أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاطمة الحصي - فيلة سوداء بأحذية بيضاء














المزيد.....

فيلة سوداء بأحذية بيضاء


فاطمة الحصي

الحوار المتمدن-العدد: 8156 - 2024 / 11 / 9 - 16:55
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


فيلة سوداء بأحذية بيضاء !
د.فاطمه الحصي

عن دار دَوَّن صدر للكاتبة المصرية الحاصلة على جائزة الدولة التقديرية عام ٢٠٢١ سلوى بكر رواية

لا شك أن الكاتبة سلوى بكر ذات التاريخ العريق الذي بدأته منذ عام ١٩٧٩ ؛ تمتلك أدواتها الخاصة التي تميزها وبخاصة اللغة السلسلة الرشيقة الراقية فلغتها لغة يمكن وصفها ب السهل الممتنع.
في روايتها الأخيرة (فيلة سوداء بأحذية بيضاء) تأخذ بأيدينا لنتجول معها في المجتمع المصري لتجعلنا نشاهد بأم العين كيف حدث التغيير والسقوط في مصر من قمة الثوره ..وقمة الرومانسية..وقمة الجمال وقمة الحماسة إلى هاوية الخمول...والبلادة..والفتور والقبح..
***
أعترف أن العنوان حيرني كثيرا، قلت لنفسي لم هذا العنوان الطويل الذي يصعب حفظه: (فيلة سوداء بأحذية بيضاء)
؛ ولم أفهم السر إلا حين وصلتُ في قراءتي للرواية إلى الصفحه ١٢٥ ،حين بدأت البطلة في سرد ملاحظتها لتحول أجسام المصريات إلى السمنة والترهل مبررة هذا التحول لأسباب نفسية هي كراهيتهن لأجسادهن واحساسهن المنعدم به ؛وهو ربط بديع بين التنازل عن الجمال والرشاقة وحب الذات في مقابل تدين شكلي يتجسد في أشكال العبايات السوداء والحذاء الرياضي الأبيض وترك أجسادهن فريسة للسمنة والترهل وكل ما ينتج عن ذلك من قبح.
****
وعلى الرغم من كونها رواية قصيرة نوعا ما حيث لا تتجاوز ال١٢٧ صفحة إلا ان الكاتبة أخذتنا في رحله مكثفة عبر الزمن من العام ١٩٦٦إلى مابعد ١٩٨٠ ؛ استهلتها بتفاصيل دقيقة على قدر باذخ من الجمال لنحيا من خلالها سنوات الستينيات بكل ما فيها من جمال ؛ ألهمتنا أحداث ظهور "العذرا" حجم البساطة والإيمان العفوي الصادق و المتجسد في الشارع المصري كله مسلمين ومسيحيين ولهفتهم لرؤية "العذرا"
واللافت أن الكاتبة أنهت الرواية أيضا بتلك السنوات وبهذا الوصف البديع للمجتمع المصري في الستينيات قبل المد الوهابي.
****
هكذا بكل بساطة فندت 6g7zسلوى بكر ما حدث بمصر من تغيرات سياسية واجتماعية وجغرافية وأخلاقية من خلال قصة حب شديدة العذوبة خاصة في مرحلة البدايات الأولى لهذا الغرام ؛ وهي قصة راقية مثلها في ذلك مثل مصر في عصر الستينات؛و وبتتبع شخصيات القصة الغرامية الحالمة تتماس التغيرات التي تحدث لهم مع التغيرات التي تحدث في المجتمع،لتسجل بدقة متناهية كيف تسلل المد الوهابي بمنتهى السهولة إلى أعماق المجتمع المصري ، وكيف بدأت جلسات المد الإسلامي للنساء وإقناعهن بالتوبة عما بدر منهن في الماضي من ظلام معرفي إسلامي حين كانت النساء يرتدين الملابس المصرية الكلاسيكية كالفساتين القصيرة التي تنتهي بعد الركبه بشبرين مع الرأس المكشوف..
تسجل الكاتبة بعين المٌحب لمصر الستينات التي تربت على فكرها وثقافتها المنفتحة كيف بدأ الحجاب ثم الخمار والنقاب في التسلل إلى رؤوس المصريات..وكيف بدأ التغير في طرق التفكير والانحسار الفكري والتضييق العقلي في أمور الحياة اليومية.

يتضح كل ذلك بقوة في حديث البطلة لنفسها أن مصر تلك لا أعرفها خاصة حين تشاهد منزل أم عرفة تلك المرأة التي كانت بمثابة الممثل الرسمي للمد الوهابي إلى عقول المصريات ..
يتضح ذلك أيضاً من خلال علاقة الزوجين وزيادة مساحة الحلال والحرام في الحوار الذي يوجهه الزوج لزوجته ، ذلك الزوج الذي ابتلعته بالوعة النفط والمد الوهابي وتحول من ثائر وطني محب للعلم والقراءة والتغيير والتطور إلى داعية للحجاب ووقار الذقن ومنع البيرة في الأماكن العامة وغيره من أشكال التدين القشري الظاهري، و تلميحاته المتنمره ضد ملابس زوجته ورأسها العاري ومحاولة توجيهها للدين الصحيح كما يراه بالنظرة الوهابية الجديدة التي حلت محل نظرته التنويرية المتطلعة لمستقبل أفضل لمصر،ودعوته لإحلال إحتفال العقيقة محل إحتفال السبوع بمراسمه المعروفة بمصر وغير ذلك من مظاهر يتشبث بها كتابع للفكر الوهابي وناشر له ..

في هذه الروايه تهمس لنا سلوى بكر أن الوطن هو البشر؛ لو أن الفرد فيه ثائر حالم يبحث عن تنميته وتطويره لسار الوطن على نفس الوتيرة..والعكس صحيح
و أن الوطن يقف على قدمين هما الإنسان إمرأة ورجل معا ، فإذا ما كانا في علاقه صحية معا على قلب رجل واحد ؛ ثائران محبان للجمال كان الوطن في حالة تقدم دائم..
***

كتعبير عن مظاهر الانحدار لم توفق الكاتبة حين أقحمت عبارة " غشاء البكارة الصيني " في الرواية لأنه في ظني تعبير لا يتناسب مع المرحلة الزمنية التي تحدثت عنها سلوى بكر في روايتها حيث أنه سلعة حديثة للغاية ظهرت مع عصرنا الحالي عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ولم تكن متاحة في الثمانينات.
***

من مظاهر الجمال اللافتة أن الكاتبة تختم الرواية بنفس الجو القاهري في ستينات العصر الماضي الذي بدأت به روايتها وكأنها تسرد قصيدة شعرية رائعة من قصائد الشعر النثري الحديث؛ ملابس والدتها وجارتها اليونانية اتينا وشعرهن المقصوص او المرفوع برقي وشياكة وملابسهن الجميلة المحتشمة رغم أنها قصيرة لتصب في قلوبنا هم كبير ومرارة لاذعة لا يمكن أن ينزاح عما وصلنا إليه من قبح فكري وأخلاقي وكأنها تؤكد على أنه لا مفر من العودة إلى قيم ومبادئ تلك الحقبة التاريخية المهمة في تاريخ مصر..

*********



#فاطمة_الحصي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول النقد والنقاد!
- في وداع عصفور
- تأبين موقع إلكتروني
- صناعة قارئ لا يستهان به!
- هل قٓتل سلمان رشدي هو حادث سياسي؟
- غذاء صحي أو الكارثه !
- أمه في خطر !
- الحداثه السائله بالمجتمعات العربيه
- قراءه في كتاب العمامه المستنيره
- الأمهات لا تموت!
- كيف يتحول الكاتب الى -لوبي-فاعل ؟!
- حول مشروع عبد الجواد يس الفكري
- الجيره الإنسانيه وفيروس كورونا
- حول الإنتحار
- حادث نيوزلاندا وتغييب العقل
- شكر واجب الى المترجم هاشم صالح
- فيروس الحريم عند المرنيسي
- حول اعادة انتاج اوضاع المرأة العربية
- أمي وقُبلة الموت ..
- كلام في الرومانسية


المزيد.....




- قيل له إن جسمه -غير مناسب- لبعض الأدوار.. هذا ما يرويه تيموث ...
- أمريكا تعلن تفاصيل إحباط هجوم -حوثي- بالمسيرات والصواريخ على ...
- فوز ترامب يمنح -تيك توك- طوق النجاة في الولايات المتحدة
- حدث في دولة إفريقية.. ائتلاف الحكومة يحصد -صفر مقاعد- في الا ...
- جنازة جماعية في لبنان لتشييع 8 مسعفين ومدنيين بعد غارة جوية ...
- المزيد من القتلى في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله ...
- سيناتور أمريكي: جيشنا الآن لا يستطيع هزيمة أحد
- رسميا.. ترامب يعين النائب والتز مستشارا للأمن القومي
- محلفون أمريكيون يمنحون ثلاثة ناجين من سجن أبو غريب بالعراق ت ...
- ألمانيا.. توجه حكومي لحظر استخدام غاز الضحك بعد انتشاره الوا ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاطمة الحصي - فيلة سوداء بأحذية بيضاء