أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ادم عربي - هرَمُ نظامنا التعليمي!














المزيد.....

هرَمُ نظامنا التعليمي!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 12:03
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


بقلم : د . ادم عربي

مِن مَنظورٍ تعليميٍّ، يَدخُلُ الطالبُ إلى قاعةِ الاختبارِ وهو يُعاني من صُداعٍ شديدٍ بسببِ كميَّةِ المعلوماتِ التي اضطُرَّ إلى حِفظها، وأنَّ قسمًا كبيرًا من هذه المعلوماتِ لا يضُرُّ ولا ينفعُ؛ ومن ثَمَّ وجبَ تركُها حيثُ هي في بطونِ الكُتُبِ، إذا ما أُريدَ لملكاتِ العقلِ الأكثرِ أهمّيةً أن تظهَرَ إلى الوجودِ في أجوبةِ الطالبِ، وطريقتِه في التفكيرِ، إذا كانَ يُريدُ أن يُظهِرَ قُدراتِه العقليةَ الحقيقيةَ في إجاباتِه، وكيفيةَ تفكيرِه. ففي القرنِ الحادي والعشرين، لا يحتاجُ العقلُ إلى الكثيرِ من الذاكرةِ، ولكنَّه يحتاجُ إلى الكثيرِ من الخيالِ، ومع ذلك، فإنَّ نظامَنا التعليميَّ ما زالَ يُفضِّلُ الذاكرةَ على الخيالِ، والحفظَ على الفهمِ.

مِن مَنظورٍ تربويٍّ، يَدخُلُ الطالبُ إلى قاعةِ الامتحانِ وهو يفتقرُ إلى القوةِ النفسيةِ اللازمةِ لإظهارِ ثمارِ جُهدِه الدراسيِّ الجَهيدِ. فهو يُعاني من نفسٍ مليئةٍ بالعوائقِ التي تَمنَعُهُ من إبرازِ ما لديه من قُدراتٍ علميةٍ، فبنفسٍ أَمَّارةٍ بكلِّ ما من شأنِه الحيلولةُ بينه وبين إظهارِ ما يملِكُ من قُدراتٍ علميةٍ يذهَبُ إلى الامتحانِ.

والطالبُ يَكفي أن يَملِكَ طريقةً جيدةً في التفكيرِ حتى يَفشلَ في إجابةِ كثيرٍ من الأسئلةِ؛ لأنَّ الطريقةَ السيئةَ في التفكيرِ هي التي أنجَبَتْها وحَضَّتْ عليها، أي الأسئلةُ.

وأعتقِدُ أنَّ إصلاحَ نظامِنا التعليميِّ يَتطلبُ، في المقامِ الأولِ، إصلاحَ السؤالِ نفسِه، أيْ سؤالَ الامتحانِ، لأنَّ اختبارَ الفهمِ هو الذي يَجبُ أن يكونَ الهدفَ الأساسيَّ لسؤالِ الامتحانِ.

والفَهمُ، الذي لا يُمكنُ أن يظهَرَ ويتأكَّدَ إلَّا إذا انخفَضَ مستوى الحِفظِ بشكلٍ كبيرٍ، يَحتاجُ إلى سؤالٍ، إجابته لا يَجبُ أن تكونَ موجودةً بشكلٍ مباشرٍ في صفحاتِ الكتابِ. وإذا كانَ ذلك ضروريًّا، فيَجبُ ألَّا يُسمَحَ لهذه الإجابةِ بالظهورِ في ورقةِ الامتحانِ بنَفسِ الكلماتِ والعباراتِ. لأنَّ الفَهمَ، الذي هو أفضلُ وأدومُ من الحِفظِ، أو من الحفظِ عن ظهرِ قلبٍ، لا يَتَأكَّدُ إلَّا بتغييرِ اللباسِ اللغويِّ للفكرةِ نفسها، أو المعنى نفسِه، إلى لباسٍ لغويٍّ مختلفٍ.

إنَّ القدراتِ مثلَ القدرةِ على الفهمِ والاستنتاجِ والاستدلالِ... هي التي يَجبُ أن تُختبَرَ في الطالبِ من خلالِ سؤالِ الامتحانِ.

وهذا لا يَعني، ويَجبُ ألَّا يعني، أنْ يَسعى صانعُ السؤالِ إلى التعقيدِ، لتلبيةِ حاجةٍ نفسيةٍ لا نجدُها إلَّا عندَ الذينَ لديهم آفاقٌ ضَيِّقةٌ، الذينَ يَتنافَسونَ في جعلِ الإجابةِ صَعبةً على الطلابِ، مُتجاهلينَ الفرقَ الأساسيَّ بينَ الذكيِّ والغَبيِّ، فالذكيُّ هو الذي يُبَسِّطُ المُعقَّدَ، أو يَكتشِفُ البسيطَ في المُعقَّدِ من الأمورِ؛ أما الغَبيُّ فهو الذي يُعَقِّدُ البسيطَ منها.

إنَّ الطالبَ، والإنسانَ بشكلٍ عامٍّ، لا يملِكُ، وليسَ بوسعِه أن يملِكَ، قدراتٍ علميةً مطلقةً، فالاختبارُ العلميُّ والموضوعيُّ لقدراتِ الطالبِ العلميةِ لا يُمكِنُ أن يكونَ من النوعِ الذي يُؤَدِّي إلى علامةٍ شبهِ كاملةٍ لطالبٍ ما في جميعِ الموادِّ الدراسيةِ، فالطالبُ الذي يَحصُلُ على مِثلِ هذه العلامةِ في الفيزياءِ والرياضياتِ واللغةِ والتاريخِ والدينِ... إنَّه دليلٌ على نقصِ الاختبارِ في معاييرِه الحقيقيةِ.

والطالبُ له الحقُّ في أن يَخضعَ للاختبارِ الأكبرِ في مادةٍ دراسيةٍ معيَّنةٍ؛ فهو يَجبُ أن يَظهَرَ ويُؤكِّدَ قُدرتَه العلميةَ في مجالٍ علميٍّ معيَّنٍ وليسَ في كُلِّ شيءٍ.

والطالبُ له الحقُّ أيضًا في استردادِ معلِّمِه الماهرِ الصادقِ الذي يَبذُلُ جُهدًا كافيًا في الفَصلِ ليوفِّرَ على طُلّابِه شَرَّ الدروسِ الخصوصيةِ، التي أصبَحَتْ مظهرًا للفسادِ في نظامِنا التعليميِّ؛ فالمعلِّمُ لا يُعطي من جُهدِه التعليميِّ الحقيقيِّ داخلَ الفصلِ إلَّا ما يَزيدُ من الحاجةِ لدى الكثيرِ من الطلابِ إلى دُروسِه الخصوصيةِ، التي لا تَخضعُ لأيِّ قانونٍ سوى قانونِ العرضِ والطلبِ.

لقد حانَ الوقتُ لتغييرِ نظامِنا التعليميِّ والتربويِّ بما يُتيحُ له أن يُصبِحَ قُوَّةً لتغييرِ إنسانِنا ومجتمعِنا.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أُفَكِّر لأنِّي موجود!
- أسباب فوز ترامب في انتخابات 2024!
- عالمٌ من شظايا!
- انفجارُ الصمت!
- ببساطة...تباطؤ الزمن!
- الأزمة في تعريف الحقيقة!
- في الشعر!
- الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون
- لصوص الزمن!
- أُحجية وحُجج القضاء والقَدر!
- بَوْحُ الزهرات!
- الفقر ووعي الفقر !
- صرخةُ الظلام!
- كيف سرق الدولار العالم؟!
- أصداء الغياب!
- نساء ٢
- المظهريَّة!
- تحليل ظاهرة القضاء والقدر!
- مَاذَا بَقِيَ؟!
- ما هي المادة؟!


المزيد.....




- السعودية.. تعيين أيمن المديفر رئيسًا تنفيذيًا مكلفا لـ-نيوم- ...
- أمريكا تعلق رحلات الطيران إلى هايتي بعد تعرض طائرات لإطلاق ن ...
- متسابق يصبح مشهوراً بعد حل لغز بإجابة خاطئة ومضحكة للغاية.. ...
- هل يدعم إمكانية ضم الضفة الغربية؟ سفير ترامب لدى إسرائيل يُج ...
- السعودية.. الأمن يُعلن إلقاء القبض على مقيم بسبب -تحرشه بطفل ...
- أردوغان للأسد: ما زلت متفائلا بلقائنا
- المصريون في السودان: -لا يعرف أبنائي أن والدهم محبوس لدى الد ...
- فرحة الزفاف تتحول إلى كارثة.. مصرع 18 شخصاً بسقوط حافلة في ن ...
- -بلومبرغ- تشير إلى انخفاض كبير في تبرعات الأوكرانيين لجيش زي ...
- مصادر طبية: مقتل 18 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على مناطق في ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ادم عربي - هرَمُ نظامنا التعليمي!