|
أليست أموال الارتشاء من أموال المواطنين؟ أليس مكانها الحقيقي هو خزينة الشعب؟
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 8155 - 2024 / 11 / 8 - 18:21
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كثير من الناس يعتبرون الارتشاء مقبولا، كما يعتبرون الأموال المكتسبة من امتيازات الريع المخزني مقبولة، وينسون أن الراشي يتسلم الرشوة مقابل خدمة مشروعة، أو غير مشروعة، بسبب تعطيل تقديم خدمات للآخرين، الذين يستحقون تقديم الخدمات لهم؛ لأن تلقي الخدمة، يكتسب حق الأسبقية، ودون رشوة؛ ولكن عندنا هنا، في ظل سيادة الممارسة المخزنية، وسيادة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. الأمر الذي يترتب عنه: أن من يرشي، لا علاقة له لا بالإرشاء، ولا بالارتشاء، وإنما وجد الناس يرشون كل من هو مسؤول عن جماعة معينة، أو عن إدارة معينة، وكل من يعمل في جماعة معينة، فأخذ هو بدوره يرشي، إلى درجة أن الناس، غالبا ما يرددون القولة المشهورة، بالدارجة المغربية:
(دهن السير اسير).
حتى صارت الرشوة من مميزات الجماعات الترابية، ومن مميزات الإدارة الجماعية، بالإضافة إلى أن الرشوة، أصبحت لها الكلمة الأولى، والأخيرة، في جميع الجماعات الترابية، وفي جميع الإدارات الجماعية، وفي جميع الإدارات المخزنية، سواء كانت سلطوية، أو غير سلطوية؛ لأن كل من يجلس على كرسي إدارة ما، تدب المخزنة في دمه، فيصاب بعدم الارتشاء، التي لا تزول منه، إلا بموته، خاصة، وأن الارتشاء، يمكن من اقتناء عقارات، يختلف عددها، بطبيعة المنصب، الذي يشغله، فترتفع قيمة الرشوة، التي يتسلمها المرتشي، أو لا ترتفع، فتتراكم أموال الارشاء، والارتشاء، بسرعة، أو ببطء، إلى درجة أن المرتشي، يشعر، وكأنه أحسن من المواطنين، يفضلهم، لا بأخلاقه، ولا بسلوكه الطيب، ولا بحسن تعامله؛ بل بشرعنة امتلاكه للمزيد من العقارات، التي يبيض فيها أموال الارتشاء، سواء كانت هذه العقارات في المجال الحضري، أو في المجال القروي، نظرا لكثرة ما يتلقاه من إرشاء، وارتشاء، دون التفاته إلى أن ممارسته تجاه المواطنين، الذين يقصدونه، من أجل تلقي خدمات معينة، فإنه يسرع في إنجاز الخدمة، إذا أرشوه، ويتباطأ في إنجاز الخدمة، إذا لم يرشوه، وما يجعلهم يفكرون، بدورهم، في تدبر أمر إرشائه، ليصير إرشاء المسؤول الجماعي، أو مسؤول أي إدارة مخزنية، من أولى أولويات المواطن، الذي يذهب إلى إدارة معينة، من أجل تلقي خدمة معينة.
وموضوع:
(أليست أموال الإرشاء، والارتشاء، من أموال المواطنين؟ أليس مكانها الحقيقي هو خزينة الشعب المغربي؟)
لا يمكن تناوله بالعمق المطلوب، إذا لم نطرح أسئلة موجهة لعملنا، وممنهجة لذلك العمل، حتى نتمكن من المعالجة العميقة، والسليمة، للموضوع المذكور، وصولا إلى جعله واضحا، في ذهن أي متلق، على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني، أو العالمي، ليصير بذلك المتلقون على دراية كاملة، بأهمية الإرشاء، والارتشاء، في تكون ثروات الأفراد المرتشين: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
والأسئلة التي يمكن تدوينها في هذا الإطار، نجد:
ما هي الرشوة؟
ما هو الارتشاء؟
وما هو الفرق بين الرشوة، والنهب؟
وما هو الفرق بين الرشوة، والريع المخزني؟
وما هو الفرق بين الرشوة، والاتجار في الممنوعات؟
وما هو الفرق بين الرشوة، والتهريب؟
ومن هو الراشي؟
ولماذا يلجأ الراشي إلى إرشاء المسؤول، أو الموظف؟
وما هي الغاية، التي يسعى الراشي إلى الوصول إليها؟
وما هي الغاية، التي يسعى المرتشي إلى الوصول إليها؟
ولماذا يسعى المرتشي إلى تربية الوافدين عليه، على أداء الرشوة؟
وهل تعتبر الرشوة فسادا؟
ولماذا لا تقف الدولة ضدها؟
ولماذا لا تقوم الدولة بتوعية الناس، بضرورة التعود على الامتناع عن أداء الرشوة، باعتبارها فسادا؟
أليست محاربة الفساد، واجبا على الدولة؟
أليس المواطن، والمواطنة، معنيان بمحاربة فساد الرشوة؟
أليس عدم محاربة الرشوة، باعتبارها فسادا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، يقود إلى التعود، على أدائها؟
فلماذا لا نقبل بالدعارة، في المجتمع، باعتبارها فسادا اجتماعيا؟
أليست الرشوة، والدعارة اختلالا، لا تختلفان لا في الفكر، ولا في الممارسة؟
ما العمل من أجل جماعات، وإدارات بلا رشوة؟
ما العمل من أجل إيجاد مواطن لا يفكر في أداء الرشوة؟
ما العمل من أجل إيجاد مواطن يحارب كل أشكال الرشوة؟
ما العمل من أجل إيجاد مجتمع لا يفكر أفراده في أداء الرشوة؟
إننا عندما نناقش موضوع الرشوة، إنما نناقش ظاهرة خبيثة، استطاعت أن تقف وراء وجود بورجوازية كبرى، ومتوسطة، وصغرى، ووراء وجود إقطاع كبير، ومتوسط، وصغير، ووراء وجود تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، مما يعتبر داعيا إلى محاربة الرشوة، باعتبارها فسادا تجب محاربته، في الجماعات الترابية، وفي الإدارة الجماعية، وفي الإدارة المخزنية، سعيا إلى التخلص من فساد الرشوة، ومن كل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
والرشوة، هي قيام المواطن، طالب الخدمة من الإدارة المخزنية، أو من الجماعة الترابية، أو من الإدارة الجماعية، مع دفع مقابل غير محدد، إلى المسؤول، أو إلى الموظف، الذي قام بإنجاز الخدمة، ليصير، بذلك، كل شيء قابلا للبيع، بما في ذلك الخدمات، التي يجب أن يتلقاها المواطن، أو تتلقاها المواطنة بالمجان؛ لأنها من حقه، إلا أن الدولة، كانت وراء تكون التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ونظرا لأن الوجود صار قائما على فساد الإرشاء، والارتشاء، وصار قائما، أيضا، على النهب، وتخضع كل المشاريع المقررة إلى الفساد الكلي، أو الجزئي، أو إلى النهب الكلي، أو الجزئي، لإرضاء الناهبين، الذين يسعون، بنهبهم لثروات الشعب المغربي المرصودة لمختلف المشاريع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى نهب مختلف المشاريع: كليا، أو جزئيا، الأمر الذي يترتب عنه: أن فساد الإرشاء، والارتشاء، أصبح قاعدة قائمة، على أساس: أن من يقدمون الخدمات المختلفة، يصيرون من الأثرياء الكبار، الذين يسرعون تقديم الخدمات، مقابل ما يتقاضونه من متلقي الخدمة: الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية.
فهل يمكن القول: إن الرشوة هي المدخل لشراء الفاسدين؟
وهل يمكن القول: بأن الخدمة التي يتلقاها المواطن، أو المواطنة، بمقابل يدفعه إلى المسؤول، أو إلى الموظف، هي السبب في تكديس الثروات، التي تخزن في العقار؟
وهل العقار صار وسيلة لتبييض أموال النهب، والارتشاء، وأموال الريع المخزني، وأمول الاتجار في الممنوعات، وأموال التهريب، من، وإلى المغرب؟
ومعلوم: أن تبييض الأموال غير المشروعة، ترفع قيمة العقار: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويصير شراء العقار، مرتفعا، باعتباره وسيلة، لتبييض الأموال، غير المشروعة، سواء كانت نهبا، أو إرشاء، أو ارتشاء، أو ريعا مخزنيا، أو تجارة في الممنوعات، أو تهريبا من، وإلى المغرب، فإن من يخزن الأموال المشروعة، دون توظيفها، في شراء العقار، وتوثيقه، فإن تلك الأموال، تضيع منه، إلى مالا نهاية.
وبالنسبة للارتشاء: فإن المسؤول: أو الموظف الجماعي، أو الإداري، أو مسؤول عن الإدارة الجماعية، أو موظف أي إدارة جماعية، أو دولتية، يمارس التماطل على طالب الخدمة، حتى يرشيه طالب الخدمة، ومن أجل أن يصير الإرشاء، والارتشاء، في مسلكيات المواطن المغربي، والمواطنة المغربية، من منطلق: أن الإرشاء، والارتشاء، مساهمة من متلقي الخدمة، في تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى إذا أزف الفراق، يكون المسؤول الجماعي، والموظف الجماعي، والمسؤول في الإدارة الجماعية، أو مسؤول، أو موظف الإدارة المخزنية، خاصة، وأن الإرشاء، والارتشاء، صار من السمات التي تميز الإدارة، جماعية كانت، أو مخزنية؛ لأن الإرشاء، والارتشاء، يرفع شأن الراشي، والمرتشي، ويسرع بتحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
فهل أصاب المرشي في إرشائه للمسؤول الجماعي، أو للمسؤول الإداري، أو مسؤول الإدارة الجماعية، أو مسؤول الإدارة المخزنية؟
وهل أصاب إرشاؤه في مقتل المرتشي، الذي يحقق تطلعاته الطبقية، على حساب المرشي؟
وهل يتمكن المرشي، من إرضاء الراشي؟
والفرق بين الرشوة، والنهب، أن الرشوة لا تكون إلا من جيوب المواطنين، وأن النهب لا يكون إلا من أموال خزينة الشعب، المرصودة للمشاريع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هذه المشاريع: إما أن تبنى بدون جودة، وتشكل خطرا على المواطنين مستقبلا، أو على أبناء الشعب المغربي، إن كان المشروع مدرسة، أو أن المشروع لا ينجز أبدا. وإن كان المشروع منهوبا جزئيا، أو كليا؛ لأن عملية النهب الجزئي، أو الكلي، صارت تشكل خطرا على المسؤولين أنفسهم، إن تم الانتباه إلى عدم وجود المشروع، أو أن المشروع غير موجود أصلا.
ومشكلتنا، أن تخلفنا، في جزء كبير منه، ناتج إما عن النهب الجزئي، أو الكلي، بالإضافة إلى أن عملية النهب، لا تخلو من رشوة، ليصير المسؤول مستفيدا مرتين: يستفيد عندما صار ناهبا جزئيا، أو كليا. ويستفيد عندما تسلم الرشوة، من المقاول المكلف بإنجاز المشروع.
أما الفرق بين الرشوة، والريع المخزني، فإن الرشوة، لا بد فيها من وجود مكونات ثلاث: الراشي، الذي يسلم الرشوة، والمرتشي الذي يتسلم الرشوة، والرشوة المسلمة. وهذه العناصر ضرورية، لقيام المرتشي بتقديم الخدمة إلى الراشي، الذي يقضي حاجته على حساب المتضرر، الذي تضيع حقوقه، بسبب الرشوة، أو أن الخدمة التي تكون من حق الراشي، إلا أنه تعود على إرشاء المسؤول، أو الموظف، من أجل تلقي خدمة معينة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. أما الريع المخزني: فهو مجرد ترخيص مخزني، لهذا العميل، أو ذاك، من أجل استغلال وضع معين، يعاني فيه الناس من خصاص معين.
والتعود على إعطاء الرشوة، هو الكارثة الكبرى، التي بلغت ما بلغت، من فكر الناس، ومن ممارستهم، إلى درجة أن الذي يتلقى الخدمة، إن أول ما يفكر فيه، إذا قصد الإدارة الجماعية، أو إدارة الدولة، هو توفره على قيمة الرشوة، التي يدفعها، والتي يجب أن تتناسب مع طبيعة الخدمة، التي يتلقاها، فإذا أراد، مثلا، أن يتقى خدمة استخراج عقد الازدياد، فإن عليه أن يتوفر في جيبه على عشرة دراهم، على الأقل، التي يدفعها لموظف الجماعة، وهكذا...
أما الفرق بين الرشوة، والاتجار في الممنوعات، فإن الرشوة لا تكون دائما إلا من جيوب المواطنين، الذين يتلقون خدمات من المسؤولين الجماعيين، أو من الإدارة الجماعية، أو من المسؤولين الإداريين، أو من الإدارة المخزنية، ليدفع بذلك الرشوة، التي يجب أن تتناسب مع طبيعة الخدمة، التي يتلقاها .أما تجار الممنوعات، الذين يعملون على ابتلاء المجتمع، بتلك الممنوعات ليصير المجتمع كله، في خدمة مروجي الممنوعات، مما يترتب عنه: بيع الأثاث المنزلي، من أجل الحصول على ممنوع معين، قابل للاستهلاك، الأمر الذي يترتب عنه: أن ممتلكات المجتمع الخاصة، تصير قيمتها لمروجي الممنوعات، الذين ينهبون كل أموال المجتمع الخاصة، التي تباع بأقل من قيمتها، ليذهب ما يحصل عليه مروجو تلك الممنوعات، الذين تغض السلطات المسؤولة، الطرف عنهم، فلا تراهم، ولا تمنعهم من ترويج الممنوعات، مقابل إرشائهم، ليجنوا من ذلك، عشرات الملايين، وليجني كبارهم، عشرات الملايير، وبالتالي: فإذا كانت الرشوة غير مشروعة، وإذا كان ترويج الممنوعات غير مشروع، فإن الرشوة تجعل المسؤولين يسمحون بترويج الممنوعات، عن طريق غض الطرف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير الممنوعات مروجة، ويصير الترويج مشروعا، ويصير المشروع واقفا وراء جعل الأموال تتراكم بين يدي مروج الممنوعات، ويصير تراكم الأموال، وتبييضها في العقار، مشروعا.
وبالنسبة للفرق بين الرشوة، والتهريب، أن الرشوة لا تكون إلا من جيوب المواطنات، والمواطنين، لصالح المسؤول الجماعي، أو لصالح المسؤول الإداري، أو لصالح العاملين في الإدارة الجماعية، أو لصالح العاملين في الإدارة المخزنية، والتي لا بد فيها من عناصر ثلاثة: الراشي، والمرتشي، والرشوة، التي تدفع مقابل تلقي خدمة معينة، من قبل المسؤول، أو من قبل الموظف، سواء كانت مشروعة، أو غير مشروعة. أما التهريب، الذي لا بد فيه من دفع الرشوة السمينة، من أجل التهريب، من، وإلى المغرب، من أجل جعل أي بضاعة تمر، سواء كانت سواء كانت مشروعة الترويج، أو غير مشروعة، كما هو الشأن بالنسبة للممنوعات، التي لا مشروعية لترويجها، ليجني المهرب للبضائع المشروعة، وغير المشروعة، أرباحا طائلة، ليصير المهرب، بذلك، بورجوازيا، أو إقطاعيا، أو ينتمي إلى التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.
أما عندما يتعلق الأمر بالراشي، المتعود على دفع الرشوة، مقابل تلقي خدمة معينة، سواء كان المرتشي مسؤولا جماعيا، أو مسؤولا عن الإدارة الجماعية، أو من العاملين في الإدارة الجماعية، أو مسؤولا عن الإدارة المخزنية أو من العاملين في الإدارة المخزنية؛ لأن المهم عند الراشي، الذي يحضر عنده، هو تلقي الخدمة، التي يطلبها، سواء كانت مشروعة، أو غير مشروعة، خاصة، وأن المرتشي قائم، ومعروف؛ لأنه، لولا وجود المرتشي، ما وجد الراشي، والعكس صحيح، خاصة، وأن الراشي، هو المستعد لدفع الرشوة، مقابل الخدمة التي يتلقاها. والمرتشي، هو المستعد لتلقي الرشوة، عن الخدمة التي يقدمها، إلى أي راشي، سواء كانت الخدمة مشروعة، أو غير مشروعة.
والراشي، يلجأ إلى إرشاء المسؤول الجماعي، أو مسؤول الإدارة الجماعية، أو الموظف الجماعي، أو المسؤول الإداري، أو الموظف الإداري، أو الموظف في الإدارة المخزنية، حتى تكتمل عناصر الرشوة، المتكونة من الراشي، والمرتشي، والرشوة، مقابل تلقي خدمة معينة: اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، من أجل تلقي الخدمات المشروعة، بل من أجل مساهمة جميع الراشين، في تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يحول المرتشي إلى إقطاعي، أو إلى بورجوازي، أو إلى مساهم في التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف. فكأن إقطاعنا، وبورجوازيتنا، وتحالفنا البورجوازي الإقطاعي المتخلف، مؤصل من الرشوة.
والغاية التي يسعى الراشي إلى الوصول إليها، تتمثل في تكريس الفساد، وفي نشره في المجتمع، باعتبار الفساد، وسيلة لتلقي الخدمات بسهولة، سواء كانت مشروعة، أو غير مشروعة، وصولا إلى إيجاد بورجوازية كبيرة، أو متوسطة، أو صغيرة، من أجراء الإدارة الجماعية، أو من أجراء الإدارة المخزنية، الذين يعيشون في مناخ من الفساد، فنجدهم يرتشون، بدون حساب، فيتحولون إلى بورجوازية صغرى، أو متوسطة، أو كبرى، أو إلى إقطاع كبير، أو متوسط، أو صغير، بهدف جعل الإنسان المتطلع، والمريض بالتطلع، إلى جعل تطلعاته، تزداد رغبة في الارتشاء، استجابة للراشي، الذي يعمل على فساد الإرشاء، والارتشاء، في الجماعات الترابية، وفي الإدارات المخزنية، والجماعية، مما يجعل المواطنين المتعاملين مع الجماعات الترابية، ومع الإدارات المخزنية، والعاملين في الإدارات الجماعية، والإدارات المخزنية، فاسدين. والفساد لا يمكن أن ينتج إلا الفساد، الذي يعم المجال، وسكانه، ويصير كل شيء فاسدا. فالراشي فاسد، ويعمل على نشر الفساد، في المجال الذي يتحرك فيه، والمجال الذي يتحرك فيه، يصير فاسدا: جملة، وتفصيلا.
وبالنسبة للغاية، التي يسعى المرتشي إلى الوصول إليها، أن تصير الجماعات الترابية فاسدة، يعتمد العمل فيها إلى الارتشاء، وأن تصير الإدارة المخزنية فاسدة، ليصير الفساد الإداري، وسيلة لإفساد المجتمع. وعندما يعم الفساد في الإدارة، وفي المجتمع، خاصة، وأن الفساد عندما يصير عاما، تزداد أرباح المرتشين، الذين يزداد مدخولهم من الارتشاء، ويصير تحقيق تطلعاتهم الطبقية، مضمونا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليصير بذلك الاقتصاد فاسدا، والاجتماع فاسدا، والثقافة فاسدة، والسياسة فاسدة. والفساد، لا يمكن أن ينتج إلا الفساد، ولا ينتج إلا شيئا آخر، له علاقة بالفساد؛ لأن الفساد، لا يلتئم إلا مع الفساد، والذي لا علاقة له بالعمل، الذي لا يلتئم إلا مع الذي لا علاقة له مع الفساد.
ويسعى المرتشي، إلى تربية الوافدين عليه، على أداء الرشوة، بالامتناع عن تقديم أية خدمة، إلا بعد أن يتلقى الرشوة، التي يسعى إلى تقديمها، باعتبارها مساهمة في تحقيق تطلعاته الطبقية، وخاصة، إذا ارتفعت قيمتها، ليربي جميع أفراد المجتمع، على تقديم الرشوة، التي يتلقاها مقدم الخدمة، مقابل الخدمة. فكأنه يتاجر في الخدمات، التي يبيعها للوافدين على متجر الخدمات، التي تختلف قيمة بيعها، كما تختلف البضائع. مع العلم، أن الراشي، هو المواطن الذي يقصد إدارة الجماعة، أو إدارة الدولة، التي تقدم خدمة معينة. والمرتشي، هو الموظف، الذي يشتغل في تقديم الخدمات، إلى المواطنين: جملة، وتفصيلا، سواء كانت الخدمة رسمية، أو غير رسمية.
وتعتبر الرشوة، من عناصر الفساد الشائعة عندنا، كالنهب، وامتيازات الريع المخزني، والاتجار في الممنوعات، وغير ذلك، مما يعتبر فسادا. الأمر الذي يقتضي: وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ووعي الجماهير الشعبية الكادحة، ووعي الشعب المغربي الكادح، بخطورة الرشوة، على الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، وعلى مستقبل الكادحين، وعلى مستقبل الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى مستقبل الشعب المغربي الكادح، خاصة، وأن الرشوة تغير مسار الحياة، في تمظهراتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهذا التغير، الذي تقف وراءه الرشوة، بصفة خاصة، إلى أن يتم التخلص من الفساد، بصفة عامة، ومن فساد الرشوة بصفة خاصة.
والدولة المغربية، لا تقف ضد الفساد؛ لأنها تعرف: أن الفساد بصفة عامة، وفساد الرشوة بصفة خاصة، تقف وراء إنتاج البورجوازية الهجينة، ولإقطاع الهجين، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف. وهو أمر، يعتبره المواطنات، والمواطنون، ضروريا، ولكنه، لا بد منه، بالنسبة للدولة، التي لا تتوفر على الشروط اللازمة، لإنتاج الطبقات الاجتماعية، التي تحتاج إليها الدولة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى تعتبر دولة للبورجوازية، أو للإقطاع، أو للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف؛ لأن الدولة: تعرف مسبقا، وانطلاقا من القوانين المعمول بها، أن الرشوة فساد، ولها الإمكانيات الكافية، من أجل الربط الضروري، لإعداد محاضر الإرشاء، والارتشاء، ولأنها لا تقوم بواجبها، نظرا للدور الذي يقوم به الراشي، في جعل المرتشي يصبح بورجوازيا هجينا، أو إقطاعيا هجينا، أو تحالفا بورجوازيا إقطاعيا هجينا، الأمر الذي يترتب عنه: أن الدولة تصير قابلة بفساد الرشوة، والمواطنات يصرن قابلات بفساد الرشوة، والمواطنون يصيرون قابلين بفساد الرشوة، ويمدون أيديهم، لتسلم الرشوة، والمسؤولات، والعاملات في الإدارة الجماعية، والدولتية، يصرن قابلات بفساد الرشوة، ويمدن أيديهن، لتسلم الرشوة، والمسؤولون، والعاملون في الإدارة الجماعية، والدولتية، يصيرون قابلين بفساد الرشوة، ويمدون أيديهم لتسلم الرشوة، على سبيل التعود.
ولأجل ذلك، لا تقوم الدولة بتوعية الناس، عبر وسائل الإعلام: السمعية، والسمعية البصرية، والمقروءة، والإليكترونية، باعتبارها فسادا؛ لأن الرشوة، تعفي الدولة، من هم تجديد الطبقات الاجتماعية القائمة، على مدى مسار الحياة، عن طريق المسؤولين، والعاملات، والعاملين في الإدارة الجماعية، والإدارة المخزنية، اللواتي، والذين، يتحولن، ويتحولون بالسرعة الفائقة، إلى بورجوازيات، وإلى بورجوازيين، وإلى بورجوازيات، وإلى بورجوازيين متوسطين، وإلى بورجوازيات، وإلى بورجوازيين صغارا، وإلى تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، حين تتجدد البورجوازية، والإقطاع والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، حسب صيرورة الرشوة عادة، عند الدولة المخزنية، وعند المواطنات، وعند المواطنين، وعند العاملات، وعند العاملين في الإدارة الجماعية، وفي الإدارة الدولتية، وعند المسؤولات، والمسؤولين عنهما.
ومحاربة الفساد، واجب على الدولة المخزنية، إلا أنها: لا تقوم بواجبها، نظرا للدور الذي تقوم به الرشوة، في عملية تجديد الطبقات الاجتماعية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتتعود أن تسكت، وأن لا تنتقد من يدفع الرشوة، دليلا على أن الفساد قائم بين الناس، وعامل على تجديد الطبقات، مهما كانت، وكيفما كانت، بما في ذلك الطبقات الاجتماعية الكادحة، والمحرومة من كل شيء، بما في ذلك تلقي الخدمات؛ لأنه ليس لديها ما تدفعه رشوة، حتى تصير، هي بدورها، مساهمة في تكون البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ونظرا؛ لأنه ليس لديها ما تدفعه رشوة، فإن عليها أن تسكت، وأن لا تنتقد من يدفع الرشوة، دليلا على أن الفساد سائد.
ومشكلتنا: أننا عملنا على أن نرى الفساد أمام أعيننا، ننشغل به، ولا نحاربه أبدا، حتى وإن كنا متضررين، من ذلك الفساد، ولا يحاربونه، مما جعلهم، لا يهتمون إلا ببيع ضمائرهم، فيزداد الفساد فسادا، ولتصير الرشوة مضاعفة.
ونحن، إذا أردنا أن نحارب الفساد، فإن شؤون محاربة الفساد، من شأن الدولة، وسنصبح متدخلين في شأن الدولة، وسنتهم بالتدخل في شؤون الدولة، وسنعتقل، ونحاكم، وتبقى جماعاتنا الترابية، وإدارة جماعاتنا الترابية، والمسؤولات، والمسؤولون، عن جماعاتنا الترابية، والمسؤولات والمسؤولون عن الإدارة المخزنية.
والإدارة الترابية فاسدة، والمسؤولات عنها فاسدات، والمسؤولون عنها فاسدون، ليبقى الأمر على ما هو عليه، ولا من يسأل المرتشيات، والمرتشين، من أين لهم بالمال، الذي يتوفرون عليه، بعدما أصبحوا من الأثرياء الكبار.
والمواطن، والمواطنة، معنيان، بمحاربة فساد الرشوة، عن طريق التشهير بفساد الرشوة، وبفساد الراشية وبفساد الراشي، وبفساد المرتشية، وبفساد المرتشي؛ لأن مصلحتهما، تصير مهدورة، وهدرها يعتبر نكاية بالراشيات، وبالراشين وبالمرتشيات، وبالمرتشين، حتى يصير الجميع يتكلم عن الفساد بصفة عامة، وعن فساد الرشوة بصفة خاصة. وهو ما يعني: أن جميع أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، يزداد استشراء، فتضطر السلطات القائمة، إلى سن قانون:
من أين لك هذا؟
وتشرع في مساءلة المسؤولات، والمسؤولين، فما وافق قدر دخله، بقي عنده، وما لم يوافق، أحيل على خزينة الدولة، أو خزينة الشعب. وهكذا... على المستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي، والوطني.
وعدم محاربة الرشوة، باعتبارها فسادا اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لا بد أن يؤدي إلى اعتبار الرشوة مسألة عادية، تعودت المواطنات، وتعود المواطنون عليها، وهي تعتبر وسيلة لقضاء الحاجة، بسرعة فائقة، ووسيلة لتجديد البورجوازية، والإقطاع المتخلف، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، كما هو الشأن بالنسبة للنهب، وامتيازات الريع المخزني، وتجار الممنوعات، والتهريب، وهي مظاهر الفساد المعتمدة، في تجديد النخب المخزنية، التي تصير بورجوازية، أو إقطاع متخلف، او تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، في إطار نظام رأسمالي تبعي، ينخرط بشكل كبير، في خدمة الدين الخارجي.
ونحن لا نقبل أبدا، شيوع الدعارة، في المجتمع، باعتبارها فسادا اجتماعيا، أو باعتبارها فسادا اقتصاديا، أو باعتبارها فسادا ثقافيا، أو باعتبارها فسادا سياسيا.
فلماذا نقبل بفساد الإرشاء والارتشاء؟
فلماذا نقبل بفساد الارتشاء، الذي يشبه الخدمة، التي تقدمها المرأة للرجل بمقابل، مما يجعلها تسمى خدمة الدعارة؟
أليست الرشوة كالدعارة، في تقديم الخدمة بمقابل؟
ولماذا نقبل بالتعامل مع الإدارة الجماعية، ومع الجماعة بالرشوة؟
ولماذا نقبل بالتعامل مع الإدارة المخزنية، ومع المسؤولين عنها بالرشوة؟
اليس ذلك التعامل بمثابة دعارة؟
إننا عندما نمارس الإرشاء، والارتشاء، إنما نمارس الدعارة، التي هي فساد اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي. والرشوة، أيضا، فساد اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي. والفساد، يبقى فسادا، مهما كان، وكيفما كان، سواء كان دعارة، أو كان أي شيء آخر؛ لأن الفساد، لا يمكنه إلا أن يخرب البلاد، أو يخرب المجتمع، أو يخرب كيان الإنسان، ونفسيته، وعقله، وفكره، وممارسته. ولا يسعى الفساد، أبدا، إلى البناء، مهما كانت الحاجة إلى البناء ضرورية، وتقتضيها الشروط القائمة.
والرشوة، والدعارة، أختان توأمان، لا تختلفان، لا في الفكر، ولا في الممارسة. فالدعارة ترشى، من أجل تقديم الخدمة للداعر، والمسؤول، أو الموظف، يرشى من أجل تقديم الخدمة للراشي، والداعر، والراشي، لا يختلفان، لا في الفكر، ولا في الممارسة، والداعرة، والمسؤول، أو الموظف، صنفان، لا يختلفان، لا في الفكر، ولا في الممارسة. فكل منهما، يتلقى مقابل تقديمه للخدمة، ومن قبل لنفسه أن يكون كالداعرة، فذلك شأنه، غير أنه ليس من حقه أن يلومنا، إذا اعتبرناه كالداعرة، في الفكر، وفي الممارسة، حتى وإن اختلف شكل الخدمة؛ لأن المهم، عندنا، أنها تصير بمقابل. وإلا:
فلماذا لا يمسك المسؤول الجماعي، أو الإداري، أو الموظف في الإدارة الجماعية، أو في الإدارة الدولتية، عن تسلم الرشوة، أو عن تسلم أي مقابل عن الخدمة، التي يقدمها إلى العموم؟
لماذا لا يتجرأ على فضح الراشي، الذي يرشيه، ويعد تقريرا في الموضوع، ويقدمه إلى الضابطة القضائية، حتى تعد له محضرا في الموضوع، تقدمه إلى النيابة العامة، التي تقدمه إلى المحاكمة؟
لأن المسؤول، أو الموظف، عندما يقدم على عمل، كهذا، يمسك المواطنات، والمواطنين، عن إرشاء المسؤول، أو الموظف، خاصة، وأنه يعلم، أنه قد يقدم إلى المحاكمة، وتدينه، وتسجنه لمدة معينة، بحكم الإرشاء. ولذلك، علينا أن نعمل على تعويض ثقافة الإرشاء، والارتشاء، بثقافة الاحتجاج. وإذا تقاعسوا عن تقديم الخدمات الواجبة بالمجان، بعد أداء الرسوم الرسمية، دون زيادة، أو نقصان،
والسؤال الذي يجب طرحه الآن، هو:
ما العمل من أجل إيجاد جماعات وإدارات بلا رشوة؟
وهذا السؤال، يقابله سؤال آخر، هو:
ما العمل من أجل أن يسود الوعي بخطورة الرشوة، على مستقبل الإنسان، والشعب، والجماعات الترابية، والإدارات الدولتية؟
وهذان السؤالان، يفرضان طرح أسئلة أخرى، تتمثل في:
هل يمكن أن تشيع ثقافة رفض أداء الرشوة، بين جميع أفراد المجتمع، سواء تعلق الأمر بالجماعات الترابية، أو الإدارات الجماعية، أو الإدارات الدولتية؟
وهل يمكن أن يشيع الوعي بين الناس، بخطورة فساد الإرشاء، والارتشاء في المجتمع؟
ولماذا لا يرفض الناس أداء الرشوة، من أجل الحصول على خدمة، هي من حقهم، كمواطنين يعيشون في هذا الوطن، ويعملون من رفع شأنه؟
هل يتعلمون، كيف يحافظون على كرامتهم؟
إننا إذا أردنا، أن نعمل على الحد من أثر الإرشاء، والارتشاء، على الحياة الفردية، والجماعية، في المجتمع، أي مجتمع، علينا أن نناضل من أجل:
1) قيام الدولة، عن طريق الإعلام الرسمي: السمعي، والسمعي البصري، والإليكتروني، والمقروء، بتوعية الناس، بخطورة الإرشاء، والارتشاء، على مستقبل الشعب، وعلى مستقبل الوطن.
2) تكوين لجنة وطنية، تتفرع عنها لجان جهوية، وإقليمية، ومحلية، لرصد خروقات الرشوة، في الجماعات الترابية، وفي الإدارات الجماعية، في الواقع العيني، وفي الإدارات الدولتيةـ وفي كل مكان من الوطن المغربي، وتقديم قراراتها، إلى ممثل الدولة محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، من أجل إحالتها على الضابطة القضائية، وتقديم الراشين، والمرتشين، أو الراشيات، والمرتشيات، إلى المحاكمة، التي تقاضيهم، وتقاضيهن، على أساس قانون:
من أين لك هذا؟
3) قيام الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، بتوعية الناس، على أساس: أننا ننتمي إلى هذا الوطن، الذي من حقنا أن نعيش فيه، وأن نعمل على حفظ كرامتنا فيه، بدون إرشاء، وبدون ارتشاء.
4) أن تحرص الدولة، على أن تتضمن المواد الدراسية، مواد دراسية تتعلق بالرشوة، وبخطورتها، وبأهمية رفض التعامل بها، وبضرورة أن تصير الإدارة الجماعية، والإدارة الدولتية، ومؤسسة المسؤول الجماعي، خالية من الرشوة، وحريصة على احترام كرامة الإنسان.
5) الحرص على أن يصير المغرب خاليا من الرشوة، في أي مجال، من مجالات الحياة، وفي أي مؤسسة، لأي مسؤول جماعي، أو دولتي، وفي أي جماعة ترابية، وفي أي إدارة دولتية، ليصير المغرب شيئا آخر، غير المغرب الذي نعيش فيه.
والسؤال الذي ناقشناه، يكون متبوعا بسؤال آخر، هو:
ما العمل، من أجل إيجاد مواطن، لا يفكر في أداء الرشوة؟
إن مشكلتنا، أن جميع المواطنات، والمواطنين، عندما يفكرون في الذهاب إلى المسؤول الجماعي، أو إلى المسؤول الدولتي، أو إلى الإدارة الجماعية، أو إلى أي إدارة من إدارات الدولة، عليه أن يفكر في قيمة الرشوة، التي يدفعها إلى المسؤول، أو الموظف، اللذين يعرف أنهما يرتشيان، ويعرف قيمة الرشوة، التي تدفع للمسؤول، وقيمة الرشوة، التي تدفع للموظف. وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان: تنظيف المجتمع من ثقافة الرشوة، ومن التفكير في أداء الرشوة، إلى كل من يتحرك في اتجاه أي مسؤول، أو أي إدارة، لا بد أن يجد أمامه: أن عليه أن يحمل معه قيمة الرشوة، التي يدفعها للمسؤول، أو قيمة الرشوة التي يدفعها للموظف. وعلى الدولة أن تقوم بالواجب، تجاه المواطنين، وأن يعملوا على توعيتهم، عن طريق وسائل الإعلام السمعية، والسمعية البصرية، والمقروءة، والإليكترونية، حتى يتمكنوا من الوعي بخطورة الإرشاء، والارتشاء، على المواطنات، والمواطنين، وعلى الشعب، وعلى الموظفين، وعلى المسؤولين، وعلى الوطن كله، وعلى مستقبل الجميع. وعندما يتمكنون من الوعي بتلك الخطورة، ومن أجل أن يمسكوا عن التفكير في أداء الرشوة، بالنسبة إلى المواطنات، والمواطنين، وإلى الإمساك عن تسلمها، من فيل المسؤولين، ومن قبل الموظفين، في نفس الوقت؛ لأنهم، إذا لم يمسكوا عن تسلم الرشوة، سيصيرون معرضين للخطر.
وللعمل على إيجاد موطن لا يفكر في أداء الرشوة، فإن على الدولة، أن تعمل على:
1) سن قانون:
من أين لك هذا؟
الذي يتم التعريف به، والترويج له، على نطاق واسع، وأن يكون موضوع درس، أو عدة دروس، في مختلف المستويات التعليمية، حتى يتخرج التلاميذ، وهم يدركون خطورة التعامل على أساس الإرشاء، والارتشاء.
2) تكوين لجان مراقبة أداء الرشوة، وتتبعها، من قبل المواطنات، والمواطنين، ومن قبل المسؤولات، والمسؤولين، ومن قبل الموظفات، والموظفين، ومن يضبط دافعا للرشوة، أو متسلما لها، يعد له محضرا، في إطار اللجنة، ويسلم إلى السلطات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التي تحيله على الضابطة القضائية.
3) دعوة الضابطة القضائية، التي تعمق البحث مع الراشي، والمرتشي، حتى تتوفر الدلائل، والحجج، التي يمكن أن تعتمد في مقدمتها، وتعد له محضرا، يقدم مصحوبا بالمتورطين، إلى المحاكمة.
4) جعل الإعلام السمعي، والسمعي البصري، والمقروء، والإليكتروني، وسيلة لتوعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالإضافة إلى توعية الجماهير الشعبية الكادحة، وجميع أفراد الشعب المغربي، بخطورة ممارسة الإرشاء، والارتشاء، على الكادحين، وعلى الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى الشعب المغربي الكادح.
وبوقوفنا على العمل، من أجل إيجاد مواطن، لا يفكر في أداء الرشوة، نقف على طرح سؤال آخر، في نفس السياق:
ما العمل، من أجل إيجاد مواطن يحارب كل أشكال الرشوة؟
إن إيجاد مواطن يحارب كل أشكال الرشوة، في مجتمع، يحارب كل أشكال الرشوة، في شعب، يحارب كل أشكال الرشوة، وفي دولة، لا تحارب كل أشكال الرشوة، فتبقى الرشوة، ويبقى الراشون، والمرتشون. وهو ما يعني: أن قيام الدولة، بعدم محاربة الرشوة، دليل على أن هناك: قرار سياسي، بعدم محاربة الرشوة، نظرا لدور الرشوة، في تكريس السياسة المخزنية، في عملية تجديد النخبة، التي تقوم بدور رئيسي، في تكريس مختلف أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. هذا الفساد، الذي لا يمكن التخلص منه، إلا بالقضاء على الرشوة، حتى نتمكن من الحد من تأثيرها، في كل مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ومع ذلك، فلابد من العمل على إيجاد مجتمع مغربي، لا يفكر، أبدا، في أن يقوم بأداء الرشوة: إلى المسؤول، أو الموظف. وعلينا أن نسجل: أن المواطن الدي يحارب الرشوة، لا زال بعيدا وجوده؛ لأن الرشوة، باعتبارها فسادا، عمت جميع كيانات المجتمع، والشعب، وانتشرت في صفوف جميع أفراد الأسر، وصارت، بالنسبة إليهم، لا بد منها، كالماء، وكالهواء.
والسؤال الذي طرحناه، حول إيجاد مواطن يحارب الرشوة، يحيلنا إلى سؤال آخر، في نفس السياق.
والسؤال هو:
ما العمل من أجل إيجاد مجتمع، لا يفكر أفراده في أداء الرشوة؟
إن المجتمع الذي لا يجعل أفراده يخضعون إلى نفس نمط التفكير، وتصير ممارستهم موجهة بنفس نمط التفكير الجماعي، الذي يسير بالمجتمع في الاتجاه الصحيح، الذي يجعل المجتمع يتقدم، ويتطور: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ومن تقدمه، وتطوره، أن يمتنع جميع أفراد المجتمع، عن أداء الرشوة، فلا يوجد المرتشون، ولا يوجد المسؤولون الذين يتقاعسون عن تقديم الخدمات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يوجد موظف جماعي، أو في الإدارة الرسمية، يمتنع عن تقديم الخدمة الموكولة إليه. وهو ما يترتب عنه: اختفاء من يفكر في أداء الرشوة، مقابل أداء خدمة مشروعة، أما طلب تلقي خدمة غير مشروعة، فيختفي نهائيا، إلى درجة: أننا لا نكاد نجد أحدا يسعى إلى تلقي خدمة غير مشروعة، إلى درجة: انعدام مسؤول يفكر في تقديم خدمة غير مشروعة، وتضر بحقوق الآخرين، مما يترتب عنه: تحرك الجهات المتضررة، ومساءلة المسؤول، أو الموظف.
وللعمل على إيجاد مجتمع، لا يفكر أفراده في أداء الرشوة، لا بد من:
1) وعي المجتمع بخطورة الرشوة قانونيا: على المرشي، وعلى المرتشي، وعلى الإدارة المؤدية للخدمة، وعلى المسؤول، أو المسؤولة عن الجماعة، أو عن إدارتها، أو عن الإدارة المخزنية، ومدى ضرورة تجنب الرشوة، لتجنب مخاطرها المختلفة.
2) إدراك المجتمع، أن متلقي الرشوة، سواء كان مسؤولا جماعيا، أو كان مسؤولا عن الإدارة المخزنية، هو مسؤول منتخب، أو مكلف بتقديم الخدمات بالمجان، بعد أداء الرسوم الرسمية، التي يؤديها المسؤول إلى الدولة.
3) أن أي مسؤول، يقدم خدمة إلى المواطنين، يفترض فيه: أن يكون بالمجان، بعد أداء رسوم الدولة، وكل من يتقاعس عن تقديم الخدمات، ليس مواطنا، ولا مسؤولية وطنية له؛ لأنه لا ينظر إلا إلى نفسه.
4) أن الأصل في الإدارة الرسمية، أن تقدم الخدمات بدون مقابل، بعد أداء الرسوم. والإدارة التي تنتشر فيها الرشوة بين الموظفين، فإن المسؤول عنها فاسد، وموظفوها فاسدون، ومن يتعامل مع الإدارة بالفساد، فاسد.
وهذه العوامل، وغيرها، مما لم نذكر، لا بد أن يترتب عنها: اختفاء الراشي، واختفاء المرتشي، واختفاء فساد الإدارة الجماعية، والإدارة الرسمية، وينسى عامة الناس الراشي، والمرتشي، والرشوة، وممارسة أي شكل من أشكال الفساد. وبعد أن يسود التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية؛ لأنه بدون ذلك، يبقى الفساد هو سيد الموقف، كما هو حاصل الآن.
وبذلك، نكون قد بسطنا مفهوم الرشوة، والنهب، والفرق بين الرشوة، والريع المخزني، والفرق بين الرشوة، والاتجار في الممنوعات، والفرق بين الرشوة، والتهريب، كما عالجنا مفهوم الراشي، ولجوءه إلى إرشاء المسؤول، أو الموظف، والغاية التي يسعى الراشي إلى الوصول إليها، والغاية التي يسعى المرتشي إلى الوصول إليها.
كما وقفنا على أن المرتشي، يسعى إلى تربية الوافدين عليه، على أداء الرشوة، التي تعتبر فسادا، ووقفنا على أن الدولة، لا تقوم بتوعية الناس، بضرورة التعود على الامتناع عن أداء الرشوة، باعتبارها فسادا، خاصة، وأن محاربة الفساد، واجب على الدولة، بالإضافة إلى أن المواطن، والمواطنة، معنيان بمحاربة فساد الرشوة؛ لأن عدم محاربة فساد الرشوة، باعتبارها فسادا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، يقود إلى التعود عليها، واعتبارها عادة، يتبعها المغاربة، وتدخل في إطار القيم التي يتشبعون بها. وإذا كنا لا نقبل الدعارة في المجتمع، فإننا نعتبر أن أداء الرشوة، باعتبارها فسادا عاديا، مع أن الدعارة، والرشوة، باعتبارهما فسادا اجتماعيا، شيء واحد، مع أن الفساد الاجتماعي، لا يختلف. فالنهب فساد اجتماعي، والرشوة فساد اجتماعي، وامتيازات الريع المخزني، فساد اجتماعي، والاتجار في الممنوعات، فساد اجتماعي، والتهريب، فساد اجتماعي، والدعارة، فساد اجتماعي، ولا يقوم بالفساد الاجتماعي، إلا فاسدة، أو فاسد. والرشوة، والدعارة، أختان لا تختلفان، لا في الفكر، ولا في الممارسة. وعالجنا العمل من أجل جماعات، وإدارات بلا رشوة؛ لأنهما، ينتقلان من حالة التلوث بفساد الرشوة، إلى حالة النظافة من الرشوة، كما عالجنا العمل من أجل إيجاد مواطن، لا يفكر في أداء الرشوة، ومن الصعب، أن تجد هذا المواطن، إذا لم يكن هادفا إلى محاربة الراشي، والمرتشي، وأداء الرشوة، ومراقبة الراشي، والمرتشي، والتشهير بهما إعلاميا، وصولا إلى أن تتحول المواطنة، والمواطن، إلى محاربة، ومحارب للرشوة؛ لأن ذلك، لا يعني إلا أن المواطنة، والمواطن، بلغا من الوعي، إلى درجة الإقبال على محاربة الرشوة، بطريقة منتظمة، أو غير منتظمة، والعمل على إيجاد مجتمع، لا يفكر أفراده في أداء الرشوة.
وبذلك، نكون قد تناولنا موضوع:
من جميع الجوانب، على جميع المستويات، سعيا إلى أن يصير موضوع الرشوة، واضحا، في ذهن المتلقي، ومن أجل تسليط الضوء على موضوع الرشوة، والراشي، والمرتشي، والأموال التي تجمع يوميا، في جيب المرتشي. وهي أموال غير مشروعة، مستنزفة من جيوب المواطنات، والمواطنين، الذين مارسوا الإرشاء غير المشروع، مع المرتشي كمسؤول، أو مع المرتشية كمسؤولة، او مع المرتشي كموظف، أو مع المرتشية كموظفة. وعلى الدولة أن تحاسب المرتشي، أو المرتشية، وأن تسترجع أموال الارتشاء، ووضعها في خزينة الشعب، ما دامت أموال المواطنات، والمواطنين، تصرف على المشاريع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الاتي تصير في خدمة المواطنين، جملة، وتفصيلا، حتى يتقدم الشعب المغربي، بدون رشوة ويتقدم الوطن ويتطور بدون رشوة، سعي إلى الإمساك عن أداء الرشوة، والامتناع عن تسلم الرشوة، لنكون، بذلك، قد وفينا الموضوع حقه.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أليست أموال الارتشاء من أموال المواطنين؟ أليس مكانها الحقيقي
...
-
أليست أموال الارتشاء من أموال المواطنين؟ أليس مكانها الحقيقي
...
-
أليست أموال الارتشاء من أموال المواطنين؟ أليس مكانها الحقيقي
...
-
أليس المال المنهوب من أموال الشعب، وحقا لخزينة الشعب؟
-
أليس المال المنهوب من أموال الشعب وحقا لخزينة الشعب.....2
-
أليس المال المنهوب من أموال الشعب، وحقا لخزينة الشعب.....1
-
النهب بين، والرشوة بينة، والموظفون من مختلف الإدارات، يتباهو
...
-
ألا يحق للناهبين، والمرتشين، أن يعيشوا سعداء بما نهبوا، وارت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب عن التردي الذي تع
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب، عن التردي الذي ت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب، عن التردي الذي ت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب، عن التردي الذي ت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب، عن التردي الذي ت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب عن التردي، الذي ت
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب عن التردي الذي تع
...
-
ألا يحق لأعضاء الجمعية، أن يسائلوا أي مكتب عن التردي الذي تع
...
-
هل تؤدى الزكاة عن الأموال المكدسة من النهب والارتشاء...
-
هل يصح أن يورث ما تم جمعه من ثروات، عن طريق النهب، والارتشاء
...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمبدئيتها ومبادئيتها تنال احت
...
-
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمبدئيتها ومبادئيتها، تنال اح
...
المزيد.....
-
الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في
...
-
إخفاقات الديمقراطيين تُمكّن ترامب اليميني المتطرف من الفوز ب
...
-
«الديمقراطية»: تعزيز صمود شعبنا ومقاومته، لكسر شوكة العدو، ي
...
-
العدد 578 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: أكتوبر ثورة العدل والحرية
-
برنامج مهرجان طريق الشعب التاسع
-
تأخير محاكمة 13 مناضل من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة
...
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
في سلطنة عُمان.. بوليفية تُلهم جيلاً جديدًا من الباحثين والع
...
-
السيسي يعيد تشكيل الخريطة العمرانية بقوة السلاح
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|