أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع والأربعون)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع والأربعون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8156 - 2024 / 11 / 9 - 04:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن هبة الموجود من قبل الوجود كأساس محايث ليست سوى الجانب الجوهري من هبة أكثر أصالة، متعالية وحرة بالمطلق، من ذاك الذي يبقى "غير مسمى"، إذن فهذه مصداقية التأويل المصوغ هنا وفقا لبرتراند ريو تجد سندها في التحليل الذي أجرته مارلين زارادر حول الدين (يتسكين الياء) غير المفكر فيه عند هايدجر. هل من الوهم إذا شعرنا بأن عمل هايدجر تخترقه شحنة صوفية لا يمكن إنكارها؟ القاموس الذي يستخدمه، المليئ بالأصداء الدينية، هل يمكنه الارتباط بالوجود المحدود والتاريخي دون أن يخفي الأخير ما وراء كل التاريخ؟ وعندما يعتبر الإنسان حارس أو انفراجة الوجود، الذي أسندت إليه الاستجابة إلى هذه الهبة الحرة للوجود، الذي لا يوجد منفتحا إلا في التعرض للوجود، الذي يجب أن يرحب بفرح وامتنان بنعمة الوجود، كيف لا يمكننا استحضار الرجل المتدين الذي وضع نفسه تحت تصرف إلهه؟ ومع ذلك، إذا عدنا إلى تاريخ الفكر الأوروبي، نجد حينها أن السؤال عن الوجود، من حيث هو سؤال عن وجود الموجود، يطرح بصيغتين. يقتصي أولاً مع أرسطو: ما هو بشكل عام الموجود من حيث هو موجود؟ الاعتبارات المتعلقة بهذا السؤال تنتظم ضمن نطاق تاريخ الفلسفة تحت عنوان: الأنطولوجيا.
لكن السؤال: "ما هو الوجود؟" يقتضي أيضا: ما هو الموجود بمعنى الموجود الأسمى وكيف هو موجود؟ وهذا الموجود بمعنى الموجود الأسمى، نسميه: "الوجود" في حقيقته الخالصة. هكذا تفكر الميتافيزيقا في الموجود ضمن كينونته. تجد هذا الموجود في الإلهي، الذي يكمن في ذاته، اللاهوت. بهذه الطريقة لم تعد الميتافيزيقا التاسيس الوحيد للموجود في الوجود، أنطولوجيا، بل هي كذلك تأسيس الوجود في موجود أسمى، الإلهي، وبالتالي في اللاهوت (théologie). ولأنها بشكل عام تعطي الأساس، فهي Iogie-. بهذه الطريقة هي أنطو-ثيو-لوجيا.
من اللازم أن يتم بوضوح إحالة الطابع المزدوج للسؤال عن الوجود إلى الطريقة التي ينكشف بها وجود الموجود. ينكشف الوجود في خاصية نسميها الأساس (Gründ). الموجود بشكل عام هو الأساس بمعنى القاعدة (Boden) التي يقوم عليها كل اعتبار لاحق للموجود. الموجود من حيث هو موجود أسمى هو الأساس بمعنى ما يؤدي إلى وجود كل موجود. في سياق تاريخ التساؤل الأنطو-ثيو-لوجي، ظهرت، إلى جانب مهمة تبيان طببعة الموجود الأسمى، مهمة أخرى لإظهار أن الأكثر موجودا في الموجود هو أن الله موجود.
تشير مصطلحات الوجود (Existenz)، والوجود-هنا (Dasein)، والواقع (Wirklichkeit) إلى نمط من أنماط الوجود. لا حاجة بنا إلى القول إن هايدجر، وقد توصل إلى قول، فهم معنى الوجود أو حقيقة الوجود، يعبئ في الوقت نفسه جسده، مدافعا عن حقيقة الله، وجوده، وأنه أساس كل شيء؛ لأنه بالنسبة للمسيحي كينونة = وجود. لذلك سوف نجازف بالمعادلات التالية.
يظن الملتصقون بالحس المشترك أن الفلسفة هي العدو اللدود للإيمان. لكن، ما هو الإيمان عند هايدجر؟ في جملة قصيرة، يعرفه على النحو التالي: “الإيمان هو وسيلة للانعقاد في الحقيقة". لنلاحظ جيدا أننا أمام نفس التعريف الذي خص به المعرفة، ومن هنا جاءت المعادلة الصغيرة: إيمان = معرفة عند هايدجر. من يعرف حقا يستطيع أن يقول إن الله موجود. وبما أن الفيلسوف هو من يعرف، إذن حسب معادلتنا
لا يستطيع أن ينكر الإيمان، لأن إنكاره هو أيضا إنكار للمعرفة. كل الفلاسفة متفقون على هذه النقطة: تكون المعرفة دائما صحيحة، وإلا لن تكون معرفة. هكذا إذن لا يمكن ولا يجب أن يكون هناك أي تعارض بين الفيلسوف والإيمان. بعد ذلك، سوف نتطرق إلى المسألة الشائكة المتعلقة بالتزام هايدجر القومي الاشتراكي.
بمقارنة التعريفات التي أعطاها هايدجر للوجود والحقيقة، لم تعكس أقواله أي سلوك عنف تجاه تعاليم الإنجيل؛ سنبين ذلك من خلال بعدين: (1) طبقا لمعنى الوجود، و(2) طبقا لمعنى الحقيقة. فيم تتفق التصريحات الهيدجرية حول الوجود مع تعاليم الإنجيل؟ قلنا سابقا (انظر ص: 102 في النص الأصلي) إن الله من حيث هو خالق غير مخلوق "موجود"؛ الوجود "موجود". حقيقة الوجود أو الله، هي ظهوره، انكشافه، خروجه إلى النور.. الحقيقة تنتمي إلى ماهية الوجود. الوجود ينكشف كحضور دائم، بل "حاضر" يتحدث لغة العصر.
يقول هيدجر: عندما يبلغ الزمان ثراءه، يبلغ الوجود ذاته امتلاءه. يسمي هيدجر الزمان بأفق الوجود، والزمان بالنسبة إليه ليس هو الزمن الذي أوله أرسطو ميتافيزيقيا، أي انطلاقا من الوجود، كحضور (ousia) لتحديده بشكل قانوني على أنه سلسلة من اللحظات. مع توالي اللحظات، يتعارض حسب هايدجر، ، ذاك الذي يحتوي على كل الأشياء معا، من خلال تأسيسه زعما على لحظة الأبدية. يقول هايدجر بخلاف ذلك: الأكثر راديكالية من المتعاقب وحتى من الأبدي هو الحاضر الذي تحتضنه في ذاتها تسمية الوجود، الذي من خلاله يتلاقى الماضي والمستقبل معًا أو بالأحرى يتجاوبان بطريقة مختلفة تماما عما تقوله عبارة "تباعا". الحاضر، الماضي والمستقبل، بعيدا عن تشكيل متوالية، هم على نحو ثابت إلى حد ما معاصرون في عالم لا يمثل حاضره اللحظة العابرة، بل يمتد بعيدا بحيث يستجيب حاليا مستقبل لماض... من خلال التفكير في الوجود "تحت أفق الزمان" وليس العكس، يدعو هايدجر القارئ إلى التراجع عن الميتافيزيقا وسؤالها عن الوجود نحو فكرة أكثر راديكالية وهي، كما قال عام 1927، فكرة معنى الوجود أو حقيقة الوجود ذاته، التي من العجب أنها لا تظهر في مكانها الخاص إلا ضمن "انفراجة الزمان". وهذه أعجوبة يمكن مطابقتها مع أعجوبة الإنجيل.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشتراكي الموحد يستنكر وصم الرئيس الفرنسي للمقاومة الفلسطين ...
- خطوات المغرب على الدرب الطويل المؤدي إلى التحول الاقتصادي (2 ...
- شذرات من سجل مفتوح
- خطوات المغرب على الدرب الطويل المؤدي إلى التحول الاقتصادي (2 ...
- المغرب: أزمة كليات الطب و الصيدلة وطب الأسنان: مقترح وزاري ج ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل: قراءة في آخر المستجدات
- تأملات في آخر قصاصات الحرب في منطقة الشرق الأوسط
- الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول الاعتقال السياسي ...
- ما مدى مصداقية معلم متفرغ أو غير الإطار بعيدا عن التدريس إذا ...
- الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول الاعتقال السياسي ...
- الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول الاعتقال السياسي ...
- نور الدين بوكروح يتغاضى عن الوقائع التاريخية المتحكمة في الن ...
- إيران تؤكد حقها في الدفاع عن نفسها بعد الضربات الإسرائيلية
- الحزب الاشتراكي الموحد ينظم ندوة حول الاعتقال السياسي في الم ...
- الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة ينظم ندوة حول الاعتقال السياسي ...
- النسخة الثانية من حكومة عزيز أختوش: الوزراء الباقون والمغادر ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تفاصيل تهم الولاة الخمسة الجدد الذين تم تعيينهم مؤخرا من قبل ...
- معاشات المتقاعدين: الوضع اصبح مقلقا في الصندوق المغربي للتقا ...


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع والأربعون)