السبت المقبل الرئيس الصيني في ليما و
...
-
إعلام أمريكي: ترامب يفكر في تعيين محاميه تود بلانش نائبا لوز
...
-
الخارجية الروسية تقيم فرص التوصل إلى توافق حول الإعلان الختا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|