أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن بشير محمد نور - الحرب في السودان: اثر الانكماش الاقتصادي علي القطاع المالي والمصرفي














المزيد.....

الحرب في السودان: اثر الانكماش الاقتصادي علي القطاع المالي والمصرفي


حسن بشير محمد نور

الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 17:59
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بروفيسور حسن بشير محمد نور

الحرب في السودان: أثر الانكماش الاقتصادي على القطاع المصرفي والمالي: تحليل الوضع الراهن والتوقعات المستقبلية


أشار تقرير حديث لصندوق النقد الدولي إلى انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 20% خلال عام 2024، وهو انكماش (يضاف لما سبقه في العامين 2022 و 2023 بسبب انقلاب اكتوبر 2021 ومن ثم بسبب الحرب الكارثية) يمثل ضغطاً كبيراً على مختلف القطاعات، خاصة القطاع المصرفي والمالي الذي يواجه تحديات غير مسبوقة في مجالات الودائع، التمويل، الاستثمار، وكفاية رأس المال. تأتي هذه التحديات في وقت يعاني فيه السودان من ويلات الحرب ومن عدم استقرار سياسي وتزايد مستمر في معدلات التضخم وارتفاع في تكاليف الانتاج والمعيشة، مما يزيد من صعوبة استقرار النظام المالي.

تشير الأزمة الحالية إلى تراجع حاد في الودائع المصرفية، حيث يخشى الأفراد والشركات من إيداع أموالهم في البنوك وسط عدم اليقين السياسي والاقتصادي. هذا التراجع يؤدي إلى تقلص السيولة المتاحة لدى البنوك، مما يحد من قدرتها على تقديم التمويل الضروري، ويضعف دورها في تنشيط الاقتصاد. كما أن الاعتماد الكبير على العملات الأجنبية في الاحتياطيات وعدم استقرار سعر الصرف يفاقمان من أزمة الثقة في القطاع المصرفي.

من جهة التمويل، أدى التراجع الاقتصادي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، حيث تجد البنوك صعوبة في تمويل المشروعات الاقتصادية، والتي تعتبر أحد أهم المحركات لخلق فرص العمل وزيادة الإنتاج. أدى ذلك إلى تراجع الاستثمارات، سواء كانت داخلية أو خارجية، حيث أصبح المستثمرون يتجنبون المخاطر التي تنطوي على الدخول في بيئة غير مستقرة. ومع تراجع التمويل، تأثرت الشركات المحلية وأُجبرت بعضها على تقليص عملياتها أو التوقف الكامل أو مغادرة البلاد، مما أدى إلى فقدان العديد من فرص العمل وبالتالي تراجع مكاسب عوامل الانتاج باكملها (خاصة عائدات رأس المال والعمل والعائدات من الزراعة والقطاع العقاري).

يضاف لما تقدم تأثير الأزمة الحالية بشكل مباشر على كفاية رأس المال والملاءة المالية للبنوك، حيث أدى تراجع العائدات وزيادة مخاطر الديون المعدومة إلى تدهور قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها. البنوك الصغيرة والمتوسطة تأثرت بشكل أكبر، مما أدى إلى مخاوف من عدم قدرتها على الاستمرار في ظل تزايد الالتزامات المالية وانخفاض الإيرادات.
تجدر الاشارة الي ان الوضع النقدي داخل وخارج النظام المصرفي يعاني من التشتت والتضارب، حيث انخفضت كمية النقد المتداولة داخل النظام المصرفي في مقابل زيادة السيولة خارج القطاع الرسمي. أدى ذلك إلى ضعف الرقابة على حركة الأموال، وزيادة الاعتماد على التعاملات غير الرسمية، مما يزيد من صعوبة وضع سياسات نقدية فعّالة تسهم في ضبط الاقتصاد والتحكم في التضخم والسيطرة علي السيول والتحكم في الكتلة النقدية, التي كانت خارج القطاع المصرفي بنسبة تقدر ب 87% في اكثر التقديرات تفاؤلا قبل الحرب. في هذا السياق نؤكد ان طباعة العملة في هذه الظروف لن تجدي نفعا وستتسرب ببساطة خارج الجهاز المصرفي فالمشكلة لبست في العملة في حد ذاتها وانما في النظام والوضع في البلاد بمجملها أنها معالجة الظل والعود اعوج.
بذلك يُعد انكماش الاقتصاد عاملاً ضاغطاً على السياسة النقدية، حيث تواجه السلطات تحدي موازنة السيولة النقدية مع محاولة ضبط التضخم ودعم العملة المحلية. ومع تراجع الإنتاج وفقدان الوظائف، يشهد الاقتصاد السوداني انخفاضاً في مستويات التشغيل، مما يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي الكلي. يؤدي هذا الوضع إلى انخفاض الطلب المحلي وتباطؤ في الاستثمار، مما يضعف النمو الاقتصادي ويزيد من معدلات البطالة، وخاصة بين فئة الشباب.
مع استمرار الأوضاع الحالية والحرب القائمة، فمن المتوقع أن يظل الوضع المالي والنقدي في السودان تحت ضغوط كبيرة. التحديات المرتبطة بتدني مستويات الإنتاجية، وتضخم الديون، وغياب الاستقرار السياسي ستزيد من صعوبة تحقيق التعافي الاقتصادي. وفقاً للمؤشرات الاقتصادية الكلية، سيؤدي استمرار الحرب، حتما إلى مزيد من التراجع الاقتصادي، حيث ستتقلص فرص العمل وستنخفض الثقة في المؤسسات المالية، مما يؤدي إلى تراجع رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

تقتضي اي رؤية اقتصادية فعالة اعتماد سياسات هيكلية تهدف إلى استعادة الاستقرار النقدي والمالي، من خلال تحسين كفاءة القطاع المصرفي وزيادة الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تخلق فرص عمل وتحسن من الإنتاجية. يتطلب الوضع أيضاً تدابير طارئة لضمان استقرار السياسة النقدية، كتعزيز الرقابة على العملات الأجنبية وزيادة الحوافز للمدخرين والمستثمرين لضمان استمرارية تدفق السيولة وتحفيز النشاط الاقتصادي، لكن هذا كله بعيد المنال إذا لم يصمت صوت المدافع ويحل السلام والاستقرار السياسي.

يواجه الاقتصاد السوداني اذن تحديات جسيمة تتطلب جهودا جبارة من أجل تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، وتهيئة بيئة مواتية لوضع مسار للتعافي وللتنمية . في حال استمرت الظروف الحالية، ستظل التوقعات قاتمة، إذ لا يمكن تحسين الوضع من خلال سياسات نقدية ومالية مدروسة تهدف إلى استعادة الثقة وتعزيز مرونة القطاع المصرفي، مما قد يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستقبلي مستدام يعيد للسودان قدرته على التنافس ويعزز من استقراره، لا يمكن ذلك إلا بوقف الحرب واتمام الترتيبات اللازمة لايجاد بيئة تمكن من الحياة والعمل بشكل (مقبول).



#حسن_بشير_محمد_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للحرب في السودان والاثر علي ...
- الحرب في السودان: الأثر علي القطاع الزراعي وشروط التعافي.
- تحليل مكونات الصراع في السودان: قراءة من منظور العلوم الاجتم ...
- دور الذهب في الاقتصاد السوداني: تمويل الحرب وشبهات الفساد
- الاثار البيئية للحرب في السودان
- الحرب في السودان: العنف ضد النوع واستغلال الاطفال
- اثر الحرب علي الاقتصاد السوداني:تحديات التنمية المستدامة
- الفئات الأكثر تضررا من الحرب في السودان
- الخرطوم، عصب المال والاقتصاد
- الحكومة الانتقالية، الدخول في الشباك
- الحكومة الانتقالية، الوقوع في الشباك
- المؤشرات الحمراء
- الجنيه السوداني، القاتل والمقتول والضحية
- معالجة الاثار الجانبية لسعر صرف الجنيه السوداني
- جدل في الفكر السياسي في السودان
- ماذا بعد رفع اسعار الكهرباء والماء؟
- استنهاض قوي الاستنارة
- من الذي يرعي الخرطوم؟
- لقد ثكلت الاغاني المتكأ
- السيسي علي طريق دغول - ايزنهاور


المزيد.....




- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...
- شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
- الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل ...
- العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها ...
- روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين ...
- الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن بشير محمد نور - الحرب في السودان: اثر الانكماش الاقتصادي علي القطاع المالي والمصرفي