|
قراءة في كتاب -الحرب- (4) والأخيرة. عرب يدافعون عن اسرائيل علنًا للمرة الأولى.
عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8154 - 2024 / 11 / 7 - 12:33
المحور:
الصحافة والاعلام
يأتي بوب وودورد بأصرح الأدلة وأقطعها، على أن الكيان الشاذ اللقيط المعروف بإسم "اسرائيل" بات أعجز من أن يدافع عن نفسه من دون الولايات المتحدة. ويرسخ قاعدة ملازمة للصراعات بين الأمم، منذ فجر التاريخ، مفادها، أن الضعفاء، كما هو حال العرب، يغرى ضعفهم بالإعتداء عليهم. يشير مؤلف كتاب "الحرب" إلى تصفية قائد فيلق الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا زاهدي، في دمشق بغارة اسرائيلية نُفِّذَت بطارتي إف- 35 أميركيتي الصنع. وما إن علمت إدارة بايدن بأن إيران سترد، وضعت قواتها المنتشرة في قواعدها العسكرية في الدول العربية والمنطقة، في حالة تأهب قصوى. وسارع بايدن إلى إجراء اتصال هاتفي مع مجرم الحرب رئيس الحكومة الفاشية في تل الربيع، بنيامين نتنياهو، بدأه بالقول:"نحن نرى الإيرانيين يستعدون لفعل شيء كبير...اسمع بيبي، لدينا خلافاتنا. لكن أريدك ان تعرف أنه عندما يتعلق الأمر بالدفاع عنك-الدفاع الأساسي عن اسرائيل ضد إيران-، أنا، جو بايدن، أنا أدعمك، ولا تحتاج أن تشك في ذلك، حسنًا". وأضاف بايدن:"أنا لا أؤيد مهاجمة إيران، لست معكم في ذلك. لن نقوم بذلك". أرسلت أميركا الجنرال "كوريلَّا" وضباط للتنسيق العسكري إلى الكيان، والهدف معروف بالطبع: "الدفاع عن اسرائيل". لمن ذاكرتهم ما تزال على قيد الفعل، حينها زار الجنرال كوريلا دولًا عربية، وقال الإعلام الرسمي في تغطية الزيارة "أنه جرى خلالها بحث التعاون والتنسيق بين البلدين الصديقين". ونقل وزير الدفاع الأميركي، أوستن، حاملة الطائرات "يو إس إس ايزنهاور" إلى شمال البحر الأحمر، أقرب إلى فلسطين المحتلة. وأرسل إلى المنطقة المدمرتين "أرلي بورك" و "كارني" إلى جانب طائرات مقاتلة. كما حشدت أميركا بعض "حلفائها" لمشاركتها في "واجب" الدفاع عن الكيان الشاذ اللقيط. ومنهم، كما يؤكد بوب ودورد، بريطانيا وفرنسا و"بعض العرب". وعندما أطلقت إيران ما أسمته عملية "الوعد الصادق" يوم السبت 13 نيسان 2024 متضمنة عشرات المُسَيَّرات وصواريخ كروز والصواريخ البالستية، فتحت دولٌ في المنطقة أجواءها لأسلحة طيران "أصدقاء اسرائيل"، من أجل "التعاون" في التصدي للأسلحة الإيرانية الموجهة ضد الكيان. كان رئيس أميركا بايدن، وأركان إدارته يسهرون في غرفة عمليات خاصة، على حماية الكيان. وكانوا، وفق ما يروي بوب وودورد بشئ من التفصيل، يتابعون بدقة على الشاشات الصواريخ والمسيرات المنطلقة صوب الكيان. يؤكد بوب وودورد أن منسقي الجيش الأميركي في الكيان، هم الذين قادوا عملية التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، ووزعوا الأدوار بين "حلفاء أميركا وأصدقاء اسرائيل" على النحو التالي: "أنت تُسقط هذه"، "سنسقط هذه"، "البريطانيون لديهم تلك". ويصف بوب وودورد العملية بأنها "كانت متكاملة استثنائية". ويضيف مؤلف كتاب "الحرب" في السياق ذاته:"كانت هذه هي المرة الأولى، التي تهاجم فيها إيران اسرائيل بشكل مباشر. والمرة الأولى، التي يدافع فيها الجيش الأميركي بشكل مباشر عن اسرائيل، والمرة الأولى، التي يُدافع فيها عربٌ عن اسرائيل، وهذا غير مسبوق". لكن ورغم كل هذا الحشد للدفاع عن الكيان الشاذ اللقيط، يقول بوب ودورد على لسان الجنرال كوريلا، "إن أربعة صواريخ أصابت اسرائيل". ويصف المشهد في غرفة العمليات نتيجة لذلك قائلًا:"تصاعد التوتر في الغرفة. لم يكونوا يعرفون ما الذي ضُرب، أو كم من الصواريخ ستتمكن من المرور عبر الدفاعات". كانت إدارة بايدن تميل إلى أن تنتهي الأمور عند هذا الحد، وألا ترد اسرائيل، بحسب بوب وودورد، كونها لم تتضرر كثيرًا من الرد الإيراني. لكنها، أي اسرائيل، أقدمت يوم 18 نيسان على ضرب نظام الدفاع الجوي خارج أصفهان الإيرانية، وكانت رسالتها، "يمكننا ضربك بدقة في أي وقت نريده، لذا دعنا نتوقف عند هذا". ويورد بوب وودورد من الأدلة الكثير على أن أميركا عادة ما تكتفي بما يشبه مداعبة الكيان الشاذ اللقيط، حتى وهي في حالة غضب من تصرفاته العدوانية الشاذة. فبعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اسماعيل هنية، في طهران، اتصل بايدن بنتنياهو وصرخ فيه، على عهدة بوب وودورد، قائلًا:"أنت تعلم أن الإنطباع السائد عن اسرائيل حول العالم أنها دولة مارقة، لاعب غير مسؤول". فيرد مجرم الحرب النتن بن نون:"هذا هنية، أحد أبرز الإرهابيين، شخص سيء للغاية. رأينا فرصة، واستغليناها". يرد بايدن بالقول:"هنية كان يقيم في قطر، كان أيضًا مفاوضًا رئيسًا وصانع قرار في حماس خلال مفاوضات وقف إطلاق النار". يقول النتن في الرد:"كلما ضربت بقوة أكبر، زادت فرصك في النجاح في المفاوضات". هذه هي عقلية عدونا التاريخي، وهذا هو أحد المحددات الرئيسة لسلوكه وممارساته الشاذة كما هي حقيقته، فهل يفهم بعضنا ويعي ويتعظ، أقله من قبيل احترام الذات؟!!! وفي موضع آخر، يشير بوب وودورد إلى تصاعد استياء بايدن من نتنياهو، على مدار سنوات، وفي ربيع 2024 انفجر أخيرًا. فقد قال بايدن لأحد أقرب مستشاريه:"ذلك اللعين، بيبي نتنياهو، إنه شخص سيء، سيء جدًّا". ومع ذلك لم ينفك بايدن يؤكد التزامه شخصيًّا ب"أمن اسرائيل"، والتزام أميركا ب"الدفاع عن اسرائيل وحمايتها". لماذا تداري أميركا الكيان وتدعمه، وهي الأدرى بحقيقته العدوانية، ومع أن أجهزة مخابراتها أصدرت أكثر من دراسة تؤكد حتمية زواله وعدم قابليته للإستمرار؟! السبب باجتهادنا، ليس في القول الساذج المكرور المتعلق بمصالح أميركا، لكنه يكمن فيما هو أبعد من ذلك وأعمق. أميركا تؤمن بالقوة، وترى أن الحق إلى جانبها دائمًا. وقد انبنى هذا المحدد للعقل الأميركي على ظروف تتعلق بنشأة أميركا الحالية، تطرقنا إليها في محاضراتنا ومنشوراتنا من مقالات وغيرها، وليس هنا مجال ذكرها. ولا يخلو كتاب "الحرب" من أدلة دالَّة على ذلك، وبشكل خاص في المساحات القليلة التي خصصها بوب وودورد لما يحدث في أوكرانيا. يقول مؤلف كتاب "الحرب إن دونالد ترامب كان يرمي أركان إدارة بايدن بأنهم "مغفلون"، لإرسالهم مساعدات إلى أوكرانيا. ولهذا، رفض كل محاولات تمرير حزم المساعدات لدعم أوكرانيا، لاعتقاده بأن هذا الدعم اهدار لأموال دافعي الضرائب، وبأن أوكرانيا فاسدة، وأن انتصار روسيا أمر لا مفر منه. لكن عضو الكونجرس، الجمهوري ليندسي غراهام استطاع التأثير في وجهة نظر ترامب خلال حديث بينهما بالخصوص بأن بوتين لن يكتفي بأوكرانيا...ويمكن توقع المزيد منه، إنه يصبح أقوى وليس أضعف...وإذا كافأناه ستذهب تايوان أيضًا...". حينها رد ترامب من فوره قائلًا:"بالفعل، الضعف يولد العدوان". بمعنى أن الضعفاء يُغرون الأقوياء بالإعتداء عليهم. نحن العرب، في مسيس الحاجة، أكثر من أي جنس بشري على وجه الأرض، إلى تأمل هذا الكلام وإدراك معانيه ودلالاته. من مدخل القوة واحتمالات فعلها وردود فعلها، تمكن ليندسي غراهام من التأثير في موقف ترامب الرافض لتمرير حزم المساعدات لأوكرانيا. فما كان من هذا الأخير إلا أن هاتف الجمهوري جونسون، رئيس مجلس النواب الأميركي، وأوعز اليه بتمرير القرض موضوع الجدل في الكونغرس وتسهيل تحويله إلى أوكرانيا. مثال آخر، نجده في حوار دار في اجتماع حضرته أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، لتقييم الأوضاع في أوكرانيا. ومن أهم ما قالته هاينز خلال الإجتماع:"الولايات المتحدة وروسيا لديهما 90% من الأسلحة النووية في العالم. لا تريد دولة تمتلك هذا النوع من الترسانة أن تشعر بأنها تتراجع". وأضافت:"عندما ندفع الدول التي تمتلك هذه الترسانات إلى الحافة، نزيد من خطر أن ينتهي بها الأمر باستخدامها". ويورد بوب وودورد نصيحة طالما وجهها بايدن لمستشاريه، مفادها:"لا تدفع برجل إلى زاوية، بحيث يكون طريقه الوحيد للخروج عبرك. يجب أن تمنحه طريقًا آخر للخروج". ويبدو أن أميركا بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض خاصة، في طريقها إلى تطبيق هذه القاعدة، وذلك بالإعتراف بانتصار روسيا القوية و"نُصْح" أوكرانيا بأن تعترف بهزيمتها وداعميها، وفي مَقْدَمِهم العم سام نفسه.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكماء العرب
-
قراءة في كتاب -الحرب- (3) من المسؤول عن جرائم الإبادة في غزة
...
-
الغراب !
-
قوة الصحافة في الحرية والمعلومة. قراءة في كتاب -الحرب- (2)
-
قوة الصحافة في الحرية والمعلومة. قراءة في كتاب -الحرب- (1)
-
رد هزيل وهايف !
-
رجال الدين عند العرب قبل الإسلام
-
سقوط أميركا أخلاقيًّا
-
الانتماء الرعوي الانهزامي
-
مع الباشا في مذكراته (2)
-
مع الباشا في مذكراته (1)
-
من خزعبلات العقل البشري !
-
الغباءٌ أضرُّ من التواطؤ أحيانًا !
-
أساطير مقدسة !
-
الكيان اللقيط يخسر
-
أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة
-
العقل والنقل
-
لا دليل على أن هارون ويوشع بن نون مدفونان في الأردن؟!
-
الخوف المقدس أفعل وسائل ترويض الإنسان !
-
ابن العلقمي كان حاضرًا !
المزيد.....
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجور
...
-
-لحظة إصابتها وسقوطها-..الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاطهم مسيّر
...
-
نيبينزيا: مؤسسات الرعاية الصحية الروسية تتعرض بانتظام لهجمات
...
-
ضجة في إسرائيل عقب أحداث أمستردام
-
إيران: امتداد المواجهة مع إسرائيل دولي
-
فوز ترامب يخيم على قمة بودابست
-
كيف سيتعامل ترامب مع إيران وبرنامجها النووي؟
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيرانيا بالتخطيط لاغتيال دونالد ت
...
-
إشكال دبلوماسي قديم جديد بين فرنسا واسرائيل ..ما الرسائل؟
-
ما جدوى مقترح -تقدم- بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسو
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|