أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علي محمود - أيديولوجية مصادرة العقول وغسيل الدماغ















المزيد.....

أيديولوجية مصادرة العقول وغسيل الدماغ


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 00:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان فلسفة "اغتصاب العقول" تؤمن بالتأثير الشديد أو السيطرة على الأفكار والقناعات، بحيث يتم تشكيل العقول وتوجيهها دون مراعاة لحرية الأفراد في التفكير المستقل أو النقد الذاتي.
يمكن ان تتجلى هذه الظاهرة عادة من خلال وسائل متعمدة لفرض الأفكار مرتبطة بالفلسفات أو الممارسات التي تهدف إلى التأثير في وعي الناس وتوجيههم بشكل يتماشى مع مصالح فئات معينة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، مثل استخدام وسائل الإعلام، والتعليم النظامي، والدعاية السياسية، وحتى الأطر الدينية والاجتماعية من أجل خلق اتفاق عام حول أفكار أو معتقدات معينة دون استيعابها بشكل حقيقي أو نقدي من قبل افراد المجتمع.
دائما ما يجب دراسة هذه الظاهرة والتأكيد على فهم عميق لعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاتصال، والفلسفة، حيث تكشف الآليات المعقدة وراء هذه السيطرة، وتفتح الباب لمناقشات حول حرية الفكر وأهمية النقد الذاتي في بناء مجتمع مستنير ومتحرر من السيطرة الفكرية.
يمكن ان يتضمن هذا المفهوم استخدام أساليب الإقناع النفسي، والضغط الاجتماعي، وفرض المعايير الثقافية، بحيث يتحول الفرد إلى متلق سلبي لاختيارات ومعتقدات السلطة أو القوى المؤثرة، حيث دائما ما تتمثل النتائج الأساسية لهذه العملية في تآكل التفكير النقدي، وتقلص مساحة الحوار الفردي والمجتمعي، بالإضافة إلى الحد من الابتكار الفكري.
تتبنى بعض السلطات أو الجهات هذا النهج لضمان الامتثال والإذعان وتثبيت النظام القائم، مما يحد من احتمالات التغيير الاجتماعي ويعزز حالة الاستقرار التي تخدم مصالحها الخاصة.

هناك الكثير من الامثلة تحاكي مبدأ اغتصاب العقول وسيكولوجية السيطرة على الأفكار والقناعات

- أصدر جوزيف غوبلز وزير دعاية هتلر تعليمات واوامر تلزم الشعب الالماني بفتح نوافذ البيوت ورفع أصوات المذياع عاليا لكي تستطيع الأفكار التي يبثها عن طريق الاذاعة الوصول إلى مسامع كل ألماني رغَب أم كره!
ظن الكثيرون يومها أن هذا ليس أكثر من ازعاج وضغط اجتماعي ونفسي، لكن الكاتب الألماني "سيرجي تشاخوتين" كان له رأي آخر، فعكف على متابعة ودراسة التجربة المثيرة واكتشف كيف أفلح "غوبلز" في إعادة صياغة أمة كثيفة العدد، عريقة التاريخ، متقدمة في العلم والحضارة، على ما يريد الحزب النازي لتندفع بارادتها ككتلة واحدة خلف جنون هتلر نحو حرب طاحنة، انتهت بهزيمة كارثية للالمان.
لم يكن "غوبلز" يملك من وسائل القهر الدعائي حينها سوى الصحف والمذياع ومع ذلك نجح في اقناع 80 مليونا من الألمان《 أن ألمانيا فوق الجميع ، وبأن الجنس الآري أرقى أجناس الأرض وبأن أوربا الشرقية هي المجال الحيوي لدولة الرايخ الثالث وأن هتلر قائد ملهم لا يخطئ ولن يهزم!! 》
هذا المفهوم بعد انتهاء الحرب انتقل الى أيديولوجية الغرب حيث ورثوا غسل عقول الجماهير وسُميّ فيما بعد ب علم “الدعاية” أو “الاعلام” فبحثوا فيها ودرسوها بكل تفاصيلها ثم ستخدمتها قوى الاستعمار لفرض هيمنتها وسيطرتها على الشعوب تحت مسميات عديدة.

- قصة سفينة التيتانيك والتي كان على متنها ما يقارب 2230 شخصا تم إنقاذ 706 أشخاص فقط، هذا يعني ان 1524 شخصا لقوا حتفهم.
في أحداث الفيلم مات تقريبا أغلب الناس بسبب الغرق، بينما مات بطل الفيلم بعد ساعات، بسبب برودة الماء وليس الغرق.
لكن الغريب بالامر ان اغلب من شاهد الفيلم لم يشعر بأي نوع من التعاطف تجاه المئات الذين ظهروا في الفيلم يغرقون، بالرغم من أن أغلبهم من النساء والأطفال، بل جلهم كانوا من الطبقة الفقيرة، فأغلب المشاهدين تأثروا بموت بطل الفيلم ومعاناة حبيبته التي حزنت عليه.
المخرج عمدَ على اتباع اسلوب سيكولوجية مصادرة العقول والتحكم بالافكار والقناعات لدى المشاهدين فهو سلط الضوء الهوليودي على البطل والبطلة فقط، وكأنهما الوحيدان على متن السفينة، وجعلنا نتعاطف معهما بالرغم من كل عيوبهما، وصرف انظارنا في الوقت ذاته عن الأطفال والنساء الذين غرقوا وكأنهم كانوا غير موجودين.

ما أريد قوله في ان المثالين اعلاه يوضحان كيف يتم التلاعب بالشعوب عن طريق وسائل الإعلام أو الأنظمة السياسية وفق أيديولوجيات خبيثة، الغرض منها سياسي أو مذهبي ومصالح شخصية من خلال تكتيكات مثل الدعاية المضللة، وغسل الدماغ، والتكرار المفرط للمعلومات، وإخفاء الحقائق، مما يؤثر سلبا على قدرة الأفراد في التمييز بين الحقيقة والزيف، لتحويل الأفراد إلى متلقين سلبيين للمعلومات، وجعلهم غير قادرين على الاعتراض أو الشك في ما يتلقونه.
هناك تحول خطير للعقل البشري الحر إلى آلة إستجابة أوتوماتيكية بدون مشاعر بدون ردات ، وهو تحول يمكن تحقيقه من خلال بعض الثورات الثقافية الغامضة في مجتمعنا الحالي، وكذلك من خلال التجارب المعتمدة، وسواء كانت من أجل تحقيق خدمة سياسية، أو أيديولوجية على حد سواء.
ولذلك، فإن إغتصاب العقل، والقهر العقلي الخفي، يُعتبران من بين أقدم الجرائم البشرية، بل ولربما تعود بداياتها إلى أيام ما قبل التاريخ، وذلك عندما اكتشف الإنسان ولأول مرة، من أنه يستطيع إستغلال الصفات الإنسانية، من أجل التعاطف والتفاهم، من أجل ممارسة السلطة على بقية إخوانه من البشر.
وكما ذكرت مما سبق ان ذلك يتم ذلك عبر أساليب متعددة منها الإعلام، التعليم، الدعاية، وحتى تقنيات التأثير النفسي. وتركز هذه الأساليب على إلغاء التفكير النقدي والاستقلالية الفكرية لدى الأفراد، وتحويلهم إلى خاضعين للأفكار السائدة دون تحليل أو تشكيك.

■ الآليات الأساسية لاغتصاب العقول :

▪︎ يتم تكرار رسائل معينة عبر وسائل الإعلام والمناهج الدراسية والمحتويات الرقمية، حتى تصبح معتقدات مترسخة يصعب التخلص منها.
▪︎ استخدام الخوف أو التهديدات للتأثير على الناس وإبقائهم في حالة من القلق أو التوتر. يمكن أن يشمل ذلك التهديدات الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الدينية.
▪︎ خلق خرافات وسرديات كاذبة أو محرفة، بغرض خلق صورة مشوهة للواقع تساعد على التلاعب بآراء الناس.
▪︎ التلاعب بالإدراك من خلال تغيير معاني المفاهيم والمصطلحات، بحيث يتم إعادة تعريف الأفكار بشكل يجعل الأشخاص يعتقدون أنهم يتصرفون بحرية، بينما هم في الحقيقة يخضعون لأسلوب تفكير موجه.
▪︎ إضعاف القدرة على التفكير النقدي عبر الحد من تنمية مهارات التفكير النقدي في المدارس أو قنوات الإعلام، بحيث يقلل الأفراد من قدرتهم على التحليل والتشكيك.
هذه العملية تؤدي في النهاية إلى حالة من الانسياق الجماعي، حيث يصبح الأفراد مجرد متلقين لتوجيهات المجتمع أو السلطة دون مقاومة أو وعي.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الهالوين او عيد الرعب
- المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي مرة أخرى
- التناقض بين الحقيقة واليأس في المنظور الواقعي
- عرفان صديق سفيرا استتراتيجيا في العراق
- التشجيع السلبي والغلو الرياضي
- اغتيال السنوار .. وما هي تحديات المرحلة القادمة؟؟
- فيلم Black Death
- انهيار الحضارات وفشلها في التأقلم مع التحديات
- فلسفة التغيير تبدأ من خارج الصندوق
- الإلهاء والتخادمات في الفكر السياسي
- قوة الدولة واللا دولة
- إسرائيل وإيران بين الحرب الشاملة وضربات الردع الستراتيجية
- ثقافة الإلغاء نتاج منظومة القطيع
- المواطن المستقر
- العيد الوطني العراقي
- ماذا بعد اغتيال نصر الله
- التسرب المدرسي وإفرازاته الخطيرة في المجتمع
- البيجر واحداثه الغامضة
- على ابواب العام الدراسي الجديد
- حقوق الإنسان زرق ورق في مفاهيم الكيان الصهيوني


المزيد.....




- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علي محمود - أيديولوجية مصادرة العقول وغسيل الدماغ