سيامند حسين إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 21:04
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
منذ أن تحولت المستوطنات البشرية من مجموعات صغيرة تستوطن الكهوف إلى جماعات تمتهن الزراعة وتربية الحيوان وتعيش في قرى اصبح البشر يعتمدون على الأنهار في حياتهم (من شرب وسقاية اراضي وتربية ماشية)
حيث كانت الأنهار سُبُلا سهلة للحصول على المياه الجارية النظيفة بالرغم من الصعوبات التي واجهوها في البداية من حيث الفيضانات في الشتاء أو عبور تلك الانهار والتي تجاوزها عن طريق انشاء اسوار للمدن وجدران للحماية من الفيضان و جسور خشبية وحجرية لعبور الأنهار إلى حفر آبار حجرية دائرية بجانب النهر لاستسقاء مياه النهر عبر التراب وانشاء ضفاف حجرية وترع مائية صغيرة للتحكم بغزارة المياه وتقسيم قوتها وتسهيل السقاية إلى اختراع النواعير الخشبية (لرفع المياه الى السواقي المرتفعة على ضفة النهر إلى السدود الحجرية الصغيرة لحبس مياه النهر من أجل السقاية صيفا ولحماية القرى و المدن من الفيضانات.
إننا نلاحظ عبر التاريخ البشري بأن الإنسان وعلى مختلف الحضارات والقارات قد تآلف مع قوة الأنهار الجارية واستغلها لصالحه وتجاوز المعوقات التي تعلم منها دروساً قاسية.... أهم تلك الدروس كانت الحفاظ على نعمة الأنهار حيث حدثت مئات المعارك الضارية بين الشعوب والقبائل في العالم القديم على مناطق الحكم والنفوذ على ضفاف الأنهار الكبيرة دائمة الجريان كالسين والراين والماين والفولجا ودجلة والفرات والنيل والامازون والميسيسبي واليانغ والغنج
لأن النهر يجلب الوفرة والخير في الزراعة وتربية الحيوان وضمان استمرار حياة الناس والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والنجاة من المجاعات وانقطاع المياه وهكذا ارتبطت الحضارات بالأنهار فأُطلقَ على ميزوبوتاميا اسم بلاد الرافدين أي دجلة والفرات وايضا ارتبط اسم النيل بحضارة مصر القديمة وأصبح نهر الفولغا أيقونة روسيا الفاصلة بين شقيها الغربي والشرقي بينما الغانج يعتبره الهنود النهر المقدس الذي يغسل ذنوبهم حسب اعتقادهم. بشكل عام نظر البشر إلى هذه الأنهار بقداسة غريبة ربما بسبب جريانها الدائم لالاف السنين وكأنها نعمة دائمة من الله عليهم. في عصرنا الحالي تحول الصراع على الأنهار إلى شكل مختلف حيث بدأ في تركيا عن طريق بناء سدود عملاقة على سدي دجلة والفرات أدت إلى إنشاء بحيرات صناعية عملاقة خلفها أدت إلى جفاف روافد دجلة والفرات وشح المياه وحصار سوريا والعراق مائياً ثم أدت فيما بعد لحدوث زلازل مدمرة نتيجة تكون ضغط هائل على الطبقات التكتونية الأرضية، إثيوبيا طبقت فكرة تركيا في عملية ابتزاز سُبل الحياة على نهر النيل في قطع مياه النيل عن مصر والسودان....
وهكذا وعلى مر العصور أتت حضارات وأتت جيوش الغزاة والمحتلين وحاربت على هذه الأنهار ولكن زال البشر وبقيت هذه الأنهار صامدة تجري بقوة وغزارة وتصب في البحار كمخلوق عملاق يتعبد ربه بصمت وهدوء.
#سيامند_حسين_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟