يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 18:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أستهلال :
تزوج محمد بن عبدالله من خديجة بنت خويلد ، في " ربيع الأوّل ، ۱۵عاماً قبل البعثة / نقل من موقع الشيعة " ، أما قناة / الكوثر ، فتبين أن هذا الزواج كان في اليوم العاشر ، وليس في الخامس عشر منه .. هذا الحدث التأريخي شكل موضوعا جدليا ، على مر القرون ، لما به من أشكاليات .. في هذا البحث سألقي مجرد أضاءة على هذا الموضوع - الذي تناولته سابقا ، مع بعض الوقائع ، لتعطينا تصورا حول محمد ودعوته .. مركزا على تأثير القس ورقة في قرآن محمد ! .
الموضوع :
سأسرد في التالي ، لمحات مختارة من حدث " زواج خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله " ومن مصادر مختلفة :
* فمن موقع / الشيخ أحمد شريف النعسان ، أنقل التالي ، حول من حضر عقد الزواج { صيغة العقد :- حضر النبي ومعه أعمامه ، فيهم أبو طالب ، والعباس ، وحمزة ، وخطبوها من عمها ـ على أصح الأقوال ـ لأن " أباها قتل في حرب الفجار قبل ذلك " .. وقام أبو طالب خطيباً فقال : الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل .. وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحُكَّام على الناس . ثم إن أبن أخي هذا محمد لا يوزن برجل إلا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، وإن كان في المال قل ، فإن المال ظل زائل وأمر حائل ووديعة مسترجعة .. وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة ، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنا عشر أوقية ونَشَّاً ( والنش 20 درهماً ، والأوقية 40 درهماً ) .. وقام القس ورقة بن نوفل يجيب أبا طالب فقال : الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله ، لا ينكر العرب فضلكم ، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم ، ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم .. فاشهدوا عليَّ معاشر قريش إني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله ، وذكر المهر . } . * ولكن في موقع / بوابة السيرة النبوية ، تسرد أنه من قام بزواج خديجة هو أباها / خويلد ، وليس عمها / ورقة ( وذكر ابن إسحاق : أن أباها خويلد بن أسد هو الذي أنكحها من رسول الله ، وكذلك وجدته عن الزهري وفيه : وكان خويلد أبوها سكران من الخمر ، فلما كلم في ذلك أنكحها ، فألقت عليه خديجة حلُةّ ، وضَمَخَّتهْ بُخلَوُقٍ ، فلما صحا من سكره ، قال : ما هذه الحلَةُّ والطيب ؟ فقيل له : أنكحت محمدًا خديجة ، وقد ابتنى بها ، فأنكر ذلك ثم رضيه وأمضاه .. ) .
* وقد أختلف أهل السير في تحديد عمر محمد وخديجة معا - يوم تزوجا ( وقال الزهري : كانت سن رسول الله يوم تزوج خديجة 21 سنة ، قال أبو عمر : وقال أبو بكر بن عثمان وغيره : كان يومئذ ابن 30 سنة ، قالوا : وخديجة يومئذ بنت 40 سنة .. / نقل من موقع بوابة السيرة النبوية ) . رواية اخرى تقول أن عمر خديجة غير ذلك ( .. وهكذا نقل البيهقى عن الحاكم : أنه كان عمر رسول الله حين تزوج خديجة 25 سنة ، وكان عمرها إذ ذاك 35 ، وقيل : 25 سنة ) ، أما وفق ( أنساب الأشراف ص 98 - للبلاذري ، فيذكر أن عمر خديجة كان 46 سنة حين زواجها من الرسول .. ) .
* اختلفت المصادر في عدد أزواج خديجة ، فمنهم من قال انها كانت بكرا عندما تزوجها محمد ، واخرين قالوا خلاف ذلك . فوفق / موقع العرفان - الشيعي ، يبين ان محمدا كان الزوج الأول لخديجة ( وأهم المواضيع التي نالها التزييف والتشويه هو : الادعاء بأن رسول الله کان هو الزوج الثالث لخديجة ، بعد أن کانت قد تزوجت بأثنين من سائر الناس ، واحد بعد الآخر ) بينما ورد في كتاب للمجلسي - بحار الأنوار ، ج 22 ، ص 191 ، مۆسسة الوفاء ، بيروت ( وجد اختلاف بين الطوائف الإسلامية حول زواج خديجة ، فذهب أهل السنة إلى أن خديجة كانت قد تزوجت قبل زواجها من النبي مرتين فيكون النبي هو الزوج الثالث لها ، بينما عارض ذلك الشيعة وذهبوا إلى كون الرسول محمد هو أول زوج لخديجة وأنها زوجته البكر الأولى ! ) . أما أسماء زوجي خديجة ( عن الزهري .. قال : تزوجت خديجة بنت خويلد بن أسد قبَلْ رسول الله رجلين :- الأول منهما : عتيق بن عايذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له جارية . ثم خلف على خديجة بعد عتيق بن عايذ أبو هالة التميمي ، وهو من بني أسد بن عمرو ، فولدت له : هند بن هند .. / نقل من موقع السيرة النبوية ) .
القراءة :
* أن زواج محمد من خديجة ، هو " أمر دبر بليل " - بين خديجة وورقة ، فكيف زواجا لسيدة من سادات العرب ، ومن أشرافها - تاجرة ، تتزوج وأبيها سكران مخمور ! ، ولم يصحو ألا وكل شي قد تم ! .. من قراءة الواقعة ، يتبين لنا ان أتفاقا جرى بين خديجة وعمها ورقة ، لأتمام عقد الزواج ! ، ومن مجريات الحدث ، يتبين أن والد خديجة ، لم يكن موافقا على زواج محمد من خديجة ! ، وحتى بعد أن صحى من سكره - رفض ، ولكن وافق بعد علمه بأن محمدا "قد ابتنى بها".
* أما دور القس ورقة في الزواج " ورقة قد تنصر وقرأ ما وجد من كتب الأقدمين فاستقر على النصرانية وكان من علمائها / نقل من موقع أسلام ويب " ، التساؤل : أن قسيسا سيزوج أبنة أخيه ، فهل يزوجها على العرف والتقاليد الجاهلية ! ،أم يزوجها بما يؤمن به من عقيدة / وهي النصرانية .. وجانب أخر ، لم يتزوج محمد على خديجة لمدة 25 سنة ! . ولا أرى هذا الأمر يعود لحبه لها فقط ! ( قال ابن حجر في فتح الباري " ومما كافأ النبي به خديجة في الدنيا : أنه لم يتزوج في حياتها غيرها " فروى مسلم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت " لم يتزوج النبي على خديجة حتى ماتت " / نقل من أسلام ويب ) ، وأرى أن محمدا يدرك أنه تزوج بعقد نصراني ، وبوجود قس نصراني - وهو القس ورقة / والنصرانية لا تسمح بتعدد الزوجات ، كما أن محمدا لا يجرؤ على هكذا خطوة .. والتجارة والمال والجاه وزمام الأمور كله بيد خديجة . * القس ورقة ، يزوج خديجة لمحمد / الفقير الحال ، وبمهر لا يذكر " الصداق ما عاجله وآجله اثنا عشر أوقية ونَشَّاً " ، دون موافقة أبيها .. وبوجود القس ورقة بعث محمد - وظهرت آياته القرآنية ، ولكن بموت ورقة / وهو ثان المصدقين به بعد خديجة ، يفتر الوحي ، وقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ( وروى البخاري (4953) حديث عائشة في بدء الوحي وفيه إخبار النبي ورقة بما رأي ، وقول ورقة له " إِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا " قالت عائشة " ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ ، وَفَتَرَ الوَحْيُ " ) ! علما أن وحي محمد أنقطع بوفاة ورقة لمدة ، قدرها بعض فقهاء المسلمين بثلاث سنين ( ومعنى فترة الوحي أي انقطاعه ، والوحيُ انقطعَ مدَّة اختلف علماء السيرة في تحديدها ؛ فمنهم مَنْ قال : إنها أيام قليلة قد تكون ثلاثة أو أكثر . ومنهم مَنْ وصل بها إلى عدَّة شهور ، ومنهم مَنْ تجاوز في ذلك وقال : إنها وصلت إلى 3 سنوات كاملة / نقل من موقع قصة الأسلام ) التساؤل : ما علاقة فتور الوحي بموت ورقة ، أذا لم يكن لورقة دور في ذاك الوحي .
الخاتمة :
1 . لو تركنا كل التقاطعات والخلاف والأختلاف في أعمار محمد وخديجة ، وسنة زواجهما ، وهل كانت خديجة بكرا حين زواجها من محمد ، أم لا ، وعدد أزواجها قبل محمد .. ولكننا لا بد لنا أن نتساءل ، ما هو دافع القس ورقة ، أن يزوج خديجة من رجل يصغرها بأكثر من 20 سنة - فقير الحال ، دون موافقة أبيها ، ولا يملك شيئا مقارنة بسيدة نساء قريش!.
2 . أرى أن كل الأدلة تشير الى أن أمرا خفيا ، قد حصل ، فدعوة محمد بحياة ورقة / الذي زوجه بخديجة ، قد غيرت نهج القرآن من آيات وسطية " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ / 82 سورة المائدة " و " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ / 171 سورة النساء " الى آيات توحي بدين ومعتقد أحادي وعنيف - بعد وفاة ورقة ، منها " وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚوَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ / 191 سورة البقرة" و " إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ / 19 سورة آل عمران "، أما حديث الرسول( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله) فهذا الحديث هو الذي وضع النقاط على الحروف بشخصية محمد . وهو دليل أيضا على وجود تغيير جوهري في الدعوة / بعد وفاة ورقة .
خلاصة : أن حدث زواج محمد بخديجة ، ودور وغاية ومخطط .. القس ورقة بن نوفل في أنجاز هذا الزواج ، وبذات الوقت بدعوة محمد ! ، لا زال مبهما ، بل " لغزا " .. والموروث الأسلامي قدم أجوبة مرقعة ، ولم يقدم أجوبة عقلانية للحدث ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟