أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فارس محمد أحمد ابراهيم البشير - تفعيل وإعادة هيكلة القطاع التعاوني اثناء الحرب- الحلقة الاولي















المزيد.....



تفعيل وإعادة هيكلة القطاع التعاوني اثناء الحرب- الحلقة الاولي


فارس محمد أحمد ابراهيم البشير

الحوار المتمدن-العدد: 8149 - 2024 / 11 / 2 - 16:36
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تفعيل وإعادة هيكلة القطاع التعاوني اثناء الحرب
المقالة الأولي
فارس محمد احمد ابراهيم البشير - مهتم بقضايا التعاونيات السودانية.
تتناول هذه المقالة دور التعاونيات (cooperatives) في تعزيز التنمية المستدامة (sustainable development) بالسودان وكيف يمكن ان تكون فاعلة اثناء الحرب الدائرة الآن، مستعرضة ًكيف أن الإرث الاستعماري (colonial legacy) وصراع الطبقة السودانية السياسية والاقتصادية (political & economic elite) قد أديا إلى اختلالات هيكلية في سياسات التنمية والزراعة التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد السوداني. يشير الصراع الحاد بين النخب منذ الاستقلال (Decolonization) إلى نقطة تحول (Turning Point) أساسية حيث تصاعدت المنافسة العنيفة (Extreme Violence) للسيطرة على السلطة، مما يفسر العنف البنيوي للدولة السودانية (Violence of the Sudanese State).
كما تسلط المذكرة الضوء على الأزمات الاقتصادية الراهنة التي فاقمتها الحرب والنزاعات المستمرة، وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي. (food insecurity)
المقالة تبرز أهمية التعاونيات كأداة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية (inclusive economic and social development) عبر إشراك المواطنين في عمليات التخطيط التنموي (development planning) إذا ما عولجت إشكاليات وتحديات القطاع التعاوني التي ابرزتها المقالة.
تسلط المقالة الضوء على كيفية الاستفادة من التعاونيات لتحسين الخدمات الاجتماعية (social services)، وتلبية احتياجات الأمن الغذائي (food security) عبر تعزيز سلاسل القيمة المحلية (local value chains) واستخدام التقنيات الحديثة (modern technologies) لزيادة الإنتاجية (productivity) .المذكرة تتناول دور التعاونيات في القطاع الزراعي والحيواني (agricultural and livestock sectors)، وتأثيرها في إعادة إحياء قطاع الزراعة (revitalizing the agricultural sector)، ومعالجة تحديات الإنتاج المرتفعة (addressing high production challenges)، وبدء مشاريع للزراعة الإيكولوجية التعاونية (cooperative agroecological projects)، وتشير المذكرة أيضًا إلى إمكانيات التعاونيات في قطاعات التعدين(mining)، الصناعة(industry)، الطاقة (energy)، الصحة (healthcare)، والإسكان (housing)، مبرزة كيف يمكن للتعاونيات تحسين فرص العمل (job creation) ومكافحة الفقر (poverty alleviation) من خلال تطوير المشاريع الصغيرة (small-scale projects) وتعزيز العمل الجماعي المشترك(collective effort) وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا (economic and social empowerment of women)من خلال التعاونيات، مع الاشارة إلى أمثلة ناجحة من عدة دول.
توصي المقالة بشكل أساسي بإنشاء (The Higher Committee of Activation and Structuring The Co-ops Movement) اللجنة العليا لتفعيل وإعادة هيكلة الحركة التعاونية، بما يشمل تنسيق التشريعات مع المعايير الدولية، وتعزيز الشراكات مع منظمات مثل الأمم المتحدة (United Nations) والتحالف التعاوني الدولي (International Cooperative Alliance) وستقوم اللجنة بإشراك أصحاب الحق (stakeholders) وتسريع تنفيذ المشاريع، وإنشاء صندوق دعم وطني ((national cooperative support fund، ومذكرة واستراتيجية وطنية للتعاونيات مما سيعزز قدرة السودان على الاستفادة من مساهمة التعاونيات في مواجهة الأزمات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة.


مقدمة
التركة المتخلفة التي تركها الاستعمار في النظام الاقتصادي والتي فاقمها تتبع ذات النمط من قبل المشرعين السودانيين المتعاقبين وتأثير موجات الجفاف والمجاعة " Droughts & Famine " والانتفاضات " Uprisings" وموجات الهجرة والنزوح والجوع اثرت على مسار الاقتصاد كعوامل ثانوية أخري. والتي عملت علي اختلال السياسات التنموية والريفية والزراعية والتي كانت متحيزة نحو تصدير المواد الخام النقدية سوآءا كانت الزراعية كالمحاصيل النقدية او حديثاً الاستخراجية كالبترول والذهب، و زراعة الكفاف دون النظر الي سياسات احتوائية للكوارث كالجفاف والفيضانات والحروب التي تضرب مرة بعد اخري السودان ويذهب ملايين الضحايا والمهجرين والنازحين واللاجئين ضحية لها دونما سياسات احتوائية، والي وقتنا هذا الاقتصاد في السودان زراعي تقليدي يعمل به غالبية السكان (80%)، مع دخول التنقيب عن الذهب كمورد اساس بجانب الزراعة، وقد سمح ذلك لتدخل اكثر وهو زيادة عدد الافواه الجائعة واستبدال النمط الغذائي (القمح بديلا للذرة) وبالتالي زيادة الحاجة الي الواردات، واهدار العوائد الاستثمارية في المشاريع المائية غير المخططة منذ ما قبل الاستقلال التي كلفت الدولة السودانية مليارات الدولارات، وعدم استصحاب أصحاب المصلحة في صناعة هذه السياسات. مالم يتم استكشاف احتياجات المواطن واشراكه في عملية التخطيط سيكون ذلك أحد اهم اسباب الفشل الاقتصادي في السودان، ان الحرب الشاملة الآن بين بقاء الدولة السودانية الحديثة، او اللا دولة التي بدأها كتشنر راعي المصالح الاستعمارية في السودان تحتاج منا الي إعادة تأسيس العملية الاقتصادية بصورة ديمقراطية ومع أصحاب المصلحة الحقيقين من المواطنين (أصحاب الحق)، ولتعزيز الشراكات والتي تشمل قطاعات المجتمع والقطاع الخاص والعام والقطاع التعاوني "المهمل" والذي يساهم في تعزيز قيمة المواطنة وتعزيز مؤسسية المجتمعات ويضع عليها مسؤولية سد احتياجاتها عند الطوارئ.
القطاع التعاوني "المهمل"
من أجل دعم بيئة مستقلة مستدامة ومواتية لتحقيق أهدافها والاستفادة من التعاونيات في ظل الحرب والكوارث الطبيعية وما بعدها. يستوجب ذلك عملاً منهجياً حتي تساهم بفاعلية في نجاح هذه الخطط وتثبيت وتطبيق مبدأ"لمجتمع يقود الدولة " او "التنمية من أسفل الي أعلي" خاصة في ظل التحديات الهائلة التي تواجه السودان الآن، وبِصورة أخص فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسلام الإيجابي، ان الاقتصاديات التعاونية او التشاركية كونها وبمختلف أنواعها في كل القطاعات من تعاونيات العمال (A worker co-op)، وتعاونيات أصحاب المصلحة المتعددين (A multi-stakeholder co-op)، وتعاونيات الإنتاج أو التسويق (A producer´-or-marketing co-op)، والتعاونيات المالية (A financial co-op)، والتعاونيات الاجتماعية (A social co-op)، وتعاونيات الخدمات المشتركة (A shared services co-op)، والتعاونيات الاستهلاكية (A consumer co-op)، لم يعد مصطلح الاقتصاد التشاركي، الذي يعرف أيضا باسم الاقتصاد التعاوني، أو اقتصاد المشاركة، واقتصاد الواحد لواحد " Peer-to-Peer Economy" ظاهرة جديدة، حيث يتجه المزيد من الأفراد نحو تقاسم الموارد، والخدمات، والأفكار، والمعلومات، وغيرها. الاستهلاك التعاوني أو اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التشاركي هو ممارسة لتشارك الموارد البشرية من خلال خدمات فرد لفرد والاستعاضة عن الملكية التقليدية بالتقاسم والإقراض والاقتراض. يسمح هذا النموذج الاجتماعي الاقتصادي للشركات/ المؤسسات/ المجموعات بتخفيض تكاليف خدمات معينة للعملاء بشكل كبير وزيادة العوائد عن طريق إلغاء النفقات مثل الأصول غير المنقولة والاستثمارات الأخرى كما أنه أسلوب للاستفادة من الأشياء غير المستخدمة، وقوة العمل، والموارد التعليمية، والصحية. ويمكن القول إنه وسيلة لتخفيف حقوق ملكية الأشياء وتعزيز حقوق استخدامها، من أجل تقاسم الموارد والمواد والتقنيات الخاصة، غير المستغلة أو الزائدة عن الحاجة، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
في العموم فإن التعاونيات أساس لا بد منه لتهيئة بيئة اجتماعية جديدة، والمساعدة في تنظيم الإنتاج وبدون مساهمة التعاونيات سيصبح من الصعوبة بمكان بلوغ هدف اعادة تنظيم الاقتصاد في السودان والامن الغذائي على أساس مستدام" كما قال بذلك ألبرتو مارتينيز، أحد زعماء حركة العمال البرازيليين المُعدمين "MST"، والعضو العامل في إطار تعاونية زراعية صغيرة بجنوب البرازيل.
إن القصور في فهم طبيعة التعاونيات يظهر في ممارسة المُجتمع السوداني لنوع معين من التعاونيات وبفهم معين خاطئ ويشمل ذلك غالبية المسئولين ومتخذي القرار والمختصين، وحتي المختصين في الاقتصاد وقضايا التنمية والعلوم الاجتماعية والجمهور بصفة عامة في السودان مما أدي الي ضعف التعاونيات ونُموها البطيء بسبب الخلط بين المفهوم الخيري "المنظمات، الجمعيات الخيرية، الشركات المحدودة بالضمان غير الربحية “والنقابات والمفهوم التعاوني الصحيح والفكرة التعاونية من منطلقاتها العالمية والإنسانية، إن الجمعيات التعاونية تُعد أهم الركائز والوسائل الفاعلة لتحقيق تطلعات المُجتمع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأنها تتيح وتفتح المجال للمشاركة الشعبية الاختيارية الحرة من مختلف شرائح المجتمع خاصة النساء والشباب والحِرفيين والأشخاص ذوي الإعاقة وطلاب المدارس والجامعات، وأصحاب الدخول المنخفضة والمحدودة، وتفتح مجالات متنوعة للاستثمار، ان ثقافة العمل التعاوني التي يرعاها الحلف التعاوني الدولي( ICA )مُتطابقة في قيمها ومبادئها مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان العالمية، وأن القطاع التعاوني في كثير من الدول، يعد ثالث قطاع مع القطاعين الحكومي والخاص بالإضافة لِلقطاع المختلط، فالتعاونيات (كمنظمات أعمال حديثة) تستهدي بما توصلت اليه الحركة التعاونية العالمية من العلم والمعرفة المتطورة والتجارب التعاونية العالمية الناجحة الممتدة لما يقارب 200 عاماً، فالجمعية التعاونية بِناء اقتصادي، اجتماعي تتألف من مجموعة أشخاص في إطار قيم ومبادئ التعاون، لديهم القُدرة علي التطوع والتبرع بوقتهم لِلعمل فيها بسبب التركيز المجتمعي للتعاونيات والقيمة الكامنة المتشكلة في القيم التعاونية الآتية الديمُقراطية (Democracy)، والمُساعدة الذاتية والاعتماد على النفس (Self-help)، والمسؤولية الذاتية (Self-responsibility)، والعدالة (Equity)، والمساواة (Equality)، والتضامن (Solidarity).
إن الأشخاص المؤسسين للتعاونية لابد من ان تكون لديهم الدوافع والرغبة لتحقيق هدفهم المشترك الذي يتفقون عليه فبجانب الدوافع الربحية هنالك دافع اجتماعي مما يعزز بجعل التعاونيات مختلفة لبناء اقتصاد أكثر شُمولاً (Build a more inclusive economy).
إن الاجماع واسع النطاق بين العديد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك الأمم المتحد (UN)، ومنظمة العمل الدولي (ILO)، والتحالف التعاوني الدول (ICA)، بأن التعاونية هي نوع المنظمة الأكثر ملاءمة لمعالجة جميع أبعاد الحد من الفقر والاستبعاد، والطريقة التي تساعد بها التعاونيات في الحد من الفقر مهمة فهي تحديد الفرص الاقتصادية لأعضائها، عبر تمكين المحرومين من الدفاع عن مصالحهم، وتوفير الأمن لـلفقراء من خلال السماح لهم للوصول للخدمات أو التمويل.
سياق ملخص مسار الاقتصاد السوداني من الاستعمار حتى الأزمات الحالية
العهد الاستعماري (1899–1956):
العهد الذي بدأ بإيقاف كتشنر لميناء سواكن في أغسطس 1899 عندما كان حاكما عليها، وبالتالي منع تدفق شحنات الحبوب (لزعزعة قدرة اعداءها من اتباع الحركة المهدية الذين كانوا يحاربونه)مما زاد من وطأة مجاعة سنه سته 1306 هجري التي ضربت انحاء السودان والتي ساهم الجفاف وغزو الجراد للمنطقة الشرقية للبلاد والاساس الاقتصادي المختل للدولة المهدية، و سياستها المالية التي أخفقت في التعرف على المشاكل الاقتصادية والمالية المحيطة بالبلاد، وعلى محاولة حلها، وظلت الدولة المهدية أسيرة شعاراتها دون أن تقدم لأنصارها ما وعدتهم به من مساواة اجتماعية وتوزيع عادل لثروة البلاد وفي عدم قدرتها علي مجابهة هذه المجاعة، بعد المهدية ايضا توالت المجاعة التي القت بثقلها علي الاقتصاد مجاعة سنة 1870 في بحر الغزال نتيجة هطول الامطار بغزارة شديدة وتلف المحاصيل وفي 1879 في ذات المنطقة حدثت مجاعة محدودة اخري نتيجة قلة الامطار، ضربت المجاعة مرة أخري وهلك نصف السكان الي ثلاثة ارباعهم في مجاعة 1913-1914 في دنقلا كمثال نفقت الماشية ومات اعداد كبيرة من الناس، لم يكد يتنفس الناس الصعداء حتي جاءتهم الفيضانات في العام 1916-1917 وحتي تلك المحاصيل التي نجت دمرتها عاصفة هرمتان "Harmattan" القوية القادمة من الشمال الشرقي، كانت الإغاثة الإنسانية هي السياسة التي اتبعتها الحكومة.
ركز الحكم الثنائي الإنجليزي-المصري على الزراعة المروية والسكك الحديدية، دون النظر إلى تحقيق تنمية اقتصادية متوازن كما انه لم يعامل السودان ككيان واحد ففي العام 1930 صرح السكرتير الإداري الاستعماري أن جنوب السودان يجب ان يتماشى مع الاتجاه الافريقي لشرق افريقيا البريطاني بدلا من مصر والشمال، وفي هذه الحقبة ذهبت الاستثمارات الحكومية بشكل أساسي إلى مشاريع بعينها مثل بناء محالج القطن ومصانع عصر البذور الزيتية، وكمساعدات لتطوير انظمة الري كما تم البدء في مساحات محدودة لتطبيق الزراعة الآلية كل ذلك خلال الحرب العالمية الثانية أدى هذا الإهمال إلى أزمات، بما في ذلك المجاعات والنزاعات القبلية. استغل الاستعمار التوترات القبلية لتعزيز سيطرته، وسلح بعض القبائل، مثل الكبابيش، لحماية طرق البضائع ضد الآخرين مثل بني جرار الذين كانوا يغيرون على قوافل البضائع والذين اضطروا الي الذهاب الي دارفور ليطردوا منها بأمر من سلطان دارفور بعد ان اغاروا علي قافلة تتبع له ليعودوا فيتم استيعابهم من قبل الكبابيش. وبذلك رسخت الحكومة الاستعمارية بمفهوم الميكا فيلية لمفهوم اللاعب المسلح خارج الدولة (Non-State Violent Players).
فترة ما بعد الاستقلال (1956–1972):
مع استقلال السودان في عام 1956، بدأ السودان مسيرته في بناء دولة مستقلة. إلا أن الحكومة واجهت تحديات كبيرة، من أبرزها نقص الموارد المالية والخبرة.
محاولات التنمية
بدأت الحكومة بخطط خمسية متتالية، لكنها فشلت بسبب غياب الموارد والخبرة.
• الخطة الخماسية الأولى (1946-1950): وضعتها الحكومة الاستعمارية لتوسيع الاقتصاد، لكنها فشلت بسبب قلة التمويل.
• الخطة الخماسية الثانية (1951-1956): عانت من نقص الخبرة والموارد، ما أدى إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوة.
تمرد 1955 والحرب الأهلية الأولى
اندلع تمرد من قوات جنوب السودان قبل الاستقلال الرسمي، مما أشعل فتيل الحرب الأهلية الأولى بين الشمال والجنوب التي استمرت حتى عام 1972، وأسفرت عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص. أدى هذا الصراع إلى نزوح واسع وأثّر سلبًا على التنمية الاقتصادية.
التنمية الاقتصادية والصناعية
• خلال نهاية الخمسينات، ساهم القطاع الخاص في توسيع الزراعة المروية، وبدأت الدولة في تطوير الصناعة.
• مشاريع صناعية بين 1949 و1952: تم إنشاء مصنع تجهيز اللحوم، ومصنع للأسمنت، ومصنع للجعة، ما ساهم في تعزيز البنية التحتية الاقتصادية.
التنقيب عن النفط والخطة العشرية
أطلقت الحكومة خطة تنموية طويلة الأجل بتكلفة 565 مليون جنيه سوداني بين 1961 و1972، شملت التنقيب عن النفط في البحر الأحمر عام 1959.
• هدفت الخطة إلى تطوير البنية التحتية، تعزيز الصادرات، والاكتفاء الذاتي الغذائي.
• فشلت الخطة بسبب نقص التمويل، وأدت الأزمات السياسية المستمرة إلى مزيد من العجز في ميزان المدفوعات.
التوترات الإقليمية وتأسيس الحركات السياسية في الشرق وفي دارفور
• تأسس مؤتمر البجا الوطني عام 1958 ليصبح حزباً سياسياً في 1965، مطالباً بتحسين الأوضاع الاقتصادية في شرقي السودان.
• تصاعدت المطالب بالعدالة في دارفور، وأُنشئت جبهة نهضة دارفور عام 1964 للتصدي لعدم المساواة التنموية.
الخطط اللاحقة (1970-1985) حتى العام (1989)
الخطة الخماسية (1970-1975): وضعت حكومة مايو خطة اقتصادية بمساعدة خبراء سوفييت بعد انقلاب 1969، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة.
الخطة السداسية (1977-1983): اعتمدت على نهج التنمية الاشتراكية، وتم تمديدها ببرنامج عمل مؤقت لإزالة اختناقات النقل وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلا أن الأزمات المالية والفساد أعاقت نجاحها.
برنامج التدخل الخارجي والديون (1977-1985): تدخل البنك الدولي لتطبيق سياسات جديدة تتعلق بسعر الصرف، لكنها لم تحل المشاكل الاقتصادية. أدى تدهور الصادرات والعجز التجاري إلى زيادة ديون السودان، التي بلغت 9 مليارات دولار.
التضخم وتهريب رؤوس الأموال (1978-1985): شهدت هذه الفترة تضخمًا بنسبة 37%، وتمت أكبر عملية تهريب رؤوس أموال ضخمة إلى الخارج. تم تقدير رأس المال الهارب بين 11-19 مليار دولار. اتهم القطاع المصرفي السوداني بتمويل عمليات تهريب رأس المال من خلال السوق السوداء للنقد الأجنبي. كان القطاع المصرفي مملوكًا للدولة بنسبة 60% تدهور الجنيه السوداني وانخفض مقابل الدولار، مما أثر سلبًا على التجارة وزاد من الأزمات المالية.
الحرب في دارفور والتنمية في الجنوب: بدأت جذور الصراع في دارفور بتجنيد المرحلين في دارفور وكردفان، وبدأت مشاريع الري واستكشاف النفط في الجنوب. تجددت الحرب الأهلية في 1983 بعد خلافات حول إدارة الموارد النفطية، مما أدى إلى توقف أعمال شركة شيفرون.
الأزمات الاقتصادية والجفاف والمجاعة (1980-1991): شهدت هذه الفترة جفافًا شديدًا ومجاعات، الي توقف شيفرون عن العمل وتعليق اعمالها، بذلت الجهود لأسلمة الاقتصاد في عام 1984 وأعاقت تنفيذ الخطة الاقتصادية. حدث بين عامي (1978 و1985) ان ازدادت اسعار المحروقات، وانخفض الإنتاج الزراعي والصناعي من حيث نصيب الفرد، وقد ساعد ايضاً في انخفاض الإنتاج الجفاف والمجاعة المصاحبة والتي امتدت في الفترة (1980-1991)، وتدفق أكثر من مليون لاجئ "Refugees " من إريتريا وإثيوبيا وتشاد وأوغندا، واضف لذلك النازحين (Displaced) بسبب الحرب الأهلية السودانية الثانية، التي استؤنفت عام (1983)، والذين قُدر عددهم بين (1.5 مليون و3.5 مليون) نسمة
أدى هذا الوضع إلى اندلاع انتفاضة 1985 التي أطاحت بالنظام.
البرنامج الرباعي (1988-1992): سعت الحكومة لتخفيف آثار الجفاف والمجاعة عبر برنامج تنموي، لكن الأزمات المالية استمرت بسبب الديون والتضخم، إلى جانب تكاليف الحرب في الجنوب.
فترة الإصلاحات الاقتصادية قبل انتفاضة 2019 (1989-2019)
بدأت فترة الإنقاذ 1989، حيث سعت الحكومة إلى تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني. ومع مرور السنوات، تم إدخال سلسلة من الإصلاحات التي أثرت بشكل كبير على النسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. فيما يلي تفاصيل الإصلاحات الاقتصادية والسياسات التي تم تنفيذها حتى انتفاضة 2019
الإصلاحات المبكرة (1989-1992)
في السنوات الأولى، طبقت حكومة الإنقاذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية:
1. تقليص الإنفاق الحكومي: في محاولة للحد من العجز المالي، قامت الحكومة بخفض الدعم على السلع الأساسية وخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات.
2. الخصخصة: شرعت الحكومة في بيع الشركات الحكومية للمستثمرين المحليين والأجانب، ولكن العملية أثارت جدلاً واسعاً بسبب الافتقار للشفافية وعدالة التوزيع.
3. تحرير سعر الصرف: تم تحرير سعر صرف الجنيه السوداني، مما أدى إلى تقلبات حادة في قيمة العملة، وأثر ذلك سلباً على الاستقرار الاقتصادي.
4. إعادة هيكلة القطاع المصرفي: تبنت الحكومة نظام المصارف الإسلامية وأجرت إصلاحات لجعل المصارف أكثر فعالية. بدأت البنوك تقدم التمويل بصيغ إسلامية، وسيطر اليمين الإسلامي على النظام المصرفي.
السياسات الاقتصادية خلال التسعينات (1992-2002)
خلال هذه الفترة، قامت الحكومة بتطبيق استراتيجية قومية شاملة مستندة إلى توصيات صندوق النقد الدولي، بما في ذلك:
1. الخصخصة الشاملة وتبني اقتصاد السوق: شملت تصفية مؤسسات القطاع العام لصالح القطاع الخاص، مع تحرير الأسعار، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف وازدياد معدلات الفقر.
2. زيادة عبء الديون: بسبب الاقتراض لسد العجز المالي وتمويل المشاريع، وصلت الديون إلى حوالي 60 مليار دولار، مما زاد من الضغوط على الاقتصاد.
3. تدهور القطاعات الزراعية والصناعية: واجه السودان تدهوراً في الإنتاج الزراعي والصناعي، مع تفاقم النشاط الطفيلي الذي أثر على الاقتصاد الوطني.
أزمة فقدان النفط بعد انفصال جنوب السودان (2011)
مع انفصال الجنوب، فقد السودان حوالي 75% من احتياطاته النفطية. أدى ذلك إلى:
1. صدمة اقتصادية: فقد السودان مصدرًا كبيرًا من الإيرادات النفطية، ما أحدث فراغًا ماليًا كبيرًا وأضعف الميزان التجاري.
2. اتفاقية الخيار الصفري: في 2012، وافق السودان على تحمل جميع الديون الخارجية بعد الانفصال، بشرط حصوله على تخفيف أعباء الديون. لم يتم تنفيذ هذا الشرط بفعالية مما زاد من حدة الأزمة.
التحولات الاقتصادية قبل الانتفاضة (2015-2018)
مع تزايد الضغوط الاقتصادية، نفذت الحكومة بعض الإصلاحات المتأخرة:
1. رفع الدعم عن السلع الأساسية: في محاولة لتقليص العجز المالي، رفعت الحكومة الدعم عن الوقود والخبز، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وأثار موجة من الغضب الشعبي.
2. إطلاق برنامج الإنقاذ الاقتصادي: بعد رفع العقوبات الأمريكية في 2017، حاولت الحكومة تحسين الاقتصاد من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتحرير بعض قطاعات السوق، لكن النتائج كانت محدودة.
3. التضخم وتهريب الأموال: في ظل تدهور قيمة العملة وارتفاع التضخم، واجه السودان موجة هروب رؤوس الأموال الثانية عقب تلك التي حدثت في السبعينيات، ما زاد من صعوبة تحقيق استقرار اقتصادي.
انتفاضة ديسمبر 2018 - أبريل 2019
أدى رفع الدعم عن الوقود في ديسمبر 2018 إلى ارتفاع حاد في تكاليف المعيشة. أشعلت هذه الأزمة احتجاجات شعبية واسعة طالبت بالإصلاحات، وسرعان ما تصاعدت إلى انتفاضة أفضت إلى سقوط النظام في 11 أبريل 2019. وقد كانت الأسباب الرئيسية لهذه الانتفاضة:
1. التدهور المعيشي وزيادة الفقر: بلغت نسبة الفقر حوالي 95%، كما ارتفع التضخم لأكثر من 45%، ما أثر بشدة على حياة السودانيين.
2. فشل السياسات الاقتصادية: كانت السياسات الإصلاحية غير كافية ولم تعالج المشاكل الأساسية، كالعجز التجاري وزيادة الديون.
3. الفساد الإداري والمالي: أدى تركز السلطة في يد فئة معينة إلى تفشي الفساد، وتفاقم النشاط الطفيلي في القطاعين العام والخاص. رغم تأسيس مفوضية لمكافحة الفساد.
باختصار، أدت السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومة الإنقاذ إلى تدهور مستمر في الاقتصاد السوداني، مما جعل البيئة الاقتصادية والسياسية غير مستقرة. ومع ازدياد معدلات التضخم والفقر، تراكمت الضغوط حتى بلغت ذروتها في انتفاضة 2019 التي أنهت حكم الانقاذ.
انتفاضة 2018 والحكومة الانتقالية
أشعل رفع الدعم عن الوقود في ديسمبر 2018 انتفاضة شعبية، مما أدى إلى سقوط النظام في أبريل 2019. حاولت الحكومة الانتقالية إصلاح الاقتصاد، متبعةً مرة أخري كسابقاتها من الحكومات برنامج صندوق النقد الدولي للحصول على إعفاءات ديون وإعادة تأهيل الاقتصاد وعبر مبادرات مثل "برنامج ثمارات" للدعم النقدي (UBI). وبرنامج سلعتي كانت تدعي ان هذه المبادرات لتخفيف اثار الإصلاحات على محدودي الدخل كانت هذه الإصلاحات متنازع عليها، بين حاضنة الحكومة والحكومة وأيضا بسبب مطالبة البنك الدولي للشركات التابعة للجيش لتكون تحت إشراف وزارة المالية.
تفاصيل فترة الحكومة الانتقالية (2019-2021) مع الإشارة إلى التعويضات المدفوعة والتحديات السياسية
بعد سقوط حكومة الانقاذ في 11 أبريل 2019، بدأت الحكومة الانتقالية وضمن العمل على تنفيذ برنامج اقتصادي واسع النطاق، يتمحور حول إصلاحات بموجب خطة صندوق النقد الدولي (SMP) كان الهدف الأساسي من هذا البرنامج هو تخفيف ديون السودان من حوالي 60 مليار دولار إلى أقل من 15 مليار دولار عبر مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، وكذلك جذب الاستثمارات الدولية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
الإصلاحات الأساسية
1. إجراءات رفع الدعم وتقديم الدعم النقدي:
o شمل برنامج الإصلاحات رفع الدعم عن الوقود والقمح والطاقة، مما أدى إلى زيادة أسعار هذه السلع بشكل كبير. ولتخفيف أثر هذه الإصلاحات على المواطنين، أطلقت الحكومة برنامج "ثمرات"، الذي يوفر دعماً نقدياً مباشراً يقدر بـ 5 دولارات شهرياً للفرد، بهدف تحسين معيشة الأسر.
o أثارت هذه الإجراءات ردود فعل واسعة، حيث دعت قوى الحرية والتغيير إلى بدائل تتضمن تحسين هيكل الضرائب، وإيقاف الإعفاءات الجمركية، والاستفادة من الأموال المستردة من خلال لجنة إزالة التمكين.
2. التعامل مع ديون السودان:
o مع تطبيق الإصلاحات، سعى السودان للحصول على إعفاء من الديون، وكان الهدف الوصول إلى "نقطة اتخاذ القرار" لمبادرة “HIPC بحلول 2021، التي مكنته من تخفيض الديون المستحقة بنسبة 86%، بما يعادل إعفاء 42.7 مليار دولار.
o بعد شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في ديسمبر 2020، أصبحت الطريق ممهدة أمام السودان لاستقبال مساعدات دولية، التي تضمنت تدفق استثمارات من البنك الدولي وصندوق التنمية الإفريقي لتمويل مشاريع التنمية.
3. جذب الاستثمارات وإعادة دمج السودان في المجتمع الدولي:
o في إطار تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، دفع السودان 335مليون دولار كتعويضات لصناديق ضحايا الإرهاب، كجزء من اتفاق لإزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ساهم هذا الي حد ما في تحسين العلاقات الدولية وفتح المجال للاستثمارات والمساعدات الدولية.
o أدى شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلى جذب استثمارات جديدة للبلاد. تم فتح باب التمويل لمشاريع استراتيجية في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والتعليم.
التحديات السياسية والاقتصادية
1. الصراع السياسي الداخلي وتداعياته على الحكومة الانتقالية الأولى:
o كانت الحكومة الانتقالية الأولى تتألف في معظمها من شخصيات غير حزبية، ومع ذلك، واجهت مقاومة من قوى الحرية والتغيير التي سعت إلى توسيع تمثيلها السياسي من خلال مقاعد في الحكومة. أدى ذلك إلى توترات سياسية، إذ سعت قوى الحرية والتغيير إلى عرقلة سياسات الحكومة الانتقالية الأولى بغرض إحداث تغييرات تتيح لها دوراً أكبر في الحكومة الثانية.
o دعت قوى الحرية والتغيير إلى إصلاحات اقتصادية إضافية، ورفضت قبل دخولها الحكومة تحرير سعر الصرف في المقابل دعت لتنظيم القطاع المصرفي، وإعادة هيكلة الشركات الحكومية، وإنشاء بورصة للذهب. وكان هذا يعكس سعيها لإعادة توزيع السلطة الاقتصادية بشكل يخدم مصالحها السياسية.
2. تفاقم الأزمة الاقتصادية:
o مع ارتفاع التضخم إلى ما يزيد عن 100% في 2020، تأثرت حياة السودانيين بشكل كبير، حيث ارتفعت تكلفة المعيشة وانخفضت القدرة الشرائية للمواطنين. كما تأثرت سلسلة التوريد بسبب الإغلاق خلال جائحة كوفيد-19، مما زاد من تدهور الاقتصاد.
o ورغم تشكيل لجنة اقتصادية في أبريل 2020 للتعامل مع الأزمة، إلا أن التحديات ظلت قائمة في ظل محدودية الموارد المالية وارتفاع الطلب على الإنفاق التنموي.
3. اتفاقية السلام وتوسيع قاعدة الشراكة:
o وقعت الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2020 اتفاقية سلام مع عدد من الحركات المسلحة الرئيسية، مثل حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة. هدفت الاتفاقية إلى إنهاء الصراعات المستمرة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، مما مهد الطريق لتوسيع قاعدة الشراكة السياسية.
o كانت مشاركة العديد من الرعاة، بما فيهم دولة الإمارات، خطوة إيجابية نحو دمج السودان في المجتمع الدولي، إلا أن الإمارات كانت تسعى إلى تعزيز نفوذها الإقليمي في السودان. وقد تجلى ذلك لاحقاً بدعمها لـقوات الدعم السريع في نزاعها ضد الحكومة السودانية، حيث قامت الإمارات بدور بارز في دعم تلك المليشيات وتوسيع تأثيرها في النزاع.
4. التحديات الاقتصادية المرتبطة بالديون:
o رغم التقدم في ملف إعفاء الديون، كانت البلاد مطالبة بسداد 128 مليون دولار سنوياً في الفترة ما بين 2021 و2024. هذا العبء كان يمثل تحدياً للحيّز المالي المتاح للإنفاق على المشاريع التنموية، في وقت كانت فيه الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية تتزايد.
نتائج الإصلاحات قبل نهاية الفترة الانتقالية
مع نهاية الفترة الانتقالية، ورغم التقدم المحرز في ملف الديون وإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ظل السودان يواجه تحديات كبيرة. وعلى الرغم من الاستثمارات والمساعدات المتوقعة، كانت الحياة اليومية للمواطنين لا تزال متأثرة بالتضخم وارتفاع الأسعار. كانت جهود الحكومة منصبة على تحقيق الاستقرار، لكن الأوضاع الاقتصادية والسياسية ظلت معقدة، مما أسهم في جعل هذه الفترة مرحلة انتقالية غير مستقرة، وضعت أسساً لمستقبل مليء بالتحديات.
بعد الإجراءات التي قامت بها القوات المسلحة في 25 أكتوبر 2021
تم تعليق عملية إعفاء الديون، مما اوقف المكتسبات الاقتصادية السابقة. خسر السودان حوالي 4.6 مليار دولار من المساعدات التنموية، بما في ذلك 2.6 مليار دولار من مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، كانت مخصصة لمشاريع حيوية في قطاعات الزراعة والري والطاقة والصحة. كما أوقف المانحون الأجانب حوالي 580 مليون دولار من برنامج دعم الأسر (ثمرات)، وأوقفت الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 700 مليون دولار كانت قد بدأت بتسليم 350 ألف طن متري من القمح لدعم الخبز. وفي يونيو 2022، علّقت دول نادي باريس إعفاء ديون السودان، مشترطة قيام حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.
في 21 نوفمبر، وافقت القوات المسلحة للمرة الثانية وضمن اتفاق مع رئيس الوزراء الذي طالته الإجراءات لعودته لرئاسة الحكومة السودانية وعودة الحكم المدني
استمرت الاحتجاجات. وفي 22 نوفمبر، أُطلق سراح سياسيين معتقلين منذ الاجراءات، وفي 24 نوفمبر، أوقف رئيس الوزراء كل التعيينات والإعفاءات المدنية التي تمت خلال فترة توقيفه لمراجعتها.
في 2 يناير استقال رئيس الوزراء. عقب استمرار المظاهرات في 19 ديسمبر ضد الحكومة، وحتى 30 ديسمبر، وبدعم من قوي الحرية والتغيير التي عارضت الاتفاق وعارضت عودته.
في أعقاب فترة من الجمود السياسي في السودان، وافقت القوات المسلحة للمرة الثالثة لعودة الحكم المدني
علي توقيع اتفاق إطاريً في ديسمبر 2022، بهدف الانتقال إلى حكم مدني جديد. وهنا بضم الدعم السريع في الجيش والذي تضخمت مؤسساتها الاقتصادية الخاصة ليطالب الدعم السريع بمهلة تصل إلى عشر سنوات للاندماج الكامل في القوات المسلحة، ما أثار توتراً مع القوات المسلحة التي فضلت تسريع الجدول الزمني للدمج. وكشف ذلك عن خطط الدعم السريع للسيطرة على الدولة وبدعم من دولة الإمارات لتعزيز نفوذها في السودان. ووفرت الإمارات دعماً عسكرياً مباشراً، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والمعدات، وفي صبيحة 15 ابريل 2023 بدأت العمليات العسكرية للدعم السريع ضد الجيش السوداني وبدأت الحرب وتوقف الاقتصاد.
دور التعاونيات الغائب في مسار التنمية والاستجابة للأزمات في السودان:
فترة الحكم الاستعماري (1899–1956)
• مجاعة 1913-1914: خلال هذه المجاعة التي أودت بحياة أعداد كبيرة في دنقلا، كان يمكن للتعاونيات أن تعمل على تحسين الأمن الغذائي عبر تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي وتخزين المواد الغذائية الضرورية. كان بإمكان التعاونيات الزراعية تجميع الموارد الزراعية، وتنظيم توزيعها لتفادي مثل هذه الأزمات، تم رصد تعاونيات الصيادين عام 1921م.
• الأزمة الاقتصادية في الثلاثينات: مع تركيز الحكم الاستعماري على الزراعة المروية ومشاريع محددة مثل القطن، كان من الممكن للتعاونيات دعم الصناعات الصغيرة والزراعة المحلية لتحسين الدخل للمزارعين الصغار وتنويع الاقتصاد. بدأ جهد شعبي لقيام تعاونيات سرعان ما قيدته سلطة المستعمر.
• بعد الحرب العالمية الثانية (1945-1956): بعد نهاية الحرب، كان يمكن للتعاونيات الزراعية أن تساعد في تحسين الإنتاج المحلي لتلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة، وتدعم التعاونيات الصناعية في تنويع الصناعات، وتقليل الاعتماد على السلع المستوردة.
فترة ما بعد الاستقلال (1956–1972)
• خطة التنمية الخماسية الأولى والثانية: على الرغم من أن هذه الخطط واجهت مشاكل في التمويل ونقص الخبرة، إلا أن التعاونيات كانت تستطيع توفير إطار جماعي لدعم المشاريع الزراعية والصناعية. كان يمكن لتعاونيات الائتمان أن تساعد في تقديم التمويل لأصحاب المشاريع الصغيرة، في وقت كانت الموارد الحكومية فيه محدودة.
• الحرب الأهلية الأولى (1955–1972): خلال الحرب، كان يمكن للتعاونيات المجتمعية أن توفر شبكة أمان للمواطنين المتأثرين، عبر تقديم الدعم الغذائي وخدمات الرعاية الصحية في المناطق المتضررة. يمكن أن تعمل التعاونيات كوسيلة لتقوية التماسك الاجتماعي وتعزيز السلم بين المجتمعات المتصارعة.
السبعينات وحتى منتصف الثمانينات (1970-1985)
• مشاريع التنمية (الخطة الخماسية 1970-1975 والخطة السداسية 1977-1983): بالرغم من أن هذه الخطط ركزت على التنمية الاشتراكية والمشاريع الكبرى، إلا أن التعاونيات كانت تستطيع توفير إطار لدعم التنمية المحلية عبر تقديم التدريب التقني والدعم المالي للمزارعين والعاملين في القطاعات الصغيرة، مما يعزز من الاستدامة ويقلل الاعتماد على المشاريع الحكومية الكبرى.
• أزمة الديون والتضخم في الثمانينات: مع تزايد الديون والتضخم، كان بإمكان التعاونيات أن تساهم في دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. تعاونيات الائتمان كانت تستطيع توفير بدائل تمويلية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمزارعين لمساعدتهم على التغلب على الضغوط الاقتصادية.
أواخر الثمانينات حتى منتصف التسعينات (1989-1996:
• سياسات الخصخصة والليبرالية الاقتصادية: في ظل الخصخصة التي أجرتها الحكومة، كان يمكن للتعاونيات أن تلعب دورًا في تمكين المواطنين من خلال تأسيس مشروعات صغيرة تعتمد على الشراكة المجتمعية. التعاونيات الإنتاجية كانت تستطيع تعزيز اقتصاد السوق المحلي وتقليل الفقر عبر توفير فرص العمل.
• الحرب الأهلية الثانية (1983–2005): التعاونيات كان بإمكانها توفير إطار لدعم اللاجئين والنازحين من مناطق الصراع، عبر تقديم الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والتعليم، والعمل على تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال تقديم فرص عمل مشتركة تعزز من التعاون بين المجتمعات المتضررة.
فترة ما بعد انفصال جنوب السودان (2011)
• فقدان العائدات النفطية: بعد انفصال الجنوب وفقدان 75% من عائدات النفط، كان يمكن للتعاونيات دعم القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والتجارة والحرف اليدوية. التعاونيات الزراعية والصناعية كانت تستطيع تعزيز الاستقلال الاقتصادي للسودان وتقليل تأثير فقدان الإيرادات النفطية.
• تطبيقات الشمول المالي في المناطق الريفية: التعاونيات الائتمانية كان يمكنها دعم التمويل الصغير لأصحاب المشاريع والمزارعين، وبالتالي تقليل الفجوة الاقتصادية بين المناطق الحضرية والريفية.
. فترة الاحتجاجات الاقتصادية (2018-2019)
• انتفاضة ديسمبر 2018: خلال الأزمة الاقتصادية التي تسببت في الانتفاضة، كان يمكن للتعاونيات تقديم الدعم للمتضررين عبر توفير المواد الغذائية الأساسية بأسعار معقولة، وتقديم الخدمات الطبية والتعليمية للمجتمعات المتأثرة. تعاونيات الائتمان كانت تستطيع تسهيل حصول المواطنين على التمويل بطرق سهلة وبديلة عن النظام المصرفي التقليدي.
الوضع الراهن وأزمة النزاع المسلح (2023)
• النزاع الحالي بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع: التعاونيات المجتمعية يمكن أن توفر الدعم العاجل للنازحين داخليًا وتقديم المساعدات الإنسانية. التعاونيات الزراعية والإنتاجية يمكن أن تسهم في تحسين الأمن الغذائي للمتضررين وتوفير وسائل لاستعادة سبل العيش.
في كل هذه المراحل، كانت التعاونيات توفر بنية تحتية اجتماعية واقتصادية قوية لدعم السودان. عبر تقديم تمويل جماعي، وإدارة موارد محلية، وتعزيز التنمية المستدامة، كان من الممكن للتعاونيات تحسين نوعية الحياة وتقليل تأثير الأزمات المختلفة التي واجهتها البلاد
الحرب الدائرة الآن
تسببت في أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل كبير نتيجة النزوح الجماعي وفقدان مصادر الدخل، خاصة في العاصمة الخرطوم. بسبب توقف المصانع والشركات والمحلات التجارية، فقد عدد كبير من المواطنين وظائفهم، مما أثر بشدة على الشباب والنساء.
بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 25 مليون شخص، من بينهم 14 مليون طفل، يحتاجون الآن إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ويواجه أكثر من 17.7 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يتعرض 4.9 مليون شخص لخطر المجاعة. ومنذ بدء الصراع، نزح حوالي 8.6 مليون شخص، مما يجعل أزمة النزوح في السودان واحدة من الأكبر على مستوى العالم.
القطاع الصناعي في السودان يعاني
تشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر فيه قد بلغت 80 مليار دولار حتى نوفمبر 2023.
توقف أكبر مشروع زراعي في البلاد
توقف مشروع الجزيرة عن العمل مما يؤثر على حوالي 80% من صادرات السودان. ويعتبر السودان موردًا أساسيًا للصمغ العربي عالميًا، حيث يمثل 70% من الإنتاج العالمي، لكن النزاع أثر على حزام الصمغ العربي الذي ينتشر في مناطق النزاع في دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
في قطاع الطاقة
شهد السودان انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي، مع تغطية حالية محدودة تصل إلى 40% فقط من حاجات السكان.
انخفاض قدرة شركات الاتصالات
ففيما يستخدم الموبايل “الهاتف المحمول” (32.83 مليون)شخص بما يعادل (76%) من مجموع السكان تغطيهم (4) شركات اتصالات وهي زين، سوداني، أم تي أن، للهاتف السيار، إضافة إلى شركة كنار للهاتف الثابت، وجميعها مزود للجمهور بخدمة المكالمات الصوتية والانترنت وحاليا نتيجة تدمير محطات اللاسلكي وعدم توفر الوصول الي ابراج الاتصالات في ناطق النزاع تعمل هذه الشركات بـــــــــ(20%) من فعاليتها وبرغم ذلك يعتمد عليها المواطنين بصورة اساسية في الخدمات البنكية عبر الانترنت وفي عمليات الانذار ومعرفة مسارات الطرق الآمنة في حين تبلغ نسبة التغطية بخدمة الاتصالات في البلاد (60%) إلى 20% من طاقتها التشغيلية المعتادة، مما أثر على الخدمات البنكية والتواصل في ظل انعدام الأمن المتزايد.
فقدت الحكومة السودانية 85% من إيراداتها
تدهورت قيمة العملة بنسبة 70%، مما أسفر عن ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية بنسبة 73%، وتراجع إنتاج الحبوب بنسبة 40%، وفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (FAO)..
تعطل حوالي 100 فرع مصرفي رئيسي وحيوي من إجمالي 427 فرعًا على مستوى البلاد
فقدت هذه البنوك نحو 38% من رأس مالها بسبب النهب والدمار الذي لحقها، مما أثر سلبًا على الخدمات المالية والبنكية الأساسية. وأثرت بشكل كبير على قدرة المواطنين على الوصول إلى أموالهم أو إجراء المعاملات المالية الضرورية، بما في ذلك صرف الرواتب والتحويلات المالية المحلية والدولية. نتيجة لذلك، تعطل الاقتصاد المحلي بشدة، وازداد اعتماد المواطنين على السيولة النقدية بشكل مباشر في ظل ضعف الوصول إلى الخدمات الإلكترونية والخدمات المالية الحديثة.
القطاع التعاوني الديواني والشعبي في السودان:
ظهور التعاونيات وتأسيسها
التعاونيات ظهرت في السودان في ثلاثينيات القرن الماضي، مستوحاة من التجربة المصرية، حيث قام السودانيون بإنشاء شراكات تهدف إلى توفير الآلات الزراعية، والأسمدة، وتوسيع الأراضي الزراعية. تأسست أول تعاونية عام 1937 في الولاية الشمالية على شكل شركة تصدر أسهمًا.
التوسع والنمو في التعاونيات
بحلول عام 1944، أُنشئت أول جمعية تعاونية في الجزيرة، حيث دعمت "جمعية ودسلفاب التعاونية" نشاطات كطحن الدقيق والإقراض وتسويق المنتجات، وذلك دون وجود تشريع رسمي ينظم عمل التعاونيات، مستعينة بالنموذج المصري. في نهاية الأربعينيات، حاولت السلطات الاستعمارية إدخال النظام التعاوني في السودان لكن دون جدوى، إذ واجهته التحديات السياسية التي أفرزتها المطالب الوطنية للاستقلال.
التحديات الاستعمارية والسياسية للتعاونيات
في ظل السياسات الاستعمارية، تم ربط التعاونيات بالنظام الاستعماري البريطاني، مما أدى إلى إصدار قانون التعاونيات المستند إلى النموذج البريطاني في عام 1948. فرضت اللوائح قيودًا عديدة، مثل سلطات المسجل الواسعة تجاه التعاونيات، مما أدى إلى رفض تلك اللوائح من قبل تعاونيات في دنقلا والخندق، لما رأت فيه من تقويض للعمل التعاوني الحر.
فترة ما بعد الاستقلال للتعاونيات
بعد استقلال السودان عام 1956، توسعت التعاونيات بتوجيه من ناشطين وطنيين، وانتشرت في أنحاء البلاد، خاصة في الأرياف. تمكنت الجمعيات التعاونية من تطوير هياكل تنظيمية واتحادات تعاونية تقدم الدعم الزراعي، كما توفرت فرص للتدريب في دول مثل الهند، الأردن، وسيريلانكا، لتعزيز قدرات القطاع التعاوني.
تطورات الجهاز الحكومي المشرف علي التعاونيات
منذ استقلال السودان، تناوبت تبعية إدارة التعاونيات على عدة وزارات مختلفة. في عام 1961، أُتبعت التعاونيات بوزارة الاقتصاد والتجارة، ثم وزارة الاقتصاد والصناعة والتموين في 1965، تلتها وزارة العمل والتعاون في 1968. في 1969، انتقلت التبعية إلى وزارة التعاون والتنمية الريفية، وأخيرًا إلى وزارة الحكم المحلي في 1971. ثم استقرت بوزارة التجارة والتموين. هذه التنقلات عكست محاولات مختلفة لدمج التعاونيات في هيكل الدولة والاستفادة من إمكاناتها في التنمية الاقتصادية.
التطور التشريعي لقانون التعاون
شهد قانون التعاون عدة تعديلات منذ تأسيسه، حيث كان أول انطلاقة حقيقية في عام 1948 بناءً على قوانين بريطانية، واستمر التطور التشريعي مع بعض التعديلات بعد الاستقلال في منتصف الخمسينيات. في عام 1952، تم إصدار قانون التعاونيات، والذي ركز بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي، إلا أن هذا القانون واجه رفضًا من قبل الحركة التعاونية نظرًا لأنه لم يعكس مصالحها بفعالية.
كما شهد قانون التعاون العديد من التعديلات الأخرى عبر الحكومات المتعاقبة والأنظمة الانقلابية، مثل قانون 1973، والذي تضمن إعفاءات ضريبية لكنها لم تكن متوائمة مع القوانين الأخرى. تم تعديل القانون مجددًا في 1975، واستمر في التطور حتى عام 1999، حيث تم إدخال تعديلات لدعم أهداف النظام الحاكم آنذاك. وبعد نظام الإنقاذ في 2019، استمرت محاولات تعديل القانون، وتم تقديم مسودة قانون التعاون لعام 2021 خلال الفترة الانتقالية، ولكن لم يتم اعتماده.
ملاحظات حول تطور قانون التعاونيات
• لم تخلو أي وثيقة سياسية للأحزاب السودانية حتى فترة حكم الفريق عبود من الإشارة إلى أهمية التعاونيات في دعم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الاقتصاد الوطني، مما يعكس دور الحراك الشعبي في دفع الاهتمام السياسي في اوراقها فقط.
• ظهر التعاون بوضوح في توصيات المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الاشتراكي، وفي وثائق الميثاق الوطني والدستور خلال ثورة مايو.
• أكدت الخطة السداسية (1977-1983) على تطوير التعاونيات ودعم أنشطتها في تعبئة الموارد للتنمية، مع التركيز على:
1. ترسيخ الفكر التعاوني وزيادة الوعي.
2. دعم الجمعيات التعاونية على كافة المستويات.
3. تدريب الموظفين التعاونيين وتطوير مهاراتهم.
4. تشجيع البحث لتعزيز العمل التعاوني.
• تأهيل موظفي إدارة التعاونيات يعتبر عاملاً مهماً لضمان تغطية القوانين المعدلة لقضايا التعاون، مما يؤثر على فعالية تطبيق القانون.
• الحياد السياسي للدولة تجاه عدم تجيير القطاع التعاوني يعد ضرورياً للحفاظ على استقلالية التعاونيات، وقد ضعف هذا الحياد خلال فترات معينة، مثل فترة الاستعمار وفترة مايو (عند تعديل القانون عام 1982) وفترة حكم الإنقاذ في عام 1999، حيث سعى النظام إلى الحد من أي تنظيم ديمقراطي.
• لم تؤثر الفترات الانتقالية للحكومات على المسار القانوني للتعاونيات بشكل كبير، ولكن جرت محاولات لتعديل القانون خلال فترة الانتقال السياسي بعد ثورة ديسمبر 2019.
• كلما زاد الوعي التعاوني على كافة المستويات، زادت فعالية وتناسق القانون مع احتياجات التعاونيات
التداخلات في القوانين وتأثيرها على التعاونيات في السودان
قانون التعاون وقانون العمل المصرفي (2004) ولائحة تنظيم عمل مؤسسات التمويل الأصغر (2011):
يمنح قانون التعاون لعام 1999 التعاونيات حق الإقراض واستقبال الودائع من أعضائها، لكن لائحة 2011 تقيد التعاونيات من تلقي التمويل من غير الأعضاء. هذا التداخل يتطلب تدخلًا قانونيًا لتفعيل وتوسيع الشبكة المالية التعاونية وتمكين جمعيات الادخار والائتمان التعاونية (SACCOS) من التسجيل لدى بنك السودان الذي لديه عدم ثقة في تعاونيات الائتمان والادخار فلا يمنحها حق التسجيل.
قانون التعاون وقوانين الضرائب المختلفة:
يجب تنسيق آلية واضحة للإعفاءات الضريبية بما يضمن التعاونيات ميزات تفضيلية وفقاً للفصل السابع من قانون التعاونيات، مما يعزز القدرة التنافسية للتعاونيات. وضمان عدم استقلالها بضوابط صارمة ووفق خطة محددة ونظام اعفاء متدرج وشفاف ومراقب.
قانون التعاون وقانون الجمارك (1986 وتعديل 2010):
ينبغي وضع آلية تنسيقية لتمكين التعاونيات من الاستفادة من الإعفاءات الجمركية بشكل شامل عبر تدرج وآليات حوكمة واضحة وشفافة حتى لا تستغل وبآلية مراقبة واضحة، بما يحقق المزايا التفضيلية التي يستحقها القطاع التعاوني.
قانون التعاون وقانون تشجيع الاستثمار (1999 وتعديل 2003):
تنبغي إعادة النظر في الإجراءات لتسهيل حصول التعاونيات على الأراضي الزراعية والصناعية للاستفادة من القطاعات الاستثمارية بشكل مماثل للجهات الاقتصادية الأخرى.
قانون التعاون وقانون سوق الخرطوم للأوراق المالية (1994):
يتطلب التنسيق مع السوق المالية لضمان وصول افراد التعاونيات والتعاونيات إلى التمويل عبر طرح المشاريع التعاونية التجارية التي لا تكون بها أسهم تعاونية "يمنع تداول الأسهم التعاونية في البورصة"، وإتاحة منتجاتها للاستثمار من خلال البورصة، مما يعزز من إمكانيات تمويل المشاريع التعاونية والاستفادة من خدماتها.
ملاحظة هامة:
الأسهم التعاونية نفسها لا تُتداول عادةً في البورصة (Cooperative Shares are Not Typically Traded on the Stock Exchange)، لأن التعاونيات تعتمد على نظام الملكية الجماعية والعضوية (Collective Ownership and Membership System)، حيث يمتلك الأعضاء أسهمًا غير قابلة للتداول في السوق المالية (Non-Tradable Shares in Financial Markets) ومع ذلك، هناك طرق أخرى يمكن للتعاونيات من خلالها الاستفادة من أسواق المال والبورصة (Financial Markets and Stock Exchange) دون طرح أسهمها التعاونية للتداول، وتشمل هذه الطرق:
إصدار سندات تمويلية (Issuing Bonds)
• يمكن للتعاونيات إصدار سندات تمويلية (Bonds) خاصة بها، تُطرح في البورصة (Stock Exchange) لجمع رأس المال من المستثمرين. السندات هي أدوات دين (Debt Instruments)، مما يعني أن التعاونية تقترض الأموال من المستثمرين مقابل فائدة ثابتة (Fixed Interest)، ويتم سدادها بعد فترة محددة (Maturity Date).
• يتيح إصدار السندات للتعاونيات جمع رأس المال دون الحاجة إلى التخلي عن السيطرة (Control) أو تغيير هيكل الملكية (Ownership Structure)، وبالتالي تحافظ على نظام العضوية التعاوني (Cooperative Membership System).
إنشاء شركات تابعة مملوكة للتعاونية (Creating Subsidiary Companies)
• قد تختار بعض التعاونيات إنشاء شركات تابعة (Subsidiary Companies) ذات أغراض تجارية (Commercial Purposes)، ويتم إدراج هذه الشركات في البورصة (Stock Market Listing).
• من خلال طرح أسهم الشركة التابعة (Subsidiary Shares) للتداول العام (Public Trading)، يمكن للتعاونية جمع رأس المال مع الحفاظ على هيكلها التعاوني (Cooperative Structure)، حيث لا تزال التعاونية هي المالك الأكبر (Majority Owner) أو المسيطر على الشركة التابعة.
صناديق الاستثمار التعاونية (Cooperative Investment Funds)
• بدلاً من طرح الأسهم، يمكن للتعاونيات إنشاء صناديق استثمارية مشتركة (Collective Investment Funds) يشارك فيها الأعضاء وغير الأعضاء (Members and Non-Members)، ويمكن أن يتم تداول وحدات هذه الصناديق في السوق المالية (Financial Market).
• يمكن لهذه الصناديق (Funds) الاستثمار في مشاريع تعاونية مختلفة (Various Cooperative Projects) أو قطاعات ذات صلة، مما يوفر للمستثمرين فرصة للاستثمار بشكل غير مباشر في القطاعات التي تديرها التعاونيات.
التعاون مع صناديق الاستثمار والبنوك التنموية (Collaborating with Investment Funds and Development Banks)
• يمكن للتعاونيات التعاون مع صناديق الاستثمار (Investment Funds) والبنوك التنموية (Development Banks) التي تعمل في السوق المالية (Financial Markets)، والاستفادة من الاستثمارات المشتركة (Joint Investments) لتمويل مشاريعها.
• يُمكن لهذه التعاونيات العمل على إطلاق مشروعات مشتركة (Joint Ventures) مع هذه الصناديق، مما يوفر لها التمويل دون الحاجة إلى تداول الأسهم التعاونية (Trading Cooperative Shares).
التداول في أسواق السلع المالية (Trading in Commodity Markets)
• يمكن للتعاونيات الزراعية (Agricultural Cooperatives)، على سبيل المثال، الاستفادة من أسواق السلع المالية (Commodity Markets) للتحوط ضد تقلبات الأسعار (Price Volatility). قد تبيع منتجاتها مثل الحبوب (Grains) أو القهوة (Coffee) أو غيرها من خلال العقود المستقبلية (Futures Contracts).
• يساعد هذا التداول التعاونيات على تثبيت الأسعار (Price Stability) وضمان العوائد (Revenue Assurance)، دون الحاجة إلى إدراج أسهم التعاونية (Cooperative Shares) في السوق المالية.
إصدار السندات الخضراء أو سندات التأثير الاجتماعي (Issuing Green Bonds´-or-Social Impact Bonds)
• للتعاونيات العاملة في مجالات التنمية المستدامة (Sustainable Development) أو المشاريع الاجتماعية (Social Projects)، يمكن إصدار سندات خضراء (Green Bonds) أو سندات التأثير الاجتماعي (Social Impact Bonds) في البورصة.
• يتيح هذا النوع من السندات (Bonds) للتعاونيات الوصول إلى مصادر تمويل اخري جديدة وفاعلة مستدامة (Sustainable Funding Sources) ومتوافقة مع أهدافها (Aligned with Goals) دون الحاجة إلى التخلي عن نظام الملكية التعاونية (Cooperative Ownership Model).
باستخدام هذه الأدوات المالية، يمكن للتعاونيات أن تتعامل مع أسواق المال لتحقيق الاستقرار المالي والنمو، مع الحفاظ على هيكلها التعاوني والتمسك بمبادئها الأساسية (Fundamental Principles). هذا يتيح لها الوصول إلى رأس المال والاستفادة من الفرص الاستثمارية (Investment Opportunities) المتاحة في أسواق المال (Financial Markets)، دون التأثير على هيكلها التعاوني التقليدي.
إليك أمثلة على التعاونيات التي تستخدم كل من الاستراتيجيات المذكورة أعلاه للاستفادة من أسواق المال والبورصة:
1. Issuing Bonds
• Experience Housing Cooperative في كندا تصدر السندات لجمع رأس المال للمشروعات السكنية ذات التكلفة المعقولة، مما يساعدها على تنفيذ مشاريع كبيرة دون التخلي عن هيكل الملكية التعاوني.
2. Creating Subsidiary Companies
• National Agricultural Cooperative Federation (NACF) في كوريا الجنوبية تقوم بإنشاء شركات تابعة مدرجة في البورصة، مثل "NongHyup Financial Group"، مما يتيح جذب استثمارات مع الحفاظ على السيطرة التعاونية.
3. Cooperative Investment Funds
• Fajnek Cooperative في إيطاليا أسست صناديق استثمار تعاونية لتمويل مشاريع الزراعة المستدامة، حيث يمكن للأعضاء وغير الأعضاء الاستثمار بشكل غير مباشر في مشاريعها.
4. Collaborating with Investment Fund:
• Fondo Coopacez في كولومبيا تتعاون مع صناديق استثمار وبنوك تنموية لتأمين التمويل اللازم لمشاريع مجتمعية، مما يتيح تنويع مصادر التمويل دون تداول الأسهم التعاونية.
5. Trading in Commodity Markets
• Coop Coffee في البرازيل تستخدم أسواق السلع، مثل العقود المستقبلية في بورصة ساو باولو، للتحوط ضد تقلبات أسعار القهوة، مما يساعدها على تثبيت الأسعار وضمان العوائد.
6. Green Bonds
• Natural D-Mel Cooperative في الهند تصدر السندات الخضراء لتمويل المشاريع البيئية المستدامة، مما يجذب استثمارات صديقة للبيئة ويدعم مشاريعها الزراعية العضوية.
قانون التعاون وقانون تنظيم أصحاب الإنتاج الزراعي والحيواني (2010):
يعد هذا القانون تداخلاً مع قانون التعاونيات ويضم سجله الآلف من المسجلين حيث يهدف للسيطرة على اتحادات المزارعين. وتقوم عدد من الجهات التنموية مانحة القروض او تلك التي تمول المشاريع التنموية بالنظر اليها على انها جمعيات تعاونية. او هكذا يتم تسويقها .عليه يجب العمل على توفيق أوضاع الجمعيات المسجلة بموجبه ومعالجة تسجيلها تلقائيا واستيعاب عضويتها بالتثقيف وحرية الاختيار للنموذج التعاوني كبديل للشكل التنظيم الذي بوصفه القانون لأنه يتعارض مع مبادئ التنظيم التعاوني. وصولاَ لتعديل هذا القانون او الغائه.
قانون التعاون وقانون الرقابة على شركات التأمين (2018):
لابد من إيجاد آلية تتيح لتعاونيات التأمين الوصول إلى ان تكون جزء من السوق بشكل أوسع، خاصة وأن القانون الحالي يلزم التعاونيات بالتأمين على ممتلكاتها. لذلك على جهاز الرقابة للتأمين اتاحة تصديق للتعاونيات التأمين بصورة متدرجة.
ينبغي أن يكون هناك تنسيق مستمر بين قانون التعاون وقوانين الدولة الأخرى ذات الصلة. هذه التداخلات تؤكد ضرورة مواءمة القوانين لتسهيل ترخيص التعاونيات وتطوير بيئة قانونية داعمة تتيح لها الاستفادة من الميزات التنافسية المنصوص عليها قانونياً



#فارس_محمد_أحمد_ابراهيم_البشير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفعيل وإعادة هيكلة القطاع التعاوني اثناء الحرب - المقالة الث ...


المزيد.....




- صعود أسعار النفط مع استمرار التوترات الجيوسياسية
- دبي تنتج أكبر سبيكة ذهبية في التاريخ (فيديو)
- مؤتمر -كوب 29-: أنشطة سوكار للطاقة...بين المصالح الاقتصادية ...
- إسراكارد تحت ضغط التضخم وخسائر القروض المتعثرة تفوق 33%
- إسرائيل تفرض عقوبات اقتصادية متعلقة بتمويل حزب الله اللبناني ...
- -أفتوفاز- الروسية المالكة لعلامة -لادا- تحدد هدفا طموحا للعا ...
- أرباح -لولو للتجزئة- ترتفع 126% في الربع الثالث
- سعر الذهب اليوم الخميس 21-11-2024.. اشتري شبكتك دلوقتي
- الدولار يرتفع وسط ترقب لسياسات ترامب وقرارات الفيدرالي
- الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية الأوكرانية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فارس محمد أحمد ابراهيم البشير - تفعيل وإعادة هيكلة القطاع التعاوني اثناء الحرب- الحلقة الاولي