|
إسلامولوجيات17
جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية
(Jadou Jibril)
الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 07:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل ممكن نقد الاسلام
يجيب الاسلامولوجيون من الممكن أن ندرس الإسلام والقران ومراجع السردية الاسلامية دراسة نقدية
لقد دأب العلماء المسلمون القدامى- الاوائل- على مساءلة دينهم وعقيدتهم و الموروث الاسلامي غني بالأمثلة بهذا الخصوص. .
. هل يمكننا انتقاد الإسلام؟ إذا طرحنا السؤال بهذه الطريقة، سيبقى عامًا لأنه يمكن توجيهه إلى أي دين. وفي الوقت نفسه، يمكننا أن نرى بوضوح أنه يحمل علامة التحديد التاريخي ما دام يتعلق بدين بعينه فقط رغم انه يسمح بتقديم استجابة واضحة من الناحية التاريخية.
وبخصوص الاسلام والسردية الاسلامية، غالبا ما يصبو لفظ نقد أو انتقاد الاسلام إبراز مناطق الظل والضباب والنسيان والتناسي والطمس و إخفاء أو السكوت عن أمور. ومن المؤكد أن مناطق الضباب والمسكوت عنه في تاريخ الاسلام المبكر يحشد الرغبة في التساؤل والتمحيص عوض بلع دون هضم ما هو مكرر وأعيد تكراره على شكل شهادة ماضٍ لا ينقضي يأمل البعض أن يصبح مستقبلا للتمكن من إستعادة تحقيقه على أٍرض الواقع الحالي رغم أنه ماض خلى – له ما له وعليه ما عليه- علما أن مناهج البحث العلمي ساهمت، بشكل كبير، في نثر الغبار وإزالة الضباب على أمور كثيرة كان المرء يعيد تكرارها دون تساؤل ومساءلة ودون تمحيص، كما أن تلك المناهج ساهمت في إزالة اللثام عن المسكوت عنه وحاولت إحياء ما رُغِبَ في إقباره. إلا أنها - في جوهرها.
فالسؤال والتساؤل و المساءلة، رغم الدهشة المرعبة التي تولدها في عيون حراس هيكل الاسلام، ليس امرا جديدا كل الجدة على الإسلام. إن لاهوته، الذي أظهر جرأة غير متوقعة في هذه المسألة، لم يستغلها ليعاملها على أنها فرضية غير تقية، بل ليجعلها إمكانية مدروسة للانفتاح على الآخر لقبول اختلافه على وجه التحديد من أجل مواجهة التحدي الخاص به. وكما هو معروف إن الجرأة الفكرية في السؤال والتساؤل و المساءلة لا يمكن أن ترى النور دون أن تثير السخط والاضطراب، خصوصا في بيئة جبلت على التكرار و إعادة التكرار وفي جو ومناخ عام يسود فيه الخوف و الخشية من التساؤل و المساءلة والتمحيص النقدي. وليس خاطئ من يقول بوجوب بذل جهد كبير اليوم لتفسير التراث اللاهوتي الإسلامي من أجل تعزيز "إسلام العيش المشترك". ولربما قد تكون هذه أهم مهمة على عاتق الباحثين المسلمين الملتزمين بـ" العيش المشترك" والذين لا يستصيغون السكوت عن ارتكاب الدنيئة باسم الدين ، أو ما ورد في السرية الاسلامية التبريرية التبجيلية الزئبقية من غموض وضبابية وخطورة في أجزاء من التراث الإسلامي الذي لا يعرفون عنه –العوام- إلا جزءا في أغلب الأحيان، هو ما يرتبط بحياتهم اليومية. وبالتالي من السهل للغاية القول إن الإسلام بريء من جملة من الممارسات المشينة المقترفة باسمه واستنادا عليه، حتى لو كان من الواضح أن مشكلة مثل هذه الظاهرة متعددة العوامل والاسباب. وفي هذا السياق تحدث البعض عن "إسلام مخفف أو وذيع"
إن العديد من الدعاة والجمعيات – خصوصا في الغرب – رغبوا في تقديم إسلام تقليدي مخفف لعامة الناس، ليكون إسلام وذيع يقتصر في نهاية المطاف على ما يعرفه المسلمون الذين يعيشون في مجتمعات علمانية إلى حد ما، ولكنه في الواقع مشوه ومبتور في جزء من لاهوته. ومع ذلك، لم يتمكنوا من تخفيف المفهوم الثنائي للعالم عند المسلمين- المسلمين الذين هم خير أمة أخرجت - وباقي العالم -غير المسلمين- مما يولد العلاقة المتعصبة مع الآخر وهذا منبثق رأسا ومباشرة من الشريعة الإسلامية. وهذه من الامور التي يعض عليها حراس الهيكل بالنواجد. وهذا ، رغم أن جملة من الامور قد تجمدت نسبيًا أو كليا على مر القرون. والغريب أن البعض أصبحوا يطالبون بإعادة ممارستها – الاستعباد الحدود الهمجية غير الإنسنية.. . لأن حنينهم للماضي يجب أن يكون هو مستقبل المسلمين القريب أو البعيد،
كما أن الاقتصار المبيت على عرض الجوانب الإيجابية فقط هو أمر مصطنع ومغالط، بل قد يكون خذعة مبيتة احيانا، لأن ذلك يحجب الرؤية الشاملة أو يخفيها مرقتا وفي الواقع لا يقوم إلا بتأجيل المواجهة في أحسن الظروف. فهل يمكن نفي أو إخفاء العلاقة بين الارهاب والاسلام بالغربال؟ وهل يكفي القول أن الدواعش مثلا لم يطبقوا فهما صحيحا للنصوص الإسلامية ؟ وكذلك الامر بخصوص حد -عقوبة المرتد أو المثليين؟ واستعباد أو قتل أسرى الحرب ووجوب قتال الدول "الكافرة"؛ أو تحليل دم ومال "الكافر"؟ الكثيرون هم من يسعون إلى تبرير هذه الأهوال ولو بالقول أن العهدين القديم والجديد – الكتاب المقدس- مليء هو ايضا بالأهوال أكثر بكثير مما ينسب للاسلام والقران والمسلمين.
إلا أنه أولاوقبل كل شيء وجب معرفة الاختلاف بين الكتاب المقدس والقرآن ولعل أهمها أن – أهل الكتاب لا يعتبرون كتابهم كلام الله الحرفي كما يدعي المسلمون علما ان الاعتقاد بقدسية هذه الاطروحة كبل وسيستمر في تكبيل المسلمين . كل ما ذكر موجود في التراث الإسلامي الكلاسيكي حيث أن العديد من النصوص تضفي الشرعية عليها بواسطة التفسيرات والآراء الدينية. ويزيد الطين بلة إذا أضفنا عنصر الصراع المستميت على السلطة على امتداد قرون ومنذ صبيحة وفاة النبي محمد- وهذا ما يرمز إليه الاسلامولوجيون عندما يقولون أن الاسلام نشأ في جو من الحروب الاهليةمن أجل السلطة و التي دامت طويلا - .
إن الغالبية العظمى من المسلمين في العالم متأثرون بتيار الأغلبية السنية وبالأعمال المختلفة لعلماء الدين الذين أصبحوا مقدسين على مر الزمن. باتباع منطق حجة السلطة**- the argument from authority -، يكفي في بعض الأحيان ذكر أسماء كبيرة معينة تدعم موثوقية حديث أو رأي ديني لمعرفة إلى أي مدى لا يستسيغ المسلمون النقد ويحجبون كل روح انتقادية. ويكفي أن نقول إن وراء هذا الرأي أغلبية المتكلمين، أو حتى إجماعهم، حتى يعتبر غير قابل للرد. لكن هذه هي نفس العمليات التي تستخدم للتحقق من صحة المواقع في مناطق الجهاد المسلح أو العقوبات القاتلة. ------------------------------------ ** - وتسمى ايضا الحجة الموثوقة وتتكون من استدعاء سلطة عليا أثناء الحجة، من خلال منح قيمة لبيان على أصله بدلاً من محتواه. وتختلف هذه الوسيلة البلاغية عن استخدام العقل أو العنف. ويتم تحديد بناء هذه الحجة اجتماعيًا من خلال موضع وتموقع المتحدث وفئات الإدراك المرتبطة بموقف المتلقي. وبالتالي يمكن للمتحدث أن يمارس تأثير الفرض، وهو حجة السلطة المستخدمة بطريقة مبالغ فيها، قادرة على تثبيط أي انتقاد أو مساءلة.
وأحيانًا يتم تحديد حجة السلطة أيضًا من خلال ثلاث صيغ: "حجة الاحترام"؛ “حجة القوة”؛ "هو قال ذلك بنفسه"، " أي تسمية السلطة المعنية. وهذا ما صنفه شوبنهاور في الجدلية الإريستية بالحيلة رقم 30 https://fr.wikisource.org/wiki/L%E2%80%99Art_d%E2%80%99avoir_toujours_raison/Stratag%C3%A8me_XX
غالبا ما يعود حرسص الهيكل على سبيل المثال إلى "لا إكراه في الدين" و "من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا"، للخروج من الحرج أحيانا كثيرة لكن دون الاشارة إلى مبدأ الناسخ والمنسوخ الذي قد يلغي كليا ما أرادوا بلوغه و هذا نوع من التضليل المبيت قد لا يدركه العامة في حينه. . فمن المؤكد أن هناك شكلاً من أشكال الانحراف بين أولئك المهووسين بالجوانب الحربية والسياسية للدين، لكن النصوص والعديد من التفسيرات الواردة في السردية الاسلامية والتي اعتمدها الإسلام وفقهاؤه –التقليديون- هي التي تبرر أفعال أولائك . . من الواضح أنه لا يكفي القراءة أو مجرد الاطلاع على النصوص والمراجع لاتخاذ إجراء أو قرار، ولكن وجب التحقق من صحته بمنطق الخضوع الأعمى المدفوع بإيمان موجه يمكن أن يدفع الناس إلى احتقار فئات من الناس باسم الدين والايمان وهذا من شأنه ، بشكل مباشر أو غير مباشر، الدفع إلى ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه.
إسلام العيش المشترك
يرى الدعاة الى إسلام العيش المشترك العمل على مستويات مختلفة لمواجهة تجاوزات الإسلام بصيغة وفهم حراس الهيكل، ودفع المسلمين إلى إدراك أن لتراثهم مسؤولية واضحة في هذا الشأن. ومن واجبهم أن يقوموا بالنقد، لجعل إسلام العيش المشترك قابلا للتطبيق فعلا. وطبعا هذا لا يمكن أن يرى النور دون انطلاقة "من القاعدة الشعبية"، بمساهمة المفكرين والمثقفين. وسيكون هذا الامر غير مستحيل و أسهل بالنسبة لمسلمي الغرب الذين يعقد عليهم الامل لانجاز ذلك. وإن لم يحدث هذا سيظل المسلمون يكررون بلا كلل ويجترون التكرار وراء الأطروحة المزعومة : الاسلام مستهدف وهناك مؤامرة ضده وضد المسلمين في العالم ولا يخفي الكثير من الباحثين ان للتعليم دور محوري في هذا الشأن.
عموما ، ركزت أنظمة التعليم البلدان العربية والاسلامية على السيطرة و الخضوع و الانصياع، وكانت المدارس تلقن إجبارية طاعة النظام وأولياء الأمر، بدلاً من حل المشكلات والتفكير النقدي وحرية التعبير. في حين ان الديمقراطيات والحرية تحتاج إلى مجتمعات مفتوحة، ذات ثقافات تحتضن التنوع والتعددية، وتتقبل الآراء المتعارضة، وتتسامح مع المعارضة، وتعترف بأن الحقائق ليست كلها مطلقة. لكن ظل القائمون على الامور في الدول العربية والاسلامية ينظرون الى المثقفين المستقلين والمبدعين باعتبارهم تهديدًا مستداما وجب تنحيته بجميع الوسائل، وماداموا يستخدمون الشرعية الدينية ويعولون عليها ستتعقد الاور أكثر في وجه المصلحون زالمجددون
. ولعل مثال تونس بهذا الخصوص معبر – والمقصود هو الجرأة في التعاطي مع جملة من الامور الدينية العقائدية في عهد بورقيبة . وقد قال احد الباحثين- ليس من قبيل الصدفة أن تنتصر الديمقراطية في البداية في تونس، بينما فشل الربيع العربي في أماكن أخرى. فالتعليم في البلدان العربية والاسلامية عموما ظل ضحية للدوغمائية الدينية
ويبدو كأن المنظومات التعليمية في تلك البلدان مهمتها كانت ولا تزال تكمن في محاربة المعرفة والعداء للتفكير النقدي. كيف لا و أن المسلمون وحراس هيكلهم يعتقدون الى يومنا هذا ان الحقائق كلها موجودة في كتابهم. لا حاجة لهم لاي شيء ____________ يتبع_____________
#جدو_جبريل (هاشتاغ)
Jadou_Jibril#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسلامولوجيات16
-
إسلامولوجيات -15-
-
إسلامولوجيات 14
-
إسلامولوجيات 13
-
اسلامولوجيات 12
-
اسلامولوجيات 11
-
إسلامولوجيات10
-
إسلامولوجيات - 9-
-
إسلامولوجيات 8
-
إسلامولوجيات 7
-
إسلامولوجيات 6
-
إسلامولوجيات- 5
-
إسلامولوجيات- 4
-
إسلامولوجيات- 3
-
الاسلامولوجيات- 2
-
الاسلامولوجيات - 1
-
وامصيبتاه ... صمت الزعماء العرب التآمري عار علينا سيظل محفور
...
-
الدراسات الاسلامية فيي الغرب- حول مشروع Corpus Coranicum الا
...
-
حول الابحاث العلمية بخصوص تاريخ القران
-
حول أصول الإسلام والقرآن – 2
المزيد.....
-
بفضل صور تجسس أمريكية.. اكتشاف موقع معركة شهيرة في تاريخ الف
...
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف هدفين حيويين في إسرائيل بالط
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إنشاء كنيسة الفاتيكان التاريخية ويكشف
...
-
منظمة يهودية تحمل جماهير مكابي تل أبيب مسؤولية الشغب بأمسترد
...
-
أبسط أولادك ونزل قناة طيور الجنة على جهازك بترددها الجديد 20
...
-
تردد قناة طيور الجنة ترد 2024 علي جميع الأقمار الصناعية النا
...
-
مصير آخر اليهود الأفغان
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
-
ثبتها بالخطوات.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نايل س
...
-
ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|