آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 14:01
المحور:
قضايا ثقافية
كتبت العام الماضي هذا النص، أغلب سكان الفيس بوك وخارجه يدعون حسن نصر الله للدخول في الحرب.
أنا ضد دخوله الحرب، اتمنى أن لا يدخلها، دخوله يعني المزيد من الخراب والدمار للبنان الدولة والمجتمع.
أغلب الذين يرغبون بالحرب ليسوا في لبنان، أو في سوريا، هؤلاء النصابين الذين يرغبون في الحرب قاعدين في بيوتهم، في الغرب ويطلبون من الآخرين أن يدفعوا الفاتورة، مثل البغل عبد الباري عطوان المذبذب والكذاب، والمنافق.
تفضل يا عطوان وعد إلى بلدك غزة ودافع عنها بدلا من العلاك المصدة ومن الآخرين أو تشجيعهم على القتال.
الحرب ليست لعبة وعلاك فارغ، هناك موت ودمار وخراب، وهناك أطفال ونساء ومرضى وشيوخ لا يجدون لقمة الخبز يأكلونها.
أطلب من الخليجيين يأتون إلى الحرب لديهم الشباب والمال والنفوذ، من المغرب أو الجزائر، ولماذا دائمًا المشرق العربي يجب ان يدفع الفاتورة؟
كلهم تاجروا بهذه القضية، الفلسطينية، وكلهم كذبوا، وحماس كمان كذابة، دخلت في حرب خاسرة، بالإعلام الخليجي المنافق.
لنعود لقراءة رواية حين تركنا الجسر لعبد الرحمن منيف، ونستخلص منها العبر، أنها رواية العرب كلهم، ونضيف إليها رواية قصة موت موت معلن لماركيز غارسيا.
كلا الروايتين على مسافة قريبة من حياة العرب والفلسطينيين، ولا مانع من إضافة رجال تحت الشمس لغسان كنفاني.
نستطيع أن نقرأ عوالم حياتنا من خلال قراءة عوالم فنية، فضاء أدبي مميز لرموز غاية في الجمال والوضوح، بهم، بهذه الرموز، يتم تسليط الضوء على الدولة العربية والإنسان العربي والمنظمات السياسية العربية والعسكرية.
حين تركنا الجسر هو الإعلان عن فشل العرب في تمثل الحداثة أو الانخراط بها من الموقع الفاعل، ولا محاولة لرفع واقعه من الدونية والهزائم إلى التطور، أو معرفة نفسه، فزكي النداوي، مجرد إنسان فارغ، منفصل عن واقعه ومحيطه، ثرثار، يبخس من قيمة نفسه ومستمتع بهذا التبخيس، ولا يعرف واقعه ولا يريد أن يريد، ولا يعرف أي شيء عن مجتمعه، بيد أنه يريد أن يغيره دون أمتلاك أية أدوات فكرية أو معرفية.
وقصة موت معلن، تشبه غزة، جميع العرب ينتظرون موتها وانهيارها بفارغ الصبر لينفضوا أيديهم عن هذا الهم، ثم يرفعوا أيديهم إلى السماء كنوع من الغفران، ورفع الذنب عن أنفسهم.
أما رجال تحت الشمس، ابو الخيزران، استمرئ الهزيمة وبدلًا من البحث عن المخارج للدفاع عن وجوده، سلم أمره للنظام العربي، وقبل بقدره، بهزيمته.
ابو الخيزران هزم في العام 1948، وفي العام 1967، وفي العام 1991، والحبل على الجرار.
لا يملك العرب قرار الحرب ولا قرار السلام، أنهم في المنطقة الرمادية، لا يريدون الاستسلام ولا السلام ولا الحرب، هذه المنطقة الرمادية مريحة لهم، بها تجنبهم وجع الرأس والطيز.
لا يكفي أن تكون على حق حتى يصفق لك الناس أو يربتوا على كتفك.
هذا شعورك أنت.
أنت تعتقد أن الجميع ينظرون إليك باحترام وتقدير لأنك صاحب حق.
هذا وهم كبير.
الحق كلمة مطاطية تختزن في داخلها الكثير من الوهم والاحساس بالتفوق، بيد أن الواقع مختلف تمامًا.
الأخر لا يراك، ولا يفكر كما تفكر، ولا يعتقد كما تعتقد.
وهمك دعه جانبًا والتفت إلى العمل.
العمل الذي تقدمه سيكون له انصار على الطرفين، بعض الناس ستثني عليه، وناس سترجمه.
ودع الشخصنة جانبًا، وثق بقدارتك وموقفك وانطلق إلى تحقيق هدفك.
هيك الشغل الصح.
هذا على صعيد الحياة، اما الحرب فهي مرذولة مهما كانت النتائج.
الحروب تزيد غربة الإنسان وأوجاعه، بالرغم من أنه غريب وموجوع.
بالحرب تهتز ثقته بنفسه وبوجوده في هذه الحياة.
المبدع باحث أمين عن الحقيقة، مفند الزيف، عليه مهمة اقتحام المجهول، والدخول في الأرض الوعرة لاقتلاع الأعشاب السامة.
ليس من مهمة المبدع أن يكسر صنمًا قائمًا، ليبني بدلًا عنه صنم أخر.
هناك الكثير من المفكرين يعملوا على تفنيد أفكار الأخرين، ليثبتوا أفكارهم، هؤلاء أتعس الكتاب واكثرهم هزالًا.
يحاربون أصولية ما، ليؤكدوا على أفضلية أصولية أخرى.
هؤلاء يعملون على تدوير النفايات الثقافية، تمييع الثقافة، تقديس الأصنام، تخريب الذائقة الثقافية بدلًا من خدمتها.
الإبداع روح يقظة، روح وثبة، إنه أحد أسرار الوجود.
من لا يخلق الحقيقة ليس بمجدد.
أنت الخالق والصانع والمبدع، عندما تقتحم المجهول وتفتحه بأنيابك وأظافرك.
الحقيقة وحش فكري ونظري، أنها بين يديك، عليك أن تفتحها بعقلك وفكرك وتشق الطريق أمامك.
هذا الكون أصم، أنت لغته، بلدوزره عندما تحاول أن تبني فيه بيتك الجميل، بقيم عالية، فيه احترام لذاتك ووجودك وعالمك، الطبيعة وبقية الكائنات.
قال لي:
الألوان هي التي منحتني الحياة، وأدخلت الفرح والسرور إلى قلبي، عشقت جميع الألوان، الأصفر، البنفسجي، النهدي، الأخضر العفني، الزيتي، جلبت من الغابة عدد لا نهائي من الألوان، طرزت منهم عدد لا نهائي من الأرانب، عندما جلسنا وجهًا لوجه، ضحكوا من سذاجتي، صعدوا فوق رأسي، تسلقوا فوق أكتافي مروا حول رقبتي، لعبوا في حضني، ركضوا وراء بعضهم البعض كالأطفال الصغار، وبعد أن شبعوا من الفرح أطلقوا سراح أقدامهم للرحيل إلى الحرية.
النص خائن.. خائن. ولا يمكن أن يكون صادقًا أو منسجمًا مع نفسه.
كل النصوص خائنة.
كيف سيكون النص أمينًا صادقًا، إذا كان الواقع يجري وقف مساره، لا يعلن عن نفسه.
وهل يستطيع النص أن يكون صادقًا دون واقع صادق.
إن إضفاء الصدق على النص هو إراغمه على الاعتراف بأنه أمين على تمثيل الواقع.
فكيف سيكون صادقًا إذا كان الواقع كله ملتبسًا، متلونًا، هاربًا، لا يمكن القبض عليه، لأن منشأه، ولادته، بدأ مأشكلًا، يجمع نقيضه في ذاته، وبعيدًا عن ذاته.
لا يمكن ربط الوقائع بالحقائق إطلاقًا.
ولا يمكن للنص أن يكون أمينًا لنفسه، أو منتميًا لنفسه، لأنه دائم التبرأ من نفسه.
الحقائق تحتاج إلى واقع موضوعي، تكون الحقيقة منسجمة مع نفسها موضوعيًا، دون إجهاد كبير لاثباته.
نحن نعيش في بيئة قائمة على وقائع مفتعلة، مصنعة، لهذا أن تجسيدها لا يمكن أن يمثل الحقيقة.
إن أزمة عدم تطابق النص مع ذاته هو نتاج الواقع المزيف الذي يعيشه التاريخ البشري منذ تأسيسه إلى اليوم.
لهذا فإن حياة الإنسان تتجه من مزيف إلى أكثر.
يولد التاريخ كاذبًا.
ثم، ما هي المشكلة إذا كان كاذبًا أو صادقًا؟
أي خدر هذا الذي يسمى يوم القيامة؟
هذا المفهوم رشوة رخيصة لقبول الخضوع، ومقدمة مجانية لتغييب العقل، والهروب من حقائق الحياة ووقائعها.
وعدم القدرة أو محاولة في الهروب من الرد على الاستفسارات الكونية الصعبة والأسئلة الوجودية المؤلمة.
إنه استرخاء زائف وفائض عن اللزوم.
من سيقوم في يوم القيامة من الموت، ولماذا وما الهدف؟
ولماذا لا نعمل الجنة على الأرض ونحن أحياء بدلا من الموت ثم القيام؟
ولماذا هذه الرشوة المجانية التي تقدم لنا بعد أن نتحلل ونذوب في التراب؟
مجلس الأمن الدولي عمليًا يشبه محكمة أمن الدولة في سورية إلى حد التطابق، استثنائي, انتقائي تأتي أحكامه وفق مقاسات مصالح دوله. وأحكامه وقوانينه لا أخلاقي له.
ويكيل كل قضية بمكيال خاص, حسب رؤية الدول الأقوى فيه.
يعني, باختصار, إنه سلطة لا شرعية ولا أخلاقية ولا إنسانية ولا علاقة له بمصالح البشر والناس والمهمشين والفئات المظلومة.
شرعيته, جاءت من القوة التي تتمتع بها الدول القوية, التي فرضت نفسها بنفسها من خلال شرعية القوة ذاتها.
إنه مجلس الوقت الضائع لتمرير العقبات والعواقب والكوارث وسياسات الحروب.
أصبح مجلس الأمن أداة لنشر الفوصى والحرب في البلدان الصغيرة. وشاهد زور على الخراب والدمار الذي يحل فيهم.
أضحى هذا المجلس الأمن عبء على البشر وعلى مستقبلهم في العالم.
وما زلنا نركض وراء الدول الفاعلة فيه علهم يساعدونا في الحل.
نقول لهم قول المتنبي في سيف الدولة الحمداني
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.
هناك مفكر إسلامي مميز اسمه محمود محمد طه أعدمه الرئيس السوداني جعفر النمري في العام 1985 بسبب اجتهاده وأراءه في الدين.
هذا المفكر طرح رأيًا غنيًا ويستحق القراءة والاجتهاد بقوله أن الإسلام قسمين، القسم الأول هو الإسلام المكي وفيه 86 سورة ويعتبره الإسلام الحقيقي، المليء بآيات الرحمة والتسامح.
والقسم الثاني أسماه إسلام المدينة وفيه 28 سورة، بيد أنه انتهى بانتهاء عصر الرسول وانتهت معه آيات الجهاد والسبي والميراث والتمييز بين الرجل والمرأة والحدود.
لهذا نرى أن مفهوم القرآن المكي هو المخرج لإزمة علاقتنا بعصرنا.
الكثير من المفكرين والكتاب يعتقدون أن مشروع الولايات المتحدة الأمريكية هزم في المنطقة والعالم أو لم يعد في استطاعتها إدارة العالم بتلك البراعة التي كانت سائدة بعد الحرب العالمية الثانية وإلى مطلع الألفية الجديدة.
نقول:
لا يوجد شيء اسمه هزيمة مشروع دولة بقوة الولايات المتحدة، فهي الممثل الأول للراسمالية العالمية وتدير عالمه باقتدار وتوزع على صغارها من الدول، الغنائم والمكانة والدور والفوائض المالية والاستثمارات.
وهي من تأسس لمشاريع استثمارية كالحروب وخلق الأزمات ونقله من مكان لآخر.
هي من أنتج الحرب على الإرهاب في مختبرها ووضعت الاسس اللأزمة والضرورية له.
وهي خير ممثل شرعي للنظام الرأسمالي إلى هذه الدقيقة.
ان سقطت كدولة، أو هزمت أو انحسر دورها أو انزاحت عن الموقع الأول، هذا سيؤدي إلى فسح النظام المجال لذاته أو لنفسه لأخذ الدور أو المكانة لبروز دولة أخرى تتخذ على عاتقها إدارة الموقع الأول وأخذ المهام عن الجميع وتوزيع الادوار لتكمل المسيرة التي توقف عندها الامريكان.
الرأسمالية لا تهزم من الداخل أو الخارج لا بالسلاح ولا بالمقلاع ولا بالأغاني أو الرجم بالغيب.
إنها تتحول تحولات نوعية.
اليوم الولايات المتحدة تحاول العودة إلى الدولة الوطنية، لغير جاهزيتها للعولمة.
أو في محاولة القبض على العولمة وتسخيرها لدولتها الوطنية حتى تبقى قابضة على النظام كله.
وانتظار النتائج للإقلاع مرة ثانية.
كلانا يا حبيبتي كان هناك, يسرح وراء المروج فوق تلك الدروب العتيقة, يغني ويسمع صهيل الخيول القديمة تعبر البراري العذبة بالقرب أو إلى جوار الوديان السحيقة.
نركض وراء الشمس فوق الأفق الحالم نريد أن نمسكها أو نقبض على خيوطها الهاربة. كنا نريد أن نغيب ونغيب ويضيع أصداؤنا في الصدى المركون في الزمن, وعواء الذئاب خلفنا يسرق حلمنا ويقيننا.
لا يوجد في هذا العصر استقلال للقرار السياسي والاقتصادي. إننا في عصر متداخل جدًا. السلعة واحدة, القيمة الشرائية واحدة تقريباً, مصالح القوى والفئات النافذة في النظام السلطوي الدولي متداخلة.
اما أنتم, اولئك الذين تتقاتلون, سنة, شيعة, فأنكم تموتون بشكل مجاني, فرط حساب. فكة نقود.
الفاتورة الحقيقية, يقبضها الفاعلون النافذون في المعادلة, أصحاب المال والسلاح والنفوذ والسلطة.
اما أنتم, يا ناس, عاديين, لستم إلا وقودا, حطب, غبار فائض عن اللازم لتنفيذ أجندة الأخرين.
إعادة تعذيب الذات في كل عاشوراء, ليس اكثر من نرجسية مريضة, أنانية مفرطة في عشق الذات, التخلص الوهمي من الإثم الزائف العالق بها.
جلد الذات لا يفيد, انه إعادة تدوير الألم المجاني, للهروب من التفكير الحر, العقلاني لتناقضات الحياة.
الكثير منا يرتدي القشور, بيد أنه لا يدرك ذلك الا عند المحك. التجربة هي التي تكشف المعدن الثمين من المزيف.
ولا تصدق نفسك إن دفعتك إلى موقف ما. توقف, وتأكد منها, ربما هو إغراء أو أغواء أو فخ. فنحن على مسافة كبيرة بين العقلانية وأهواء النفس التي تدفعنا إلى مكان ليس لنا.
احيانا نتحمس ونتكلم عن موضوع, وندافع عنه, وعندما نتعمق فيه, نكتشف اننا لم نكن ندرك حجم البعد بين القول والفعل.
اعتقد اننا منفصلون عن الواقع لاننا غير عقلانيون, غير متجذرين في مقاربة الواقع ومعرفته وتقدير انعكاساته علينا. نراه في الاخر, هو الذي يجب ان يدخل المعركة وعليه ان يدفع الضريبة وحده
مركزية السلطة المطلقة في منطقتنا عبر التاريخ, تمركزها حول نفسها, التفافها حول نفسها, تدخلها في كل شؤون الحياة ومناحيها, حيازة الملكية المؤقت, عدم التملك, عدم وجود صمانات الحماية المالية. منع تدوير المال وفائض القيمة, منع تطور أدوات الانتاج والانتقال من نمط إنتاج إلى آخر.
لا اعتقد ان ما يسمى التكفيريين لهم مشروع.
أشعر أنهم ضحايا أكثر مما هم في موقع من يقرر. إنهم جزء مفروم من اللحم الخارج من مكنة المقرر الاسترتيجي القابع وراء البحار.
أنظمة الاستبداد العسكرية هي أكثر خطورة على مستقبلنا, والحليف الاكثر عملياتي للنظام السلطوي الدولي.
مشوارنا ما زال طويلا في الوصول الى الديمقراطية, لأنها ما زالت حكرا على الدول الكبيرة في المدى المنظور, ولا تسمح لنا بامتلاكها.
امتلاك الديمقراطية, تعني امتلاك التكنولوجيا, التطور التقني والانفتاح على الفضاء العام الكوني كله بعلومه وتطوراته في كل المجالات.
ماذا سيكون رد فعل المعارضة فيما إذا طلبت الولايات المتحدة واتباعها الخليجيين, منهم الجلوس في بيوتهم.
الإخوان المسلمين, البيانوني واتباعه سيعودون إلى بيوتهم في لندن. وكأن شيئا لم يكن. ويعود برهان غليون وجوج صبرا إلى بيتهما في فرنسا, ورضوان زيادة إلى بيته في الولايات المتحدة. وربما يحصل هيثم مناع على منصب وزاري محرز عند الأسد.
وقتها سنصك على أسناننا من الندم, أننا سلمنا الأمانة, الثورة, إلى أتفه الناس, واحطهم قدراً.
يا ويلنا على أنفسنا, على آلام الناس, الفقراء والمحتاجين والمهمشين من شعبنا. على المهاجرين, المهجرين, في تركيا ولبنان والأردن ومصر واليمن والسودان. على الذين قتلوا بدم بارد على طرفي الصراع, الضحايا بامتياز, في جانب السلطة والمعارضة.
الذي انتصر, هو, النظام السلطوي الدولي, بقيادة الولايات المتحدة وروسيا.
افرغت الثورة من محتواها بالكامل. اليوم ستتم المفاضلة بين السيء والأسوأ.
كلاهما, السلطة والمعارضة, أسرى, الحسابات الخارجية, يعملان دون اخلاق أو وازع من ضمير, على تقديم المزيد من الخضوع للخارج من أجل نيل الرضا عنهم, من أجل السلطة. السلطة حاف, لا غير.
اما دمائنا, آلامنا, عذابات شعبنا, لا أحد يأخذها بعين الاعتبار أو يحسب لها أية قيمة.
السلطة تنظر إلى الضحايا في جانبها, على أنهم وقودًا, يجب أن يقدموها لها من اجل بقاءها واستمرارها. والجانب الأخر, يركض لاهثا من أجل قطعة الكعكة في السلطة فوق الجانب الأخر منا.
وروسيا والولايات المتحدة وايران والخليج, يتفاوضون الأن على ضحايانا, وكل طرف يريد أن يكرس لنفسه نفوذا في بلادنا. ويطوروا علاقتهم على أكمل وجه.
عندما يكون ممثلوا القضية سيئين, فعليها السلام.
" قال الدكتور الطيب تيزيني إن المفكر العربي يعيش حالة استثنائية، حيث عليه أن يفكر ويبدع من قلب النّار، وليس من مكانه الدافئ المريح كما كان الحال عليه من قبل، في إشارة إلى ما تعيشه دول عربية عدة من حروب، وعلى رأسها سوريا.
وأصاف المفكر السوري، الذي كان يتحدث في الجلسة الثالثة من الندوة الدولية "المجتمع والسلطة والدين في مطلع القرن الواحد والعشرين، مغربا ومشرقا"، المُنعقدة صباح اليوم السبت بمقر مجلس الجهة بطنجة، أن العالم العربي يعيش حاليا بين رهانين: أحدهما بناءٌ تنويريّ والآخر متطرّف مذهبي تكفيري، مشيرا إلى أن ما يحدث في سوريا تحديداً يكاد يفتح ملفّ "تاريخ العالم"، كما يطرح جدلية عالمية جديدة تتمثل في "الوجود والموت"، مذكّرا بجملة قالها آخر جنرال فرنسي خرج من سوريا سنة 1946 "عندما تحتاجوننا، فإننا على أهبة النار".
وحول ما يحدث في سوريا دائما، أشار تيزيني إلى أن هناك مجموعات تسعى إلى تدمير البلد، وليس الاقتراب من السلطة، مؤكدا أن عملية الانتقال من البيولوجيا إلى السوسيولوجيا، أو من الوحشية إلى الإنسانية، لازالت إلى عصرنا هذا غير مكتملة لدى بعض المجموعات التي لم تُتح لها إمكانية التحول إلى الإنسان العاقل، فظلت بين هذا وذاك لأسباب كثيرة.
عملية الإخفاق في التحول جعلت ممن يصلون إلى السلطة من هذا النوع، بحسب تيزيني، يجعلون ما في ضمائرهم سيفا يسلطونه على الجميع.
تيزيني سرد مجموعة حقائق ميّزت التاريخ العربي عموما، السوري خصوصا، واعتبرها لحظات فارقة، على رأسها الوحدة العربية بين مصر وسوريا، التي فشلت بسبب إلغاء التعدد، بحيث قضت مسألة "الوحدة" على الوحدة نفسها، بعد تبني فكرة المجتمع الواحد والزعيم الواحد ورجل الأمن الواحد، ولأن التاريخ لا يمنح زمنا بالمجان كان طبيعيا أن تنهار هذه الوحدة.
انهيار الوحدة أسفر، بحسب تيزيني، عن أوطان متشرذمة، بل مجموعة أحياء في المدينة الواحدة، مما نتج عنه تعدّدية أخرى تمثلت في الانقلابات العسكرية، ليصبح العسكر هم سادةُ الموقف، فيستقر الأمر عند هذه البنية الواحدة الوحيدة، مؤكدا أن حالة سوريا وما يحدث فيها تحتاج وصفا فريدا وخاصّا.
وأضاف المتحدث أن العالم أصبح سوقا مطلقة، وأن النظام العالمي الجديد يبتلع العالم كله قبل أن يُخرجه سلعاً تقسّم البشرية وتمحو الشخصيات.
وأنهى تيزيني حديثه بفكرة أن لا أحد يملك الحقيقة من حيث هي كحقيقة، بل من حيث يراها هو. فكل شخص على حدة، إذن، يملك حقيقته الخاصّة به".
عبد الواحد استيتو من طنجة السبت 31 أكتوبر 2015
دموع المفكر السوري الطيب تيزيني، كانت الحدث الأبرز خلال أشغال اليوم الثاني من الندوة الدولية التي نظمتها هذه الأيام جمعية ثويزا في موضوع "المجتمع، السلطة والدولة في مطلع القرن 21 مغربا ومشرقا"، ببن 30 أكتوبر 2015 وفاتح نونبر 2015 بطنجة.
الرجل لم يتمالك نفسه، واضطر في مناسبتين على الأقل [أثناء إلقاء محاضرته] إلى التوقف عن الحديث بسبب قهر الدموع.
الطيب تيزيني يُقيم حالياً في مدينة حمص، في سوريا الشهيدة، ويعاين يومياً المشهد عن قرب. أخبرنا لاحقاً، مثلاً، أن المدينة تضم ثلاث أحياء "شبه حيوية"، والباقي مجرد خراب في خراب.
التفاعل مع الحدث، كان قاسماً مشتركاً في مداخلات أغلب المشاركين في جلسة المناقشة، والحدث فرض/ تطلب تعاطفاً للحضور مع المحاضر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
في ظل دولة مركزية, قوية, الولاء للمؤسسة, يخضع الجميع, طوائف, ملل ونحل, مذاهب وأديان وقوميات, طواعية أو غصبا عن أنفهم للدستور وقوانين البلد.
انتماءاتنا الماضوية, أقرب للعقل الطفل, لا تصمد أمام المؤسسات الفاعلة. تذوب وتضمحل إلى حد التلاشي. وتخضع, لتذهب إلى الهاوية, في ظل دولة قوية.
هذه الانتماءات الماضوية, الطائفية, المذهبية, العشائرية, تحتاج إلى بيئة, حضن دافئ لتنتعش فيه, تنمو وتكبر وتخرب, وتخرج إلى السطح في الظل المعتم, كالفطر السام.
في فترة الحرب الباردة, كان النظام الدولي أكثر تقييدا بقواعد العلاقات الدولية. وباحترام سيادة الدول, وعدم التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للبلدان الصغيرة.
كان الاستقطاب الدولي عامل مساعد على ضبط إيقاع العلاقات الدولية. وكانت الانظمة السياسية في العالم يلعبون على التوازن الدولي واستثماره لمصلحتهم. لهذا كان الكثير, يشعر أن لهم وطن, ومستقبل, ويمكن لهم أن ينهضوا, ويشكلوا دول, وطن. حتى السلط, في علاقتهم بالمجتمع كان فيه انضباط إلى حد ما.
المأساة الكبرى, عندما يكون المجتمع الواحد متعدد الانتماءات. كل مجتمع صغير فيه, بنية متكاملة, قائم بذاته, كالقومية, الطائفة, المذهب, العشيرة أو القبيلة, داخل سياق المجتمع الكبير. هذا الانحدار والضياع يجري أمام أعيننا. ولا سبيل للخلاص. لإننا أسرى ثقافة, وعقل يعشق التعلق بالماضي وجيفه.
وكل بنية تعتبر نفسها مظلومة تاريخيًا, ونقية تاريخيا.
ويجب على الأخرين الاعتراف بها كذات مستقلة ومتكاملة.
اتصور اقتنع الجميع أن جميع المساهمين الخارجين في الشأن الداخلي لبلدنا هو العمل على استمرار القتال بيننا دون غالب أو مغلوب.
ومع هذا ما زلنا نردد كلمات جوفاء, المجتمع الدولي. لم يقم مجلس الأمن بمسؤولياته, حقوق الشعب السوري. وما شابه ذلك من كلمات استهلاكية فارغة.
بعد اكتمال البلدان المركزية وطنيًا, وانتهاء الحرب الباردة, وتداخل مصالحهم, وعدم القدرة على الحرب البينية بينهم, لجأوا إلى أسلوب أقل كلفة. فتح حروب داخلية في البلدان الصغيرة بالنيابة عنهم, ودفع كل جهة لقتل الجهة الاخرى. هيك تستمر أزمة العالم المأزوم, يباع السلاح, تتحرك الدورة الاقتصادية, ينشغل الرأي العام بهذه القضايا بدل الالتفاف نحو تحسين شروط الحياة على هذا الكوكب.
سيبقى التحريض الديني قائماً, مستمرًا. وسيبقى الانقسام الديني والمذهبي قائماً, طالما هناك دول كبيرة تسهر على دفع الصغار للوقوف على المسارح وتهييج الرأي العام في منطقتنا.
محاربة الإرهاب صناعة, اعطت نتائج ثمينة لصناع القرار السياسي والاستراتيجي للعالم, نتائجه, اقتتال مستمر إلى أن يحدث تغير ما.
قبل احداث أيلول لم نكن نسمع كلمة شيعي سني, إلا فيما ندر. وكنا نسخر من ذلك. اليوم, هما فاعلان قويان في الشأن الداخلي للبلدان العربية والإسلامية. وأريد القول.
ما نقدمه, فوق خشبة المسرح, ضحايا سياسية, بالمجان, للناس والبسطاء والمهمشين.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟