|
قرض صندوق النقد لمصر بين التشخيص والاملاءات والمنهج
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 12:26
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تترقب مصر، زيارة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا الى القاهرة، للاطلاع عن كثب على الوضع الاقتصادي والتأكيد على الحاجة إلى التمسك بتنفيذ الإصلاحات تمهيدا للمراجعة الرابعة والتي من المقرر أن تجرى في نوفمبر المقبل، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي لقرض الـ8 مليارات دولار. علينا ان نعترف جميعا بما فيهم صندوق النقد الدولي ان منهج الذي اتبعه الصندوق في مكافحة التضخم في مصر غير مناسب ويشوبه كثير من القصور بل وعلامات استفهام، فقد شخص الصندوق التضخم في مصر،بانه تضخم "نقدي"، ناجم عن الإفراط فـي عرض النقود، كذلك اعتبر الارتفاعات المتوالية في مستويات الأسعار المحلية ناجمة عن فـائض "الطلب" نتيجة الزيادة في حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات عن العرض الحقيقي منها، والتـي تحدث نتيجة لاختلال علاقة التوازن بين التيار النقدي والتيار السلعي ،حيث تم التشخيص دون النظر الى الوجه الاخر من التضخم المكون من مجموعـة مـن الإختلالات في بنيان الاقتصاد الوطني أهمها * اختلال علاقة النمو بين قطاعات الاقتصاد الوطني،حيث النمو المفرط في قطاع التجارة والخدمات والبناء والتشيد الذي يمكن وصفه بنمو مرضي على حساب قطاع الصناعة والزراعة ، *كذلك الاختلال في بنيان هيكل قطاع التجارة الخارجية ، حيث المحدودية في الصادرات وانخفاضها مقابل الارتفاع في حجم الواردات وبالتالي انخفاض نسبة تمويل الصادرات للواردات التي تجاوزت 40% ممـا تسبب في تفاقم العجز في المعاملات الجارية وبالتالي اتساع العجز في ميزان المدفوعات وانخفاض الاحتياطيات الوطنية من النقد الأجنبي،*ايضا عدم وجود سوق منظمة لتداول الأوراق المالية، تساهم في تحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار المحلية، من خلال الدور الذي تلعبه في تعبئة المدخرات المحلية وتخفيض حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات وتـوفير الموارد المالية التي تستلزمها المشروعات الاستثمارية. وما يثير الدهشة على الرغم من اعتماد تشخيص الصندوق للتضخم على انه نقدي متجاهل الوجه الاخر منه، إلا ان المنهج الذي اتبعه الصندوق لعلاج تشخيصه به كثير من القصور التي تخلق كثير من علامات الاستفهام ، فليس بعيدا عن إصرار الصندوق على، 1_تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية الجنيه، 2_وتحرير التجارة الخارجية، 3_وسياسة الخصخصة التي تتم من خلال نقل ملكيـة مؤسـسات القطاع العام إلى القطاع الخاص، 4_وتحرير أسـعار الـسلع والخـدمات فـي الاقتصاد، بحيث تتحدد أسعارها بناء على تفاعل قوى العرض والطلب، وذلك بهدف الحد من تـدخل الدولـة فـي النشاط الاقتصادي،وباعتبارهم أهم مكونات برنامج الإصلاحات الاقتصادية التي يـدعمها صـندوق النقـد . اعتبر الصندوق ان التحكم في كمية النقود المتداولة في الاقتصاد الوطني تقوم في مقامها الأول على سياسة او اجراء إلغاء الدعم المخصص لتخفيض أسعار الغذاء والطاقة والمحروقات، والحد من تدخل الحكومة فـي المجـالات الاقتصادية اعتقادا منه ان ذلك يضمن كفاءة جهاز السوق في تحديد الأسعار بناء على تفاعل قوى العرض والطلب، حيث أن إلغاء مبالغ الدعم تعمل على تخفيض حجم الإنفاق العام وبالتالي تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة،متناسيا ان تلك السياسة لا تصلح الوقت الحالي في مصر وقد تسبب اضطربات اجتماعية نتيجة اعتماد شريحة كبيرة من المجتمع عليها خاصة الطبقة الضعيفة ومحدودي الدخل وأصحاب المعاشات ،فقد كان من الأولى على الصندوق وضع سياسة مع الحكومة تحد من كمية النقد، * تبين الحدود العليا لحجم الائتمان المصرفي المسموح به للحكومة والقطاع العام والخاص حيث ان الزيادة في السقوف الائتمانية للقروض (التي هي في حقيقتها قروض تضخمية )غالبا ما تتم عن طريق الزيادة في حجم الإصدار النقدي مما يساهم في تغذية الضغوط التضخمية ،ليتضح ان تلك السياسة اكثر نجاعة من سياسة الغاء الدعم لأنها تهدف إلى تخفيض حقيقي في الإنفاق العـام بـشقية الاستهلاكي والاستثماري،* كذلك وضع سياسة زيادة المتحصلات الضريبية والتي تتم من خلال زيادة معدلات الضرائب القائمة أو فرض ضـرائب جديـدة على السلع الكمالية والترفيهية بهدف امتصاص القوة الشرائية الزائدة لدى الأفراد، التي يجب ان تكون بعيدة عن فرض ضرائب مرتفعة على السلع الاستهلاكية الضرورية التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بشريحة كبيـرة من حدودي الدخل وأصحاب المعاشات، * وضع سياسة تبين استخدام نظام اذون الخزانة لنجاح السياسة النقدية واتخـاذ التدابير الكفيلة بامتصاص السيولة الزائدة أو توفير النقص في السيولة،فقد تم فتح الباب على مسرعية لاذون الخزانة المصرية تحت الأموال الساخنة دون الإعلان عن إعداد بيان عن التدفقات النقدية من جانب الحكومة، والذي يتضمن التحديد المسبق للمصروفات الحكومية والإيرادات والمنح والمساعدات والقروض المحلية والأجنبية، وبما يضمن تحديد السندات الحكومية التي تلزم الحكومة ببيعها عن طريق البنك المركزي وبالتالي لم يتحقق الاستقرار فـي الاقتصاد الوطني. الخلاصة: الاجندة التي فرضها صندوق النقد الدولي على مصر بعنوان "الإصلاحات"هي في حقيقتها تمثل املاءات وسياسات يجب رفضها مازلنا في انتظار أعلنا رسميا من مصطفى مدبولي برفض شروط(املاءات) صندوق النقد ومنها رفع الدعم عن الغذاء والسلع التموينية والخبز والوقود والكهرباء وخفض متواصل لقيمة الجنيه تحت عنوان عريض اسمه "سعر صرف مرن "،وذلك بعد ان طلب الرئيس السيسي من الحكومة إعادة مراجعة البرنامج المدعوم من صندوق النقد الدولي قائلا "إذا كان سيضع الناس في وضع غير محتمل"،وبالفعل اصبح الوضع غير محتمل وقد يكون له تداعيات وخيمة ،وخاصة على الطبقة الضعيفة ومحدودي الدخل وأصحاب المعاشات، فالكلفة الاجتماعية باهظة نتيجة للشروط التي يطالب بها الصندوق مقابل صرف القرض المحدد على فترات(8مليار دولار)،ومن يراقب الوضع يعلم جيدا أن شروط الصندوق لتقديم الدعم المالي لمصر تهدد بإثارة اضطرابات اجتماعية،ولهذا يجب على الحكومة ان تتجه نحو صرف النظر عن التعاون مع صندوق النقد والاكتفاء بتلك المرحلة من القرض ،لما له من تداعيات خطيرة واثار سلبية على مصر تهدد السلم الاجتماعي.
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر..ضرائب لها اثر تضخمي
-
المركزي المصري بين الاحتياطي الالزامي وعمليات ربط ودائع طويل
...
-
الفيدرالي الامريكي بين توقعات الاسواق والاكتناز الكنزي
-
اخر هرطقات المتأكونين ..الحج اشهر معلومات
-
مصيدة تحرير حساب رأس المال لتغطية عجز الحساب الجاري
-
نتنياهو يعصف بالسلام مع مصر
-
هل يؤثر محضر الفيدرالي على الاقتصاد المصري؟
-
الاقتصاد المصري..مازال العلاج ممكنا
-
قضايا دافوس 2024..أين مصر؟
-
حكومة جديدة مصرية..حتمية اقتصادية
-
الاقتصاد المصري..الهيمنة المالية على النقدية
-
امتيازات تحويلات المصريين..حلول من داخل الصندوق
-
التضخم في مصر بين التدفقات النقدية والمعروض النقدي
-
الموتمر الصحفي لجيروم باول وأتره على الاقتصاد المصري
-
فخ الاتفاقية الابراهيمية
-
سعر الصرف في مصر بين الزاحف والتعويم
-
قناة السويس خط احمر
-
هل فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر؟
-
السلطة النقدية المصرية بدون استقلالية
-
بايدن..اوباما كلاكيت ثاني مرة
المزيد.....
-
-هل سيخضع الجنيه المصري للتعويم؟-.. خبيرة تتحدث لـRT عن سعر
...
-
-إسرائيل المركزي- يحذر من إقراض قطاع العقارات تحت تأثير الحر
...
-
الداخلية السودانية تكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ال
...
-
بورصة طوكيو تهبط بضغط من موجة جني أرباح
-
إمبراير البرازيلية تتعهد بالاستثمار في القطاع الجوي بالمغرب
...
-
حصانة السعودية تتطلع للاستثمار في صندوق بروكفيلد ميدل إيست
-
بيسكوف يصف السماح الأمريكي المؤقت للتعامل مع البنوك الروسية
...
-
مصر.. الإعلان عن خطة لإنتاج نوع جديد من السيارات
-
أرباح أمريكانا تهوي وتراجع بمبيعات ستاربكس وسط استمرار المقا
...
-
أرباح -بيورهيلث القابضة- ترتفع 13% في 9 أشهر
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|