أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد الكحل - فرنسا: من التردد والضبابية إلى الوضوح والاعتراف.















المزيد.....

فرنسا: من التردد والضبابية إلى الوضوح والاعتراف.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 16:13
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إن زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون إلى المغرب لم تكن زيارة عادية، اعتبارا لأهميتها الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية. وقد ترجم خطاب الرئيس أمام البرلمان المغربي بغرفتين هذه الأهمية بإعادة التأكيد على اعتراف الدولة الفرنسية بالسيادة المغربية على الصحراء، وأن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يجب أن يكون في إطار السيادة المغربية". وهذا الموقف يقطع الشك باليقين ألا تراجع، مستقبلا، عن الاعتراف بمغربية الصحراء؛ بل "تعتزم فرنسا التصرف بما يتماشى مع هذا الموقف على الصعيدين الوطني والدولي " كما جاء في رسالة الرئيس ماكرون لجلالة الملك.
من الغموض إلى الوضوح.
كان من المفروض في فرنسا أن تكون أولى الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء بحكم علاقتها التاريخية بالمغرب وما تتوفر عليه من وثائق وأدلة تثبت مغربيتها. لكن الحسابات السياسية الضيقة أبقت فرنسا في المنطقة الضبابية، ولم تستوعب المتغيرات التي حدثت بفضل حكمة الدبلوماسية المغربية، وكذا الاتفاق الثلاثي بين أمريكا، المغرب، إسرائيل، والذي بوجبه اعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء. كما فاتها أن تستوعب، في حينها، العبارة البليغة التي قالها السيد ناصر بوريطة "مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس". فمنذ التوقيع على الاتفاق الثلاثي وجلالة الملك يوجه رسائل مباشرة إلى كل شرائكه، وعلى رأسهم فرنسا بحكم الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، بأن معايير الشراكة تغيرت، وأن عهد الابتزاز انتهى: "نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية"، "أوجه رسالة واضحة للجميع: إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات"،"ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل".
انتقادات داخلية كثيرة وجهت للرئيس الفرنسي من الطبقة السياسية ورجال المال والاقتصاد والثقافة، تستعجله، من جهة، باتخاذ موقف صريح يدعم مغربية الصحراء قبل أن تفقد فرنسا ثقة أقوى صديق وحليف لها بالقارة الإفريقية، خصوصا بعد أن توالت الاحتجاجات على الوجود الفرنسي بدول الساحل، ومن جهة ثانية بالقطع مع عقلية الاستعمار والابتزاز. فالمغرب بات قوة إقليمية وازنة تفرض التعامل بكل ندية واحترام على غيرها من الدول، بحكم موقعه الجغرافي الذي يجعله بوابة وجسرا نحو إفريقيا وما تتوفي عليه من ثروات غنية ومؤهلات متعددة وواعدة ، بالإضافة إلى كونه قوة اقتصادية صاعدة قاريا. فقد أقر عضو مجلس الأمة الفرنسي، Alain Juillet ، في تصريح له بان المغرب هو من يستطيع إعادة فرنسا إلى أفريقيا! لأنه هو من أخد مكانها في الساحل والصحراء!. نفس الموقف عبر عنه الباحث والمحلل الاقتصادي Gilles Defalon، في تصريح لقناة "LCI" بخصوص المغرب وعلاقته الاقتصادية بإفريقيا: "إنه مركز ذكي في إفريقيا، إذا كنت ترغب في دخول السوق الإفريقية فعليك المرور بالمغرب".
لقد ظهر واضحا أن الموقف السياسي الفرنسي لا يواكب الشراكة الاقتصادية وحجم الاستثمارات التي تجعل فرنسا الشريك الاقتصادي والمالي الأول للمغرب (بلغ رصيدها 201 مليار درهم، أي ما يشكل 30.8% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، حسب مكتب الصرف). وبلغت قيمة التبادلات التجارية بين البلدين 163.1 مليار درهم سنة 2023. كما تمثل فرنسا أكبر مصدر للسياح إلى المغرب، حيث بلغت نفقات السياح الفرنسيين 2.9 مليار يورو في عام 2022، وهو ما يمثل 33% من إجمالي الإيرادات السياحية للمغرب.
كل هذا الرصيد الهام من المصالح والشراكات كاد الرئيس الفرنسي أن يدكه بسوء تقديره لما بات يتمتع به المغرب من وزن دولي وما يلعبه من أدوار إقليمية ودولية. وظل الرئيس يراهن على خضوع المغرب لأساليب الابتزاز حتى أدرك أن دولا كبرى غدت المنافس الرئيسي لفرنسا في عقد الشراكات الاقتصادية والتجارية مع المغرب على قاعدة رابح – رابح؛ وأن أي تأخر في تغيير الموقف سيكلف فرنسا كثيرا، سياسيا واقتصاديا. لهذا سارع الرئيس الفرنسي إلى بعث رسالة إلى العاهل المغربي، يوم 30 يوليوز 2024، أكد فيها “أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يقعان ضمن السيادة المغربية، لذلك، أؤكد لجلالتكم ثبات الموقف الفرنسي بشأن هذه القضية الحساسة للأمن القومي لمملكتكم، وتعتزم فرنسا التصرف بما يتماشى مع هذا الموقف على الصعيدين الوطني والدولي “.
اعتراف يكسب الرهان.
شكل الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء نقط تحول في العلاقات المغربية الفرنسية لما تتمتع به فرنسا من وزن دولي (عضو دائم في مجلس الأمن) واقتصادي (خامس اقتصاد عالمي). وقد نوه جلالة المغرب بأهمية هذا الاعتراف كالتالي: "ويدرك الشعب المغربي وقواه الحية أهمية هذا القرار، الذي صدر عن عضو دائم بمجلس الأمن، ومطلع وثيق على ماضي شمال أفريقيا وحاضرها، وشاهد عن كثب على تطور هذا النزاع الإقليمي".
لا جدال، إذن، أن زيارة الدولة التي قام بها الرئيس ماكرون إلى المغرب، أعطت دفعة قوية للعلاقات المغربية الفرنسية، لاعتبارات أساسية أهمها:
أولا: عدد ونوعية الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تم التوقيع عليها (22 اتفاقية باستثمار مالي 10 مليارات يورو).
ثانيا: الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى “الشراكة الاستثنائية الوطيدة”، والتي سيوضع لها "إطار إستراتيجي" جديد سيكون بديلا عن اتفاقية "سان كلو" الموقعة سنة 1955. وسيتم التوقيع على هذا الإطار الاستراتيجي الجديد عند الزيارة التي سيقوم بها جلالة الملك إلى فرنسا في الشهور الأولى من 2025.
ثالثا: اعتباره السيادة المغربية على الصحراء هي الضامن الوحيد للأمن والاستقرار في الصحراء وفي منطقة الساحل التي يتهددها الانفصال والإرهاب. لهذا شدد الرئيس ماكرون، في كلمته بمقر السفارة الفرنسية، على أن فرنسا ستلتزم جديا وعمليا بالدفاع داخل أروقة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن مغربية الصحراء.
رابع: القرار التاريخي الذي أعلنه وزير خارجية فرنسا، والمتمثل في فتح قنصلية لبلاده في الأقاليم الصحراوية، بحيث لم يكتف الرئيس ماكرون بتأكيد توسيع نطاق الاستثمارات لتشمل الأقاليم الصحراوية، بل فتح تمثيلية دبلوماسية بها. ويشكل هذا القرار خطوة مهمة من حيث كون فرنسا هي أول دولة أوروبية تتخذ قرارا بهذه الأهمية. وهي بذلك تتجاوز مبادرات إسبانيا وألمانيا المتمثلة في دعم مقترح الحكم الذاتي واعتباره جادا وذي مصداقية.
إن قرار فرنسا هذا سيكون له تأثير مباشر على الجانب الأوروبي، خصوصا بعد حكم المحكمة الأوربية الأخير الذي ألغى الاتفاقيات التجارية مع المغرب التي تشمل الصحراء. ذلك أن فرنسا تجاوزت حكم المحكمة الأوربية وقررت، ليس فقط الاستثمار في الصحراء، بل الاعتراف بسيادة المغرب عليها وفتح تمثيلية دبلوماسية بها. قرار بمثابة إسفين في نعش المحكمة الأوروبية، وسيكون له ما بعده.



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى جماعة العدل والإحسان: المتاجرة بمآسي غزة لم تعد مربحة.
- لا منزلة بين الوطنية والعمالة.
- خالد مشعل في جلباب بن لادن.
- عام على طوفان الأقصى: التكلفة والمآل.
- مسؤولية أوروبا في التصدي لجذور الهجرة غير النظامية.
- أبعاد مؤامرة التحريض على -الحريـﯕ.
- خلفيات الانقلاب المذهبي للفقيه الريسوني.
- الفقيه الريسوني من إدانة جرائم إيران إلى الإشادة بها.
- من صفة الريسونيَيْن اللؤم ونكران الجميل.
- العداء الجزائري مقابل الانتصار الدبلوماسي المغربي.
- عنتريات سماسرة حقوق الإنسان تُفسد فرص العفو الملكي.
- الجزائر صانعة الإرهاب والانفصال والعداء.
- جماعة العدل والإحسان ولُولُوش فوق الهَدْروش.
- نهاية الابتزاز والرقص على الحبلين.
- تجار حقوق الإنسان يتجاهلون انتهاكها في مخيمات تندوف.
- استهداف الأجهزة الأمنية أعلى درجات الخيانة الوطنية.
- أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي(3/3).
- متى كان لخوانجية وعملاء إيران يؤمنون بالوطن؟ !!
- أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي( 2/3).
- أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي (1/3).


المزيد.....




- مشهد درامي كأنه من فيلم.. قطار يصدم سيارة عالقة على سكة حديد ...
- من دون توضيب أغراضهم .. سكان بعلبك يفرون بعد الإنذارات الإسر ...
- عودة هوكشتاين إلى المنطقة.. ما علاقتها بالانتخابات الأمريكية ...
- -تخابرا مع كيانات إرهابية-.. السعودية تُعدم مواطنين والداخلي ...
- ما هو شرط السعودية للتطبيع مع إسرائيل؟ فيصل بن فرحان يجيب
- رئيس مجلس مدينة المطلة في إسرائيل: مقتل 5 أشخاص بـ-ضربة مباش ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل زوجين من اللد بتهمة التجسس لصالح إي ...
- بايدن وجيل يحتفلان بعيد الهالوين للمرة الأخيرة في البيت الأ ...
- ماسك يمثل أمام المحكمة اليوم بسبب دعوى قانونية ضد توزيع المك ...
- زاخاروفا ترد على الرئيس الفنلندي: المحاكم في دول الناتو مسيس ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد الكحل - فرنسا: من التردد والضبابية إلى الوضوح والاعتراف.