أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - رُبَّ صُدفة














المزيد.....

رُبَّ صُدفة


رامي الابراهيم
كاتب، صحفي، مترجم، لغوي، سينمائي

(Rami Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


يصادف أن تضيق الأحوال أحياناً بوالدٍ ما فيدفع بولده وفلذة كبده إلى العمل بالرغم من طراوة عوده وقلة خبرته؛ و يصادف أيضاً أن يكون لهذا الوالد أكثر من ولدٍ واحد فيدفعهم إلى العمل كي يشدوا أزر بعضهم البعض عند الشدائد. بالنسبة لسكان الساحل في الريف أو في المدينة، فهناك صدفٌ كثير ويمكن لهؤلاء الأولاد أن يقوموا بجمع الصَّدَف. ويصادف ألا يكون هؤلاء الأولاد من الحرفيين والعارفين بكيفية صنع سفن وقوارب وأشكال جميلة من ذلك الصدف بسبب المدرسة والآمال التي تراود الأهل باحتمال أن يصادف الحظ السعيد وأن يصبح أولادهم أطباء ومهندسين، فيكتفي هؤلاء الأولاد بجمع الصدف وبيعه بأسعار بخسة.

بالنسبة لسكان الأرياف السهلية تنمو بصدفةٍ عجيبة في مكانٍ ما ومن دون زرعٍ أو سقاية نبتة شائكة ذات ثمار تتعدد أسماؤها بحسب المناطق، وفي منطقتنا يقولوا لها(قبَّار) وهي شبيهة بالبطيخ الأزرق ولكنها صغيرة ويمكن أن تصادف من يسميها ميكرو_بطيخ. تؤمِّن هذه الثمرة عملاً رائجاً وتجارةً رابحةً لأولاد لم يأتوا إلى هذا العالم بالصدفة، وإنما بتصميمٍ وعزمٍ من ذويهم منقطع النظير وإصرار على رفد المجتمع بكوادر تعرف أين ينبت القبار وكيف تنازع الآخرين في الدفاع عن ملكية هذه أو تلك القبارة(أي نبتة القبّار). يقال بأن كثيراً من الاكتشافات قد تمت مصادفةً، ولا أدري إذا كان اكتشاف الغرب بأن نبتة القبار تحوي على مادةٍ مخدرة تفيد الطب قد تمَّ بالصدفة أيضاً. إنها على كل حال تدعم صادراتنا التي وجدت هذه المرة لصدفةٍ سعيدة على سطح الأرض وليس في باطنها، كما أنها تؤمن الكثير من فرص العمل ولا تتطلب استحضار الخبرات الأجنبية.
قادتني صدفةٌ عجيبة إلى الاجتماع برجل يدير ما هو أشبه بشركة تجميع( ليس القبار رجاءً لأننا انتقلنا من موضوع الثروة النباتية إلى موضوع الثروة الحيوانية) فالرجل يقوم بجمع أمعاء الذبائح، ليس لصنع النقانق كما قد يتبادر إلى أذهانكم، أو لإطعام الكلاب كما قد يتوهم البعض، وإنما لغاية أخرى: إذ أنه يقوم بتصديرها بعد تنظيفها وتمليحها إلى سويسرا التي تصنع منها خيوطاً طبية تقطب فيها جروح العالم وقد كانت في السابق تصنع منها أوتاراً للآلات الموسيقية ولكن الأوتار الصناعية الجديدة قد ألحقت بصاحبنا بعض الضرر وإن سرت بذلك كثير من عائلات القطط التي تعيش بيننا وإن ليس في بيوتنا. وقبل أن نفقد الخيط الذي نسير بهديه في كتابة هذه المادة، وكي لا تصير كتابتنا متاهةً لا بداية أو نهاية لها كأمعاء الذبائح، فإننا نعود إلى القول والإعلان عن استعداد مدير هذه الشركة لتوظيف أبناءكم في شركته في اختصاصات (مجمِّع، منظِّف، مملِّح) وذلك قبل أن يصبح أولادكم شاردين في هذا المجتمع من دون صدف عمل.

هناك صدفة أعجبتني أكثر من غيرها جعلت رجلاً يعيش في مدينة داخلية، لا هي العاصمة ولا ساحليةٌ هي ولا قبار فيها، وصادف أن لم يكن الرجل من محبي اللحوم، وكان رقيقاً لا يقو على رؤية الدماء فأبى على نفسه أن يرمي بأولاده المتعلمين تلك الرمية للعمل في المسالخ وبين السكاكين والدماء، وأرسلهم بدلاً من ذلك إلى سوق الهال حيث يعملون في تنزيل البطيخ الأزرق الكبير(وليس الميكروي) ومن ثم يسطروه في أهرامات بأبعاد(3*3) من الرصيف والشارع يستأجرها التجار من البلدية(مصادفةً بشكل غير قانوني هذه المرة).
ومن يعمل على تنزيل آلاف البطيخات متعددة الأحجام من شاحنة، لا بد وأن يصادف أن تنهك قواه، أو يهفو ويقذف البطيخة بأبعد أو أقرب مما ينبغي أو تنزلق يده على البطيخة قليلاً فيصادف أن تنكسر. ومن بين مجموعة التجار هؤلاء( والذين يفترشون الرصيف المُعد للمشاة وجزء من الشارع المُعد للسيارات) يصادف أن ترى شخصاً لا يغضب أو يؤنب لأنك كسرت بطيخة من بطيخاته. ويصادف أيضاً أن تسقط البطيخة على رأس أحدهم بالصدفة هو ابن التاجر(المعلم) صاحب البطيخ لأنه بالصدفة (طالع بيحب الحِراك وسط الشغيلة). يصادف أن لا يقوم الولد (أو الوالد الذي اندفع بعصاه) بضربك، ليس لأنه متحضر أو جنتلمان أو مشروع جنتلمان، ولكن لأن صدفةً سعيدةً جعلت أحد التجار الحكماء يقول:" دعك منه، دعك منه، هذا ولد مدارس ولا يفهم" .



#رامي_الابراهيم (هاشتاغ)       Rami_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحفرة
- تحذلق وحذلقة وربما حذق
- اللازمات السردية الحكائية ( قال، عاد، توت) في المشرقية
- هجرات الفايكنج إلى الشرق: أبحاث توماس نونان
- الوشم في العصور القديمة
- المشرقية و بقايا أصوات عصور ما قبل الكتابة
- المشرقية بين ثقل التاريخ و تعريفات الغرب و صراع الإيديولوجيا ...
- أركيولوجيا النسيج في الحقبتين السومرية و ما قبل السومرية
- الوعي بالحيز الفراغي في لغات الهلال الخصيب القديمة
- القمر و بوابات و ثغور السماء (مقاربة دلالية وسيميائية لمفردا ...


المزيد.....




- كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب
- انطلاق فعاليات -مهرجان الثقافة الكُردية الأول-دورة الشاعر عب ...
- علماء يكتشفون أصول أقدم نظام للكتابة في العالم
- الفنانة هند عبد الحليم تطلب من جمهورها الدعاء بعد إصابتها با ...
- البحرين تفوز بجائزة أفضل وجهة للمعارض والمؤتمرات (صور)
- تحديات القراءة وأثرها على الشباب
- -سلمى- و-أرزة-.. نظرة على الأفلام المتنافسة بمسابقة آفاق الس ...
- فيلم انيميشن لمخرجة مسلمة امريکية يهز ضمير العالم
- معاهد التمثيل في سوريا.. مواهب واعدة أم مؤسسات تجارية؟
- في عرض خاص بكتارا.. فيلم -المرهقون- يستعرض رحلة كفاح أسرة يم ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - رُبَّ صُدفة