|
لماذا اختارت الحكومة العميقة ترامب؟
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 00:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ما يزال معظم المحللين والمعلقين وكتاب الرأي أسرى السلفية السياسية العربية، فهم ما يزالون يقيسون سياسة الدول بشخصية الرئيس وأسلوبه الخاص، فهم ما يزالون مشغولين بتحليل شخصية، دونالد ترامب، وكأنه هو أمريكا، وأمريكا كلها هي دونالد ترامب، إنها الصورة النمطية السلفية التي حدد معالمها المبدع، عبد الرحمن الكواكبي مؤلف كتاب، طبائع الاستبداد ومصارع الفساد، حين حدد بالضبط شخصية الحاكم الديكتاتوري قال: "إن أبشع الحكام الذين يُتعوذ بهم من الشيطان، هو الحاكم الفرد، القائد للجند، الوارث للعرش، الحائز على رتبة دينية" هؤلاء الخبراء والمحللون من ذوي الألقاب والنياشين والتيجان الفخرية ظلوا أسرى التقليد العربي السالف، تجاهلوا ما يحدث في دول العالم المتحضر من تغيير جوهري في طريقة اختيارهم لرؤساء الدول. لم يعد رؤساء دول العالم المتحضر في عالمنا الراهن حاكمين مطلقي الصلاحيات، يرثون العروش، يقودون الجند، ولهم رتبة دينية، انتفتْ صورة رئيس الدولة المتفرد بالسلطات، والوالي قابض أرواح الرعية، أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي، والحاكم بأمر الله، وزياد بن أبيه، صاحب مقولة (انجُ سعد، فقد هلك سُعيد)! أصبح الحاكم والرئيس في دول العالم المتحضر مقاولا جرى اختياره سرا من مجموعة من المخططين، كلفوه بتنفيذ مشروع بناء الوطن لأجل المستقبل، وهي الخطة المرسومة من قبل هيئات ومراكز أبحاث وشركات ومؤسسات تقود الوطن في الخفاء، هذه المؤسسات القيادية تمارس سلطاتها في الظل، ولا يُعلن عن أسماء المشاركين فيها، لذلك فقد أطلق عليها الباحثون والمفكرون (الدولة العميقة)! الدول العميقة في عالم اليوم هي مستحضر فريد غايته المنافسة على المستقبل، هذا المستحضر لم تقتبسه الدول النامية، أو النائمة، حتى اليوم، ظلت الدول (النائمة) تعيش عصر الحاكم الفرد والإمبراطور والأمير مطلق الحرية الذي يسوس رعيته كما يسوس الراعي قطيع النعاج! ما أكثر الباحثين والخبراء ممن حاولوا كشف مكونات هذه الدول العميقة، على الرغم من بقاء الحكومات العميقة في العالم المتحضر خلف ستائر مجهولة الهوية، لأنها أحد أكبر الأسرار خطورة، وما ينشر عنها سيظل اجتهادات واستنتاجات لا تحدد بالضبط مكوناتها. نشرت نشرة، أمريكان ثنكر بعض مكونات الدولة العميقة في أمريكا، أشارت مثلا إلى أن أبرز مكونات هذه الدولة تتمثل في مؤسسات الملياردير روبرت مردوخ، وسلاحه الإعلامي القوي، شبكة فوكس نيوز، وغيرها من النشرات والمطبوعات والمحطات الفضائية، وكذلك فإن، بيل غيتس، ومارك زوكربيرغ، وأيلون ماسك وغيرهم، كلهم من أبرز مكونات الدولة العميقة، وأشارت النشرة نفسها أيضا إلى أن أبرز أعضاء الدولة العميقة هم أرباب المال، بخاصة قطاع الصناعات العسكرية الأمريكية، هؤلاء مديرو شركات إنتاج الأسلحة معفون من الإعلان عن مصادر دخلهم لأنهم يعملون في السر، ومن أبرز مكونات الدولة العميقة أيضا رجال الاستخبارات والدفاع والأمن القومي والمخابرات المركزية، مضافا إلى كل هؤلاء رجال الكونجرس. ومن أعضاء الحكومة العميقة أيضا مالكو الشركات النفطية الكبرى، والصناعات الدوائية، وأشارت الصحيفة إلى أن هناك خمسين من العلماء والمفكرين ضمن هذه التوليفة التي تُكوِّن الدولة العميقة! ولا يجب أن نغفل مكونا رئيسا مؤثرا في الدولة العميقة في أمريكا على وجه الخصوص، وهو اللوبي اليهودي، وبخاصة، الإيباك اليهودي، وهو من أكبر المؤثرين في سياسة أمريكا، حتى أن كثيرين يسمون الإيباك "حكومة الظل الأمريكية"! ولا سيما بعد أن اتخذت منظمة الإيباك في أمريكا قرارا جديدا وأعلنته في مؤتمرها عام 2020م بأنها ستتولى دعم مرشحي الكونجرس وجمع التبرعات لهم! قال، جورج سنودن أحد مسربي المعلومات السرية الأمريكية، وهو الذي كان موظفا في جهاز الاستخبارات الأمريكي، اتهم بتسريب معلومات عن هذا الجهاز إلى جهات أجنبية عام 2013م، هو اليوم لاجئ إلى روسيا بعد أن طالبت أمريكا باعتقاله قال: "إن الدولة العميقة قي أمريكا ليست فقط وكالة الاستخبارات الأمريكية، بل هي مجموعات من فئات عديدة، لا يتأثرون بتغيير الأحزاب والسياسات، ولا يمكن إقالتهم، هؤلاء هم من يقودون أمريكا، وليس الرؤساء المنتخبين"! أشار العالم والباحث وعضو الحزب الجمهوري الأمريكي، جورج فردمان إلى إن تاريخ تأسيس الحكومة العميقة يعود إلى القرن التاسع عشر، وقد استحدثت الدول العميقة في بريطانيا وفرنسا وأمريكا للحد من سلطات النظام الرئاسي، لأن الرئيس هو الذي يشكل الحكومة ويديرها، وأشار إلى حادثة وقعت في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما عندما أعلن أنه سيفكك معسكر الاعتقال، غونتنامو في جنوب شرق كوبا، وهو المعتقل المخصص لسجن وتعذيب المعتقلين من تنظيم داعش والمعارضين العراقيين، غير أن الحكومة العميقة قررت ألا تنفذه، وهذا ما حدث بالفعل! أدرك، توماس جيفرسون الرئيس الأمريكي الثالث خطورة حكومة الظل حين قال: "إن المؤسسات المالية والمصرفية الأمريكية هي أكبر الأخطار على الحريات الشخصية في أمريكا، هي أشد خطرا من الجيوش والحروب"! أخيرا على فقهاء التحليل السياسي أن يدركوا أن ترامب ليس أمريكا كلها، بل هو مرحلة جديدة، خططت لها الدولة العميقة لتحقيق مآرب اقتصادية وسياسية جديدة لإبقاء هيمنتها على العالم. ليس من السهل التنبؤ بآلياتها، مع العلم أن الضعفاء والمتخلفين والحالمين بماضيهم هم الذين سيدفعون الأثمان الباهظة!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جنازتان لم أحضرهما!
-
لا تحولوا إعلام الكوارث إلى إعلام تسلية!
-
كاوبوي البورصات، وأبطال الصناعات!
-
مولودة في خيام النازحين!
-
هل خسائرنا تكتيكات؟!
-
الاغتيالات في إسرائيل!
-
دفنوها في حضن قبر أبيها!
-
مصادر قوة نتنياهو السرية!
-
القبض على مياه المطر!
-
استطلاعات الرأي سلاح خطير!
-
اصطياد الإنترنت على شواطئ غزة!
-
هل أزالت حرب إبادة غزة (ديموقراطية) إسرائيل؟
-
قصة أفلاطون في خيمة اللجوء!
-
إسرائيل أو أمريكا أيهما القائد؟!
-
Baby Sitter من الإيباك لكل عضو كونغرس أمريكي!
-
قصة فرن الطين وسط خيام النازحين
-
إعلام التضخيم والتقزيم!
-
الترنسفير القسري والطوعي!
-
احذروا الاحتراب بين العائلات في غزة!
-
قصة من غزة ..عبوات غذائية متفجرة!
المزيد.....
-
ترامب وعد بإنهاء الحروب.. هل يستفيد الاقتصاد المصري أم يتضرر
...
-
جددها الآن إلكترونيا eccp.poste.dz رابط تجديد البطاقة الذهبي
...
-
كله تحت السيطرة .. سعر الذهب اليوم في حالة استقرار “أشتري و
...
-
مصر والسعودية تدرسان تدشين إنشاء صندوق عقاري مشترك
-
هبوط قياسي في أسعار الذهب نهاية اليوم
-
العراق يختار 11 شركة للتنافس على عقد تشغيل ميناء الفاو الكبي
...
-
نجاح ترامب ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين أميركا والصين
-
تركيا تنفي مزاعم حول أنشطة تجارية مع إسرائيل
-
سعر الذهب يُفاجئ الجميع الان بالعراق.. تحديث مباشر
-
هل أثبتت نتائج مانشستر سيتي هذا الموسم أحقية رودري بالكرة ال
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|